الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / امتداد اتفاق التحكيم الى الغير / الكتب / الحماية الدولية لأحكام التحكيم الاجنبية / أثر امتداد اتفاق التحكيم الى الغير على اختصاص هيئة التحكيم

  • الاسم

    د. هشام إسماعيل
  • تاريخ النشر

    2012-01-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    1141
  • رقم الصفحة

    575

التفاصيل طباعة نسخ

أثر امتداد اتفاق التحكيم الى الغير على اختصاص هيئة التحكيم

إذا ماتم تحريك خصومة التحكيم تحددت معالمها الأولية بأطرافها – وهما المدعى والمدعى عليه من ناحية، وموضوعها - بمعنى الطلبات المقدمة فيها من المدعى عليه من ناحية أُخرى، ومع ذلك فقد تشهد هذه الخصومة بعد ذلك أثناء سيرها توسعاً أو تضييقاً في أطرافها أو في موضوعها، وعلى ذلك، فإن دراسة نطاق الخصومة تقتضى فى هذا المقام التعرض لأثر إمتداد إتفاق التحكيم - شرطا كان أم مُشارطة - إلى الغير على إختصاص هيئة التحكيم.

  وقد أظهرت التطبيقات القضائية لمشكلة التمييز بين الطرف» فى الإتفاق، والغير“ بالنسبة لهذا   الإتفاق تناقضاً حاداً، من حيث معايير التفرقة بينهما " ، كما أظهرت مُشكلة سريان هذا المبدأ من حيث الموضوع ذات التباين، كما أثار هذا الموضوع بالتبعية جدلاً حول سلطة المحكمة في تنفيذ حكم تحكيم ضد شخص ليس طرفاً في إتفاق التحكيم، حيث أن الأصل هو أن الشركة التي أبرمت العقــــد المتضمن شرط التحكيم، ووقعت عليه هى التى تلتزم دون غيرها بشرط التحكيم الوادر فيه، عملاً بماهو مقرر من أن التوقيع هو الذي يُضفى الحجية على العقد، بما ورد به من بيانات قام بــــا أطرافه، ولا يمتد هذا الأثر لغيره، وبالتالى يتضح أن المعيار الذى يحسم هذا الأثر بالنسبة للشركة الأم أو الشركات التابعة لها يتخذ مظهراً مادياً له، يتمثل فى التوقيع على العقد .

  إلا أن الواقع قد أثبت أن المعيار المادى المتمثل في التوقيع على العقد، قد لا يكون معبراً عــــن حقيقة الواقع، إذ قد تقوم الشركة الأم Societe Mere ، أو شركة أُخرى من الشركات التابعة لها، بالمساهمة الفعالة فى المفاوضات التى تسبق إبرام العقد، أو في تنفيذه، أو عدم تنفيذه، دون أن توقع عليه، ومن ثم فإن الطرف الفعلى فى هذا العقد - والذى لم يوقع عليه كان هو الطرف خلف ستار العقد.

  مما يتعين معه إعادة النظر فى فكرة المعيار المادى، والسماح لإتفاق التحكيم بأن يُرتب آثــاره أيضا في مواجهة الغير الذى لم يوقع على الإتفاق، بالنظر إلى الظروف المحيطة بالعقد، وبالدور الذي نهض به في إبرام العقد، تغليباً لفكرة الوحدة الإقتصادية التى تكمن وراء فكرة مجموعة الشركات ۲۰۳۸ ، وقد إنعكس ذلك فى إتجاه جانب من أحكام القضاء، إلى عدم الركون إلى مجرد الذي يختبيء التوقيع المادى على العقد.

