الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / حالة تضامن المدينين أو الدائنين أو الشركاء / الكتب / أثر إتفاق التحكيم بالنسبة للغير دراسة مقارنة / مدى تأثر الغير بعدم قابلية الإجراءات القضائية والتحكيمية للتجزئة

  • الاسم

    د. فهيمة أحمد علي القماري
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    451

التفاصيل طباعة نسخ

 

مدى تأثر الغير بعدم قابلية الإجراءات القضائية والتحكيمية للتجزئة

   قد يحدث في الواقع العملى أن يكون هناك نزاع بين الأطراف فــــي خصومة التحكيم وهذا النزاع لم يكن منصوصا عليه في الإتفاق المبرم بينهم ، ويكون هذا النزاع مرتبطا بنزاع آخر معروض أمام هيئة التحكيم ، أو على العكس قد يكون هناك نزاع معروض أمام القضاء وفي نفس الوقت يكون مرتبط بنزاع معروض على هيئة التحكيم . 

   ولما كانت هيئة التحكيم هيئة ذات اختصاص قضائي فهل يكون من المتصور أن يحدث تنازع في الإختصاص بين كلا من هيئة التحكيم بصفتها هيئة قضائية على سبيل القياس والجهة القضائية الأخرى ، أو أى هيئة أخرى ذات إختصاص قضائي ؟

   لقد حسم المشرع المصرى هذا الموضوع بالنص عليه صراحة في قانون التحكيم المصرى رقم ۱۹۹٤/٢٧ فنص في المادة ٢/١٣ على أن ( رفع النزاع الذي لا يوجد بشأنه اتفاق تحكيم أمام المحكمة العادية ، أنـه لا يحول دون البدء في إجراءات التحكيم أو الإستمرار فيه أو إصدار حكم التحكيم ) ، ويلاحظ أنه لا يوجد نص مماثل في قوانين كلا من الكويت والإمارات والبحرين . 

   وهذا يعنى نظريا على الأقل إمكانية قيام تنازع في الإختصاص بين هيئة التحكيم وأى هيئة قضائية أو ذات طابع قضائي آخر ، خصوصا إذا كان هناك إرتباط لا يقبل التجزئة بين الدعوتين التحكيمية والقضائية .

   في هذه الحالة فإن مقتضيات العدالة تقتضى أن يقوم بالفصل فيهما معا هيئة قضائية واحدة وذلك منعا لتعارض الأحكام ، فإذا كانت الدعوى الأولى منظورة أمام هيئة التحكيم ، والأخرى منظورة أمام محكمة قضائية عادية، فمن الواجب هنا أن تقوم بالفصل في كلا الدعوتين المحكمة المختصة ولايتم التقيد باتفاق التحكيم في هذه الحالة ، والذي يبرر ذلك أن الأصل العام للفصل في المنازعات هو اختصاص القضاء ، وذلك لأنه إذا ارتضى بعض الأشخاص النزول عن حق التقاضي أمام محاكم الدولة فـــي نزاع معين واللجوء إلى التحكيم لحل المنازعات التي تنشأ بينهم وهذا حق للأطراف فى اللجوء إلى التحكيم ، ولكن إذا ارتبط نزاعهم المعروض على التحكيم بنزاع آخر معروض أمام القضاء .

 أولاً أثر شرط التحكيم في حالة عدم قابلية الإجراءات القضائية والتحكيمية للتجزئة :

   تتمثل عدم قابلية الإجراءات القضائية والتحكيمية للتجزئة عندما يقوم شخص من الغير برفع دعوى أمام قضاء الدولة ، ويكون هذا الشخص طرف فى عقد متضمن شرط تحكيم ، وبعد ذلك يطلب المدعى عليه في هذه الدعوى طلب إدخال الطرف الآخر في العقد والذي يكون طرفا في اتفاق التحكيم الذى يحتوى عليه العقد المبرم بينهما كضامن في هذه الدعوى ، ثم يقوم هذا الطرف المطلوب إدخاله في هذه الدعوى بالدفع بعدم قبول الدعوى

تأسيسا على شرط التحكيم الوارد في العقد المبرم بينه وبين المدعى عليه ) .

