الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / التحكيم في موضوع لا يقبل التجزئة / الكتب / التحكيم بالقضاء وبالصلح / قابلية التحكيم بالقضاء للتجزئة مالم يكن الموضوع غير قابل له. ففى هذه الحالة لا يصح التحكيم إلا باتفاق جميع أطراف النزاع: 

  • الاسم

    د. أحمد ابو الوفاء
  • تاريخ النشر

    2017-01-01
  • اسم دار النشر

    مكتبة الوفاء القانونية
  • عدد الصفحات

    387
  • رقم الصفحة

    106

التفاصيل طباعة نسخ

قابلية التحكيم بالقضاء للتجزئة مالم يكن الموضوع غير قابل له. ففى هذه الحالة لا يصح التحكيم إلا باتفاق جميع أطراف النزاع: 

   لم ينص القانون على عدم جواز تجزئة التحكيم، في حين أن القانون المدني ينص في المادة 557 منه على أن الصلح لا يتجزأ ، فبطلان جزء منه يقتضى بطلان العقد كله.

    ولعل القانون قد راعى ما للصلح من صفة خاصة تميزه عن غيره من العقود، ففيه ينزل الشخص عن جزء مما يدعيه في مقابل أن تزول باقى أطراف العقد أيضا عن جزء مما يدعونه. فهو على هذا النحو لا يتجزأ . ومع ذلك نصت الفقرة من المادة المتقدمة على أن هذا الحكم لا يسرى إذا تبين من عبارات العقد أو من الظروف أن المتعاقدين قد اتفقا على أن أجزاء العقد مستقلة بعضها عن بعض. 

    أما التحكيم بالقضاء فهو يقبل التجزئة بطبيعته سواء من ناحية الموضوع أو من ناحية الأطراف، ولا تستثنى من هذه القاعدة إلا الحالة التي يكون فيها الموضوع لا يقبل التجزئة.

    وإذا تعدد أطراف عقد التحكيم وكان أحدهم ناقص أهلية فإن العقد يبقى بالنسبة إلى الآخرين ويكون قابلا للبطلان بالنسبة إلى الأول.

    وكل ما تقدم مشروط بقابلية الموضوع – الذي اتفق بصدده على التحكيم - للتجزئة. أما إذا كان الموضوع لا يقبل التجزئة، وكان التحكيم باطلا لأن شقاً منه مما لا يجوز فيه التحكيم أو لأن أحد أطراف العقد لا يملك الاتفاق عليه، فإن التحكيم يعتريه البطلان برمته. ومثال ذلك أن يكون موضوع التحكيم مما لا يقبل التجزئة بطبيعته أو بحكم القانون أو بالاتفاق ( م 300 مدنى ) ، كأن يتصل الأمر بملكية فرس أو يتصل بحق الأخذ بالشفعة.

    ويلاحظ أن عقد التحكيم إذا كان باطلا فى شق منه فقط أو بالنسبة لأحد أطرافه فقط، فإن هذا الطرف وحده أو من يمثله هو الذي يملك التمسك بالبطلان - أى لا يتمسك بالبطلان إلا من شرع لمصلحته طبقاً لقواعد القانون المدنى المقررة بالنسبة إلى البطلان النسبي وطبقاً لقواعد قانون المرافعات المتعلقة بالبطلان الذى لا يتصل بالنظام العام. أما

إذا كان البطلان من النظام العام جاز أن يتمسك به كل خصم في الدعوى ووجب على المحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها.

    وإذن وتطبيقاً للقواعد المتقدمة، إذا كان موضوع التحكيم مما لا يقبل التجزئة وتعدد أطراف عقد التحكيم وكان باطلا بطلانا نسبيا بالنسبة لأحدهم فقط، فلا يملك الباقون التمسك ببطلان التحكيم بالنسبة إليه - لأن هذا البطلان نسبى مقرر لحمايته وحده، ولكن لهم أن يدفعوا ببطلان التحكيم وعدم الاعتداد به – بعد القضاء ببطلان التحكيم لمصلحته - وذلك على أساس قاعدة عدم التجزئة.

    وجدير بالذكر إذن، وكما يبين مما تقدم أنه إذا تعدد الخصوم بصدد نزاع لا يقبل التجزئة بطبيعته أو بحكم القانون أو بالاتفاق فلا يعتد بالتحكيم ولا يكون صحيحا إلا إذا تم العقد بينهم جميعا . أما إذا تعدد الخصوم وتعددت الخلافات بينهم، ولم يكن بينها رباط لا يقبل التجزئة، فمن الجائز أن يقتصر الاتفاق على التحكيم على بعض هؤلاء أو بالنسبة لبعض تلك الخصومات. ومن الجائز بطبيعة الحال أن يكون بعضها قائما أمام المحكم والبعض الآخر قائما أمام القضاء العادى، ولا يجوز لمن اتفق على التحكيم أن يطرح خصومته أمام القضاء العادى بحجة ارتباطها بأخرى قائمة أمامه مادام قد رفعها على من كان طرفا معه فى عقد التحكيم .

   وبالنسبة لأحوال التضامن، فالملاحظ أن القانون المدني يأخذ بنظرية النيابة المتبادلة بين المتضامنين فيما ينفعهم فقط (م 279 من القانون المدنى وما يليها ) فإذا اتفق جميع المتضامنين على التحكيم - كطرف واحد في العقد ، وكان التحكيم باطلانا بطلانا نسبيا بالنسبة إلى أحدهم جاز له وحده التمسك بهذا البطلان. وإذا كان البطلان مطلقاً جاز للجميع التمسك به على اعتبار أنه من النظام العام، ووجب على المحكمة أن تحكم به من تلقاء نفسها، وإنما أثر الحكم بالبطلان لا يمس صحة عقد التحكيم بالنسبة لباقي أطرافه إلا إذا كان الموضوع لا يقبل التجزئة، ففى هذه الحالة ينقضى التحكيم في الموضوع برمته.

    وإنما يلاحظ أن بطلان عقد التحكيم بالنسبة لأحد المتضامنين لأمر يتصل بشخصه هو لا يمنعه بعدئذ - هو أو من يمثله - من الاحتجاج بالحكم الصادر من المحكم لمصلحة باقى المتضامنين عملا بالأصل العام المقرر في المادة 296 / 2 من القانون المدني، ويعمل بالقاعدة المتقدمة ولو كان البطلان المتقدم نسبيا، لأن تمسكه به لا يحرمه من الانتفاع بالنص العام المقرر في المادة 2/296. وعلى العكس، صدور الحكم على باقى المتضامنين لا يضر به طالما أنه تمسك بالبطلان النسبي في الوقت المناسب وصدور الحكم به (م) 296 / 1 من القانون). ويدق الأمر إذا ما اختصم جميع المتضامنين أمام المحكم ولم يمثل أمامه ذلك المتضامن الذى يعترى البطلان عقد تحكيمه – بعد إعلانـه بالحضور أمام المحكم إعلانا صحيحا، ثم صدر بعدئذ الحكم على المتضامنين، نرى أن التخلف عن الحضور لا يعد في ذاته اعتراضا على الخصومة أمام المحكم أو اعتراضا على عقد التحكيم، كما لا يعد بطبيعة الحال قبولا له. ومتى لم تصدر منه - أو ممن يمثله بحسب الأحوال - إجازة صريحة أو ضمنية لعقد التحكيم لا تسرى عليه حجية الحكم الصادر على باقى المتضامنين.