  ففي قضية .Eddie Javor, et al. v. Luke Francoeur, et al ، والتي تعد مثالاً لدعوى تم رفض تنفيذ حكم تحكيم صادر ضد شخص لم يكن طرفاً في إتفاق التحكيم، رغم أن المحكمة قد إعتبرته طرفاً فى إجراءات التحكيم وفى هذه القضية كان إتفاق التحكيم المؤرخ ٢٥ مارس ١٩٩٥ قد أبرم بين كل من Eddie Javor ، وشركة fusion-crete, Inc من ناحية وشركة .fusion-crete Products Inc من ناحية أخرى، ولم يقم المدعين برفع دعوى التحكيم ضد شركة fusion-crete Products Inc ،فقط بل أيضاً ضد Luke Francoeur الذي وقع على إتفاق التحكيم بالنيابة عن الأخيرة فقام المحكم بضم السيد/ Francoeur للتحكيم باعتباره طرفاً فيه ٢٠٤٠ ، وقبل الإختصاص بالنسبة له، حيث جرى التحكيم في كاليفورنيا وفقاً لقواعد جمعية التحكيم الأمريكية.

  وقد وجد المحكم أن السيد / Francoeur الذى لم يكن طرفاً في إتفاق التحكيم المبرم بين Eddie Javor وشركة fusion-crete Products Inc كان يقوم بدور "الشخصية الأخرى للشركة الأخيرة، وأنه لا يوجد فصل بينه وبين الشركة المدعى عليها، وبالتالي ينبغى أن يكون: مسئولاً بصفة شخصية عن أى ديون على الشركة قد تفرض في نهاية المطاف في هـذه الدعوى، وَرَتَبَ المحكم على ذلك مسئولية السيد / Francoeur عن دفع تكاليف التحكيم بالإشتراك مع شركة fusion-crete Products Inc .

   وعندما سعى كل من Eddie Javor ، وشركة fusion-crete, Inc في تنفيذ حكـــم التحكيم ضد السيد / Francoeur ، دفع الأخير بعدم نفاذ الحكم فى مواجهته شخصياً لأنه لم يكن طرفاً في إتفاق التحكيم، وقد أجابته المحكمة الكندية إلى طلبه هذا إستناداً لعدم إستيفائه الشروط المتطلبة لذلك سواء في إتفاقية نيويورك أو فى قانون التحكيم التجارى الدولى في كندا المنفذ للإتفاقية.

   وذكرت المحكمة أنه : "يبدو أن المحكم كانت لديه السلطة الإجرائية وفقاً لقانون كاليفورنيــــا المواصلة الدعوى ضد السيد / Francoeur على نحو مافعل، إلا أن ذلك لا يسمح بتنفيذ الحكم  ضد السيد / Francoeur حيث أنه لم يكن طرفاً في الإتفاق المبرم بين الطرفين، ولم ينص الإتفاق بين الطرفين محل النزاع على مُشاركة السيد / Francoeur كطرف، وبذلك يتضح التعارض بين إتفاق التحكيم وإجراءات التحكيم التي مارسها المحكم فى سبيل التوصل لحكمه ، وخلصت المحكمة من ذلك إلى رفض تنفيذ الحكم في مواجهته شخصياً.

   وعلى نحو مُماثل، قررت المحكمة المحلية بجنوب ولاية نيويورك الأمريكية في قضية FIAT S.p.A. v. The Ministry of Finance and Planning of the Republic of .Suriname et al ، بأن هيئة التحكيم قد تجاوزت سلطتها بإصدارها حكماً لصالح Suriname ضد شركة FIAT التي لم توقع علي إتفاق التحكيم عند إحالة النزاع إلى التحكيم، ومن ثم، فلا تعد صراحة طرفاً فيه، ولذلك أبطلت المحكمة الجزء المتعلق بشركة FIAT، إستناداً إلى المادة الخامسة (۱)(ج) من الإتفاقية.

  وعلى نحو مشابه وفى قضية .Chios Charm Shipping Co. v. Rionda Et al وعندما تم السعى فيها لتنفيذ حكم التحكيم على ثلاثة أطراف قررت المحكمة المحلية بجنوب ولاية نيويورك الأمريكية أن إثنين منهم ليسا أطرافاً في التحكيم، ولذلك أعلنت أن الحكم يُعد نافذاً فقط ضد الثالث الذي كان طرفاً في التحكيم.