   وهذا يدفعنا إلى التعرض لمدى تعارض دفع الضامن بوجود شرط التحكيم المنصوص عليه في العقد المبرم بينه وبين المشترى مع القواعد الإجرائية الأساسية في الخصومة ؟

   في حقيقة الأمر أن دفع الضامن بوجود شرط التحكيم أمام قضاء الدولة يتعارض مع القواعد المعمول بها في قانون المرافعات ) . وأيضا  أن التزام الغير بالإجراءات المعمول بها أمام القضاء المختص محليا بنظر الطلب الأصلي في الدعوى ، فإذا كان لايجوز دفع هذا الإختصاص عـن طريق التمسك بوجود اتفاق على الإختصاص .

   فهل يجوز الدفع بعدم إختصاص القضاء عن طريق التمسك بشرط التحكيم والسؤال هنا هل عدم قابلية الإجراءات للتجزئة لها أثر على فعالية أو الغاء اتفاق التحكيم ؟

   أيا كانت الإجابة على هذا السؤال سواء كانت بالإيجاب أو النفي فإن هذا يوضح لنا مدى تأثير الغير رافع الدعوى أمام قضاء الدولة بقيام الضامن ( البائع) بالدفع بالتحكيم .

  وقد اختلف الفقه والقضاء فى الإجابة على هذا السؤال فانقسموا إلـى اتجاهين :

الإتجاه الأول : يرى هذا الإتجاه أنه يجب إدخال الضامن في الخصومة القضائية مع من طلب إدخاله فيها ، حتى ولو كان مرتبط بشرط التحكيم الموجود بالعقد الذي بينه وبين المدعى عليه في الخصومة القضائية .

   وقد أخذ القضاء في فرنسا بهذا الإتجاه ، حيث ذهـب قضـاة الموضوع في فرنسا إلى أنه يترتب على وجود حالة عدم التجزئة الإجرائية وقف فعالية شرط التحكيم ، وأن القول بغير ذلك يؤدى إلى تناقض الأحكام ، وأن هذا الرأي يتفق مع المنطق السليم وحسن سير العدالة .

   وتطبيقا لذلك قضت محكمة استئناف باريس في حكم لها ( بأن شرط التحكيم من شأنه أن يجعل القضاء التجارى غير مختص إلا إذا وجد ارتباط لا يقبل التجزئة ) .

   وهكذا يتضح لنا مما سبق أن هذا الإتجاه يبدوا واضحا وهو عـــدم تأثر الغير بشرط التحكيم الموجود في العقد بين الضامن والمدعى عليه ، وذلك لأن هذا الإتجاه يذهب إلى القول بسمو الإختصاص القضائي علــى الاختصاص التحكيمي .

أما الوضع بالنسبة للإتجاه الثاني : وبناءً عليه فإن هذا الإتجاه يذهب إلى أنه إذا كانت المنازعة التي يثيرها الطلب الفرعي مما يدخل فى ولاية جهة أخرى غير جهة القضاء العادي التي تتبعها المحكمة المقدم إليها الطلب ، وبالتالي فإنه يمتنع علـــى هذه المحكمة النظر في هذه الطلبات وذلك لإنتفاء ولايتها ، ولما كان اتفاق التحكيم يترتب عليه استنفاد ولاية قضاء الدولة ، فإن دفع الضامن بالتحكيم ينبغى قبوله والحكم برفض طلب إدخاله وذلك لإنتفاء ولاية قضاء الدولة وقد قضت محكمة النقض المصرية في حكم لها حيث قضت بأنه ( إذا كانت المسألة التي يثيرها الطلب الفرعي مما يدخل في ولاية جهة القضاء العادى ، ومن ذلك هيئات التحكيم الإختيارى أو الإجبارى ، فإنه يمتنع على هذه المحكمة النظر في هذه الطلبات لإنتفاء ولايتها . 

