اتفاق التحكيم / قصر التحكيم على أطراف الاتفاق / الكتب / الفعالية الدولية للتحكيم في منازعات عقود الأستثمار الدولية / عدم المسئولية المباشرة للدولة عند لجوء مشروعتها إلى التحكيم
يسعى المستثمر الأجنبي الذي يتعاقد مع إحدى المؤسسات أو الهيئات العامة التابعة للدولة إلى أن يقيم مسئولية هذه الدولة على أساس أنه أكثر ملاءة من الشخص العام ، متذرعاً بأن شرط التحكيم الذي أبرمه مع المؤسسة أو الهيئة العامة يمتد أثره إلى الدولة ، لذلك فقد ثار التساؤل عن مدى سريان اتفاق التحكيم الذي تبرمه الأجهزة التابعة للدولة في مواجهة الدولة ذاتها ؟
أن شرط التحكيم المبرم بواسطة المؤسسات والهيئات العامة لا يمتد إلى الدولة ولا تلتزم به .
وكان مجمع القانون الدولى قد أكد في قراره الصادر سنة 1989 على عدم المسئولية المباشرة للدولة عند لجوء الأجهزة التابعة لها إلى التحكيم ، فقد نصت المادة السابعة من هذا القرار على أن : " موافقة الهيئة الحكومية على التحكيم لا تنطوي في حد ذاتها على موافقة الدولة أن تكون طرفاً في التحكيم " .
وقد أثيرت مسألة مدى امتداد نطاق التحكيم الذي يكون أحد أجهزة الدولة قد أبرمه في مواجهة الدولة في العديد من القضايا التحكيمية .
خلاصة ما تقدم فإنه لا يجوز مد أثر اتفاق التحكيم الذي تبرمه الهيئات أو المؤسسات التابعة للدولة في مواجهة الدولة ذاتها ، فالهيئات العامة التابعة للدولة لا تملك أن تقيد الدولة بما تبرمه من اتفاقات ، وأن تحمل الدولة بشرط تحكيم لم تقبله لمجرد تضمنه في عقد أبرمته إحدى هذه الهيئات ، فمجرد الرقابة التي تمارسها الدولة على مثل هذه الهيئات المتمتعة بشخصية قانونية لا تكفي للقول بمد أثر اتفاق التحكيم الذي تبرمه هذه الأخيرة في مواجهة الدولة ، ذلك أن إرادة الأطراف في مجال التحكيم هي القانون الأساسي للأطراف ، ومن ثم فإن قبول الدولة حل النزاع بالتحكيم لا يجوز أن يكون قائماً على مجرد افتراض أن المستثمر الأجنبي حينما تعاقد مع أحد الأجهزة التابعة للدولة ما كان ليقبل التعاقد معه لو علم عدم التزام الدولة باتفاق التحكيم بل يجب أن يكون هذا القبول صريحاً ومؤكداً وواضحاً .
ضمان الفعالية للحكم التحكيمي :-
لم يعد هناك جدل في أن التحكيم الدولي قد أصبح المرجع الأساسي في حسم منازعات عقود الاستثمار بما يمثله من ضمانة للاستثمار الدولي ، وبمقدار ما يكون التحكيم عسيراً تكون حركة الاستثمار بطيئة ، وبمقدار ما يكون التحكيم سهلاً وميسراً تنتعش حركة هذا الاستثمار .
وهكذا فإن فعالية التحكيم باعتقادنا كأسلوب لفض وتسوية المنازعات تتوقف على مدى القدرة على تنفيذ الحكم التحكيمي ، لذلك أنه إذا كانت الثمرة الحقيقية للتحكيم تتمثل في الحكم الذي يتوصل المحكمون إليه ، فإن هذا الحكم لن تكون له أية قيمة عملية إذا لم يتم تنفيذه ، لذلك يكون من الضروري تحقيق الفعالية للحكم التحكيمي من خلال ضمان تنفيذه .
ولقد حرصت معظم الاتفاقيات الدولية المعنية بالتحكيم بصفة أساسية على الوصول لأيسر السبل لتنفيذ أحكام التحكيم بغية تحقيق الحد الأقصى من الفعالية للحكم التحكيمي ( أولاً ) ، مع الإقرار بالحق للقضاء الوطني في إعمال الرقابة على أحكام التحكيم من خلال الاعتراف بإمكانية الطعن على حكم التحكيم بالبطلان أمام قضاء دولة مقر التحكيم أو أمام محاكم الدولة التي صدر الحكم بموجب قانونها ( ثانياً ) .