  كما رفضت محكمة إستئناف ،لاهاى فى قضية Keck Seng(S)Pte Ltd.And .K.S.Edible Oil(Hong Kong)Ltd. v. Hunt-Wesson Foods, Inc، تنفيذ حكم تحكيم صادر فى ظل قواعد الجمعية الأمريكية للتحكيم AAA ضد أحد المدعى عليهم، معللةً ذلك بأنه لم يظهر من المستندات المقدمة إليها أن هذا الطرف قد أَلزَمَ نفسه باللجوء للتحكيم بصدد المنازعات التي تنشأ مع طالب التنفيذ.

  وعلى نفس النهج، وفى قضية TH. v. Juan Antonio Dominguez، كان المدعى عليه فيها قد وافته المنية قبل إستلامه إخطاراً بطلب التحكيم، ولم تجر إجراءات التحكيم في مواجهة ورثته، وعندما عرض الأمر على المحكمة العليا الأسبانية رفضت تنفيذ حكم التحكيم، لأنه لا يستند إلى أى حق قبل أي منهم.

  وهناك مثال آخر على رفض تنفيذ حكم التحكيم الأجنبى الصادر فيها، على أساس أن أحــــد الأطراف المحكوم عليها من قبل هيئة التحكيم، لم يكن طرفاً في إتفاق التحكيم، وذلك في قضية Sarhank Group v. Oracle Corporation. ، إستناداً إلى عدم القابلية للتحكيم، وقد جاء الحكم الصادر من الدائرة الثانية بمحكمة الإستئناف الأمريكية خاطئاً لقيامه على تفسير غـــير صحيح  تماماً لتعبير القابلية للتحكيم المشار إليه فى المادة الخامسة (٢)(أ) من إتفاقية نيويورك.

  وفى هذه القضية كانت شركة مصرية هي (Sarhant Group (Sarhank قد أبرمت إتفاق وكالة مع شركة أمريكية مُصنعة لبرامج الحاسب الآلى مُنشأة طبقاً لقوانين Delaware) هي شركة (Oracle Systems Ltd.(Oracle Systems ، وهى شركة تابعة ومملوكة بالكامل لشركة Oracle ، وقد قبلت Sarhank بموجب هذا الإتفاق القيام بتوفير منتجات وخدمات Oracle داخل مصر، وبعد بضع سنوات، نشأ نزاع بين الطرفين مما أدى إلى إنهاء الإتفاق، ونتيجةً  لذلك، شرعت Sarhank في إتخاذ إجراءات التحكيم ضد كُل من الشركة التابعة Oracle Systems، والشركة الأم Oracle، حيث شكلت هيئة تحكيم وتداعت الإجراءات بتاريخ ٢ أبريل ۱۹۹۸ تحت رعاية مركز القاهرة الإقليمى للتحكيم التجارى الدولى.

  وفى إجراءات التحكيم، دفعت Oracle بأن الهيئة لاتتمتع بالإختصاص عليها، حيث أنها لم تقم بالتوقيع على الإتفاق المبرم مع Sarhan كمالم تبرم ثمة إتفاق مكتوب مع الأخيرة علـــى اللجوء إلى التحكيم، إلا أن الهيئة رفضت الدفع مؤكدةً على إختصاصها بالنسبة لـ Oracle، تأسيساً على أن الأخيرة تُعد شركة دامجة لشركة Oracle Systems في علاقتها مع Sarhank، وأنه وفقاً للقانون المصرى، فإن الشركات التابعة لمجموعة واحدة من الشركات تخضع لشرط التحكيم الوارد في العقد - على الرغم من وجود شخصية قانونية مستقلة لها – إذ أن العلاقات العقدية لا يمكن أن تنشأ دون موافقة الشركة الأم صاحبة العلامة التجارية التي تجرى على أساسها المعاملات التجارية.

  كما إرتأت الهيئة، أن إتفاق الوكالة قد منح Oracle Systems حق حوالة حقوقها وإلتزاماتها لشركة تابعة دون موافقة Sarhank، وبناء عليه، أصدرت الهيئة بتاريخ ۱۱ مارس ۱۹۹۹ باجماع آراء أعضائها حكماً لصالح الأخيرة ضد كل من الشركة التابعة Oracle Systems، والشركة الأم Oracle بالتضامن فيما بينهما، وبتاريخ ۲۲ مارس ۲۰۰۰ أصدرت محكمة إستئناف القاهرة أمراً بتنفيذ هذا الحكم، وقد تأيد ذلك بقضاء محكمة النقض المصرية.

