بالنسبة لحوالة الدين وأثر ذلك على شرط التحكيم، فإن حوالة الدين عقد بين المدين والمحال عليه يتحمل بمقتضاه الأخير دين المدين بدلا عنه، ورغم أن الدائن ليس طرفا في عقد الحوالة إلا أن العقد لا يسري في حقه إلا بإقراره وبهذا الإقرار تنتج الحوالة آثارها كاملة من وقت انعقاد الحوالة وليس من وقت الإقرار، وفي حالة رفضها تظل بين أطرافها وتأخذ حكم الوعد بالتنفيذ، وإن كانت في الشريعة الإسلامية عقد موقوف لا تنتج أثرها إلا من وقت رضا الدائن دون أثر رجعي.
وقد عبر الفقه عن عدم سريان الحوالة في حق الدائن بأنه جزاء يقصد به حماية الغير من تصرف قانوني فيه إضرار بحقه، فيظل العقد صحيحاً بين طرفيه ولكن غير نافذ في حق الغير وباعتبار الدائن من الغير يحظر من الأثر الملزم للعقد إلى الغير على نحو يمس بذمته المالية ما لم يرتض ذلك.
ورغم أن دور الإقرار هو نقل دين المحيل إلى ذمة المدين الجديد وهو جوهر الحوالة وبذلك تبرأ ذمة المدين القديم وينشأ التزام المحال عليه قبل الدائن من وقت الحوالة وليس من وقت الإقرار ومن هذا الوقت لا يجوز للمدين أو المحال عليه أن يعدلا عنها أو يعدلا فيها، لذا لا يكون الإقرار مشروطاً وإلا كان بمثابة رفض للحوالة.
ولكن إذا كان المشرع أجاز للدائن أن يقر الحوالة دون أن يعلن بها، بمعنى حقاً من العقد بين المدين والمحال عليه، فهل هذا يجعله طرفاً في عقد الحوالة ملتزماً بأحكامه بما في ذلك شرط التحكيم الذي يرد في عقد الحوالة وإن أنه يكسب لم يرد في العقد الأصلي؟
ويرجح البعض أن الدائن طرفاً وليس من الغير، لأن الحق مثله كمثل المستفيد في الاشتراط لمصلحة الغير كلاهما مصدره العقد وكل منهما يلزم له تعبير إرادي من الطرف الثالث، لكي يرتب آثاره في مواجهته كما أنه حق قابل للنقض والتعديل قبل صدور التعبير الإرادي بالإقرار أو القبول وكلا التعبيرين يرتبان الأثر الرجعي.
ويرى أن الدائن طرف بدليل أنه يملك التمسك بكافة الدفوع المستمدة من عقد الحوالة، ويملك المحال عليه التمسك في مواجهة الدائن بجميع أوجه الدفوع المتعلقة بالدين المحال كأن يكون الدائن لم ينفذ التزامه المقابل في مواجهة المدين واستحالة التنفيذ كما يملك التمسك بشرط التحكيم، بل ويحتج به عليه لأنه كان عالماً به وقبل الحوالة.
ثالثاً: امتداد شرط التحكيم في حالة التعهد عن الغير
يثور التساؤل حول الالتزام بشرط التحكيم في حالة التعهد عن الغير، إذ تقضي المادة 153 مدني بأنه إذا تعهد شخص بأن يجعل الغير يلتزم بأمر فلا يلزم الغير بتعهده، فإذا رفض الغير أن يلتزم وجب على المتعهد أن يعوض من تعاقد معه ويجوز له مع ذلك أن يتخلص من التعويض بأن يقوم هو بنفسه بتنفيذ الالتزام الذي تعهد به.
أما إذا قبل الغير هذا التعهد فإن قبوله لا ينتج أثراً إلا من وقت صدوره ما لم يتبين أنه قصد صراحة أو ضمناً أن يستند أثر القبول إلى الوقت الذي صدر فيه التعهد فالتعهد عن الغير لا يتضمن استثناء من مبدأ نسبية الأثر الملزم للعقد بل يعد تطبيقاً له، ويعتبر صورة من صور العلاقات الثلاثية فالمتعهد عنه يكون شخصاً من الغير بالنسبة للتعهد فلا يلتزم بآثار التصرف ما لم يرتضيه.
وبرضائه ينقلب طرفاً في التصرف، ويصبح مديناً مباشراً للمتعاقد مع المتعهد ويلتزم بشرط التحكيم. واعترض البعض على عدم ترتيب الأثر الرجعي إلا بموافقة المتعهد عنه، غير أننا نرى أن هذا احتراماً لمبدأ الحرية التعاقدية وسلطان الإرادة بمفهومه الموضوعي وفي إطاره الصحيح.