الخلف هو من تلقى حقا عن سلفه وهو نوعان خلف عام وخلف خاص . الخلف العام هو من يخلف سلفه فى ذمته المالية كلها ، وهذا هو وضع الوارث الوحيد والموصى له بكل التركة ، أو في حصة منها باعتبارها مجموعة مالية ، وهذا هو وضع الوارث مع غيره أو الموصى له بحصة في التركة كالربع أو الثلث .
تحديد مركز الخلف العام في اتفاق التحكيم
أولا : اعتبار الخلف انعام طرفا متعاقد :
الأصل أن الخلف العام يأخذ حكم الطرف المتعاقد بالنسبة للتصرف الذي أبرمه سلفه . فإذا تعاقد المورث فأصبح دائنا أو مدينا بموجب العقد ، كما إذا باع عينا فأصبح دائنا بالثمن ومدينا بنقل ملكية العين المبيعة ، فإن الوارث لا يعتبر من الغير في عقد البيع ، إنما ينصرف إليه أثر العقد ، وينتقل إليه حق مورثه في استيفاء الثمن بعد موت المورث ، وأيضا ينتقل إليه التزام المورث بنقل ملكية العين المبيعة إلى المشترى ، وتخرج هذه العين من التركة إلى المشترى ، أى أن الخلف العام خلف سلفه في العقد فأصبح في حكم الطرف المتعاقد . وسوف نناقش هذا الجزء مــن خــلال الآتى :
۱ - موقف الفقه من اعتبار الخلف العام طرفا متعاقد :
يقصد بالخلف العام هو كل من يخلف الشخص في ذمته المالية من حقوق والتزامات أو في جزء منها كالوارث أو الموصى له بجزء من التركة ، إلا أنه لا وجود للخلف إلا بعد وفاة السلف ، أي أن آثار العقـــــد لا تنتقل إلى الورثة إلا بعد وفاة المتعاقد المورث .
وقد نصت المادة ١٤٥ من القانون المدنى على أن ( ينصرف أثر العقد إلى المتعاقدين والخلف العام ، دون إخلال بالقواعد العامة المتعلقة بالميراث ، ما لم يتبين من العقد أو من طبيعة التعامل أو من نص القانون أن هذا الأثر لا ينصرف إلى الخلف العام ) .
وبالتالي يتضح من نص المادة ١٤٥ من القانون المدنى أن الخلف العام تنصرف إليه آثار العقد كقاعدة عامة فيصبح دائن بالحقوق المتعلقة بالتركة التى آلية إليه ، ويصبح مدين بالالتزامات المتعلقة بهذه التركة ، كما كان السلف محمل بها ، وقد جاء نص المادة ١٤٥ من القانون المدنى متفقا أحكام الشريعة الإسلامية وخاصة فيما يتعلق بأحكام الميراث ، وبالتالي مع يجب تفسير أحكام المادة ١٤٥ من القانون المدنى على أساس أن الخلافة العامة وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية. . وذلك بأن الوارث لا يحصل من التركة على أى حق من الحقوق إلا بعد سداد الديون المتعلقة بها .
ويلاحظ أن مبدأ انصراف آثار العقد إلى الخلف العام لا يعتبر مطلقا وإنما مقيد بمبدأ لاتركة إلا بعد سداد الديون ، وكذلك أيضا يقيد بما يفرضه ضه القانون من قيود على هذا المبدأ ، وهذه القيود تتمثل فيما نصت عليه المادة ١٤٥ من القانون المدنى المصرى والتي قررت أنه ما لم يتبين من العقد أو من طبيعة التعامل أو من نص القانون أن هذا الأثر لا ينصرف إلى الخلف العام ، إذن فالمادة ١٤٥ أضافت قيدين على أن مبدأ انصراف آثار العقد بالنسبة للخلف العام هما طبيعة التعامل ونص القانون .
والخلاصة : أن الإستثناءات الواردة على عدم انصراف آثار العقد إلى الخلف العام هي :
1- إذا اتفق المتعاقدين على عدم انتقال آثار العقد إلى الخلف العام ، كأن يتفق في عقد الإيجار على أن العقد ينتهي بموت المستأجر
2- إذا كانت طبيعة العقد تأبى انتقال آثاره إلى الخلف العام ، ومثاله التى تبرم مع أصحاب المهن الحرة كالمحامي ، والمهندس والطبيب .