  إلا أن Oracle لم تقبل هذا القرار، فطعنت علي حكم التحكيم أمام الدائرة الثانية بمحكمة الإستئناف الأمريكية ، حيث رفضت هذه المحكمة التنفيذ على أساس المادة الخامسة (٢) مـــن إتفاقية نيويورك مُعتبرةً أنه : "طبقاً للقانون الأمريكي، فإن مسألة ما إذا كان طرف ما قد وافق على التحكيم، هو أمر تقرره المحكمة التي يسعى إلى تنفيذ الحكم ،أمامها ويجب أن يكون الإتفاق على التحكيم رضائياً، وتقرر المحكمة إستناداً إلى المبادىء العامة في القانون المحلى للعقد، ما إذا كـــان الطرفان قد وافقا على إحالة مسألة القابلية للتحكيم إلى المحكمين.

  ورتبت المحكمة على ذلك، أن يحق لها أن تُقرر من تلقاء نفسها فيما إذا كان النزاع يقبل التحكيم بالنسبة لـ Oracle ، مُشيرةً إلى أنه : "لا يمكن إلزام أى مؤسسة أمريكية غير موقعة بالتحكيم، في حالة غياب رؤية كاملة للحقائق الداعمة للنظرية القائمة على قانون العقد الأمريكي، أو قانون الوكالة الأمريكي".

  وفي الواقع، فإننا لانشاطر محكمة الإستئناف الأمريكية في إختيارها الخاطيء للسبب المتعلق بعدم القابلية للتحكيم للتعويل عليه فى رفض تنفيذ الحكم، إذ كان بوسع هذه المحكمة أن تستند في قضاءها هذا إلى الأسباب الأخرى الواردة فى المادة الخامسة من الإتفاقية لرفض التنفيذ، فقد كان من الممكن لها أن تقرر - على سبيل المثال - بعدم وجود إتفاق تحكيم بين Sarhank و Oracle لكي تتوصل من وراء ذلك إلى أن المحكمين قد تجاوزوا حدود سلطتهم، أو أن تخلص بدلاً مـــن ذلك، إلى أن تطبيق مبدأ مجموعة الشركات فى هذه القضية يُخالف النظام العام الأمريكي.

  وفي السياق ذاته، حددت محكمة النقض المصرية فى إحدى القضايا التي عُرضت عليها ؟ ضوابط إمتداد إتفاق التحكيم الذى تبرمه شركة تابعة إلى الشركة الأم، وبالتالى مدى صحة إدخال الأخيرة بدون رضائها فى إجراءات التحكيم التى تجرى بناءً على هذا الإتفاق، وأثر ذلك على إختصاص هيئة التحكيم.

   حيث قدمت المحكمة لحكمها بالقول بنسبية أثر إتفاق التحكيم فلايُحتج بـه إلا في مواجهـة الطرف الذي ارتضاه وقبل خصومته، مُعتبرةً أن مجرد كون أحد أطراف خصومة التحكيم شركة ضمن مجموعة شركات تساهم شركة أم فى رأسمالها لايُعد دليلاً على إلتزام الأخيرة بالعقود التى تبرمها الأخيرة المشتملة على شرط التحكيم، مالم يثبت أنها قد تدخلت في تنفيذها أو تسببت في وقوع خلط بشأن الملتزم به على نحو تختلط فيه إرادتها مع إرادة الشركة الأخرى.

   وخلصت من ذلك إلى تأييد الحكم المطعون فيه فيما قضى به من بطلان حكم التحكيم بالنسبة للشركة الأم - المطعون ضدها في الطعن الحالى - لأنها لم تكن طرفاً في إتفاق التحكيم، ولم تتدخل في تنفيذه، ومن ثم فلايجوز إلزامها بشرط التحكيم الوارد فيه أو قبول إدخالها في خصومته .

