وفي جميع الصور التي ينقضي فيها العقد بوفاة أحد طرفيه ولا تنتقل الحقــوق والالتزامات الناشئة عنه، قد يكون هناك شرط تحكيم مدرج في العقد المنقضي، فيثور التساؤل عما إذا كان هذا الاتفاق ينقضي بدوره بانقضاء العقد الأصلي، أو يظل قائما وتنتقل الالتزامات الناشئة عنه إلى الخلف، بحيث إذا ما قام نزاع حول تصفية آثار العقد الأصلي المنقضي، أو حول تحقيق الانقضاء ذاته من عدمه، كان لكل من الطرفين التمسك بشرط التحكيم وبضرورة حسم النزاع عن طريق التحكيم.
وفي تقديرنا أن الإجابة على هذا التساؤل تكمن فيما نصت عليه المادة (21) من نظام التحكيم السعودي الجديد لعام 1433هـ، على أنه : (يعد شرط التحكيم الوارد في أحـــــد العقود اتفاقا مستقلا عن شروط العقد الأخرى. ولا يترتب على بطلان العقد الذي يتضمن شرط التحكيم أو فسخه، أو إنهائه بطلان شرط التحكيم الذي يتضمنه، إذا كان هذا الشرط صحيحًا في ذاته)
وفي حال توفي أحد طرفي العقد فإنه لا يؤثر على شرط التحكيم حيث يبقى الشرط القصد صحيحًا قائمًا، ويبقى الخلف العام ملزمًا به لكن تلاحظ في هذا الصدد أمور ثلاثة:
الأمر الأول: أن شرط التحكيم لا يكون له من الأثر إلا بالنسبة للمنازعات المتعلقة بالعقد المنقضي ذاته، وفي حدود المنازعات المتفق على التحكيم بشأنها في هذا الشرط.
الأمر الثاني : أنه من المتصور بالطبع أن يفضى طرفا اتفاق التحكيم عليه ذاته طابعًا احد شخصيا، فينصان في هذا الشرط على اقتصار أثره عليهما وحدهما دون الخلف العام منهما. وفي هذه الحالة سوف ينقضي اتفاق التحكيم ذاته مع العقد الأصلي، نتيجة الوفاة.
الأمر الثالث : أنه من المتصور أيضًا أن يتفق طرف العقد الباقي على قيد الحياة مـــع الخلف العام للطرف الآخر المتوفى على استمرار العقد المنقضي بينهما دون تعديل في شروطه. وفي هذه الحالة سوف يعتبر هذا الاتفاق بمثابة عقد جديد بينهما، بالشروط ذاتها المدونة في العقد مع السلف، ومن بينها شرط التحكيم.
شأن الخلف الخاص :
الذي يخلف سلفه في حق معين وهو في شأن اتفاق التحكيم الحق الشخصي الناتج عن ذلك الاتفاق حيث يلتزم ،به نقول: إنه بالنسبة لحوالة الحق أو حوالة العقود فإن أثر اتفاق التحكيم الذي يبرمه الدائن المحيل والمدين المحال عليه ينتقل إلى المحال له الحق فالمدين المحال عليه يستطيع أن يحتج في مواجهة المحال إليه بكل الدفوع التي له في مواجهة الدائن ومنها الدفع بوجود اتفاق التحكيم أمام قضاء الدولة، كي يتخلى عن نظر النزاع الذي يوجـد بشأنه اتفاق التحكيم، ذلك أن حوالة العقود أو حوالة الحق تنقل كل عناصر الالتزام أو الحق الشخصي إلى المحال إليه وتجعله طرفًا أصيلا في اتفاق التحكيم.