الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / حوالة الدين وحوالة العقد / الكتب / منصة التحكيم التجارى الدولى - الجزء الثالث / أثر حوالة الحق على التحكيم المتفق عليه 

  • الاسم

    محيي الدين اسماعيل علم الدين
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

    247
  • رقم الصفحة

    113

التفاصيل طباعة نسخ

أثر حوالة الحق على التحكيم المتفق عليه 

  لاشك في أن اتفاق التحكيم أو شرط التحكيم يظل ملزما لأطرافه ولأى منهم التمسك أمام القضاء بعدم الاختصاص لوجود هذا الاتفاق أو الشرط، ولكن ما الحكم إذا تنازل أحد الأطراف عن حقوقه الناشئة من عقد يتضمن شرط تحكيم إلى شخص من الغير؟.. هل يلتزم هذا الغير بشرط التحكيم المتفق عليه بين الطرفين الأصليين؟ هذا مــ سوف نراه في هذه القضية التي حكمت فيها محكمة استئناف اكس أن برفانس في ۱۹۹۷/۱/۹.

   كانت شركة سنتم هيبروك قد كلفت الشركة البحرية للجنوب بأن تقوم بإجراء عمليات صيانة وإصلاح على الباخرة اسكيكده (وهـــو أسم مدينة بالمغرب ) وأدرجت في العقد المبرم بينهما شرط تحكيم أمام غرفة التجارة الدولية واشترطت عدم جواز حصول تنازل من الشركة البحرية للجنوب عن أى من حقوقها الناشئة عن العقد إلى الغير. ثم اتفق الطرفان فى ملحق لهذا العقد على جواز حصول التنازل للغير من الشركة البحرية للجنوب ولم يوضع شرط تحكيم في هذا الملحق. 

   وقامت الشركة البحرية للجنوب بتحرير حوالة بحقوقها تجاه شركة سنتم إلى البنك العام للتجارة وذلك بواسطة نموذج قانون دايي. وقانون دايي صدر في فرنسا باسم الشخص الذي اقتر. ه بتاريخ ۱۹۸۱/۱/۲ ولا يزال ساريا والهدف منه هو تسهيل وضمان انتقال حوالة الحقوق من أصحابها إلى مؤسسات ائتمانية مثل البنوك لكى تستخدم في الحصول على تسهيلات وقروض أو غير ذلك من الأغراض. وقانون دايى يعفى المحيل من الإجراءات التي يتطلبها القانون المدنى لاتمام الحوالة، ويؤدى إلى نتيجة هامة من الناحية القانونية وهى أنه إذا وقع المدين المحال عليه على حوالة بواسطة نموذج دايي فان ذلك يترتب عليه أن الحوالة تتم مجــــــردة بمعنى أن المدين لا يجوز له بعد توقيعه عليها أن يتمسك بأي دفوع كـــانت لــــه تجاه المحيل.

   وبناء على الحوالة الصادرة لصالح البنك المذكور قام بمطالبة شركة سنتم فلما تقاعست عن الدفع رفع الدعوى عليها أمام المحكمة التجارية، فتمسكت سنتم بعد اختصاص المحكمة لوجود شرط تحكيم في العقد الأصلي. وتمسك البنك بأنه لا يلتزم بشرط التحكيم لأن الحوالة طبقا لقانون دايى يترتب عليها نشوء ورقة من الأوراق التجارية في علاقة البنك بالمدين المحال إليه، والأوراق التجارية تمثل التزامات مستقلة عن العلاقات الأصلية التى كانت بين الأطراف الأصليين قبل الحوالة. ومن ثم فلا يخضع البنك لشرط التحكيم الذى ارتبط به الطرفان في العقد الأصلي. 

   وأخذت المحكمة التجارية بدفاع البنك واعتبرت نفسها مختصة بنظر النزاع، فقامت سنتم باستئناف هذا الحكم مكررة دفاعها بعدم الاختصاص وبأن الحوالة حسب قانون دايى ليست ورقة تجارية وليست تجديدا للالتزام ثم أن سنتم لم تقبل هذه الحوالة وبالتالي لم تفقد حقها في التمسك بمالها من دفوع تجاه الشركة البحرية للجنوب بما في ذلك الدفع باختصاص التحكيم وحده بما ينشأ من منازعــــــات تتصل بالعقد.

وتمسك البنك بان توقيع سنتم على ملحق العقد الأصلى وموافقتها فيه على إمكان إجراء حوالة الحق كاف لاسقاط حقها فـى التمسك بشرط التحكيم تجاه المحال إليه. 

   وقضت محكمة اكس إن بروفانس في هذه القضية بان سنتم لم تفقد – بالتوقيع على ملحق العقد بما يفيد إمكان حوالة حقوق مترتبة عليه - لم تفقد دفوعها تجاه الشركة البحرية للجنوب، وإمكان توجيه هذه الدفوع إلى البنك، لأن الذي يفقدها هذا الحق هو التوقيـــــــع على نموذج قانون دايي، وبذلك يبقى الدفع المتعلق بضرورة اسناد الاختصاص للتحكيم قائما ويلتزم به البنك المحال إليه. 

   وقالت المحكمة الاستئنافية أيضا أن قانون دايي لا ينشئ ورقة تجارية عند حوالة حقوق إلى مؤسسة من مؤسسات الائتمان، لأن اختصاص الأوراق التجارية من حيث كونها حقوقا قابلة للتداول بالطرق التجارية وتكون ذات أجال قصيرة أو متوسطة، هذه الخصائص وما يترتب عليها من عدم جواز الاحتجاج بالدفوع غـیر متوافرة في الحوالة التي تتم طبقا لقانون دايي. كما أن هذه الحوالة لا يترتب عليها تجديد الالتزام باستبدال الدائن. 

  وقد كانت الشركات والبنك فى هذه القضية كلها من جنسية فرنسية لذلك كان ينطبق عليها قانون دايي، ولكن المرجح أنه لو تعلـق الأمر بتحكيم دولى فإن آثار قانون دایی لا تسرى عليه.

   وعلى أية حال فإن الحكم يعتبر استمرارا لسياسة القضاء الفرنسي في تشجيع التحكيم وفي إفساح المجال له، بل أن شرط التحكيم يعتبر أيضا ميزة للمحال إليه نفسه رغم أنه في هذه القضية رفض الميزة الممنوحة له.