الأصل في النطاق الموضوعي للنزاع أن يتحدد طبقا لقانون المرافعات تبعا للطلبات والدفوع التي يتقدم بها أطراف النزاع كوسيلة المباشرة دعواهم.
ولقد أجاز المشرع للقاضي أن يأذن بتقديم أية طلبات جديدة ترتبط بالطلب الأصلي في حين أن المحكم يلتزم بنطاق الموضوع حسب ما جاء في اتفاق التحكيم بحيث لا يفصل في شيء لم يشأ أطراف النزاع إخضاعه للتحكيم، كما يلتزم في الفصل في كافة ما طلبه الأطراف وإلا كان هذا الحكم عرضة للبطلان، طبقاً لنص المادة (1/53 /و) من قانون التحكيم المصري والتي تنص على أنه: "إذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم، أو جاوز حدود هذا ..الاتفاق. وهذا النص في الحقيقة شمل فرضين: الأول هو حالة فصل حكم التحكيم في سائل لم يشملها اتفاق التحكيم وهو سبب محدد واضح للطعن بالبطلان على حكم المحكم لأنه فصل في مسألة تقع خارج نطاق الاتفاق على التحكيم. أما الفرض الثاني الذي تواجهه المادة المذكورة فهو إمكانية الطعن بالبطلان على حكم التحكيم إذا جاوز حدود هذا الاتفاق وبطبيعة الحال فإن فصل المحكم مسألة تقع خارج نطاق الاتفاق على التحكيم تدخل في إطار تجاوز المحكم لحدود هذا الاتفاق مع مراعاة ما نص عليه قانون التحكيم المصري في المادة (2/30) من صلاحية هيئة التحكيم في الفصل في الطلبات العارضة التي تتصل بموضوع النزاع أو التمسك يحق ناشئ عنه بقصد الدفع بالمقاصة، وكذلك ما نصت عليه المادة (32) من نفس القانون من تعديل الطلبات أو أوجه الدفاع أو استكمالها خلال إجراءات التحكيم إذا رأت هيئة التحكيم أن الظروف تبرر التأخير، ولها عدم قبول ذلك إذا قدرت أن من شأنه تعطيل الفصل في النزاع.
وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض المصرية في حكم لها بأنه: "وحيث إن ما النعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولان إنهما دفعا باختصاص جهة التحكيم بحسم المنازعات الناشئة عن عقد شركة الشرق الأوسط للمقاولات طبقا لما اتفق عليه في العقد إلا أن الحكم اعتبر تقديم المطعون ضده طلبًا عارضًا بإجراء المقاصة القضائية مبررا للتحلل من اختصاص جهة التحكيم حول ما تدعيه من دين.
وحيث إن هذا النعي الذي تقدم به الطاعنان سديد لأن طلب المدعى عليه المقاصة
القضائية في صورة طلب عارض هو بمثابة دعوى وليس دفعاً موضوعيًا، فإن اللجوء إلى هذا الطريق لا يمنع من أعمال شرط التحكيم عند الدفع بوجوده، وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه على أن طلب إجراء المقاصة القضائية بمثابة دفاع ورد على الدعوى الأصلية وليس دعوى أصلية، فلا يجدي اللجوء إلى التحكيم في هذه الحالة ووفقا للبند الوارد في العقد، فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون مما يجعله حجة عن التعرض لموضوع الدفع بما يوجب نقضه.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن المادة (20) من قواعد اليونسترال قد أشارت إلىموضوع تعديل بيان الدعوى أو بيان الدفاع حيث نصت على أنه يجوز لكل من الطرفين خلال إجراءات التحكيم تعديل طلباته أو أوجه دفاعه أو استكمالها إلا إذا رأت هيئة التحكيم أن من غير المناسب إجازة التعديل لتأخر وقت تقديمه أولما قد ينشأ عنه من ضرر للطرف الآخر أو لأية ظروف أخرى، ومع ذلك لا يجوز إدخال تعديلات على طلب، يكون من شأنها إخراج هذا الطلب بعد تعديله عن نطاق شرط التحكيم أو الاتفاق المنفصل على التحكيم. أما القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي فقد نص على بيان الدعوى وكذلك بيان الدفاع، وذلك في المادة (2/23) منه حيث نصت على أنه ما لم يتفق الطرفان على شيء آخر، يجوز لكل منهما أن يعدل طلبه أو دفاعه أو أن يضيف إليهما خلال سير الإجراءات إلا إذا رأت هيئة التحكيم أن من غير المناسب إجازة مثل هذا التعديل لتأخر وقت تقديمه".