3- إذا نص القانون على عدم انتقال آثار العقد إلى الورثة كما النص على انقضاء الشركة بموت أحد الشركاء وانقضاء الوكالة بموت الوكيل أو الموكل .
2 - موقف القضاء من اعتبار الخلف العام طرفا في العقد :
1- قضت محكمة النقض بأنه : بعد أن يموت العاقد ، تنصرف آثار العقد الذى سبق له أن أبرمه إلى خلفه العام ، أى إلى وارثه ، ومن عساه أن يكون قد أوصى له بحصة من تركته ، هذه هي القاعدة العامة . وإذا كانت آثار العقد الذي أبرمه السلف تسرى على خلفه ، فإن العقد نفسه يسرى على الخلف العام بنفس الوضع الذى كان ساريا به من قبل على سلفه . وهكذا لايلزم لسريان عقد السلف على خلفه العام وانصراف آثاره إليه أن يكون ثابت . كما أن الخلف لايكون له من أدلة الإثبات في مواجهة المتعاقد مع سلفه ، إلا ما كان لهذا الأخير منها
2 - وفى حكم آخر لمحكمة النقض جاء فيه أنه : يتبين من نص المادة ١٤٥ من القانون المدنى ومذكرته الإيضاحية أنها وضعت قاعدة عامة تقضى بأن أثار العقد لاتقتصر على المتعاقدين ، بل تجاوزهم إلــى مــن يخلفهم خلافة عامة عن طريق الميراث أو الوصية ، واستثنى مــن هـذه القاعدة الحالات التى تكون فيها العلاقات القانونية شخصية بحته ، وهى تستخلص من إرادة المعاقدين سواء كانت صريحة أو ضمنية أو من طبيعة العقد أو من نص القانون .
3- أيضا قضت محكمة النقض بأنه : يترتب على إنصراف أثر العقد إلى الخلف العام أنه يسرى في حقه ما يسرى في حق السلف بشأن هذا العقد ، فلا يشترط إذن ثبوت تاريخ العقد أو تسجيله حتى يكون التصرف حجة للخلف أو عليه ، لأنه يعتبر قائما مقام المورث ، ويلتزم بتنفيذ ما التزم به مورثه طالما أن العقد قد نشأ صحيحا وخلصت له قوته الملزمة.
4 - أيضا قررت محكمة النقض بأن إدماج الشركات بطريق الضم يترتب عليه أن تنقضى الشركة المندمجة وتنمحى شخصيتها الاعتبارية وذمتها المالية ، وتحل محلها الشركة الدامجة لها من حقوق وما عليها من التزامات ، وتخلفها في ذلك خلافة عامة .
5- وقضت أيضا أن طبيعة التعامل التي تأبى أن ينتقل الحق أو الالتزام بين المتعاقدين إلى خلفهم العام يستوجب أن يكون هذا الحق أو الالتزام متى ينقضى بطبيعته بموت المتعاقد لنشوئه على علاقة شخصية بحتة .
6- أيضا قضت محكمة النقض فى حكم أخر لها بأن الورثة وهم خلف عام لمورثهم لا يملكون من وسائل الإثبات إلا ما كان يملكه مورثهم في صدد منازعته للمشترى منه فى ملكيته الثابتة له بالعقد المسجل .
ثانيا : اعتبار الخلف العام من الغير:
الأصل هو أن الشخص له مطلق الحرية حال حياته في أن يعقد ما يشاء من تصرفات سواء كانت معاوضة أو تبرعًا ، حتى ولو أضر ذلك بورثته ، وذلك عن طريق الإنقاص من أمواله ، أو الزيادة في التزاماته . في هـذه الحالة فإن الخلف العام يعتبر من الغير بالنسبة لتصرفات سلفه ، أي أنــه لا تنصرف إليه آثار العقد وذلك باعتباره من الغير . وسوف نتعرض لموقف الفقه والقضاء بالنسبة لإعتبار الخلف العام من الغير.
