والمقصود من النطاق الموضوعي لاختصاص المحكم: هو بیان للمنازعات والخصومات، التي يحق للمحكم النظر فيها والقيام بالفصل فيها بأحكام فاصلة للخصومة، وملزمة لأطراف الخصومة.
والمحكم عند العرب قبل الإسلام في الجاهلية، كان ينظر في جميع الخصومات والمنازعات التي قد تحدث، سواء كانت تلك المنازعات متعلقة بالأمور المالية أو كانت تلك الخصومات جنائية أو أسرية أو مدنية، لأنه في تلك . الحقبة من الزمن لم توجد جهات يمكن اللجوء إليها لفض الخصومات التي قد تحدث، فكان الملجأ الوحيد لحل الخصومات هو ذلك المحكم الذي يتم اختياره للقيام بفض أية خصومات قد تقع، وإن سلطة المحكم كانت واسعة، حيث يجوز له أن ينظر في أي منازعة يتم عرضها عليه، بل يحق له أن يفصل في جميع المنازعات، ومع ذلك فسلطته مقيدة بالمنازعة المعروضة عليه، فلا يحق له أن يتعدى إلى حل خصومة لا يوجد بشأنها اتفاق، فلنفرض أن أطراف خصومة الجأوا إلى شخص ما ليقوم بالفصل في خصومة متعلقة بجانب مالي، ثم حدث شجار بين الخصوم مما أدى إلى وقوع جناية، فلا يحق للمحكم المختار أن يفصل في تلك الواقعة الجنائية إلا إذا فرضه الخصوم قيامة الفصل في تلك الواقعة، لذلك فإن الخصوم لهم كامل الحرية في أن يعرضوا على المحكم مايشاءون من الخصومات .
