اتفاق التحكيم / النطاق الموضوعي لإتفاق التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / التحكيم في المنازعات التي تكون الدولة طرفا فيها (في النظامين السعودي والمصري) / حالة الاتفاق على القانون الواجب التطبيق
قد يتفق طرفا العقد الإداري الدولي على أن تحديد القانون الذي يتوجب على جهة التحكيم تطبيقه بشأن النزاع المعروض عليها ، فإذا حدد طرفا النزاع في العقد الإداري للقانون الذي يحكم هذا النزاع ، فإن هيئة التحكيم تكون ملتزمة بتطبيق أحكام هذا القانون ، وإلا اعتبرت مخالفة لإحدى القواعد الأساسية في نظام التحكيم والمتمثلة في إعطاء الحرية للأطراف في تحديد القانون الواجب التطبيق على النزاع ، ويؤدي ذلك لبطلان حكم التحكيم الصادر عنها .
وجدير بالذكر أن الأصل أن يكون اتفاق العقد بشأن القانون الذي يتوجب على المحكم تطبيقه على العقد الإداري صريحاً ، ولكن ثار التساؤل في حال غياب الاتفاق الصريح هل يجوز للمحكم أن يبحث عن الإرادة الضمنية لطرفي العقد بشأن القانون الواجب تطبيقه على النزاع ؟
ويرى الباحث أنه لا محل للبحث عن الإرادة الضمنية بشأن تحديد القانون الواجب التطبيق في مجال العقود الإدارية ، لأن الأصل أن هذه العقود خاضعة للقانون العام للإرادة المتعاقدة ، ولا مسوغ للخروج عن هذه القاعدة بافتراض إرادة ضمنية غير منصوص عليها صراحة في العقد المبرم .
وقد يتفق طرفا العقد الإداري الدولي على اللجوء إلى التحكيم محل المنازعات المتعلقة بالعقد دون تحديد القانون الذي يتوجب تطبيقه على العقد .
وقد تباينت الاتجاهات الفقهية بصدد تحديد القانون الذي يتوجب تطبيقه في هذه الحالة ، فذهب اتجاه في الفقه إلى إخضاع العقد للشروط والأحكام الواردة في العقد.
بينما ذهب البعض الآخر إلى تطبيق قواعد القانون الدولي الخاص لتحديد القانون الواجب التطبيق .
يرى أتجاه في الفقه أن أطراف العقد يقومون بتحديد الالتزامات والحقوق المتعلقة بكل منهم ، بحيث يعتبر هذا العقد كافياً بذاته بما ورد فيه من شروط لحل أي نزاع ينشأ في المستقبل ، وبما يعني عن البحث عن القانون الذي يتوجب تطبيقه على العقد.
ولعل هذا الاتجاه قد استند على قاعدة (أن العقد شريعة المتعاقدين)، بحيث يكون العقد بمثابة القانون الذي يحكم أي خلاف ينشأ بشأن تطبيق أحكامه ، ويعتبر بمنزلة القانون المستقل الذي يخلقه أطراف التعاقد
الاتجاه الثاني : تطبيق قواعد القانون الدولي الخاص :
یری هذا الاتجاه وجوب تطبيق قواعد الإسناد المقررة في القانون الدولي الخاص لتحديد القانون الذي يتوجب تطبيقه على العقد الإداري الدولي، غير أن المشكلة التي تبرز هنا تتعلق بتحديد قواعد تنازع القوانين التي يمكن للمحكم اللجوء إليها
ولم يسلم هذا الاتجاه أيضاً من الأخذ والرد من قبل الفقه الوضعي المقارن .
ويلاحظ أن الاتجاه الغالب كان يقضي بخضوع العقود الإدارية الدولية القواعد القانون العام كما دامت الصفة الإدارية متوافرة فيها ، فهذه العقود تخضع لأحكام القانون العام ، ولا يوجد مسوغ للقول بخضوعها لأحكام القانون الخاص إلا إذا اتفق طرفا العقد على ذلك صراحة .