حوالة الدين هي عبارة عن اتفاق يتم به نقل عبء الدين بجميع مقوماته ( يبقى للدين المحال به ضماناته م ۱/۳۱۸) وخصائصه من المدين الأصلى إلى شخص آخر من الغير . وهذا الإتفاق يتم بين ثلاثة أشخاص المدين الأصلي (المحيل) والمدين الجديد الذي يتحمل الدين والدائن .
حوالة الدين لها صورتين هما :
الصورة الأولى : وهى الصورة العادية للحوالة والتي تتم باتفاق المدين الأصلى (المحيل) وشخص آخر الذي يتحمل عنه هذا الدين ( المدين الجديد) وذلك وفقا لما نصت عليه المادة ٣١٥ من القانون المدنى حيث نصت على أنه ( تتم حوالة الدين باتفاق بين المدين وشخص آخر يتحمل عنه الدين ) .
الصورة الثانية : وهذه الصورة نادرة الحدوث في الحياة العملية حيث أنه تتم الحوالة باتفاق بين الدائن والمحال عليه وهو المدين الجديد) وهذا النوع من الحوالة للدين تتم بصرف النظر عن موافقة المدين الأصلي وذلك وفقا لما نصت عليه المادة ۱/۳۲۱ من القانون المدنى على أنه (يجوز أيضا أن تتم حوالة الدين باتفاق بين الدائن والمحال عليه يتقرر فيه أن يحل المدين الأصلي في التزامه ) .
ويتم إنعقاد الحوالة بمجرد اتفاق المدين الأصلي والمحال عليه ( أى الشخص الذي يتحمل عنه الدين) وذلك ما نصت عليه المادة ٣١٥ من أنــه ( تتم حوالة الدين باتفاق بين المدين وشخص آخر يتحمل عنه الدين ) .
وحوالة الدين تؤثر مباشرة فى مصالح الدائن وذلك لأنها تؤدى إلى إحلال المحال عليه محل المدين الأصلى ومن الثابت أن المدنين يتفاوتون في يسارهم .
وبناء عليه فإنه وفقا لهذه المادة لا يكفى إعلان الدائن بالحوالة حتى يتحقق نفاذها بل لابد أن يقرها .
ويلاحظ أن إقرار الدائن للحوالة لا يعتبر قبولا ينعقد به عقد جديد يرتب آثاره من وقت الإقرار ، وإنما هذا الإقرار يرد على عقد قد تم تكوينه باتفاق طرفيه المدين الأصلى والمحال عليه ، وأن الإقرار تبدأ آثاره مـــن تاريخ انعقاده الحوالة .
ويترتب على ذلك أن يصبح المحال عليه في علاقته بالدائن بعــــد اقراره الحوالة وقبوله لها بمثابه خلف خاص للمحيل من هذا التاريخ ، لكن إذا رفض الدائن الحوالة فإنها لا تنفذ ولا ينقل الدين من المحيل (المدين الأصلي) إلى المحال عليه (المدين الجيد) بل يظل المحيل ملتزما بالدين في مواجهة الدائن .
والسؤال ما هو أثر حوالة الدين على اتفاق التحكيم المبرم بين الدائن والمدين الأصلي في مواجهة المحال عليه ؟ وهل يمتد أثر اتفاق التحكيم إلى المحال عليه على الرغم أنه لم يكن طرفا في اتفاق التحكيم المبرم بين المدين الأصلي (المحيل) والدائن ؟.
ثانيا : موقف القضاء من امتداد اتفاق التحكيم في حوالة الدين :
1 - قضت محكمة النقض المصرية بعدم الإعتداد بعقد البيع المحال من المشترى لآخر لكونه ليس طرفا فيه ولم تتم حوالته طبقا للقانون وآثار هذا العقد فيما تضمنه بما في ذلك شرط التحكيم ، مقصورة على طرفيه ولا تمتد إلى رجوع المحال له على المحيل بما دفعه له .
