إذا كان موضوع النزاع لا يقبل التجزئة وتعددت أطرافه، وأبرم اتفاق تحكيم بالنسبة للبعض دون البعض الآخر، ورفعت الدعوى عليهم أمام القضاء، فهل يجوز لمن كان منهم طرفًا في اتفاق التحكيم أن يتمسك باتفاق التحكيم، لم أن عدم تجزئة موضوع النزاع يلغي إثر الاتفاق ويجيز اختصام الجميع أمام المحكمة؟ مثال: اشترى شخص بضاعة، وتضمن العقد شرط تحكيم، باع المشترى البضاعة إلى شخص آخر ولم يتضمن العقد الجديد شرط تحكيم. رفع المشترى الجديد دعوى ضد البائع له، فهل يستطيع المدعى عليه أن يدخل البائع له كضامن في الدعوى رغم وجود اتفاق تحكيم بينهما؟ وما يثور بالنسبة للإدخال يثور أيضًا عند رفع الدعوى ابتداء على عدة مدعى عليهم في موضوع لا يقبل التجزئة إذا كان بعضهم ليس طرفًا في اتفاق التحكيم.
لا مشكلة إذا كان من وقع على اتفاق التحكيم له قانونًا تمثيل باقی أفراد الطرف الذين يراد التمسك به في مواجهتهم، كما هو الحال بالنسبة لقيام أغلبية الملاك على الشيوع ممن لهم قانونًا حق التصرف في المال الشائع المال الشائع بأكمله مع الاتفاق على التحكيم بالنسبة للمنازعات التي تنشأ عن هذا البيع، فعندئذ يكون اتفاق التحكيم ملزمًا لجميع الملاك على الشيوع بمن فيهم من لم يوافق على العقد أو على اتفاق التحكيم. ولأن الموضوع لا يقبل التجزئة، فإن الدعوى ترفع بالنسبة للجميع أمام هيئة التحكيم.
ولكن المشكلة تثور إذا لم يكن للموقع على اتفاق التحكيم هذه السلطة. كان الفقه والقضاء الفرنسيان في مجموعهما يريان أنه يجب احترام شرط التحكيم بالنسبة لمن كان طرفًا فيه، ولو كان الموضوع لا يقبل التجزئة.
وفي تقديرنا أنه إذا كان هناك ارتباط، فإن هذا الارتباط ما دام لم يصل إلى حد عدم التجزئة. فإنه لا يكفي لإزالة إثر الاتفاق على التحكيم بالنسبة لطرفيه. ولهذا فإنه في المثال السابق إذا رفعت الدعوى أمام قضاء الدولة من المشترى الجديد على البائع له، فليس له أن يدخل البائع الأول في الدعوى فإن فعل فيكون لهذا الأخير التمسك بشرط التحكيم. وعلى المشترى الأول أن أراد الرجوع على البائع له باعتباره ضامنًا أن يتبع إجراءات التحكيم.
وعلى العكس، فإنه إذا كان موضوع الدعوى لا يقبل التجزئة فإنه يجب رفع الدعوى ضد الجميع أمام قضاء الدولة، ولو فرض وكان هناك اتفاق على التحكيم بين المدعى وبعض المدعى عليهم. ذلك أنه لا يجوز قانونًا السماح بتشتيت الموضوع الواحد الذي لا يقبل التجزئة، إذ الدعوى- عندما يكون الموضوع غير قابل للتجزئة- لا تقبل إلا إذا اختصم فيها جميع الأطراف. ولا يمكن القول برفع الدعوى بالنسبة للجميع امام هيئة التحكيم حتى بالنسبة لمن لم يكن طرفا في الاتفاق على التحكيم اذ في هذا الزام شخص باتفاق رغم ارادته وامتداد لشرط التحكيم الى غير اطرافه، ولا يقال بأن هذا الرأى يؤدى الى عدم احترام ارادة من وافق على التحكيم، إذ مثل هذا الاتفاق لا يكون صحيحًا بالنسبة لموضوع لا يقبل التجزئة الا اذا تم بين جميع اطراف هذا الموضوع، كما قدمنًا.
(111).