أولا : موقف الفقه من اعتبار الخلف العام من الغير :
أجمع الفقه على أن أثر العقد لا ينصرف إلى الخلف العام واعتباره من الغير في الفروض الآتية :
الفرض الأول : فى هذا الفرض يعطى القانون للوارث حقوقا يتلقاها من القانون مباشرة وليس بطريق الميراث ، وذلك بقصد حماية الوارث من تصرفات مورثه الضارة .
الفرض الثاني : الوصية التي يقوم بها المورث في أثناء مرض الموت ، ويكون مقصودا بها التبرع الفرض الثالث : إذا قام المورث بعمل وصية لغير وارث ، وهذه الوصية تكون قيمتها تزيد على ثلث التركة ، أيضا ويلحق بالوصية تصرفات ثلاثة إذا صدرت من المورث في مرض الموت وهي البيع والهبة والوقف . أما بالنسبة للوصية لوارث فهى لا تجوز إلا إذا أجازها الورثة .
هذه القيود التي وضعها القانون على تصرفات المورث هي لمصلحة الوارث ، فهي حق يستمده الوارث من القانون مباشرة لحماية نفسه من تصرفات مورثه ، وهى ليست حقا يتلقاه بطريق الميراث عن المورث ، ولذلك يعتبر الوارث في هذه الفروض الثلاثة من الغير بالنسبة لهذه التصرفات .
ثانيا : موقف القضاء من اعتبار الخلف العام من الغير :
۱ - قضت محكمة النقض بأن حق الوارث في الطعن في تصرف المورث بأنه في حقيقته وصية وليس بيع ، وأنه قد قصد به التحايل على أحكام الإرث المقررة شرعا ، هو حق خاص به مصدره القانون وليس حقا يتلقاه عن مورثه ، وإن كان هذا الحق لا ينشأ إلا بعد وفاة المورث . ومن ثم فلا يكون الحكم الصادر قبل المورث بصحة التصرف بالبيع حجة على الوارث ، إذ يعد الوارث في حكم الغير فيما يختص بتصرفات مورثه الضارة به والماسة بحقه في الإرث . وهكذا اعتبرت محكمة النقض أن الخلف العام في حكم الغير بالنسبة لتصرف المورث وذلك حماية للخلف من تصرفات سلفه الضارة .
2 – قضت محكمة النقض بأنه إذا كان البيع الصادر من المورث لأحـــد ورثته ، يمس حق وارث آخر في التركة ، وقصد به الإحتيال على أحكام الإرث ، كان لهذا الوارث أن يطعن في التصرف وأن يثبت بكافة طرق الإثبات أن البيع في حقيقته ليس تبرعا مضافا إلى ما بعد الموت ، وبالتالي فهو وصية.
أيضا من خلال هذا الحكم نجد أن القانون يحمى الوارث مــن تصرفات المورث التى تكون بعد الموت حتى ولو كان هذا عن طريق التبرع ، وذلك حماية لباقى الورثة ، ولا يبيح له القانون التصرف في ماله حتى ولو عن طريق الوصية إلا في حدود الثلث .
3- أيضا قضت محكمة النقض بأنه : لا يعتبر الوارث قائما مقام المورث في صدد حجية التصرف الذي صدر منه لأحد الورثة ، إلا في حالة خلـــو هذا التصرف من كل طعن ، فإذا كان التصرف يمس حق وارث في التركة عن طريق الغش والتدليس والتحايل على مخالفة أحكام الإرث فلا يكون الوارث ممثلاً للمورث، بل يعتبر من الأغيار ويباح له الطعن في التصرف وإثبات صحة طعنه بكافة الطرق .
4 - أيضا قضت محمكة النقض فى حكم لها أن التصرفات المنجزة الصادرة من المورث حال صحته لأحد الورثة تكون صحيحة ، ولو كان المورث قد قصد بها حرمان بعض ورثته ، وذلك لأن التوريث لا يقوم إلا علـــى مــا يخلفه المورث وقت وفاته أما ما يخرج من ملكه حال حياته فلا حق للورثة فيه ولا يعتبر الوارث في حكم الغير بالنسبة إلى التصرف الصـادر مــن المورث إلى وارث آخر إلا إذا كان طعنه على هذا التصرف على أنه حقيقة وصية ، أو أنه صدر في مرض موت المورث فهو يعتبر عند ذلــك فـــي حكم الوصية ، لأنه في هاتين الصورتين يستمد الوارث حقه من القانون مباشرة وذلك حماية له من تصرفات مورثه .
