القاعدة العامة ان اثر العقد لا ينصرف الا الى الاطراف المتعاقدة وينصرف كذلك الى من يقوم مقام طرفي العقد من خلف عام وخلف خاص، والخلف العام هو الوارث فقد نصت المادة (١٤٢) من القانون المدني العراقي على أنه «ينـصـرف الـعـقـد الـى المتعاقدين والخلف العام دون اخلال بالقواعد المتعلقة بالميراث، ما لم يتبين من العقد او من طبيعة التعامل او من نص القانون ان هذا الاثر لا ينصرف الى الخلف العام. اما الخلف الخاص فهو من يخلف الشخص في ذمته المالية كلها أو في جزء شائع منها فهو يتلقى من السلف حقا عينيا او شخصيا ويعتبر خلفا خاصا فيما يتعلق بالحق الذي تلقاه .
اما عن الغير الذي نريد ان نبحث اثر اتفاق التحكيم بالنسبة اليه فنقصد به الشخص الذي لم يكن طرفا في اتفاق التحكيم ولا خلفا خاصا لاحد اطراف الاتفاق المذكور، والقاعدة في هذه الحالة عدم انصراف اثر الاتفاق الى هذا الغير.
الا انه في التعامل التجاري الدولي نجد في بعض الاحيان ان اشخاصا ممن هم خارج الاتفاق الخاص بالصفقة التجارية يلتزمون بموجب الاتفاق المذكور.
وبصدد التحكيم هناك اسئلة عديدة يمكن اثارتها في هذا الصدد، مثلا: اذا كان هناك اتفاق للتحكيم بين المدين والدائن هل ان المدينين المتضامنين في نفس الدين مع المدين المذكور يخضعون لاتفاق التحكيم الذي جرى بين هذا الاخير والدائن؟
كذلك هل يكون الكفيل خاضعا لاتفاق التحكيم اذا كان الشخص المكفول قد عقد اتفاقا للتحكيم في الموضوع الذي تمت الكفالة من اجله؟
وهل يمكن اعتبار التحكيم تابعا للتصرف القانوني؟ ففي حوالة الحق او حوالة الدين هل المحال له او المحال عليه يلتزم باتفاق التحكيم الذي سبق ان عقده المحيل؟
كذلك الامر بالنسبة للاشتراط لمصلحة الغير هل ان المنتفع يجد نفسه ملتزما بشرط التحكيم الموجود في العقد الذي تم بين المشترط او المتعهد ؟
كما تظهر اهمية هذا الموضوع بشكل خاص في تنفيذ المشاريع الكبرى بواسطة ما يسمى بمجاميع العقود (Groupes de Contrat).
وهذه العقود مستقلة او متداخلة، حيث تعقد اتفاقات متعاقبة عديدة بين الاطراف نفسها او مع صاحب العمل في نفس الوقت او ان هناك عقدا رئيسا وعقودا اخرى ثانوية لانجاز اعمال مختلفة تتعلق بالمشروع ذاته. فهل أن جميع الملتزمين بموجب العقود المذكورة يمكن ان يكونوا طرفا في اجراءات التحكيم حيث ان الامر يتعلق بمشروع اقتصادي واحد؟
كذلك في حالة الاشخاص المعنوية عند اندماج شركة مع شركة اخرى هل ان الشركة الجديدة او الشركة التي تم الاندماج معها تكون ملتزمة باتفاق التحكيم التي كانت الشركة الاولى قد اتفقت عليه في عملياتها مع الاخرين؟ تظهر اهمية هذا الموضوع بشكل خاص في حالة وجود مجموعة شركات( كونسورتيوم Consertium). فهل يمكن التمسك باتفاق التحكيم من قبل احدى الشركات في المجموعة التي تضم الشركة التي عقدت الاتفاق المذكور؟
اما في حالة حوالة الحق، فقد قررت محكمة باريس في حكم اصدرته في ۲۸ كانون الثاني ۱۹۸۸ ان حقوق المحيل التي تتضمن شرط التحكيم الناتجة عن عقد تنتقل الى المحال ،له ويمكن لهذا الاخير الاستفادة من الشرط المذكور ويتمسك به تجاه المحال عليه . والقضية التي صدر بصددها الحكم المذكور تلخص كما يلي:
ان الشركة الالمانية C... Filmunst المنتجة للافلام تعاقدت في ١٩٥٨/٢/١٨ مع الشركة الفرنسية Les Films moderns لانتاج فلم مشترك بعنوان Machen in uniform وتضمن العقد توزيع واستثمار الفلم في العالم وبنسبة ٧٠% للشركة الالمانية و ٣٠ للشركة الفرنسية وكان العقد المذكور يتضمن شرطا في المادة (١٤) منه ينص على ان جميع الخلافات التي يمكن ان تثار عن تفسير العقد أو تنفيذه يعرض على هيئة التحكيم، كما ان العقد المذكور تضمن كيفية تعيين المحكمين.
في ۱۹۷٢/٢/١١ تمت تصفية الشركة الفرنسية وفي ١٩٧٤/١/٢٤ تنازلت الشركة المذكورة عن جميع حقوقها الموجودة من ذلك الوقت الى شركة E.D.I.F وهي شركة لتوزيع الافلام ايضا في ليشتشتاين، ومن تلك الحقوق ستة عشر فلما من بينها الفلم المذكور اعلاه وعلى اثر بيع هذه الشركة الاخيرة حقوق استغلال الفلم المشار اليه ثار بينها وبين الشركة الالمانية نزاع فطلبت شركة E.D.I.F اتخاذ الاجراءات الخاصة بالتحكيم مستندة الى الاتفاق الذي تم في ١٩٥٨/٢/١٨ بين الشركة الالمانية والشركة الفرنسية.
اعترضت الشركة الالمانية على ذلك وادعت عدم اختصاص هيئة التحكيم لعدم وجود اتفاق للتحكيم بينها وبين E.D.I.F وان هذه الاخيرة لا تتمتع بأي حق على الفلم . رغم ذلك تم تشكيل هيئة التحكيم وقد رفضت الطعن في عدم اختصاصها في قرارها الذي صدر بتاريخ ١٩٨٦/٣/٧ . واعتبرت ان شركة E.D.IF خلف للشركة الفرنسية ويثبت حقها على الفلم المذكور وكذلك حقها في التمسك بشرط التحكيم.
ولعدم قناعة الشركة الالمانية بهذا القرار تقدمت الى محكمة باريس طالبة ابطال قرار التحكيم.
وبشكل عام لا يزال القضاء يتردد في توسيع نطاق اثر العقد بالنسبة للغير ولكن هناك تطورا ملحوظا في هذا الاتجاه. مثال ذلك اعطاء الحق في اقامة الدعوى مباشرة من المستهلك للشيء ضد المنتج بسبب عيب في الشيء وهذا الامر يتضمن توسيعا لاثر العقد في نطاق الاحكام القضائية الحديثة.