2 - أيضا قضت محكمة النقض المصرية في حكم آخر حيث بينت صور الحوالة في حكمها فقضت فيه بأن ( مفاد المواد ٣١٥ - ٣١٦- ۳۲۱) من القانون المدنى أن حوالة الدين تتحقق إما بين المدين الأصلى والمحال إليه الذى يصبح بمقتضاه مدينا بدلا منه ، ولا ينفذ في مواجهة الدائن بغير إقراره ، وإما باتفاق بين الدائن والمحال عليه بعد رضا المدين
الأصلى .
ثالثا : امتداد اتفاق التحكيم في حوالة الدين في قوانين دول الخليج العربي :
من القواعد المستقرة في القانون المدني هو جواز حوالة الدين باتفاق بين المدين وشخص أخر يتحمل عنه هذا الدين وهذا هو ما نصت عليه المادة ۳۷۷ من القانون المدني الكويتي علي أنه ( يترتب علي حوالة الدين نقل الدين من ذمة المدين إلي ذمة المحال عليه ) ، ونص القانون الإماراتي في المادة ۱۱۰٦ علي أن الحوالة هي (نقل الدين من ذمة المحيل إلي ذمة المحال عليه ) ، ونصت المادة ۳۰۰ من القانون المدني البحريني علي أنه ( يترتب علي حوالة الدين نقل الدين من ذمة المدين الأصلي إلي ذمة المحال عليه ) .
فنصت المادة ۱/۳۷۸ من القانون المدنى الكويتي علي أنه ( إذا عقدت الحوالة بين المدين الأصلي والمحال عليه فأنها لاتكون نافذه في حق الدائن إلا إذا اقرها ) ، ونص أيضا علي أنه ( إذا ما قام المدين الأصلي أو المحال عليه بإعلان الحواله إلي الدائن وعين له اجلا مناسبا لإقراراها ثــــم انقضي الأجل دون أن يصدر هذا الاقرار اعتبر سكوت الدائن رفضـــــا للحوالة ) .
وهنا نجد أن المشروع الكويتي نص علي ضرورة موافقة الدائن علي حوالة الدين وإذا ما تم إعلان الدائن بالحوالة ولم يرد وسكت إعتبر سكوته هذا رفضا ولا تصح الحواله في هذه الحالة .
وأيضا نص المشرع الإماراتي في المادة ۱۱۰۹ من القانون المدني علي أنه ( يشترط لصحة حوالة رضا المحيل عليه والمحال له ) ، ونص أيضا علي أن ( تنعقد الحوالة التي تتم بين المحيل والمحال عليه موقوفه علي قبول المحال له ) . وهنا نجد أن المشرع الإماراتي نص علــي ضرورة موافقة جميع الأطراف علي الحوالة حتي تكون نافذة و صحيحة ، بالإضافة إلي ذلك نص علي أن الحوالة لا تنعقد إلا بموافقة المحـــال لـــه وقبوله لها وبناء على هذه النصوص فإنه يتضح لنا أن حالات حوالة الدين هي : الحالة الأولى ضرورة موافقة الدائن على المدين الجديد .
أما الحالة الثانية فهي تلك الحالة التي تتم باتفاق بين الدائن والمدين الجديد المحال عليه ، وفي هذه الحالة إذا لم يقرها المدين الأصلي فإنه لا يجوز للمحال عليه المدين الجديد أن يرجع علي المدين الأصلي وذلك طبقا لأحكام حوالة الدين .
وهذا هو ما نصت عليه المادة ۳۷۹ من القانون المدني الكويتي علي أنه ( تصح الحواله باتفاق بين الدائن والمحال عليه ، ولكن إذا لم يقرها المدين الأصلي فلا يكون للمحال عليه حق في الرجوع عليه طبقا لأحكام حوالة الدين ) ، وأيضا نص المشرع البحريني في القانون المدني البحريني علي أنه ( تصح الحوالة باتفاق الدائن والمحال عليه ولكن إذا لــــم يقرها المدين الأصلي فلا يكون للمحال عليه حق في الرجوع عليه طبقا لأحكام حوالة الدين ) .
