الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / النطاق الموضوعي لإتفاق التحكيم / الكتب / اتفاق التحكيم كأسلوب لتسوية منازعات عقود التجارة الدولية / لاتفاق التحكيم الدولي مبدأ الاختصاص بالاختصاص)

  • الاسم

    د. أحمد مخلوف
  • تاريخ النشر

    2005-01-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    544
  • رقم الصفحة

    310

التفاصيل طباعة نسخ

واستكمالا لتحقيق الفاعلية الكاملة لاتفاق التحكيم

، تظهر مرحلة هامة من عمر هذا الاتفاق، يحتاج فيها إلى تحقيق القوة الملزمة له، وذلك من أجل انعقاد الاختصاص بنظر النزاع لقضاء التحكيم، واستبعاد قضاء الدولة من الاختصاص به. هذه المرحلة هي مرحلة إجراءات التحكيم، والتي يحقق فيها هبة الاختصاص بالاختصاص (Compétence de la Competence) هذه القوة الملزمة على نحو ماسنرى تفصيلا على مدار هذا الفملی ويهمنا أن نؤكد هنا على أن فاعلية اتفاق التحكيم لايمكن أن تتحقق في هذه المرحلة لمجرد أن يتم عرض النزاع على قضاء التحكيم وإنما يجب فوق ذلك وفي نفس الوقت أن ينأى قضاء الدولة عن الاختصاص به(؟)، فبدون تحقيق هذين الأثرين للاتفاق - الإيجابي والسلبي معا - فإننا نكون أمام فاعلية غير مكتملة، يمكن أن تؤدي إلى نتائج ضارة في تسوية منازعات عقود التجارة الدولية.. إجراءات التحكيم، كما لو كان النزاع يدخل في حالات الاختصاص القاصر لقضاء الدولة، أو كان العقد الوارد به شرط التحكيم يمنی في نفس الوقت الاختصاص القضائي لدولة ما بالفصل في النزاع، مما يمكن أن يتوافر معه إن صح التعبير تنازع في الاختصاص بين قضاء الدولة وقضاء التحكيم. وهكذا سوف يتطلب منا البحث في هذا الفصل أن نتناول هذه المسائل جميعا:

...............................330 الاثار الاجرائية لاتفاقية التحكيم

اختصاص لاتفاق التحكم قضاء التحكيم بنظر النزاع -  إذا كان الأثر المترتب على اتفاق التحكيم الدولى هو أن ) يختص قضاء التحكيم وحده بنظر النزاع الناشئ عن عقود التجارة و البولية (النزاع الموضوعي)، فإن ثمة نزاعا من نوع آخر قد يثور بين الأطراف حول مدى اختصاص قضاء التحكيم بنظر هذا النزاع، إذ قد يدفع أحد الأطراف بأن قضاء الدولة هو المختص بسبب بطلان اتفاق التحكيم أو انعدامه، بينما يدفع الطرف الآخر بعكس ذلك. فما هو القضاء الذي يتعين عليه إذن أن يحسم هذه المسألة؟ هل هو قضاء التحكيم، أم قضاء الدولة؟ وعلى أي أساس يكون اختصاص أي منهما؟. مبدأ الاختصاص بالاختصاص

ومتي تحقق لقضاء التحكيم هذا الاختصاص، فإن المحكم يستطيع بعد ذلك أن يبحث ويحرية كاملة في حقيقة اختصاصه، فإذا تبين له صحة اتفاق التحكيم، فإنه يعلن اختصاصه بنظر النزاع الموضوعي) وإن تبين له عكس ذلك، فإنه يقضي بعدم الاختصاص. فهناك إذن اختصاص أصيل يكتسبه المحكم في جميع الأحوال، بصرف النظر عن حكم الاتفاق، وهو الاختصاص من أجل البت في اختصاصه، ثم هناك بعد ذلك الاختصاص الموضوعي الذي يتعلق بالفصل في النزاع الناشئ عن العقد، وهذا لايكتسبه المحكم إلا بناء على اتفاق تحكيم صحيح. أساس مبدأ الاختصاص بالاختصاص

الاختصاص بالاختصاص يجد مجاله عند البدء في إجراءات

وقبل تقدير صحة هذا الاتفاق. وبمعنى آخر، فإن مبدأ الاستقلال يأتي في مرحلة لاحقة يكون فيها مبدأ الاختصاص بالاختصاص

، الأمر الذي ينتفي معه أن يكون هذا المبدأ هو أثر من آثار مبدأ

الاستقلال.  

