الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / الحلول محل الدائن / الكتب / أثر إتفاق التحكيم بالنسبة للغير دراسة مقارنة / أثر اتفاق التحكيم بالنسبة للدائنين

  • الاسم

    د. فهيمة أحمد علي القماري
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    186

التفاصيل طباعة نسخ

أثر اتفاق التحكيم بالنسبة للدائنين

   يجب ملاحظة أن الدائن لا يستطيع أن يتمسك في الظروف العادية بعدم نفاذ العقد في مواجهته ، وذلك لأن العقد باعتباره واقعة قانونية - فإنه يكون نافذا في مواجهته ، كما أنه يكون نافذا في مواجهة الكافة .

أولاً: المركز القانوني للدائنين

   وبناءً عليه فإن التصرف الذى يبرمه المدين يقتصر أثره في هذا الشأن على أن الدائن يستفيد أو قد يُضار بطريق غير مباشر، وذلك من خلال الحق الذى يكتسبه المدين والذى يترتب عليه زيادة الضمان العام ،أو تحمله بالإلتزام والذى يترتب عليه بطبيعة الحال نقص في الضمان العام للدائنين وذلك لأنه كما سبق لنا القول أن أموال المدين ضامنة لديونه .

   ويلاحظ أن الدائن يتمتع بحقوق لا يتمتع بها الخلف ، تلك الحقوق منحها له القانون وهى عبارة عن مجموعة من الوسائل القانونية التي تكفل له حماية حقه من تصرفات المدين الضارة .

وهناك نوعان من الدائنين هما : 

    النوع الأول : هو الدائن العادى الذى له حق الضمان العام على الذمة المالية لمدينه

   بالإضافة إلى ذلك فإن الدائن العادى ليس خلفا خاصا ، وذلك لأنـه لم يتلقى عن مدينه حقا على شئ معين بالذات ، وإنما هو يكون من الغير بالنسبة لتصرف مدينه.

   بمعنى أنه لا يمكن إلزام الدائن بتنفيذ العقد الذي أبرمه المدين بالإضافة إلى أنه لا يحق للدائن أن يطلب مباشرة ممن تعاقد معه مدينه أن ينفذ التزامه .

   النوع الثاني : وهو الدائن غير العادى الذى يتمتع بضمان أو تأمين خاص لسداد حقه ، مثال ذلك الدائن المزود بتأمين عيني كالرهن .

ثانياً : مدى تأثر الدائن بالعقود الصادرة من مدينه :

    لقد انقسم الفقه إلى اتجاهين بالنسبة لمدى انصراف أثر العقود التي يبرمها المدين إلى الدائن .

  ذهب الإتجاه الأول إلى القول بعدم إنصراف أثـر العقـد إلــى الدائنين : وذلك على أساس أن ما ينشأ عن العقد من حقوق والتزامات تؤثر في ذمة المدين المالية ، سواء كان ذلك عن طريق زيادة الحقوق أو زيادة الإلتزامات ، وهذا بالتأكيد سوف يؤثر على حقوق الدائنين ، وأيضا لأنهـا سوف تؤثر فى الضمان العام لهم ، وهو يمثل الذمة المالية لمدينهم.

    إلا أنه يجب ملاحظة أن تأثر الدائنين بالنتائج التي تترتب على عقود مدينهم ، ليس معناه انصراف آثار هذه العقود إليهم ، وذلك لأنهم لا ينشأ لهم من هذه العقود حقوق أو يترتب عليها التزامات ، أي إنهم لا ينتقل إليهم شئ من ذلك وإنما الذى يتأثر هو الضمان العام لهم سواء كان هذا بالزيادة او بالنقصان . 

    مما سبق يتضح لنا أن تأثر الدائنين بالعقود التي يبرمها مدينهم هو تأثر غير مباشر ، يتحقق عن طريق الزيادة أو النقصان في الضمان العام . ولذلك فإنه لا يمكن إعتبار الدائنين كالخلف العام أو الخــاص مــن حيث إمكان اعتبارهم أطراف في العقد حكما وبالتالي فهم من الغير بالنسبة لآثار عقود مدينهم .

    بينما ذهب الإتجاه الثاني إلى القول بأن الدائنين يتأثرون إلى حد كبير بعقود مدينهم : وذلك لأن هذه العقود تؤثر فى الضمان العام لهم ، وذلك وفقا لما نصت عليه المادة ۱/۲۳٤ من القانون المدنى أن ( أموال المدين جميعها ضامنة للوفاء بديونه ) .

