الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / حوالة الدين وحوالة العقد / الكتب / الاتجاهات الحديثة في ارتباط المنازعات في خصومة التحكيم / امتداد شرط التحكيم كأثر الحوالة العقد

  • الاسم

    هدى محمد مجدي
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    45

التفاصيل طباعة نسخ

امتداد شرط التحكيم كأثر الحوالة العقد :

     يثور التساؤل حول إمكانية انتقال القوة الملزمة الشرط التحكيم كأثر الحوالة العقد وهل تعتبر مجرد واقعة في مواجهة الغير ولا يحتج به في مواجهته، أم أنه ينتقل تبعها للعقد الوارد به أياً كان سبب الانتقال أي سواء أكان حوالة للبيع أو حلول فيفرض على الغير الذي يحل محل الطرف الأصلي.

    يؤيد البعض فكرة امتداد أثر شرط التحكيم ويبرر هذا الامتداد بتبعية الحق في الدعوى للحق الموضوعي فينتقل ويمتد للغير بانتقال الحق الموضوعي شريطة عدم تعديه أو المساس به، ويبرر هذا القيد باختلاف الحق في الدعوى عن الحق الموضوعي من حيث الموضوع والسبب والدفوع الإجرائية التي لا تتعلق بالدين أي بالحق الموضوعي ولكن بالدعوى التي تخدم الحق الموضوعي، وشرط التحكيم بعد نموذجاً للحق في الدعوى.

    غير أننا نرى أن هذه التبعية لا تتماشى مع المبدأ الذي يحكم انتقال أثر شرط التحكيم وهو ضرورة توافر الإرادة. كما أن شرط التحكيم على نحو ما اسلفنا هو  التزاماً وليس حقاً بنتقل ضمن حقوق المتعاقد المحيل.

    فالحوالة باعتبار أنها تنقل حقاً شخصياً موجوداً من قبل تعد اتفاقاً وليس عقداً لأن العقد ينشئ الحقوق وينقلها ويعدلها ويقضيها، فحوالة الحق تتم عن طريق اتفاق ينقل به الدائن ماله من حق قبل المدين إلى شخص آخر ليصبح ، دائنا مكانه دون أن ينقضي الالتزام ولكن يتغير أطرافه.

   والحوالة تتم في أغلب الأوقات بمقابل فتأخذ حكم البيع وهي تحدث أثرها باعتبارها وسيلة فنية لإحلال شخص محل آخر في ذات الحق، وتتحدد الالتزامات التي تنشأ في ذمة الأطراف تبعاً لشروط العقد المبرم بينهم.

      وحوالة الحق كاتفاق يبرم طبقاً للقواعد العامة ويلزم توافر التراضي وطبقاً للمادة 303 مدني تنعقد الحوالة برضا المحيل والمحال له ولا يشترط رضاء المدين، وإن كان يشترط قبوله لنفاذها في حقه فيتعين قبول المحال عليه أو إعلانه بها حتى تسري في حقه .

     فبالإعلان يتأكد حق المحال له قبل المدين فبمقتضى الإعلان يمتنع على المدين الوفاء للدائن المحيل وإنما يوفي للمحال له. أما عن صفة المحال عليه وهل هو طرف أم غير فإن صياغة المادة 305 لم لم تشترط أن يكون هذا القبول ثابت التاريخ بالنسبة للمحال عليه بينما تطلبت ذلك بالنسبة لغير المحال عليه.

     إذ يصعب اعتبار مجرد الإعلان قبولاً، وإنما قد يكون التبرير هو القبول الضمني أو افتراض عدم ترتب الضرر إذ يستوي لديه الوفاء للدائن أو لغيره لأن مديونيته سابقة على الحوالة التي لا تنشئ التزام جديد.

   ولعل هذا ما جعل المشرع يكتفي بالإعلان، ودفع محكمة النقض لأن تقول أنه يكفي لإعلان المدين بالحوالة لتنفذ في حقه حصوله بأية ورقة رسمية تعلن إليه بواسطة المحضرين وتشتمل على ذكر وقوع الحوالة وشروطها الأساسية، أي أنه مجرد إعلام ولا يحق للمدين الاعتراض فالحوالة تتم بغير رضاه.

     ولهذا نرى أن الحوالة تنتج آثارها بقوة القانون وليس برضاء المدين وما الإعلان إلا تقنين لحق المحال عليه وحظر السداد للدائن الأصلي من هذا التاريخ. فالمدين ليس بعاقد في الحوالة لكنه أيضاً ليس طرف لأنه لا يتصور انصراف إرادته لقبوله في حالة الإعلان بل رغم رفضه الصريح لها، فهو يلتزم بها مذعناً . لنص القانون دون حاجه لرضاه.

     ومن ثم نرى أنه ليس صحيحاً ما يراه البعض من أن إنتاج الحوالة لآثارها يخضع لقبول المدين أو إعلانه وبالتالي اعتباره طرف فيها من ذلك الوقت، فالمعيار الذي التزمه هذا الرأي وهو ضرورة توافر العنصر الإرادي كمناط لاعتبار الشخص طرفاً وإن أصاب في أنظمة كالاشتراط الذي يتوقف آثارها على قبول المستفيد فإن الوضع على خلاف ذلك بالنسبة للمدين في الحوالة التي تنفذ دون حاجة لقبوله بل ورغم رفضه لها.

     هذا وينحصر أثر الإعلان في مجرد الاحتجاج عليه بأثر الحوالة والتي انعقدت صحيحة ونافذة بين طرفيها المحيل والمحال له فلا يحتج عليه بها إلا من تاريخ الإعلان ويكون وفائه للمحيل قبل إعلانه صحيحاً ما لم يكن منطوياً على غش، وليس صحيحاً أن المدين قبل القبول أو الإعلان يكون له دائنين في دين واحد هما المحيل والمحال له ولكل منهما أن يطالبه بالدين وله أن يوفي لأي منهما رغم أنهما ليسا بدائتين متضامنين.

فالإعلان لم يقرر المصلحة المدين وإنما لضمان حق المحال إليه، فالمدين لا يخاطب بالحوالة إنشاء ولا آثاراً وإنما أداء. فالإعلان بالحوالة لا يجعل المدين طرفاً. فإذا كان الطرف هو من يعبر بالتصرف عن مصلحة ذاتية قانونية ومباشرة فيتأثر بأحكامه فإن المدين لا يعبر عن رأيه بل يتلقى الإعلان وهذا ليس تعبيراً وليست له مصلحة ولا يضار من الحوالة .

     وقد قضت محكمة استئناف باريس في نزاع يتعلق بعقد امتياز تمت حوالته للغير بأن شرط التحكيم الوارد في العقد الدولي يعد صحيحاً ويمتد أثره إلى المحال إليه حتى ولو تعلق جزئياً بحق أحد الأطراف بشرط أن يدخل النزاع في توقعات أطراف الاتفاق على التحكيم .

     ونحن لا نؤيد هذا القضاء لأن التعويل على توقعات الأطراف هو أمر يصعب إثباته، وحتى عند افتراض توقع الأطراف توقعاً موضوعياً نابعاً من مسلكهم التعاقدي فإنه يتعارض مع وجوب قبول شرط التحكيم صراحة والتوقيع عليه وهو ما تشترطه نصوص قانون التحكيم المصري وغالبية التشريعات المقارنة.