انه لما كان بعض الفقه ينفى مبدأ الاستقلال في حالة انعدام العقد الأصلي     فإن مؤدى ذلك ألا يتقرر مبدأ الاختصاص بالاختصاص في هذه الحالة، ولكن الواقع يؤكد على أن المحكم يفصل في مسألة اختصاصه عند الادعاء بانعدام العقد أو حتى الاتفاق نفسه، وذلك لتقدير صحة هذا الادعاء.      ويعبر الأستاذ (Loquin) عن هذا المعنى بقوله

تهدف إلى تمييز اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي، أما مبدأ الاخت بالاختصاص فيتعلق بمسألة إجرائية (Question de Procedure تم إلى منح المحكم سلطة تقرير اختصاصه خاصة في الحالة التي يثور في الشك حول صحة اتفاق التحكيم ويبدو فيها أن بطلانه نابع من ذاته لا من العقد الوارد به.  

وهكذا يتقرر مبدأ الاختصاص بالاختصاص، بصرف النظر عن استقلال الاتفاق من عدمه، الأمر الذي يؤكد على أنه مبدأ مستقل في ذاته، ينظمه قانون التحكيم التجاري كقاعدة أساسية من قواعد إجراات التحكيم. فلو أخذنا بقواعد التحكيم التي أقرتها لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولية عام 1976، لسوف نجد أن

 المادة (۲/۲۱) تقرر بوضوح أن هيئة التحكيم هي صاحبة الاختصاص بالفصل في الدفوع الخاصة بعدم اختصاصها، ويدخل في ذلك الدفوع المتعلقة بوجود شرط التحكيم، أو الاتفاق المنفصل على التحكيم، أو بصحة هذا الشرط، أو هذا الاتفاق كذلك ينص القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي في المادة (16) على أن هيئة التحكيم هي التي تبت في اختصاصها بما في ذلك البت في أي اعتراضات تتعلق بوجود اتفاق التحكيم أو بصحته.

فهو لا ينتظر أن يمنحه قضاء الدولة هذا الاختصاص، لأنه مقرر له بصفة تلقائية، كقاعدة إجرائية أساسية كما سبق القول. . ولا يخرج موقف قضاء التحكيم عند بحث مسألة اختصاصه عن أحد فرضين: فهو إما أن يقرر اختصاصه بنظر النزاع أو يعلن عدم اختصاصه، فإذا قرر اختصاصه، فذلك معناه أنه قد أقر بصحة الاتفاق، وفي هذه الحالة فهو يمضي قدما لبحث النزاع الموضوعي بعد أن حسم نزاع الاختصاص.     ويستطيع المحكم أن يعلن قراره بالاختصاص في حكم تمهیدی (Sentence Pertielle) أو يؤجله إلى صدور الحكم النهائي في النزاع الموضوع. وقد تفرض بعض التشريعات أن يفصل المحكم في اختصاصه في حكم تمهیدی کمسألة أولية (Question Préalable) يجب حسمها في وقت مبكر قبل ص

کمسألة أولية أو في قرار التحكيم الموضوعي. وأوضح القانون النموذجي أنه إذا قررت هيئة التحكيم حسم من المسألة في قرار تمهيدي وأعلنت اختصاصها، فإنه يجوز لأي من الطين.. خلال ثلاثين يوما من إعلانه بهذا القرار أن يطعن فيه أمام المحكمة المختصة، وحتى يفصل في هذا الطعن، فإن هيئة التحكيم لها أن تستمر في الإجراءات وأن تصدر حكم التحكيم. وقد أدخل الشارع المصري تعديلا هاما على حكم هذه المادة نراه مفيدا وذلك بالنص في المادة (۳/۲۲) على عدم جواز الطعن في قرار هيئة التحكيم التمهيدي بالاختصاص إلا عن طريق رفع دعوى بطلان الحكم التحكيم المنهى للخصومة كلها.    هل يجوز الطعن في قرار هيئة التحكيم بعدم اختصاصها بالفصل في النزاع؟

وقد يجد قضاء التحكيم أن اتفاق التحكيم غير صحيح في ذاته، فيضطر إلى إعلان عدم اختصاصه بالفصل في النزاع، فهل يجوز للأطراف الطعن في هذا القرار؟ الواقع أن هناك بعض التشريعات قد أجازت صراحة الطعن في قرار هيئة التحكيم إذا أعلنت اختصاصها أو عدم اختصاصها بطريق الخطة.   