5- وقضت محكمة النقض أيضا بأنه إذا كان البيع الصادر من المورث لأحد ورثته يمس حق وارث أخر في التركة ، وقصد به الإحتيال علــى أحكام الإرث المقررة شرعا كان لهذا الأخير أن يطعن في هذا التصرف ، وأن يثبت بكافة طرق الإثبات القانونية أن عقد البيع في حقيقته يستر تبرعا مضافا إلى ما بعد الموت ، فهو وصية لا تنفذ في حقه متى كان هـو لــم يجزها ، وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه قد استخلص من ظروف الدعوى ومن الأدلة والقرائن التي أوردها والتي من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها أن نية الطرفين قد انصرفت إلى الوصية لا إلـى البيع المنجز ، فإنه إذا قضى للمطعون عليها بنصيبها الشرعي في العقارات موضوع النزاع لايكون قد خالف القانون
ثالثا : امتداد اتفاق التحكيم إلى الخلف العام :
من المتفق عليه فقهاً وقضاء أن آثار العقد تنتقل إلى الخلف العام . والقاعدة المستقر عليها في القانون المدنى هي انصراف آثار العقد إلـى الخلف العام ، حيث نصت المادة ١٤٥ من القانون المدنى على أن ( تنصرف آثار العقد إلى المتعاقدين والخلف العام ، دون إخلال بالقواعد المتعلقة بالميراث ، ما لم يتبين من العقد أو من طبيعة التعامل أو من نص
القانون ، أن هذا الأثر لا ينصرف إلى الخلف العام ) .
والخلف العام هو من يخلف الشخص في ذمته المالية من حقوق والتزامات أو في جزء منها باعتبارها مجموعا من المال ، كالوارث والموصى له بجزء من التركة .
والأصل أن الخلف العام لا يعتبر من الغير و من ثم تنصرف إليه آثار العقد الذي يبرمه السلف وذلك وفقا لقاعدة النسبية . ويقصد بذلك أنه يأخذ حكم الطرف بالنسبة للتصرف الذي أبرمه سلفه ، فإذا توفى أحــد المتعاقدين انتقلت إلى خلفه الحقوق والإلتزامات الناشئة عن العقد الذي أبرمه قبل وفاته ، إلا أنه توجد هناك حالات استثنائية يكون فيها الخلف العام من الغير .
أيضاً قد يكون الخلف العام شخص معنوى أو شخص اعتباري وذلك في حالة اندماج شركتين ، في هذه الحالة الشركة الدامجة تكون خلفا للشركة المندمجة وتنتقل إليها جميع الحقوق والإلتزامات الخاصة بالشركة المندمجة .
والسؤال الذى يتبادر للذهن مما سبق هو ، ما هو الأثر المترتب على انصراف أثر العقد إلى الخلف العام باعتباره طرفا في العقد على اتفاق التحكيم المدرج في العقد الذي انتقل إليه ؟ وهل الخلف يصبح العام طرفا في اتفاق التحكيم على الرغم من أنه لم يكن طرفا فيه ولم يوقع عليه ؟ أى هل يمتد إتفاق التحكيم إلى الخلف العام ؟ وللإجابة على هذه الأسئلة سوف نناقشها من خلال التعرض لموقف الفقه والقضاء وذلك على النحو التالي :
أولا: موقف الفقه من اعتبار الخلف العام طرفا في اتفاق التحكيم
ثانيا : موقف القضاء من اعتبار الخلف العام طرفا في اتفاق التحكيم .
أولا : موقف الفقه من اعتبار الخلف العام طرفا في اتفاق التحكيم :
لقد سبق القول بأن الفقه أجمع على انصراف أثر العقد إلى الخلف العام . وأن العقد ينتقل إلى الخلف العام بما فيه من حقوق والتزامات ، فإذا كان هناك شرط تحكيم في العقد ، فإنه ينتقل مع العقد إلى الخلف العام وذلك لأنه يعتبر فى حكم الطرف ، وعلى الرغم من وجود استثناءات يكون فيها الخلف العام خلفا وليس طرفا ، وأن الخلف العام قد يصبح من الغير ، إلا أن اتفاق التحكيم وبما له من طبيعة خاصة ، وهى استقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلى ، فإن الخلف العام يلتزم باتفاق التحكيم باعتباره مستقلا عن العقد الأصلى .