    وبناءً عليه فإنه يترتب على ذلك إذا زادت أموال المدين أو نقصت زاد الضمان العام للدائنين والعكس إذا ما نقصت أموال المدين ترتب علــــى ذلك زيادة ديونه ، وبالتالي نقص الضمان العام للدائنين .

    مماسبق يتضح لنا أن الدائنين يتأثرون بما يبرمه مدينهم من عقود ، وذلك على الرغم من أن الحقوق والالتزامات التى تنشأ من هذه العقود لا تنتقل إلى الدائنين ، كما تنتقل إلى الخلف العام أو الخلف الخاص . وإنما يتعدى أثرها إليهم فقط ، من حيث أنها تزيد أو تنقص من ضمانهم العام أي أن يتعدى لهم إلى حد ما بطريق غير مباشر .

 

ثالثاً : الأثر الملزم للعقد والإحتجاج به بالنسبة للدائنين : 

   هناك فرق بين الأثر الملزم للعقد والإحتجاج بـه فـــى مواجهـة الأخرين . والسؤال هو ما مدى تأثر الدائنين بالأثر الملزم للعقد ؟ وما مدى الإحتجاج به فى موجهتهم ؟ ولذلك سوف نعرض لكل منهم بشــئ مــن التفصيل وذلك على النحو التالي :

أولاً : المقصود بالأثر الملزم هو عبارة عن اكتساب الحــق أو التحمل بالإلتزام الذي أنشأه الحق . لذلك فإن الأثر الملزم للعقد لا ينصرف إلى دائني المتعاقدين ، وذلك لأن الدائن لا يلتزم بأى التزام عقده مدينه ، وأيضا لا يكتسب حقا نشأ عن عقد أبرمه المدين ، فالدائن إذن من الغير بالنسبة لعقود مدينه .

   وعلى الرغم من أن الدائن يتأثر بالعقود التي يبرمهـا المـدين ، فيستفيد منها أو يضار وذلك حسب تأثيرها في الضمان العام – كما تقدم – إلا أن ذلك لا يعنى أن للعقد أثرا ملزما بالنسبة للدائنين .

   وبالتالي فإنه يتم الإحتجاج بالعقد في مواجهة الكافة ، كما أنه يتم الإحتجاج به عليهم ، ولذلك فإن الأثر الملزم للعقد ، ولذلك فإن الدائن يستطيع الإحتجاج بالعقد فى مواجهة المدين ، وأيضا يستطيع المدين أن يحتج به في مواجهة الدائن .

   أيضاً للدائن أن يحتج بالعقد الذي اكتسب به مدينه الأموال ، وذلك لكي يحجز على هذا المال ، لإستيفاء دينه . بالإضافة إلى ذلك فإنه من الممكن أن يحتج على الدائن بالعقد الذي خرج به المال من ذمة مدينه إلى شخص آخر فلا يستطيع الدائن الحجز عليه .

   أيضاً يستطيع الدائن أن يحتج على أى عقد جديد يوقعه مدينه وذلك لأنه يترتب عليه إنشاء التزامات جديدة في ذمة مدينة ، وذلك لأنه سوف ينشأ دائن جديد سوف يشاركه في قسمة الغرماء .

رابعاً : مدى امتداد آثار اتفاق التحكيم إلى الدائنين

   والسؤال هو ما مدى امتداد اتفاق التحكيم الذي يبرمه المدين إلى الدائن ؟ أو بمعنى أخر هل يجوز للدائن أن يتمسك باتفاق التحكيم فــــي مواجهة المدين ؟ وهل من الممكن الإحتجاج باتفاق التحكيم في مواجهته ؟.

    بينا فيما تقدم أن القاعدة هى أن اتفاق التحكيم يسرى في مواجهة الخلف للأطراف (الخصوم) وذلك طبقا للقاعدة العامة في القانون المدني المادة (١٤٥) . إلا إنه إذا ما كان القصد من اللجوء إلى التحكيم هو الغش والإضرار بالدائنين فإنهم يجوز لهم التمسك بعدم نفاذه في مواجهتهم ، وذلك لأن الغش يبطل جميع التصرفات ، بالإضافة إلى ذلك فإن الدائنين في جميع الأحوال يملكون التدخل في الخصومة أمام المحكم ، وذلك لمراقبتها ومراقبة تصرف المدين .

   وذهب جانب آخر من الفقه إلى أنه يجوز لدائن أن يتمسك باتفاق التحكيم الذي أبرمه المدين ، ويترتب على ذلك أنه يجوز له أن يقوم بتحريك الإجراءات أمام هيئة التحكيم ، أيضا يجوز له التدخل في خصومة التحكيم، بالإضافة إلى أنه يجوز له الطعن في حكم التحكيم مستعملا بذلك حقوق مدينه .