نؤيد هذا الحكم، الذي يعطي للأطراف حق الطعن في القرار .

، بعدم الاختصاص مثله مثل القرار الصادر بالاختصاص. وفي به الحالة، إذا أيد قضاء الدولة عدم الاختصاص   ، فلا مفر أمام الأطراف من إبرام اتفاق تحكيم جديد (صحيح)، أما إذا حكم قضاء الدولة بصحة الاتفاق، فهنا يتعين على قضاء التحكيم أن يفصل مباشرة في موضوع النزاع، فإذا رفض المحكم ذلك، فقد ذهب بعض الفقه إلى أنه يعتبر منكرا للعدالة (Deni de Justice)، ويجب أن يتولى محكم آخر بدلا منه مهمة الفصل في النزاع.   

أما الأثر السلبي لمبدأ الاختصاص بالاختصاص، فهو يفرض على قضاء الدولة أن يمتنع عن تقرير اختصاصه بالبت في شأن اتفاق التحكيم قبل أن يقرر قضاء التحكيم هذه المسألة؛ أي أنه مادام قضاء التحكيم لم يبت فيها بعد، فإن قضاء الدولة يلتزم بألا يتصدى لها. وعلى ذلك إذا سارع أحد الأطراف إلى قضاء الدولة لعرض النزاع اعتمادا منه على بطلان الاتفاق قبل أن يتمكن قضاء التحكيم من تقرير اختصاصه، فإن ذلك لا يحول دون تطبيق الأخير لقاعدة الاختصاص بالاختصاص.

ويعيب النحس الإنجليزي، أنه يعلق مبدأ الاختصاص الاختصاص على إرداة الأطراف، في حين أنها مسألة إجرائية تنظيمية يجب أن يحسمها قضاء التحكيم بنفسه وفقا للمفهوم الأصلي لهذا المدة    ويكفي أن يتقرر للأطراف فيما بعد الطعن على قرار هيئة التحكيم إذا أعلنت اختصاصها بطريق الخطأ، وهو ما أكده قانون التحكيم الإنجليزى نفسه  للمحاكم الإنجليزية تقدير صحة اتفاق التحكيم الدولي وحسم مسألة اختصاص قضاء التحكيم، قد ألقت بظلالها عند صياغة هذا النص، ليكون الجديد الذي جاء به هو في اشتراط اتفاق الطرفين معا.۲/۳۲/ا) أو أحدهما مع هيئة التحكيم (۲/۳۲/)

بعد أن كان يكفي في القوانين السابقة أن يطلب ذلك أحد الأطراف بمفرده حتی يستطيع قضاء الدولة أن يتدخل لحسم مسألة الاختصاص.  وهكذا يمنح اتفاق التحكيم الدولی كأسلوب لتسوية منازعات عقود التجارة الدولية المحكم سلطة البت في تقرير مسالة اختصاصه، فيعلن إذا كان هذا الاتفاق صحيحا أو باطلا، وهو مايحقق للمتعاملين في التجارة الدولية الأمان القانوني عند تسوية النزاع بجعل كل مايثور حول صحة الاتفاق من اختصاص قضاء التحكيم وحده. عدم اختصاص محاكم مجلس الدولة  بنظر النزاع الموضوعي  إذا كان الأثر السلبي لمبدأ الاختصاص بالاختصاص يلزم قضاء الدولة بألا يتدخل في تقرير مسألة اختصاص قضاء التحكيم ب ص اصة ان هناك أثرا آخر يرتبه اتفاق التحكيم التولى نفسه، وهو امتناع قضاء الدولة عن الفصل في النزاع الموضوعي وعلى ذلك، فالنزاع الذي يطرح على قضاء الدولة لا يخلو من أحد فرضين: الفرض الأول: أن يتعلق النزاع بشأن اتفاق التحكيم الدولى نفسه، وهنا يتعين على قضاء الدولة أن يمتنع عن بحث صحة الاتفاق، تاركا ذلك الأمر القضاء التحكيم وفقا لمبدأ الاختصاص بالاختصاص. الفرض الثاني: أن يتعلق النزاع بالعقد الوارد بشأنه اتفاق التحكيم؛ أي النزاع الموضوعي، وهنا يتعين على قضاء الدولة أن يمتنع عن . الاختصاص بنظر هذا النزاع أيضا، وفقا للأثر السلبي الملزم لاتفاق التحكيم الدولي وقد سبق أن تناولنا الفرض الأول بالمبحث السابق   ، لذلك سوف نقتصر هنا على بيان الفرض الأخير بشئ من التفصيل. أساس عدم اختصاص قضاء الدولة بنظر النزاع الموضوعي:

بشأنه اتفاق التحكيم، إذ كان يستطيع إذا توافرت له أسباب قوية أن يحكم باختصاصه بنظر النزاع، وعدم الالتفات إلى اتفاق التحكيم. ونستطيع أن نتلمس ذلك على سبيل المثال في دعوى (Fehrman)، وهي شركة إنجليزية كانت قد تعاقدت على شحن بضاعة لها من ميناء بحری سوفيتي إلى إحدى الموانئ الإنجليزية، وبسبب تلف أصاب البضاعة اثناء الرحلة البحرية قامت الشركة المذكورة باللجوء إلى القضاء الإنجليزي، الذي أعلن اختصاصه بنظر النزاع رغم أن سند شحن البضاعة كان يتضمن شرط تحکیم غرفة التجارة البحرية بالاتحاد السوفيتي. وكان من بين ما استند إليه القضاء الإنجليزي في اختصاصه بنظر النزاع الجنسية الإنجليزية للطرف المدعي  وهكذا فقد أصبح واجبا على قضاء الدولة، عندما يطرح نزاء أمامه وارد بشأنه اتفاق التحكيم أن يعلن عدم اختصاصه بنظر هذا النزاع، بل ويحيل الأطراف المتنازعة إلى التحكيم. غير أن الملاحظ أن اتفاقية نيويورك وبعض التشريعات المقارنة تشترط حتى يعلن قضاء الدولة عدم اختصاصه بنظر النزاع أن يكون اتفاق التحكيم قد ورد في الأصل صحيحا، وأن يتمسك به أحد الأطراف.     ولنا على هذين الشرطين الملاحظات الآتية

- إنه وفقا لمبدأ الاختصاص بالاختصاص، يمتنع على قضاء الدولة أن | يقرر شيئا يخص اتفاق التحكيم، حتى ولو كان في ظاهرة البطلان؛ ومن ثم يجب إعلان عدم اختصاصه عند تمسك أحد الأطراف ببطلان الاتفاق: وقد يعترض على ذلك، بأنه لا فائدة من طرح النزاع على التحكيم وقد تبين المحكمة بطلان الاتفاق، مما يضيع معه الوقت في إحالة النزاع إلى التحكيم ثم عودته مرة أخرى إلى قضاء الدولة. ورغم وجاهة هذا الاعتراض، إلا أنه يحمل مصادرة على المطلوب، فالهدف الذي نرمي إليه من امتناع قضاء الدولة هو عدم التعدى على اختصاص بناء التحكيم، الذي له وحده تقرير مسألة اختصاصه.    وليس في إعمال ذلك كما يتصور البعض إهدارا للوقت، إذ يستطيع قضاء التحكيم إذا تبين له أن الفصل في النزاع الموضوعي سوف يستغرق وقتا طويلا أن يحسم مسألة اختصاصه في حكم تمهیدی إنه يكفي أن يدعى أحد الأطراف بطلان اتفاق التحكيم أمام قضاء الدولة حتى يتحلل من التزامه باللجوء إلى التحكيم، لا سيما إذا كانت الدولة التي ينظر قضاؤها هذا النزاع تتخذ من التحكيم التجاري البولي موقفا عدائيا، إذ سوف يتم تفسير الاتفاق على نحو يؤدي إلى بطلانه بينما يختلف الأمر إذا أعلن القضاء عدم اختصاصه،  قد عاد وأكد على أن الايمنع البدء أو الاستمرار في إجراءات التحكيم (م۲/۸)، مما يؤكد على عدم سلب قضاء التحكيم لولايته في تقرير مسألة اختصاصه. 

