الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / خضوع التفسير للقواعد العامة / الكتب / قانون التحكيم في النظرية والتطبيق / خضوع التفسير للقواعد العامة

  • الاسم

    د. فتحي والي
  • تاريخ النشر

    2006-01-01
  • اسم دار النشر

    منشأة المعارف بالأسكندرية
  • عدد الصفحات

    626
  • رقم الصفحة

    155

التفاصيل طباعة نسخ

خضوع التفسير للقواعد العامة :-

 

يلزم تفسير اتفاق التحكيم لتحديد نطاقه وقد تثور مشكلة تفسير الاتفاق على التحكيم أمام هيئة التحكيم عند مباشرتها مهمتها، كما قد تثور أمام محكمة الدولة عند طرح اتفاق التحكيم عليها بمناسبة دعوى موضوعية يدفع فيها بوجود اتفاق على التحكيم لو بمناسبة نظر دعوى بطلان حكم تحكيم مستندة إلى أن الهيئة تجاوزت ولايتها المحددة في اتفاق التحكيم أو أعملته في مواجهة من ليس طرفًا فيه.
وأول مسألة تثور بالنسبة لتفسير اتفاق التحكيم هي تحديد القانون الواجب التطبيق على هذا التفسير وفي تقديرنًا أنه إذا كان أمر التفسير معروضًا أمام هيئة التحكيم فإنها تطبق قواعد التفسير التي ينص عليها القانون الذي تخضع له الشروط الموضوعية لاتفاق التحكيم. أما إذا كان أمر التفسير معروضًا على محكمة الدولة، فإن قاضى الدولة يقوم بالتفسير وفقًا لقانون دولته، إذ التفسير جزء من سلطته التي يباشرها وفقًا لقانونه.
ووفقًا لأحكام القانون المصري، يخضع تفسير اتفاق التحكيم لقواعد تفسير العقود التي تنص عليها المادتان ١٥٠ و ١٥١ مدني. وعلى هذا، فإنه إذا كانت عبارة الاتفاق واضحة فلا يجوز تفسيرها للوصول إلى معنى آخر بحثًا عن إرادة المتعاقدين، وذلك احترامًا لمبدأ سلطان الإرادة. وإذا كانت العبارة غير واضحة فيكون هناك محل لتفسيرها للبحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للنص «مع الاستهداء في ذلك بطبيعة التعامل وبما ينبغي أن يتوافر من أمانة وثقة بين المتعاقدين وفقًا للعرف الجاري في المعاملات (2/150 مدني). وفي هذا تقرر محكمة النقض أنه لان التحكيم طريق استثنائي لفض المنازعات قوامه الخروج على طرق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات، فإن الالتجاء إلى التحكيم يكون مقصورًا على ما تتصرف إرادة المحكمين إلى عرضه على المحكمين. ومتى كانت عبارة العقد واضحة، فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها التعرف على إرادة المتعاقدين، خروجًا على المعنى الظاهر لها».
وتطبيقًا لهذا قضت محكمة النقض المصرية بأنه «إذا كان شرط التحكيم الوارد في عقد الاتفاق... يشمل كل نزاع ينشأ بين الطرفين، فإن مفاده وفقًا لصريح هذه العبارة الواضحة» أن كل ما يثور من خلاف بين طرفي العقد يدور حول ما تتضمنه كافة بنوده هو مما يدخل فى ولاية المحكمين دون استثناء او تخصيص، واذ اتفق الطرفان على ان يكون استغلال المطعون ضده للغرفتين اللتين احتفظًا بحيازتهما في شقة النزاع قاصر على الاعمال المتعلقة بشئون اسرته وشئونه الخاصة، وهو شرط ورد بالعقد، فإن المنازعة بشأن اخلال المطعون ضده بهذا الشرط بتأجيره احدى الغرفتين للغير تعتبر من المنازعات الناشئة عن العقد المذكور وتدخل في عموم شرط التحكيم».
وقضى بأنه إذا كان شرط التحكيم في العقد ينص على سريانه على كل المنازعات التي تنشأ عن تفسير العقد أو تنفيذه، فإن المنازعات التي تتعلق بالإخلال بتنفيذ العقد وبالتزامات أحد المتعاقدين تدخل في نطاق شرط التحكيم.
كما قضى بان النص في عقد بيع السفينة على حل ما ينشأ من نزاع حول تفسير العقد أو تنفيذه بواسطة التحكيم يشمل المنازعة حول طلب رد مبلغ دفع بالزيادة على الثمن المتفق عليه إذ هذه المنازعة تدخل في نطاق شرط التحكيم.
وقد يحدث أن يتضمن العقد الأصلي أو المستندات المتبادلة بين الطرفين شرط التحكيم في نفس الوقت الذي تنص مستندات أخرى على اختصاص محكمة معينة. بل إنه في بعض الأحوال قد يتضمن نفس العقد شرط تحكيم وتحديدًا لاختصاص محكمة ما وعندئذ يجب البحث عن الإرادة الحقيقية للطرفين في ضوء نصوص هذه المستندات وبأعمال قواعد التفسير السالف بيانها المتعلقة بالاستهداء بطبيعة التعامل وبما يجب توافره من حسن النية والعرف الجاري، فإذا كانت هناك عبارة ما من شأنها إحداث أثر قانوني فإنه يجب تغليبها على تلك التي لا ترتب أي أثر قانوني. كما يجب النظر لي مجموع ما اتفق عليه الطرفان واستخلاص نتيجة من هذا المجموع. وعلى هذا فإنه إذا تضمن العقد شرط تحكيم وتحديدًا لاختصاص المحكمة فيمكن تفسير ذلك بان الطرفين اتجها إلى التحكيم بالنسبة لما يجوز فيه التحكيم، أما غير ذلك فإنهما اتفقا على الالتجاء بشأنه إلى القضاء فتكون الأولوية لأعمال شرط التحكيم، باعتباره يرد على خلاف الأصل العام وهو ولاية المحاكم، وإذا تضمن الاتفاق تحويل أي من الطرفين الالتجاء إلى التحكيم أو إلى محاكم الدولة، فإنه يجب احترام إرادة الطرفين، فيكون لأي من الطرفين الالتجاء إلى التحكيم أو إلى محاكم الدولة حسب ما يتراءى له فإن اختار أحد الطريقين، فليس له أن يتنازل عنه ويعود إلى استعمال الطريق الآخر وهذا الاختبار يلزم الطرف الآخر، فليس له بعد سلوك خصمه أحد الطريقين أن يسلك هو الطريق الآخر.
وإذا حدث وكان ما ورد فيما هو مكتوب بخط اليد يخالف ما ورد مكتوبًا بألة كاتبة أو مطبوعًا، فإنه يجب تغليب ما ورد بخط اليد.
ويمكن أن تثور مسألة تفسير فاتفاق التحكيم ليس فقط بالنسبة لتحديد نطاق التحكيم، بل أيضًا بالنسبة لتحديد إجراءات التحكيم التي نص الاتفاق على اتباعها، أو على ما يرد في اتفاق التحكيم من اختيار للمحكم أو لمن يعين المحكم أو غير ذلك مما تتضمنه مشارطة التحكيم.
ومن المقرر أن تفسير صيغ العقود واستظهار نية طرفيها امر تستقل به هيئة التحكيم، على أن ذلك مشروط بان تقيم قضاءها على اسباب
سائغة بما لا خروج فيه على المعنى الظاهر العبارات العقد. فان ارادت هيئة التحكيم حمل العبارة على معنى مغاير لظاهرها فعليها ان تبين في حكمها الاسباب المقبولة التي تبرر هذا المسلك.
(111).