   وعلى الجانب الآخر، يُمكن أن تلتزم أى مؤسسة باتفاق مُبرم من قبل إحدى شركاتها التابعة لها، عندما يكون تصرف كلا منهما يدلُّ على "التخلى الفعلي عن الإنفصال“ ، أي أنهما ظهرا وكأنهما أطراف في ذات العملية العقدية، ولذلك فإنه عندما يتبين للمحكم أن إتفاق التحكيم يُعد مُلزماً لأحد الأطراف على أساس نظرية الشخصية الأخرى، فإنه يُمكن التمسك بأنه ينبغى على المحكمة وفى إطار الدفاع عن السياسة التي تُفضل التحكيم أن تقبل النتيجة التي توصل إليها المحكم وتُطبق إتفاقية نيويورك على الطرف الذى يمثل هذه الشخصية الأخرى".

   وعلى سبيل المثال، خلصت الدائرة الرابعة بمحكمة الإستئناف الأمريكية، في قضية International Paper Company v. Schwabedissen Maschinen & Anlagen GmbH، إلى التصديق على تنفيذ حكم تحكيم على طرف غير موقع على إتفاق التحكيم، وتثير هذه القضية مسألة ما إذا كان من الممكن تنفيذ حكم التحكيم ضد الخلف في إتفاق التحكيم الذي لم يكن طرفاً فيه، باعتباره مُستفيداً منه، حيث كان السلف وهـــى شــركة Westinghouse Electric Corporation قد قام بشراء ماكينة نشر قامت بتصنيعها شركة Schwabedissen Maschinen من خلال موزعها فى الولايات المتحدة وهي شركة Wood Systems, Incorporated وقد قامت شركة Schwabedissen Maschinen يارسال أمر الشراء إلى شركة Wood Systems Incorporated دون التوقيع عليــه مــن شــركة Westinghouse Electric Corporation ، وقد إشتمل أمر الشراء المذكور على شرط تحكيم في ظل قواعد غرفة التجارة الدولية، وعندما شـب النزاع بين الطرفين، شرعت International Paper Company باعتبارها الخلف فى إتفاق التحكيم في إتخاذ إجراءات التحكيم ضد Schwabedissen Maschinen أمام هيئة التحكيم المنعقدة في جنيف.

   وعلى الرغم من تقرير هيئة التحكيم بعدم وجود إتفاق بين Schwabedissen Maschinen، وInternational Paper Company ، وبالتالي فلايوجد أساس للتحكيم، إلا أنها إنتهت مع ذلك، إلى إلزام الأخيرة بكافة تكاليف شراء الماكينة، حيث قررت الهيئة أنه في سياق التحكيم، فإن الطرف غير الموقع على الإتفاق يكون مُلزماً بالتحكيم متى علم بإتفاق التحكيم و"قبل ، وهو على علم بذلك، مزايا هذا الإتفاق.

  وعندما رفضت International Paper Company الإمتثال لحكم التحكيم، سعت Schwabedissen لتنفيذه أمام المحكمة المحلية، حيث وافقتها على هذا الطلب، وأيدتها في ذلك المحكمة الإستئنافية، والتي إرتأت أن International Paper Company لم تمتنع عن إحالة نزاعها مع شركة Schwabedissen للتحكيم، ومن ثم وفى ضوء حقيقة أن هذه القضية قــد إستندت بشكل كامل على العقد الذى تضمن إتفاق التحكيم، فلا تستطيع International Paper Company طلب تنفيذ الحقوق الناشئة عن هذا العقد، من  جانب، وتجاهل الإلتزام المنصوص عليه في العقد نفسه بإحالة أى نزاع للتحكيم من جانب آخر، ويُعزز هذا الحكم الحالات السابقة التي يمتد فيها نطاق إتفاق التحكيم إلى أطراف غير موقعين على العقد، لإرتباطهم الوثيق بالعقد المتضمن إتفاق التحكيم " .