إن الرقابة اللاحقة التي يمارسها قضاء الدولة سواء عند تنفيذ حكم التحكيم، أو عند الطعن عليه بالاستئناف، أو عند رفع دعوى لبطلانه تتطلب منه أن يعلن عدم اختصاصه بنظر النزاع، ذلك أن هذه الرقابة هي التي تحقق له الوقوف الحقيقي على صحة اتفاق التحكيم الدولي، إذ أنه بصدور حكم التحكيم يكون المحكم قد بحث مسألة صحة الاتفاق، وأخذ الوقت الكافي للاستماع إلى إدعاءات الخصوم وحسم هذه المسألة     مما يكون قراره في هذا الشأن تبصرة للقضاء حول بعض النقاط التي يمكن أن يستعين بها في تقديره لصحة الاتفاق، والتي قد يؤثر غيابها بادی الأمر في تقديره لحكم عکسی، فضلا عن أن ذلك يساعده في سرعة الفصل في هذه المسألة.(

ن الأثر الذي يرتبه الاتفاق التحكيم الدولي، حيث ن ص في

المادة (۱/۱۳) على إنه "يجب على المحكمة التي يرفع إليها

نزاع يوجد بشانه اتفاق تحكيم أن تحكم بعدم قبول الدعوى، إذا دفع المدعى عليه بذلك قبل إبدائه أي طلب أو دفاع في الدعوى". وهذا الحكم الذي جاء به قانون التحكيم المصري وهو عدم القبول (Irrecivibilite)، وليس يختص قضاء الدولة بنظر نفس النزاع.(

يفترض أن قضاء الدولة كان قد انعقد له الاختصاص بداية : السبب أو لآخر أن الدعوى غير مقبولة. اولا نعتقد أن اتفاق التحكيم الدولي يعد من هذه الأسباب، وإلا كان معنى ذلك أنه يعطي الاختصاص لقضاء الدولة وقضاء التي واحد، وهو ما لم يقل به أحد. این داستان فإذا قيل بأن قضاء الدولة له اختصاص أصيل من قبل وجود اتفاق التحكيم، لوجدنا أن ذلك ينصرف فقط إلى المنازعات الوطنية البحتة، أي في مجال التحكيم الداخلي، أما على الصعيد الدولي، فلا يوجد لقضاء بولة ما الاختصاص القاصر بتسوية منازعات عقود التجارة الدولية ومن ثم كان اتفاق التحكيم من أنجح الوسائل لفض حالات تنازع لا الاختصاص القضائي بين الدول.

إذا كان الشارع المصري قد اعترف للإرادة بالقدرة على إثبات ولاية المحاكم المصرية بالفصل في المنازعات ذات الطابع البولي حيث کون منتفية عنها، أي السماح للأطراف بمنح القضاء القضاء المصری مالبس من اختصاصه ( م ۳۲ من قانون المرافعات)، فإن المنطق يقضي بدوره أن يسمح لتلك الإرادة بسلب الاختصاص عن القضاء المصري حيث يكون ثابتا له وذلك من خلال وجود اتفاق التحكيم الدولي.) الحكم بعدم الاختصاص بحفق القوة الملزمة لاتفاق التحكيم الدولي:

- ومتى انتهينا إلى أن التكييف الصحيح حيال وجود اتفاق التحكيم الدولى هو أن يعلن القضاء عدم اختصاصه، فإن ذلك هو الذي المحقق القوة الملزمة لهذا الاتفاق، حيث يصبح القاضي ملتزما بأن يتدخل من تلقاء نفسه لإعمال أثر الاتفاق دون انتظار لأن يدفع بذلك أحد الخصوم     ، وهو ما يغلق الباب تماما للتحلل من اتفاقات التحكيم وإهدار والحقيقة أن هذا اللبس في التكييف كان قد سبق للمحكمة الدستورية العليا أن حسمته في الحكم الصادر عنها بتاريخ 17 ديسمبر 1994   بقولها إن اتفاق التحكيم هو بمثابة عزل المحاكم جميعها عن نظر المسائل التي يتناولها التحكيم استثناء من خضوعها أصلا لها . كما سبق لمحكمة النقض المصرية أن قررت بأن اتفاق التحكيم السابق على الدعوى يجعل المحكمة غير مختصة. ( نقض مصري بتاریخ ۲۲ من ديسمبر ۱۹۹۱، منشور بمجلة التحكيم الفرنسية لسنة 1994  ، ص ۷۰۷، تعليق عبد الحميد الأحدب).      وهذا هو ما يسير عليه القضاء المصري عند غياب المدعى عليه في منازعة بولية إذ تقضي المادة 35 من قانون المرافعات على أنه «إذا لم يحضر المدعى عليه ولم تكن محاكم الجمهورية مختصة بنظر الدعوى طبقا للمواد السابقة ( وهي المواد الخاصة بتحديد اختصاص المحاكم المصرية بنظر المنازعات القانونية الدولية تحكم المحكمة بيع اختصاصها من تلقاء نفسها

اتفق الخصوم على وی أن يحيلهم إلى قيمتها، وإذا كان القاضي المصري يستطيع إذا اتفق الخ التقاضي أمام محكمة غير المحكمة المرفوعة إليها الدعوى أن و المحكمة التي اتفقوا عليها (م ۱۱۱ من قانون المرافعات)، فذلك أن في حالة الاتفاق على التحكيم، لأن الأخير هو القضاء الطبيعي لمنازعا التجارة الدولية الحالات التي تبرر تدخل قضاء الدولة دون اختصاصه بحكم النزاع:

هذا ولا يعتبر من قبيل اختصاص قضاء الدولة بحكم النزاع، الحالات التي يتدخل فيها بقصد ضمان سير عملية التحكيم، وهذه الحالات هی الحالة الأولى: صعوبة تشكيل هيئة التحكيم قد يصادف الأطراف صعوبة في تشكيل هيئة التحكيم التي ينعقد لها الاختصاص بنظر النزاع)، فيضطر أحد الأطراف أن يلجأ إلى قضاء الدولة لحل هذه المسألة. وفي هذه الحالة، فإن تدخل قضاء الدولة لا يعتبر اختصاصا منه بنظر النزاع، حيث يقتصر دوره على مساعدة الأطراف في تشكيل هيئة التحكيم التي أخفقوا فيها بمفردهم. وقد نظم القانون المصرى هذه المسالة وأعطى لمحكمة استئناف القاهرة مهمة تشكيل هيئة التحكيم (م ۱۷)، كما تناولها القانون الفرنسي بمنح رئيس المحكمة الابتدائية بباريس هذا الاختصاص خاصة في حالة التحكيم الحر. (Ad hoc)      أصدرت محكة استئناف القاهرة حكما حديثا بتاریخ ۲۹ يونية ۲۰۰۲ أكد أن طلب تعيين الحكم طبقا للمادة 17 من قانون التحكيم يجب أن يقدم إلى المحكمة المختصة بالطرق المعتادة لرفع بكامل هينتها، ولصدر فيه حكما بالمعنى المعروف، وإنه لا يجوز تقديم ذلك الطلب إلى رئيس بموجب عريضة طبقا للمواد 194 وما بعدها من قانون المرافعات. (انظر) في تفاصيل هذا " المستحدث في التحكيم التجارى الدولى". (تحت الطبع).

الحالة الثانية: أتخاذ إجراءات وقتية أو تحفظية حنان قد يعهد إلى قضاء الدولة بمهمة اتخاذ إجراءات وقتية (Provisoire) ..دلة (Conservatoire): مثل الأمر بالحراسة، أو وضع الأختام، أو اسم: التحفظى، أو بيع بضاعة يخشى عليها من التلف، إلى ما شابه ذلك. ابنه الإجراءات لا تعني تدخل قضاء الدولة في نظر النزاع الموضوعي،