۱- امتداد اتفاق التحكيم إلى الخلف العام عندما يكون السلف شخصا طبيعيا
ذهب جانب من الفقه إلى أن الخلف العام يأخذ حكم الطرف بالنسبة للتصرف الذي يصدر عن السلف ، وبالتالي إذا توفى أحد المتعاقدين إنتقلت إليه الحقوق الناشئة عن العقد وأيضا الإلتزامات التى تكون قد نشأت على عاتقه ، وبالتالي فإذا كان السلف طرفاً في اتفاق تحكيم بخصوص نزاع متعلق بحق من الحقوق التي انتقلت إليه فإن الخلف في هذه الحالة يكون ملتزم باتفاق التحكيم ، وذلك وفقا للقاعدة العامة الخاصة بانصراف آثار العقد إلى الخلف العام .
وذهب جانب آخر من الفقه إلى أنه عندما يكون السلف شخصــــا طبيعيا فإنه يراعى الأهلية بالنسبة للورثة ، وذلك عند انتقال اتفاق التحكيم إليهم . حيث أنه يفترض أن يكون هناك أحد من الورثة قاصرا أو فاقد الأهلية اللازمة عند إعمال اتفاق التحكيم ، وبالتالي فإن التحكيم ينقطع بالنسبة له ، وذلك وفقا للقواعد العامة المقررة في قانون المرافعات بشـــان الإنقطاع
2- امتداد اتفاق التحكيم إلى الخلف العام عندما يكون السلف شخص اعتباری :
أيضا أجمع الفقه على أنه في الحالة التي يكون أحد أطراف اتفاق التحكيم شركة ثم انقضت هذه الشركة بالإندماج مع شركة أخرى ، فإن اتفاق التحكيم ينتقل بكل آثاره إلى الشركة الجديدة الدامجة وذلك باعتبارها خلفا عاما للشركة المندمجة ، وتحل بقوة القانون محل الشركة المندمجة في حقوقها والتزاماتها .
3- فى حالة اتفاق الأطراف على أن اتفاق التحكيم ينقضي بوفاة أحـــــد المتعاقدين ، أو أن طبيعة العقد الذي يتضمن شرط التحكيم تقتضي أن ينتهى العقد بوفاة الطرف المتعاقد . والسؤال هل ينقضى اتفاق التحكيم بانقضاء العقد الأصلى أم يظل قائما ومستقلا عن العقد الأصلي ؟
للإجابة على هذا السؤال نجد أن هناك جانب من الفقه يرى أن قانون التحكيم المصرى رقم ۱۹۹٤/٢٧ ينص على أن اتفاق التحكيم مستقل عن العقد الأصلى ، وبالتالي فهو لا ينقضى بانقضاء العقد الأصلى ، وذلك من خلال نص المادة ۲۳ من قانون التحكيم التي تنص على (يعتبر شرط التحكيم اتفاقاً مستقلا عن شروط العقد الأخرى ، ولا يترتب على بطلان العقد أو فسخه أو إنهائه أى أثر على شرط التحكيم الذى يتضمنه إذا كان هذا الشرط صحيحا في ذاته ) .
أما الحالة التي يتفق فيها الأطراف على انقضاء العقد الأصلي ،وانقضاء اتفاق التحكيم الوارد في هذا العقد بوفاة أحد الطرفين .
فإنه في حالة وفاة أحد الطرفين يتم إنقضاء اتفاق التحكيم ، لأنه لابد لنا من احترام إرادة المتعاقدين على اعتبار أن الوفاة ماهي إلا أجل مثل أى أجل أخر ، وذلك لأن اتفاق التحكيم هو في الأصل نظام قائم على الإرادة الحرة ، وأن الأطراف يكون لهم الحرية المطلقة في تحديد كل ما يخص اتفاق التحكيم ولاسيما تحديد أجله ، وبما أن الوفاه ما هي إلا أجل كما قلنا ، فإنه يحق للأطراف الإتفاق على إنقضاء اتفاق التحكيم بحلول أقرب الأجلين ، أما التاريخ المحدد لإنقضائه أو وفاة أحد الطرفين .
