اتفاق التحكيم / التحكيم في موضوع لا يقبل التجزئة / الكتب / عقد التحكيم واجراءاته / قابلية التحكيم بالقضاء للتجزئة ما لم يكن الموضوع غير قابل له . ففى هذه الحالة لا يصح التحكيم إلا باتفاق جميع أطراف النزاع
قابلية التحكيم بالقضاء للتجزئة ما لم يكن الموضوع غير قابل له . ففى هذه الحالة لا يصح التحكيم إلا باتفاق جميع أطراف النزاع .
لم ينص القانون على عدم جواز تجزئة التحكيم ، في حين أن القانون المدني ينص في المادة ٥٥٧ على أن الصلح لا يتجزأ ، فبطلان جزء منه يقتضى بطلان العقد كله .
و لعل القانون قد راعى ما للصلح من صفة خاصة تميزه عن غيره من العقود ففيه ينزل الشخص عن جزء مما يدعيه في مقابل أن ينزل باقى أطراف العقد أيضاً عن جزء مما يدعونه . فهو على هذا النحو لا يتجزأ . ومع ذلك نصت الفقرة الثانية من المادة المتقدمة على أن حكم الفقرة الأولى لا يسرى إذا تبين من عبارات العقد أو من الظروف أن المتعاقدين قد اتفقا على أن أجزاء العقد مستقلة بعضها عن بعض .
أما التحكيم بالقضاء فهو يقبل التجزئة بطبيعته سواء من ناحية الموضوع أو من ناحية الأطراف ، ولا تستثنى من هذه القاعدة إلا الحالة التي يكون فيها الموضوع لا يقبل التجزئة بحسب طبيعته أو بنص القانون .
وإذا تعدد أطراف عقد التحكيم و كان أحادهم ناقص أهلية فان العقد يبقى بالنسبة إلى الآخرين ويكون قابلا للبطلان بالنسبة إلى الأول .
و كل ما تقدم مشروط بقابلية الموضوع - الذي اتفق بصدده على التحكيم - للتجزئة. أما إذا كان هذا الموضوع لا يقبل التجزئة . وكان التحكيم باطلا لأن شقاً منه مما لا يجوز فيه التحكيم أو لأن أحد أطراف العقد لا يملك الاتفاق عليه ، فان التحكيم يعتريه البطلان برمته . ومثال ذلك أن يكون موضوع التحكيم مما لا يقبل التجزئة بطبيعته أو بحكم القانون أو بالاتفاق ( م ٣٠٠ مدنى ) ، كأن يتصل الأمر مملكية فرس أو يتصل بحق لأخذ بالشفعة ..
ويلاحظ أن عقد التحكيم إذا كان باطلا فى شق منه فقط أو بالنسبة لأحد أطرافه فقط. فان هذا الطرف وحده أو من يمثله هو الذي يملك التمسك بالبطلان أى لا يتمسك بالبطلان إلا من شرع لمصلحته طبقاً لقواعد القانون المدنى المقررة بالنسبة إلى البطلان النسبي وطبقاً لقواعد قانون المرافعات المتعلقة بالبطلان الذى لا يتصل بالنظام العام . أما إذا كان البطلان من النظام العام جاز أن يتمسك به كل خصم في الدعوى ووجب على المحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها .
وإذن وتطبيقاً للقواعد المتقدمة . إذا كان موضوع التحكيم مما لا يقبل التجزئة وتعدد أطراف عقد التحكيم وكان باطلا بطلانا نسبياً بالنسبة لأحدهم فقط ، فلا يملك الباقون التمسك ببطلان عقد التحكيم بالنسبة إليه - لأن هذا البطلان نسبي مقرر لحمايته وحده ولكن لهم أن يدفعوا ببطلان التحكيم وعدم الاعتداد به - بعد القضاء ببطلان التحكيم لمصلحته - وذلك على أساس قاعدة علم التجزئة .
وجدير بالذكر إذن ، وكما يبين مما تقدم أنه إذا تعدد الخصوم بصدد نزاع لا يقبل التجزئة بطبيعته أو محكم القانون أو بالاتفاق فلا يعتد بالتحكيم ولا يكون صحيحاً إلا إذا تم العقد بينهم جميعاً . أما إذا تعدد الخصوم وتعددت الخلافات بينهم ، ولم يكن بينهما رباط لا يقبل التجزئة . فمن الجائز أن يقتصر الاتفاق على التحكيم على بعض هؤلاء أو بالنسبة لبعض تلك الخصومات. ومن الجائز بطبيعة الحال أن يكون بعضها قائما أمام المحكم والبعض الآخر قائما أمام القضاء العادى ، ولا يجوز لمن اتفق على التحكيم أن يطرح خصومته أمام القضاء العادى بحجة ارتباطها بأخرى قائمة أمامه ما دام قد رفعها على من كان طرفاً معه في عقد التحكيم ، وفقاً لما سوف نراه فيما يلى :
وبالنسبة لأحوال التضامن، فالملاحظ أن القانون المدنى يأخذ بنظرية النيابة المتبادلة بين المتضامنين فيما ينفعهم فقط ( م ٢٧٩ من القانون المدنى وما يليها ) فاذا اتفق جميع المتضامنين على التحكيم - كطرف واحد في العقد ، وكان التحكيم باطلا بطلانا نسبياً بالنسبة إلى أحدهم جاز له وحده التمسك بهذا البطلان وإذا كان البطلان مطلقاً جاز للجميع التمسك به على اعتبار أنه من النظام العام ، ووجب على المحكمة أن تحكم به من تلقاء نفسها ، وإنما أثر الحكم بالبطلان لا يمس صحة عقد التحكيم بالنسبة لباقى أطرافه إلا إذا كان الموضوع لا يقبل التجزئة . ففي هذه الحالة ينقضى التحكيم في الموضوع برمته .
وإنما يلاحظ أن بطلان عقد التحكيم بالنسبة لأحد المتضامنين لأمر يتصل بشخصه هو لا ممنعه بعدئذ . هو أو من مثله من الاحتجاج بالحكم الصادر من المحكم لمصلحة باقى المتضامنين عملا بالأصل العام المقرر في المادة ٢/٢٩٦ من القانون المدنى ، ويعمل بالقاعدة المتقدمة ولو كان البطلان المتقدم نسبياً ، لأن ت. كه به لا يحرمه من الانتفاع بالنص العام المقرر في المادة ٢/٢٩٦ وعلى العكس ، صدور الحكم على باقى المتضامنين لا يضر به طالما أنه تمسك بالبطلان النسبي في الوقت المناسب وصدور الحكم به ( م ١/٢٩٦ من القانون ) . ويدق الأمر إذا ما اختصم جميع المتضامنين أمام المحكم ولم يمثل أمامه ذلك المتضامن الذى يعتري البطلان عقد تحكيمه -
بعد إعلانه بالحضور أمام المحكم إعلانا صحيحاً ، ثم صدر بعدئذ الحكم على المتضامنين ، نرى أن التخلف من الحضور لا يعد في ذاته اعتراضا على الخصومة أمام المحكم أو اعتراضا على عقد التحكيم كما لا يعد بطبيعة الحال قبولا له. ومتى لم تصدر منه - أو ممن يمثله بحسب الأحوال إجازة صريحة أو ضمنية لعقد التحكيم لا تسرى عليه حجية الحكم الصادر على باقى المتضامنين .