الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / حوالة الدين وحوالة العقد / الكتب / أثر إتفاق التحكيم بالنسبة للغير دراسة مقارنة / امتداد اتفاق التحكيم في حوالة الحق

  • الاسم

    د. فهيمة أحمد علي القماري
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    156

التفاصيل طباعة نسخ

امتداد اتفاق التحكيم في حوالة الحق

   حوالة الحق هي عبارة عن اتفاق بمقتضاه ينقل الدائن ماله من حق قبل المدين إلى شخص آخر يصبح دائنا مكانه . ويسمى الدائن الأصلي في هذه الحالة (المحيل) والدائن الجديد (المحال له )، والمدين (المحال عليه ) .

   وبناءً عليه فإن حوالة الحق ماهي إلا اتفاق بين المحيل والمحال له بنقل الحق من المحيل إلى المحال له ، وهى تتم برضاء كلا من المحيل والمحال له أطراف عقد الحوالة .

   ما بالنسبة للمدين (المحال عليه ) فهو ليس طرفا في اتفاق الحوالة ولا يشترط رضاه لإنعقادها ، حيث تنص المادة ۳۰۳ من القانون المدني على أنه يجوز للدائن أن يحول حقه إلى شخص آخر ، إلا إذا حال دون ذلك نص فى القانون أو اتفاق المتعاقدين أو طبيعة الالتزام ، وتتم الحوالة دون حاجة إلى رضاء المدين ) .

   وتصبح الحوالة نافذة فى حق المدين المحال عليـه عنـد قبـول المدين لها وإعلانه بها ، حيث تنص المادة ٣٠٥ من القانون المدني علــى أنه ( لا تكون الحوالة نافذة قبل المدين أوقبل الغير ، إلا إذا قبلها المدين أو أعلن بها ، على أن نفاذها قبل الغير بقبول المدين يستلزم أن يكون هذا القبول ثابت التاريخ ) .

    يترتب على الحوالة انتقال الحق المحال به من المحيل إلى المحال بمجرد انتقال الحوالة وينتقل هذا الحق كما هو بماله من صفات وما يشتمل عليه من ضمانات وتوابع وما يلحق به من دفوع حيث تنص المادة ۳۰۷ من القانون المدنى على أنه : ( تشمل حوالة الحق ضماناته كالكفالة وإمتياز والرهن كما تعتبر شاملة لما حل من فوائد وأقساط ) .

   والسؤال الآن ماهو أثر اتفاق التحكيم المبرم بين الدائن المحيـــل والمدين المحال عليه على حق المحال له ؟ وهل يمتد اتفاق التحكيم إلـــى المحال له ؟

    وللإجابة على هذا السؤال سوف نتعرض لكلا من موقف الفقه والقضاء وذلك النحو التالي :

أولا : موقف الفقه من امتداد أثر اتفاق التحكيم إلى المحال له:

   لقد أجمع الفقه على أنه يترتب على الحوالة انتقال الحق الثابت من الدائن المحيل فى مواجهة المدين المحال (عليه إلى المحال له بكل صفاته وضماناته وبما يرد عليه من دفوع كانت قبل الحوالة وبالتالي فإن اتفاق التحكيم بوصفه من مستلزمات الحق الذى كان ثابتا للدائن ، ينصرف أثره إلى المحال له ، ولكن يشترط من أجل ذلك ثبوت علم المحال له بوجــود اتفاق التحكيم .

    وبناءً عليه فإن اتفاق التحكيم يلزم المحال له باعتباره يحل محل الدائن المحيل ، فهو يصبح بالنسبة للحق المحال به كما لو كان طرفا في العقد الأصلى الذى تولد منه الحق المحال به ، وذلك لأن المحال له لا يتمتع بحقوق أكثر من تلك التي كانت للمحيل .

   ومن ثم فإن شرط التحكيم الذي أبرمه المحيل يحتج به في مواجهة المحال له وذلك إعمالا للقاعدة الأصولية التي تنص على أن الشخص لا ينقل إلى الغير حقوق أكثر من تلك الثابتة له .

   أما بالنسبة للمحال عليه (المدين) فلاشك أنه ملزم باتفاق التحكيم وذلك لأنه يعتبر من توابع الحق الذي انتقل إلى المحال له ، وبالتالي فإنـه يجوز للمحال له أن يحتج بشرط التحكيم دائما في مواجهة المدين .

   والسؤال هل يجوز للمدين أن يحتج بشرط التحكيم في مواجهـة المحال له ؟ هنا يجب التفرقة بين حالتين : 

   أولا : ما إذا كان شرط التحكيم مدرجا في سند الحق المحال به .

   ثانيًا : إذا كان اتفاق التحكيم مستقل غير مدرج في سند الحق المحال به.

   الحالة الأولى : إذا كان شرط التحكيم مدرجا في سند الحق المحال به ، فإن المحال له يلتزم بشرط التحكيم ، لأنه بلاشك يعلم أو يمكنه أن يعلم بشرط التحكيم .