وذلك لأنه ليس من المعقول إهمال إرادة الأطراف بإنقضاء اتفاق التحكيم بوفاة أحد الأطراف وذلك إعمالا لمبدأ استقلال شرط التحكيم ، لأن هذا سوف يؤدى إلى الحكم ببطلان حكم التحكيم وذلك لمخالفة أحد أهم حدود اتفاق التحكيم وهو الأجل المحدد لإنقضائه ، بناءً على إرادة أطرافه .
ثانيا : موقف القضاء من اعتبار الخلف العام طرفا في اتفاق التحكيم :
بالنسبة لموقف القضاء لإعتبار الخلف العام طرفا في اتفاق التحكيم ، فقد قضت محكمة النقض فى مجموعة من الأحكام والتي من خلالها ، تم وضع المبادئ التي يمكن الاعتماد عليها في اعتبار الخلف العام طرفاً في اتفاق التحكيم ، ولذلك سوف نعرض بعض منها على سبيل المثال وليس الحصر كما يلى :
1- قضت محكمة النقض المصرية بأن الطرف في العقد يصدق على كل اتفاق يراد به إحداث أثر قانوني ، وإسباغ وصف المتعاقد ، إنمـــا ينصرف إلى من يفصح عن إرادة متطابقة مع إرادة أخرى على إنشاء التزام أو نقله أو تعديله أو زواله في خصوص موضوع معين يحدد بالعقد ، دون أن يعتبر باطلاق كل من يرد ذكره بالعقد أنه أحد أطرافه ، طالما لـــم يكن له صلة بشأن ترتيب الأثر القانوني الذي يدور حوله النزاع الناشئ بسبب العقد .
2 - قضت محكمة النقض المصرية في أحد أحكامها بأنه : يترتب على انصراف أثر العقد إلى الخلف العام أنه يسرى في حقه ما يسرى فــــي حق السلف بشأن هذا العقد ، فلا يشترط إذن ثبوت تاريخ العقد أو تسجيله حتى يكون التصرف حجة للخلف أو عليه ، وذلك لأنه يعتبر قائمــا مـقـام المورث ويلتزم بتنفيذ ما التزم به مورثه طالما أن العقد قد نشأ صحيحا ، وخلصت له قوته الملزمة .
3 - كما قضت في حكم آخر لها على أنه : يتبين من نص المادة ١٤٥ من القانون المدنى فى مذكرتها الإيضاحية أنها وضعت قاعدة عامة تقضى بأن آثار العقد لا تقتصر على المتعاقدين بل تجاوزهما إلى من يخلفهم خلافة عامة عن طريق الميراث أو الوصية ، واستثنى من هذه القاعدة الحالات التي تكون فيها العلاقة القانونية شخصية بحتة وهي تستخلص من إرادة المتعاقدين سواء كانت صريحة أو ضمنية أو من طبيعة العقد أو مـــن
نص القانون .
4 - أيضا ذهبت محكمة النقض فى حكم لها فقضت بان اندماج الشركة فى أخرى ، مؤداه زوال شخصية الشركة المندمجة وخلافة الشركة الدامجة فيما لها من حقوق وما عليها من التزامات ، وتكون الشركة الدامجة وحدها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي الجهة التي تختصم في خصوص هذه الحقوق والإلتزامات ، لأن الشركة المندمجة التي زالت شخصيتها قد انقضت بالإندماج .
5- أيضا قضت محكمة استئناف باريس في حكم لها بأن اندماج شركة في شركة أخرى يترتب عليه انتقال شرط التحكيم من الشركة المندمجة إلى الشركة الدامجة
رابعاً : موقف الخلف العام في اتفاق التحكيم في قوانين دول الخليج العربي :
القاعدة العامة في القانون المدني هي انصراف آثار العقد إلى الخلف العام حيث نصت المادة رقم ٢٠١/ ١ من القانون المدني الكويتي على أنه ( تنصرف آثار العقد إلي المتعاقدين والخلف العام ، دون إخلال بأحكام الميراث ) .
ونصت المادة رقم ۲۵۰ من القانون المدني الإماراتي علي أنه ( ينصرف أثر العقد إلي المتعاقدين والخلف العام دون إخلال بالقواعد المتعلقة بالميراث ) .