وهكذا نجد أن نصوص القانون المدني الكويتي والبحريني تتفق مع القانون المصري في أن حوالة الدين تصح باتفاق الدائن والمدين الجديد حتي لو لم يقرها المدين الأصلي إلا أنه لا يجوز للمدين الجديـد الرجـــوع علي المدين الأصلي بأحكام حوالة الدين المنصوص عليها في القانون .
وبالنسبة للوضع في القانون الإماراتي فقد نص المشرع في القانون المدني الإماراتي في المادة ۱۱۱۰ على أنه ( يشترط لصحة الحوالة أن يكون المحيل مدينا للمحال له ولا يشترط أن يكون المحال عليه مدينا للمحيل فإذا رضى بالحوالة لزمه الدين للمحال له ) ، ونص في المـادة ١١٠٩ /٢ على أنه ( لا تنعقد الحوالة التي تتم بين المحيل والمحال عليه موقوفة على قبول المحال له ) .
وبناء عليه فإنه يترتب علي حوالة الدين انتقال الدين المحال من المدين إلى المحال عليه وينقل هذا الدين بكل صفاته وضمناته ، باستثناء الضمان إذا كان مقدما من الغير مثال ذالك الكفالة ، حيث أنه لا تنتقل الكفالة مع الدين إلا برضاء هذا الغير
وهذا هو ما نصت عليه المادة رقم ۱/۳۸۲ من القانون المدني الكويتى على أنه ( ينتقل الدين إلى المحال عليه بصفاته وتوابعه وتأميناته ) ، ونص المشرع الإماراتي أيضا في المادة ١١١٩ من القانون المدني على أنه ( تبقى للدين المحال به ضماناته بالرغم من تغير شخص المدين ومع ذلك لا يبقى الكفيل عينيا كان أو شخصيا ملتزما قبل الدائن إلا إذا رضى بالحوالة ) ، ونص المشرع البحريني في المادة ٣٠٤ /ا مــن القانون المدنى على أنه ( ينتقل الدين إلى المحال عليه بصفاته وتوابعه وتأميناته ) ونص أيضا في المادة ٢/٣٠٤ على أنه ( ومع ذلك لا يبقى الكفيل عينيا كان أو شخصيا ملتزما قبل المحال له إلا إذا رضــى بالحوالة ) .
والسؤال ماهو أثر اتفاق التحكيم في حوالة الدين المبرم بين الدائن والمدين الأصلي في مواجهة المحال عليه ( المدين الجديد ) ؟ وللإجابة على هذا السؤال سوف نعرض لانتقال اتفاق التحكيم في حوالة الدين بالنسبة لكل حالة علي حده كما يلى :
أولاً : بالنسبة للحالة الأولي : وهي تلك الحالة التي يتم فيها حوالة الدين عن طريق الاتفاق بين الدائن والمدين الجديد ( المحال عليه ) ، في هذه الحاله فإن اتفاق التحكيم ( شرط التحكيم ( الوارد في العقد الأصلي سوف ينتقل إلي المحال عليه ( المدين الجديد ) وذلك إذا لم يتضمن الاتفاق المبرم بينهم علي الحوالة ينص علي غير ذلك
وذلك لأنه لا يجوز للمدين الجديد ( المحال عليه ) أن يتمسك باتفاق التحكيم المبرم بين المدين الأصلي والدائن ، وإنما يجب عليه الاتفاق مع الدائن علي كيفية فض المنازعات التي تنشأ بينهم بشأن الدين موضوع الحوالة ( محل الحوالة ) فإذا وافق علي التحكيم فإنه يكون ملزما به .