   وذهب جانب آخر من الفقه إلى القول بأنه : على الرغم مــن أنــه يمكن للمحال إليه التمسك بشرط التحكيم المستقل عن عقد الحوالة ، إذا علم به في مواجهة المدين .

   إلا أن المدين لا يستطيع أن يرجع على الدائن الأصلي (المحيل) بالتعويض فى حالة عدم إبلاغ المحال له بشرط التحكيم الموجود في محرر مستقل عن عقد الحوالة الأصلى ، وذلك لأنه عندما أحال الدائن الأصلى (المحيل) حقه إلى المحال له (الدائن الجديد ) وأصبحت الحوالة نافذة ، فإنه يصبح المحيل أجنبيا بالنسبة لهذا الحق ولا يستطيع المدين الرجوع عليـه بشرط التحكيم .

ثانيًا : موقف القضاء من امتداد اتفاق التحكيم في حوالة الحق :

   قضت محمكة النقض بأنه إذا كانت الحوالة نافذة قبل المحــــال عليه لإعلانه بها فإن للمحال له أن يقاضيه في شأن الحقوق المحال بها دون حاجة إلى اختصام المحيل، وذلك لأن الحق المحال به ينتقل إلى المحال له مع الدعاوى التي تؤكده ومنها دعوى الفسخ لعدم تنفيذ البائع لأنها تكفل للمشترى أن يسترد الثمن فيعتبر بمثابة ضمان له ينتقل بالحوالة مع حقه المحال به .

2- قضت محكمة النقض بأنه متى كان الحكم المطعون فيـه قـد انتهى إلى عدم الإعتداد بعقد البيع المحال من الطاعن المشترى للمطعون ضده الأول (المحال له) لأن الأخير لم يكن طرفا فيه ، ولم تتم حوالته إليه طبقا للقانون فإنه أثره في جميع ماتضمنه - بما في ذلك شرط التحكيم – لا يتعدى طرفي هذا العقد إلى المنازعة القائمة بين الطاعن والمطعون ضده الأول في خصوص رجوع الأخير بما دفعه للطاعن وذلك تأسيسا على عدم نفاذ عقد الحوالة ، وإذا كان الحكم قد قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحاكم وبعدم سريان شرط التحكيم على هذه المنازعة ، فإنه يكون قد انتهى صحيحا في القانون .

3- وقضت محكمة النقض أيضا أنه إذا أحال طرف في عقد يتضمن شرط تحكيم حقه الناشئ عن هذا العقد إلى الغير ، وكانت الحوالة صحيحة وتحقق شرط نفاذها في مواجهة المدين ، وذلك بقبول المدين للحوالة ، أو إعلانها له ، فإن الحق المحال ينتقل إلى المحال إليه مقيدا بشرط التحكيم .

4 - وفى حكم حديث لمحكمة استئناف القاهرة : جاء في حيثيات الحكم سند له أن حوالة الحق (لا) تنشئ التزاما جديدا في ذمة المدين وإنما ينتقل الإلتزام الثابت اصلا في ذمته إلى دائن آخر ليس طرفا في العلاقة الأصلية مصدر الحق المحال به ، إلا أن هذا الدائن الجديد يعد في مفهوم نص المادة ١٤٦ مدنى خلفا خاصا للدائن الأصلى (المحيل) . وإعمـــالا للقاعدة التي تقضى بأن الشخص لا يملك أن ينقل إلى غيره أكثر مما كان له فإن الحق الذى ينقله السلف المحيل) إلى الخلف (المحال له ينتقل بالحالة التي كان السلف قد تلقاه عليها .

   كما أن لحوالة الحق - في ذاتها - أثرا ناقلا (م ۳۰۷) حيث ينتقل الحق إلى المحال له بجميع أوصافه وتوابعه والدفوع التي تحميه ، وتلك التي تنقله .

  ومن ثم فإن الحوالة تؤدى بالضرورة إلى انتقال شرط التحكيم باعتباره من توابع الحق الذي انتقل إلى المحال له رغم عدم تعاقده وعدم توقيعه على العقد الأصلي المتضمن شرط التحكيم وذلك فضلا عن الحق المحال به .

   فالحق طالما انتقل ، انتقل معه الحق في الدعوى أو الدعاوى باعتبارها من مستلزماته وبالتالي يظل الإتفاق على التحكيم قائما رغم الحوالة وذلك بوصفه جزءا من الحق المحال به ، بشرط بديهي هو أن لا تكون إرادة الأطراف المعبر عنها وقت الحوالة قد اتجهت إلى ترك اتفاق التحكيم ، أى أن الأطراف يتفقوا على اللجوء إلى القضاء وليس التحكيم لفض ما ينشأ بينهم من منازعات .

   وبطبيعة الحال لا ينصرف شرط التحكيم إلى الخلف إذا تضمن الشرط ذاته ما يفيد هذا المعنى ومؤدى انصراف اتفاق التحكيم إلى المحــــال له أن يصبح هذا الأخير بالنسبة للحق الذي آل إليه – وفي حدود هذا الحق - كما لو كان طرفا في العقد الأصلى الذى تولد منه الحق الذي انتقل إليه ، ويجوز للمحال عليه أن يتمسك تجاهه بشرط التحكيم الوارد في العقد الأصلي ) .