اجراءات الهدف منها مساعدة قضاء التحكيم في مهمة تحقيق العدالة لما يتمتع به قضاء الدولة من سلطة التنفيذ الجبری. ولهذا يستطيع المحكم أن يطلب من القضاء إلزام شاهد بالحضور، أو تقديم الغير المستند تحت بده، أو توقيع جزاء على من يمتنع من هؤلاء، إلى ماغير ذلك.   الحالة الثالثة: حسم مسألة قانونية وينفرد قانون التحكيم الإنجليزي في أنه يعطى للمحكم وكذلك الخصوم الحق في أن يطلبوا من قضاء الدولة (الإنجليزي) حسم مسألة قانونية (Question of Law) تشكل صعوبة أثناء نظر موضوع النزاع. ويشترط أن تتعلق هذه المسألة بأحكام القانون الإنجليزي وليس أي قانون آخر، وأن تؤثر بشكل جوهري على حقوق بعض أو كل الأطراف. وإذا كان هذا الإجراء يعتبر من آثار القوانين السابقة فيما عرف باسم (Special case) إلا أن القانون الجديد قد أحاطه بقيد هام وهو: ضرورة ان يطلبه كلا الطرفين أو المحكم نفسه، فإذا طلبه أحد الأطراف بمفرده ولم يلق تأييدا من جانب المحكم لم يتدخل قضاء الدولة  الحالة الرابعة: دعوى الأمر بتنفيذ حكم التحكيم و اخيرا، فإن تدخل قضاء الدولة المطلوب منه تنفيذ حكم التحكيم في مراقبة

هذا الحكم؛ للتأكد من استيفاءه للشروط الأساسية التي تطلب ا الأمر بتنفيذه (Excequatur')    لا يعتبر اختصاصا منه بموضوع النزا ذلك أن دعوى الأمر بالتنفيذ ينحصر موضعها في الحكم المطلوب تنفین ولا ترمي إلى بحث موضوع النزاع الذي فصل فيه الحكم.   

وهكذا نستطيع أن نخلص مما تقدم إلى الأثر الهام الذي يرتبه اتفاق التحكيم الدولي في تقرير قضاء الدولة عدم اختصاصه بالفصل في النزاع. وينفرد اتفاق التحكيم بالمقارنة بشرط الاختصاص القضائي الدولى بهذا الأثر القوى في سلب الاختصاص عبن قضاء الدولة. فالشرط الأخير تشعر معه الدولة بالمساس بسيادتها لخروج المنازعة من ولايتها إلى ولاية القضاء الأجنبي، ولذلك فهي تتشدد في الشروط التي تجيز للأطراف إخراج المنازعة من اختصاصها والعهدة بها إلى القضاء الأجنبي، بل حتى مع توافر هذه الشروط قد يبطل القضاء الوطني شرط اختصاص القضاء الأجنبي بالفصل في النزاع الناشئ عن العقد التجاري

أصدرت محكمة تمييز دبي في 8 يونية ۱۹۹۷ حكما يقضي بإبطال شرط الاختصاص لمحاكم المملكة العربية السعودية على الرغم من صحة هذا الشرط وفقا للقواعد المتعارف عليها دوليا. فقد تضمن العقد التجاري الدولي (عقد مقاولة من الباطن الذي تم إبرامه وتنفيذه في المملكة العربية السعودية شرطا يقضي باختصاص محاكم المملكة بنظر النزاع الناشئ عن العقد، إلا أن أحد الأطراف لجأ إلى محكمة دبي لمطالبة الطرف الآخر بتنفيذ التزامه بسداد مبلغ برهم إماراتي، ومع أن الطرف المدعى عليه تمسك بشرط الاختصاص القضائي المحاكم السعودية وفقا للبند الثامن من العقد إلا أن محكمة دبي الكلية رفضت هذا الفع والزمت الشركة المدعى عليها بأن تدفع للشركة المدعية من تاريخ الدعوى وحتى تمام السداد. طعنت الشركة المحكوم ضدها على الحكم أمام محكمة استاف لبي، إلا أن الأخيرة رفضت الاستئناف وأيدت الحكم الأبتدائی، فلجأت الشركة إلى الطعن أمام محكمة تمييز دبي التي أيدت الحكم الاستئنافی مقررة بطلان شرط الاختصاص القضائي الوارد بالعقد لسلبه الاختصاص من محاكم دولة الإمارات وذلك تأسيسا على حكم المادة ۲۰ من قانون الإجراءات المدنية