ثانياً : أثر عدم القابلية للتجزئة الإجرائية على المراكز العقدية المركبة أو التبعية الناشئة عن مجاميع أو سلسلة العقود المتضمن بعضها شرط تحكيم :

  والسؤال هنا هو ما مدى تأثر هذه المراكز العقدية المركبة من عدم القابلية للتجزئة الإجرائية وذلك إذا كانت هناك منازعة بخصوص أحد العقود ، وهذا العقد متضمن شرط تحكيم ، هل المجموعة الأخرى سوف تتأثر خصوصا وأن موضوع العقد يكون من الموضوعات الغير قابلة للتجزئة أم لا؟ وما مدى سمو شرط التحكيم على قواعد الإختصاص القضائي ؟

الإجابة هنا تتوقف على مدى استقلال خصومة التحكيم عن الخصومة القضائية في حالة وجود عدم القابلية للتجزئة ، وايضا إذا ما كان التحكيم داخلي ، أو تحكيم دولي .

أولاً : بالنسبة للتحكيم الداخلي : 

   يتجه القضاء في التحكيم الداخلى إلى تغليب اختصاص محاكم الدولة على قضاء التحكيم وتطبيقا لذلك قضت محكمة استئناف باريس في قضية تتلخص وقائعها فى الآتى ، أن مجموعة من الدلالين أبرموا عدة عقود ، اتخذت شكل GIF - أى مجموعة من المصالح الإقتصادية ، وقد كان العقد الأول فى سنة ۱۹۸۱ و تضمن شرط تحكيم ، وفى سنة ١٩٨٤ أبرم عقدان يتعلقان بذات الموضوع وهو مشروع لتحليل برامج الحاسب الآلى تضمن العقد الأول شرط اتفاق على التحكيم ، بينما العقد الثاني وهو عقد مقاولة من الباطن تضمن شرط اتفاق على اختصاص محكمة استئناف باريس بخصوص أى منازعة تنشأ بينهما . ثم بعد ذلك ثار نزاع بينهم بشأن فسخ مجموعة من الإتفاقات التي سبق الإتفاق عليها فيما بينهم ، ثم إلتجأ على أثرها أطراف عقد المقاولة من الباطن إلى المحكمة التجارية فى باريس فقضت ( برفض الطلب وذلك تأسيسا على وجود اتفاق التحكيم الوارد بباقى العقود وأن خصومة التحكيم مستقلة عن الخصومة القضائية ) .

ثانياً : بالنسبة للصعيد الدولى :

   وعلى النقيض من الإتجاه السابق يجرى القضاء على الصعيد الدولي بسمو شرط التحكيم على اختصاص قضاء الدول وتطبيقا لذلك فقد قضت محكمة استئناف باريس بأنه ( على فرض وجود عدم التجزئة ، فإن الظروف القائمة ليس من شأنها أن تثير شكا حول صحة الإشتراط الحر الذي تراضى عليه الأطراف أى الإتفاق على التحكيم ، وفي هذا أثبتت أن لكل من المطلوب إدخالهم الحق في المساهمة في إجراءات التحكيم إذا ما وافق على ذلك باقي الأطراف ) .

   كما قضت محكمة استئناف باريس في نزاع يتعلق بعقد إمتياز مع حوالته للغير ( بأن شرط التحكيم الوارد بالعقد الدولى يعد شرطا صحيحا وفعالا ويمتد تطبيقه إلى المحال إليه ، حتى لو تعلق جزئيا بحق أحد الأطراف ، شريطة أن يدخل النزاع في توقعات أطراف الإتفاق على التحكيم ).

أما بالنسبة للوضع في القضاء المصرى :

   فإنه بالنسبة لهذا الموضوع فقد أخذ باتجاه مماثل وذلك بالنسبة للتحكيم الإجباري فنجد أن محكمة النقض المصرية قضت ( بأن دعوى الضمان الفرعية الموجهة من هيئة عامة إلى شركة قطاع عام ، وهي تعتبر مستقلة بكيانها عن الدعوى الأصلية إذ لا تعد دفعا فيها ، فيحكمها قواعد الإختصاص الولائي المتعلقة بالنظام العام، فيختص بنظرها دون غيرها هيئات التحكيم ، وعلى المحكمة المختصة المعروضة عليها أن تقضى بعدم اختصاصها من تلقاء نفسها في هذه الحالة لإنتفاء ولايتها طبقا لنص المادة ۱۱۰ مرافعات ، ويجب القضاء بإحالتها إلى هيئة التحكيم ) .