استقرت القوانين الوطنية المتعلقة بالتحكيم، والمعاهدات الدولية ذات الصلة، والأحكام القضائية والتحكيمية على الانحياز إلى فكرة الأثر النسبي لاتفاق التحكيم كعقد عظيم الأثر لاتنصرف آثاره إلا إلى أطرافه الذين ارتضوا التحكيم لحل منازعاتهم، والابتعاد عن فكرة الوحدة الاقتصادية لمجموعة العقود، وذلك برفض من شرط التحكيم الوارد في عقد إلى غيره من عقود المجموعة إلا إذا أحال العقد الخالي من شرط التحكيم إلى العقد المتضمن شرط التحكيم إحالة من شأنها أن تدمجه في العقد الأول. وذلك كما يلى :
أولا: أثر مجموعة العقود على نطاق اتفاق التحكيم في القوانين والمعاهدات:
انحازت الاتفاقيات الدولية والقوانين التحكيمية الوطنية إلى رفض الامتداد التلقائي لشرط التحكيم الوارد في عقد من عقود المجموعة إلى غيره من العقود الأخرى في المجموعة، بحيث الايلتزم بهذا الشرط إلا أطرافه الذين وقعوا على العقد الذي يحتويه.
فالمادة ( ۲/۲۲) من اتفاقية الأمم المتحدة لنقل البضائع بالبحر ۱۹۷۸ (هامبورج ۱۹۷۸) تنص على أنه: "إذا تضمنت مشارطة الإيجار نصأ على إحالة المنازعات الناشئة بموجبها إلى التحكيم، وصدر سند شحن استنادا إلى مشارطة الإيجار دون أن يتضمن شرطة واضحة أو صريحا يفيد أن هذا النص يلزم حامل سند الشحن، ف لا يجوز للناقل الاحتجاج بهذا تجاه حامل السند الحائز له بحسن نية".
. وهكذا فإن الاحتجاج بشرط التحكيم الوارد في مشارطة الإيجار علی حامل سند الشحن، وامتداده إليه، سيكون فقط إذا حدد ذلك السند بواسطة شرط واضح" أنه سيحتج على حامل السند بهذا الشرط التحكيمي نتيجة مده إليه .
وكذلك تضمن كل من قانون التحكيم المصري في المواد المدنية والتجارية 1994، (م ۳/۱۰) وقانون التحكيم الإنجليزي يقضي بأن: "يعتبر اتفاق على التحكيم كل إحالة ترد في العقد إلى وثيقة تتضمن شرط التحكيم إذا كانت الإحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءا من العقد.
قد قررا عدم مد شرط التحكيم الوارد في أحد العقود إلى عقد آخر إلا وفق إحالة واضحة من العقد الأخير للعقد الأول يستشف منها اعتبار شرط التحكيم الوارد في العقد الأول جزءا من العقد الثاني.
ثانيا: أثر مجموعة العقود على نطاق اتفاق التحكيم في القضاء الوطني والتحكيم:
استقر القضاء الوطني والتحكيمي على عدم مد شرط التحكيم الوارد في أحد العقود إلى غيره من عقود المجموعة إلا إذا أحال هذا العقد الخالي من شرط التحكيم إلى العقد المشتمل على شرط التحكيم إحالة تدمج هذا في ذاك استنادا على فكرة الرضا باتفاق التحكيم وابتعادا عن فكرة الوحدة الاقتصادية لمجموعة العقود.
١- الاكتفاء بالإحالة العامة لمدنطاق شرط التحكيم:
يذهب هذا الاتجاه القضائي إلى الاكتفاء بإحالة العقد الخالی من شرط التحكيم إلى العقد الآخر المتضمن شرط التحكيم إحالة
عامة دون تحديد لشرط التحكيم الوارد به، وذلك حتى يمتد هذا الشرط التحكيمي من العقد الذي يتضمنه إلى العقد الأخر. ويذهب إلى هذا الاتجاه القضاء المصرى، وبعض الأحكام القضائية الإنجليزية والأمريكية :
وهكذا فإن هذا الاتجاه يكتفي بالإحالة العامة الواردة في أحد العقود للعقد الأخر بصفة عامة دون تحديد لشرط التحكيم الوارد فيه، للقول بمد شرط التحكيم إلى العقد الذي لايشتمل عليه .
۲- وجوب الإحالة الخاصة لمد نطاق شرط التحكيم:
يذهب هذا الاتجاه القضائي إلى عدم الاكتفاء بالإحالة العامة الواردة في العقد الخالي من شرط التحكيم إلى العقد الآخر الذي يحتوى شرط التحكيم، لمد نطاق هذا الشرط من هذا العقد إلى ذاك، إذ لابد لهذا المد من أن تكون الإحالة واضحة وصريحة ومحددة إلى شرط التحكيم الوارد في العقد الذي يحتويه لا إلى العقد في مجمله دون تحديد. ويذهب إلى هذا الاتجاه القضاء الوطني والتحكيمي الفرنسي، وبعض الأحكام القضائية الإنجليزية والأمريكية:
وهكذا فإن هذا الاتجاه لايكتفي بمجرد إحالة العقد الخالي من شرط التحكيم إحالة عامة إلى العقد الآخر المتضمن شرط التحكيم الامتداد هذا الشرط إليه، وإنما يستلزم إحالة خاصة إلى شرط التحكيم نفسه لتنهض هذه الإحالة الخاصة دليلا على العلم به ومن ثم الرضا والالتزام به.