   وعلى نحو مماثل، وفى قضية ... Orion Shipping&Trading Corporation .Eastern States Petroleum Corporation Of Panama,S.A، أصدرت هيئة التحكيم حكمها لصالح لشركة Orion Shipping ضد كل من شركة Eastern States Petroleum والشركة الأم على أساس أن التزامات الشركة التابعة كانت مضمونة بموجب العقد محل الدعوى من قبل الشركة الأم، على الرغم من أن الأخيرة لم تكن طرفاً في إتفاق التحكيم الموقع من كل من شركة Orion Shipping ضد كل من شركة Eastern States Petroleum ، وقد أيدت المحكمة حكم التحكيم المتضمن مد الإختصاص للشركة للأم، وأمرت لذلك بالتنفيذ.

  إلا أن الدائرة الثانية بمحكمة الإستئناف الأمريكية، فى قضية Productos .Mercantiles e Industriales, SA v. Faberge USA, Inc.et al، وحينما لم تتبين أن أحد الأطراف يُعد خلفاً لسلفه من عدمه قضت بإعادة الدعوى إلى محكمة الولاية للفصل في مسألة ما إذا كان أحد الأطراف يُعد خلفاً لطرف آخر فى سياق إجراءات تنفيذ حكم التحكيم.

  وصفوة القول، أن السوابق القضائية حول هذه المسألة تُعد مُثيرة للجدل، لما تطرحه من صعوبة التنبؤ بالنتائج التى يُمكن أن تؤول إليها مثل هذه القضايا وليس أدل على ذلك، مما ورد في قضية Di Ghello v. Busconi ، حين ذكرت المحكمة أن مد الإختصاص قد يتم السماح به عندما تكون هذه المسائل: "مرتبطة ارتباطاً وثيقاً مع الوقائع الأساسية للتراع ٢٠٦١، وفى هذه القضية لم تصدر هيئة التحكيم حكمها فقط ضد أحد أطراف التحكيم، بل أيضاً ضد أربعة شركات لم توقع على إتفاق التحكيم، والتي تُعد دون شك: "مملوكة لها صراحةً، وتهيمن عليها، وتتحكم فيها .

  هذا بالإضافة إلى أن الاتفاقية لا تتناول صراحةً مُعالجة المسائل المتعلقة بما إذا كانت حوالـــة إتفاق تجارى تُحيل تلقائياً شرط التحكيم الوارد فيه ولا تُقدم إرشادات خاصة بشأن الإعتراف بإتفاقات التحكيم التي تم إحالتها وتنفيذ أحكام التحكيم الصادرة إستناداً إليها، وبدلاً من ذلك، فإنها تترك هذه المسائل للمحاكم الوطنية لتفصل فيها على أساس القانون الواجب التطبيق، فهى لا تتعامل صراحةً مع حوالة شروط التحكيم، كما أنها لا تستبعد في نفس الوقت معظم الحلول لهذه المسائل ، وهو الأمر الذى قد يؤدى إلى إثارة العديد من المشكلات نتيجة هذا الإقحام في مزيج غريب على شرط التحكيم .

   وعلى سبيل المثال، ففى قضية Sojuznefteexport (USSR) v. Joc Oil Limited (Bermuda)، وأثناء إجراءات التحكيم دفعت شركة البترول البرمودية ” Joc Oil“ ببطلان العقد لعدم إشتماله علي توقيعين ممن يملكون السلطة بذلك على نحو ما يوجبه القانون السوفييتي، إلا أن هيئة التحكيم رأت أنه نظراً لكونه عقداً مستقلاً شكلاً، فإنه يُشترط لذلك توافر رضـــاء المحال إليه علي نحو مُنفصل في الخضوع للجهة التي إختارها أطراف التعاقد.

   وفي قضية IMP Group (Cyprus) Ltd. v. Aeroimp - في مرحلة ما بعد الحقبة السوفيتية - وجدت محكمة موسكو الإبتدائية أنه لم تتم حوالة شرط التحكيم علي النحو الصحيح، وبالتالي فقد أخطأت هيئة غرفة التجارة الدولية فى قبولها الإختصاص لأن المحال اليه لم يوافق بشكل مُستقل على حوالة شرط التحكيم الوارد في العقد الأساسي، وفسرت المحكمة قرارها إستناداً الى إستقلال إتفاق التحكيم عن العقد الذي ورد به.