ونصت المادة ۱/۱۳۳ من القانون المدني البحريني علي أنه ( تنصرف آثار العقد إلي المتعاقدين والخلف العام دون إخلال بالقواعد المتعلقة بالميراث ) .
وبناء عليه ومن خلال تحليل نصوص هذه المواد السابق بيانها فإن الخلف العام وفقاً لهذه النصوص جميعها هو عبارة عن الشخص الذي تؤول إليه كل حقوق السلف والتزاماته أو نسبة معينه منها باعتبارها مجموعة واحدة ، ومصدر الخلافة العامة يكون في الغالب هـو الميراث أو قانونية الوصية بجزء من التركة
أما الخلافة العامة بالنسبة إلي الشخص الاعتباري فهي ترجع إلي الإندماج حيث يتم اندماج شركة في شركة أخرى فتصبح الشركة الدامجة خلفا عاما للشركة المندمجة وقد سبق وأن تعرضنا لهذا الجزء بتطبيق القاعدة السابقة علي اتفاق التحكيم باعتباره عقداً ، فإن السلف الذي يكون طرفاً في اتفاق التحكيم بخصوص نزاع متعلق بحق من الحقوق التي انتقلت منه إلي الخلف، وأن أثار هذا الاتفاق تنتقل إلى الخلف العام .
وعلي الرغم من أن القاعدة العامة هي انتقال أثار العقد إلي الخلف العام وذلك وفقاً لما نصت عليه مواد القانون المدني في كلا من الإمارات والكويت والبحرين، إلا أنه قد يعتبر الخلف العام من الغير بالنسبة للعقد في الحالات وهي كما جاء في النصوص التاليه حيث نصت المادة رقم ۲/۲۰۱ من القانون المدني الكويتي على أن ( آثار العقد لا تنصرف إلـي
بعض الخلف العام لأحد المتعاقدين لكيليهما ، إذا اقتضي ذلك العقد أو طبيعة التعامل أو نص في القانون ) ، ونصت المادة ٢٥٠ من القانون المدني الإماراتي علي أنه ( ينصرف أثر العقد إلي المتعاقدين والخلف العـــام دون إخلال بالقواعد المتعلقة بالميراث ما لم يتبين من العقد او من طبيعة التعامل أو من نص القانون أن هذا الأثر لا ينصرف إلى الخلف العام ) ، ونصــــت المادة ۱۳۳/ب من القانون المدني البحريني علي أن ( أثار العقد لا تنصرف إلى الخلف العام لأحد المتعاقدين أو لكليهما إذا اقتضى ذلك العقد أو طبيعة التعامل او نص القانون ) .
وبناء عليه فإنه وفقاً لما جاء في النصوص السابق ذكرها فإنه قــــد يكون الخلف العام من الغير في بعض الحالات المنصوص عليها سابقا وهي: أن طبيعة العقد تقتضي ذلك مثال ذلك أن يكون العقد يعتمد أساسا علــي الطابع الشخصي للمتعاقد كأن يكون المتعاقد فنان أو رسام أو مهندس أي أن التعاقد قائم أساسا علي الإعتبار الشخصي في هذه الحالة فإن أثـر العقد لا ينتقل إلى الخلف العام ، أو أن طبيعة التعامل بينهما تقتضي ذلك ، كأن يتم الاتفاق فيما بينهما على انتقال آثار العقد إلى الخلف . أو يوجد نص في القانون يمنع من انتقال أثار العقد إلى الخلف العام .
أما في حالة اتفاق الأطراف في العقد الأصلي على أنه يتم انقضاء اتفاق التحكيم تبعا للعقد الاصلي بوفاة أحد الطرفين ، فإنه في هذه الحالة يقتصر أثر اتفاق التحكيم علي أطرافه ولا ينتقل إلي الخلف العام لأي منهما ويصبح من الغير بالنسبة لإتفاق التحكيم وذلك احتراما لإرادة الأطراف.
أما بالنسبة للخلافة العامة في الأشخاص الأعتبارية : فإنه إذا كان أحد أطراف اتفاق التحكيم شركة وانفضت هذه الشركة عن طريق اندماجها في شركة أخرى .