تنصرف أثار اتفاق التحكيم مثله في ذلك كمثل أي عقد آخر، إلى المتعاقدين، سواء تعاقدوا بأنفسهم أم بواسطة نائب، ما دام قد تعامل هذا الأخير باسم الأصيل، فإذا لم يذكر اسم الأصيل فإنه يلتزم بالعقد، وبناء على ذلك، ففي الحالات، التي يدعى فيها أحد أطراف العقد بأنه وكيل دون أن يفصح عن اسم الأصيل، الذي تصرف إليه آثار العقد، فين الطرف الموقع على العقد يصبح طرفا أصيلا في العقد، ينصرف إليه كامل أثاره.
وقد قضى بأن المدعى عليه، يلتزم بالاتفاق، إذا قام بدور الأصيل، بعد توقيع المشارطة، إذا قام بسداد نفقات الرحلة، دون القيام بالإفصاح عن قيامه بذلك، على أساس أنه وكيل عن أصيل معين.
وقضى كذلك بأنه، وحيث أنه من المقرر قانوناً، أن الوكيل، قد يضمن تنفيذ العقد الذي يبرمه لحساب موكله، لذا لا يستطيع أن يتنصل من ذلك، ويدعي أنه ليس طرفاً في اتفاق التحكيم، خاصة وأن هناك بندا في العقد ينص على أن «أي خلاف ينشأ بين البنك والمورد ووكيله يتم التحكيم بشأنه أمام مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي».
كما ينصرف أيضا إلى الخلف العام حيث تنص المادة 145 من القانون المدني المصري على أن «ينصرف أثر العقد إلى المتعاقدين والخلف العام، دون الإخلال بالقواعد المتعلقة بالميراث ما لم يتبين من العقد أو من طبيعة التعامل أو من القانون أن هذا لا ينصرف إلى الخلف العام». كما ينصرف أيضا إلى الخلف الخاص، تنص في هذا الصدد المادة 105 مدني على أنه «إذا أنشا العقد التزامات وحقوقا شخصية تتصل بشيء انتقل بعد ذلك إلى خلف خاص، فإن هذه الالتزامات والحقوق تنتقل إلى هذا الخلف في الوقت الذي ينتقل فيه إليه إذا كان من مستلزماته وكان الخلف الخاص بعلم بها وقت انتقال الشيء إليه».
ولا تتحقق الخلافة في الحق الشخصي، إلا إذا كان هذا الحق موجوداً في ذمة السلف أما إنشاء حق شخصي ابتداءً فلا يتضمن خلافة، وإنما تعد هذه العلاقة علاقة دائنيه - مثال ذلك العلاقة بين المؤجر والمستأجر فهذا الأخير ليس خلفا للمؤجر، وإنما هو دائن له -. فالدائن ألا يعد خلفاً خاصاً لمدينة، فهو لم يكتسب حقوق مدينه، ولا يتحمل بالتزاماته، ولكنه يحتج على الدائن بتصرفات مدينه.
موقف الغير من اتفاق التحكيم:
أما الغير الذي نقصده هنا، فهو الغير الأجنبي عن العقد الذي لم يكن طرفا فيه، ولا خلقا لأحد من أطرافه، فلا ينصرف أثر العقد إليه. فإذا كان هناك شرط التحكيم تضمنه عقد، يراد الاحتجاج به على أحد من الغير، فهنا يكون للغير، إذا صدر الحكم، أن ينفع بصدوره، دون وجود مشارطة، أو شرط تحكيم.
وتجدر الإشارة، إلى أن الخلف العام، يعد من الغير في الحالات، التي يعتبره القانون فيها كذلك. كما أن الخلف الخاص يعد أيضا من الغير في التصرفات، التي لا تتوافر فيها شروط النفاذ في مواجهته.
والموضوع الخلاف وعلاقة الديّانة موقف الغير، بالنسبة لاتفاق التحكيم، بعض الأمثلة، التي ثار حول بعضها خلاف فقهي .
والآن ننتقل للكلام عن بعض الحالات، التي ثار حول بعضها جيل فقهي، ولا يزال وهي : -
الاندماج:
هو شركة أو أكثر في شركة أخرى، أو فناء شركتين، أو أكثر، وقيام شركة جديدة تنتقل إليها ذمة الشركات التي فنيت. وقد يكون الاندماج بطريق الضم، أو الابتلاع، وهو فناء شركة أو أكثر في شركة أخرى قائمة على أن إحدى الشركات، تظل حية، وتبتلع الشركات الأخرى، أما الاندماج بطرق المزج، فهو فناء شركتين أو أكثر، وقيام شركة جديدة تنتقل إليها نمة الشركات الفائية.
ويمكن القول هنا بانه، إذا أبرمت الشركة أو الشركات الفانية اتفاقا وتحكيمياً، فإن الكيان القانوني الجديد، يكون مسئولا عن هذا الاتفاق.
شركة التضامن:
أما فيما يتعلق بشركات التضامن، فإنه إذا أبرمت اتفاق تحكميا، | فإن الشركاء المتضامنين، ملزمون بهذا الاتفاق مجتمعين، أو منفردين، كما يمكن لهم رفع دعوى التحكيم على الشخص، الذي تعاقد مع الشركة، | إذا كان العقد يحوي شرط تحكيم.
الحوالة:
في حالة حوالة العقد، فإن المحال إليه، يكون ملزماً باتفاق التحكيم، الذي يحتويه هذا العقد، لأنه يعد خلفاً للمحيل، بحيث يمكن أن يكون مدعى عليه في التحكيم، كما يمكن له أن يكون مدعي ضد الطرف الآخر.
الضامن والكفيل:
التحكيم، الذي يجريه المكفول، أو المضمون، لا يسرى قبلهما، إلا إذا قبلاه، أو أجازاه. وإذا صدر حكم ضد المكفول، أو المضمون دون قبولهما التحكيم، فإنه لا يسرى في مواجهتهم.
ولعل فيما أعتقد، أن الرأي الأخير جدير بالتأييد، حيث إنه وإن كان الضامن أو الكفيل، لا يلتزمان مطلقاً باتفاق التحكيم، إلا أنه يحتج بالحكم الصادر في مواجهتهما.
المتضامنون فيما بينهم:
أما بالنسبة لاتفاق التحكيم المبرم من المدين المتضامن فهل يسرى على المتضامنين الآخرين؟ تتوقف الإجابة على ما إذا قام باقي زملائه بالانضمام إليه في هذه الحالة، فيسرى الحكم في مواجهتهم، أو لم ينضموا | إلى زميلهم، ففي هذه الحالة، لا يسرى التحكيم في مواجهتهم. أما إذا صدر الحكم في شق منه لمصلحته، والشق الآخر ضد مصلحته، كان لباقي المتضامنين.
الاشتراط المصلحة الغير:
لا يلتزم المستفيد بشرط التحكيم الوارد في عقد، يتضمن اشتراطا لمصلحته، لكن إذا صدر حكم التحكيم لصالح المشترط، فإنه يمكن للمستفيد، أن يعول على هذا الحكم، كما يمكن للمستفيد أن تتجه إرادته إلى قبول شرط التحكيم، وبالتالي يصبح طرفا في اتفاق التحكيم.