   وأضاف الحكم أنه ( لا يقدح في ذلك القول بأن الحوالة لم ترد على التعاقد بأكمله وذلك لأن شرط التحكيم هو وصف أو قيد سواء في الحق أو الإلتزام وأيا كانت طبيعة الشئ في الحوالة وطبقا لقواعد حوالة الحق ، فإن الحق ينتقل من المحيل إلى المحال له وهو مهدد بنفس الدفوع التي كانــت تهدده من قبل .

   ويترتب على ذلك أن للمدين أن يتمسك فى مواجهة المحال لــــه بالدفوع نفسها التي كان يسوغ له أن يتمسك بها في مواجهة المحيل وقــــت نفاذ الحوالة في حقه م ۳۱۲ مدني ) .

   و ( أنه لا محل لما يزعمه المحال له من أنه لم يكن عالما بشرط التحكيم الوارد بالعقد الأصلى ، فهذا الزعم تنفيه طبيعة أحكام الحوالة ذاتها باعتبار أن حوالات التداعى هى نفسها محل التعاقد الأصلي الذي يحدد ذاتية موضوع الحوالة ) .

 وأنه إذا كان الثابت من حوالات الحق محل التداعى أن المدير وقع على كل منهما بما يفيد قبوله لها ، وأن عبارات هذا القبول ظاهرة واضحة في أن إرادة المدين اتجهت إلى مجرد القبول ، وبالتالي يكون المحــــال لــــه غير محق فيما ذهب إليه من أن قبول المدين جاء مطلقا دون ثمة تحفظ مما يقيد تنازله عن الدفوع التي كان له التمسك بها قبله وذلك لأن النزول عن الحق لا يفترض .

   وقد قضت أيضا محكمة استئناف باريس في حكم آخر لهـا بـأن اتفاق التحكيم يكون ملزما للمحال له قبل المدين كلما كان عالما أو يستطيع العلم به وقت إبرام الحوالة كما لوتعلق الأمر بشرط تحكيم مدرج في سند الحق المحال ذاته أو مشار إليه فيه ، ويلاحظ أن الحكم لم يشترط قبول المحال إليه (المدين) لشرط التحكيم بل اكتفى بمجرد العلم أو استطاعت العلم بهذا الشرط عند إبرام الحوالة حتى يكون شرط التحكيم نـافـذا فـــي حقه.

   وهذا هو ما ونصت المادة ٣٦٤ من القانون المدني الكويتي على أنه ( يجوز للدائن أن يحيل إلى غيره ماله من حق في ذمة مدين الا إذا منع من ذلك نص في القانون أو اتفاق المتعاقدين أو طبيعة الالتزام وتتم الحوالة دون حاجة إلى رضاء المدين ) . ونص المادة ۱۱۰٦ من القانون الإمارتي على أنه ( الحوالة هى نقل الدين والمطالبة من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه ) ، ونص المادة ۲۸۷ من القانون المدنى البحريني على أنه ( يجوز

للدائن أن يحيل حقه في ذمة مدين إلى شخص أخر الا إذا منع ذلك نص في القانون أو اتفاق المتعاقدين أو طبيعة الالتزام وتتم الحوالة دون حاجة إلى رضاء المدين ( أما بالنسبة للوضع في المملكة العربية السعودية فلا يوجد نص في ذلك .

   وهكذا فإننا نجد أنه من خلال هذه النصوص السابق ذكرها أن القانون المدني ينص على جواز حوالة حق الدائن قبل المدين إلى شخص آخر .

   ويترتب على الحوالة انتقال الحق المحال به من المحيل إلى المحال له بمجرد انعقاد الحوالة ، وينتقل هذا الحق كما هو بما له من صفات ومـــا يشتمل عليه من ضمانات وتوابع وما يلحق به من دفوع .

   والسؤال ماهو أثر حوالة الحق على اتفاق التحكيم المبرم بين الدائن المحيل والمدين على حق المحال له ؟

 وذلك طبقا لما جاء في نصوص المواد ۱۱۰٦ من القانون المدني الإماراتي ، المادة ۲۸۷ من القانون المدنى البحريني ، والمادة ٣٦٤ من القانون المدني الكويتي .

   بالإضافة إلى ذلك فقد نصت المادة ۲۹۱ من القانون المدني البحريني على أنه ( ينتقل الحق إلى المحال له بصفاته وتوابعه وتأميناته ) ، ونصت المادة رقم ٣٦٨ من القانون المدنى الكويتى فقرة 1 على أنه ( ينقل الحق إلى المحال له بصفاته وتوابعه وتامينأته ) ، ، ونصت المادة ۱۱۱۷ من القانون المدنى الإماراتي على أنه ( ينقل الدين المال عليه بصفته التي كان عليها ) .