   وإنطلاقاً من حقيقة أن المحال إليه لم يوقع على إتفاق التحكيم، فإن النتيجة الواقعية لذلك، قد تتجسد في رفض المذكور، أو الطرف الآخر الموقع الأصلى على العقد الإنضمام إلى إجراءات التحكيم، وهو ماقد يُسفر عنه صدور حكم التحكيم ضد أو فى صالح الشخص غير الموقع علـــى العقد، ومن ثم فإن الأمر قد ينتهى إلى رفض الإعتراف بهذا الحكم و/أو رفض تنفيذه.

   بيد أن البعض يرى أن المشكلات الناجمة عن مثل هذه الحالات أو التي تتعلق بأثر هذا الحكم ونفاذه إلى الغير، ممن لم يكن طرفاً في إتفاق التحكيم والتي لم تتناولها إتفاقية نيويورك، لم يكــــن بالإمكان حلها من خلال وسيلة دولية ،وبالأحرى ينبغى تسويتها على أساس القانون الذي تراه المحكمة أنه هو . الواجب التطبيق، وفى ضوء الوقائع التي تنظرها.

  وإذا كان البعض  ، يرى أن الأحكام الحديثة للمحاكم الفرنسية تشير إلى أنها قد أخذت في العدول عن موقفها السابق، وبدأت فى تبنى موقف معتدل، وأن ذلك قد تمثل في قضية Baba Ould Ahmed Miske c/ societe AVC Shipping.

  حيث قضت محكمة إستئناف باريس فى ٢٦ يونيو ۲۰۰۳ ، ببطلان حكم التحكيم الذي إمتد إلى السيد / Miske شخصياً في آثار شرط التحكيم، الذى كان قد وقعه بالنيابة عن شركة تدعى ARCOT باعتباره مُمثلاً لها، مُعتبراً أن ذلك يُعد خطوةً مُشجعة فى الإتجاه الصحيح، وأن المحاكم الأمريكية كذلك قد أصبحت - بوجه عام - أكثر حرصاً في مُمارسة الرقابة على المسائل المتعلقة بالتفسير الصحيح لإتفاق التحكيم، وقد تجلى ذلك فى الآونة الأخيرة ضمن سياق الحكم المنقح الذي أصدرته الدائرة الخامسة بمحكمة الإستئناف الأمريكية بتاريخ ۱۲ سبتمبر ۲۰۰۳ في قضية Bridas v. Government Of Turkmenistan  ، حيث أرست المحكمة عدداً من المبادىء الهامة التي تتناول مسائل متعددة، بما فيها ما إذا كانت الحكومة تعد طرفاً أصيلاً في شرط التحكيم في إتفاق" مُشترك" كان قد أبرم مع Turkmenneft .

   فإننا ذلك، نرى أنه لا يجب فهم الأحكام الأخيرة على أنها تُمثل إتجاهاً جديداً، أو بأنهـا تنطوى على إدانة للأفكار المؤيدة لمد إتفاق التحكيم على الأطراف التى لم تكن موقعة عليه، أو إلى علاقات أو مسائل أخرى تقع خارج نطاقه، وإنما يجب تفسير كُل حالة على حدة بموضوعية في ضوء ظروفها وملابساتها .

   وعلى أى الأحوال، فإن هذا الإتجاه المتردد من قبل القضاء الوطنى يُشير إلى إنعدام التناسق بين الأنظمة القانونية المختلفة، بل وحتى بداخل النظام القانونى الواحد بما كشف عنــه مــن تفسيرات متضاربة ومُتلاحقة مما يتعين معه ضرورة البحث عن آلية قانونية لضمان التفسير الموحد لنصوص إتفاق التحكيم ونطاقها بالنسبة للأطراف غير الموقعين عليها، فى إطار تحديد نطاق إختصاص هيئة التحكيم في الفصل في النزاع بالنسبة لهؤلاء الأطراف، ضماناً للحماية الدولية لأحكام التحكيم الأجنبية.