الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / النطاق الموضوعي لإتفاق التحكيم / الكتب / أركان الإتفاق على التحكيم وشروط صحته / النطاق الموضوعي للإتفاق علـى التحكيم " المنازعات " المنازعات التي يمكن أن تكون محلا للإتفاق على التحكيم شرطا كان ، أم مشارطة ".

  • الاسم

    د. محمود السيد عمر التحيوي
  • تاريخ النشر

    2007-01-01
  • اسم دار النشر

    دار الفكر الجامعي
  • عدد الصفحات

    790
  • رقم الصفحة

    331

التفاصيل طباعة نسخ

النطاق الموضوعي للإتفاق علـى التحكيم " المنازعات " المنازعات التي يمكن أن تكون محلا للإتفاق على التحكيم شرطا كان ، أم مشارطة ".

   الإتفاق على التحكيم " شرطا كان ، أم مشارطة " - كغيره من العقود - يجب أن يكون له محلا يرد عليه ، فهو لا يختلف عن غيره من العقود في هذا الشأن ، حيث يعد محل العقد ركنا أساسيا من أركانه ، والذي لا ينعقد بدونه .

   ويشترط فى هذا المحل فضلا عن وجوده ، أن يكون معينا ، أو على الأقل قابلا للتعيين ، وأن يكون مشروعا ، تطبيقا للنظرية العامة للعقد.

     إلا أنه وبالنسبة للإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - فإنه يجب أن يتضمن شيئا آخر ، هو تحديد النزاع " المحتمل ، وغير المحدد ، أو القائم بالفعل بين الأطراف المحتكمين - أطراف الإتفاق على التحكيم - لحظة إبرام الإتفاق على التحكيم " ، والمراد الفصل فيه عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ، أو هيئات غير قضائية - دون المحكمة المختصة أصلا بتحقيقه ، والفصل فى موضوعه - وهـذا هـو الجانب الموضوعي في محل الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - فيجب لقيام الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - أن يكون النزاع " المحتمل ، وغير المحدد، أو القائم بالفعل بين الأطراف المحتكمين - أطراف الإتفاق على التحكيم - لحظة إبرام الإتفاق على التحكيم " ، والمراد الفصل فيه عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ، أو هيئات غير قضائية - دون المحكمة المختصة أصلا بتحقيقه ، والفصل في موضوعه - موجودا ، ومحددا ، ومن بين المنازعات التي يجوز الفصل فيها عن طريق نظام التحكيم .

وجود النزاع " المحتمل ، وغير المحدد ، أو القائم بالفعل بين الأطراف المحتكمين - أطراف الإتفاق على التحكيم - لحظة إبرام الإتفاق على التحكيم والمراد الفصل فيه عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ، أو هيئات غير قضائية - دون المحكمة المختصة أصلا بتحقيقه ، والفصل في موضوعـه – وتحديد المعنى الموضوعي لمحل التحكيم .

فكرة عامة عن محل العقد :

محل العقد يمثل ركنا أساسيا من أركانه ، والذي لا ينعقد بدونه.

ومحل العقد هو :

   الإلتزامات التى يولدها ، أو الشئ الذى يلتزم المدين بعمله ، أو بالإمتناع عن عمله .

   ويشترط فى محل العقد بصفة عامة - فضلا عن وجوده - أن يكون معينا ، أو على الأقل قابلا للتعيين ، وأن يكون مشروعا .

   وقد تضمنت المواد ( ۱۳۱ ) - ( ١٣٥ ) من القانون المدنى المصرى الشروط الواجب توافرها في محل العقد بصفة عامة . وهذه الشروط هــي 

الشرط الأول :

   أن يكون محل العقد ممكنا ، غير مستحيل :

    يلزم لنشأة الإلتزام . وبالتالي ، لقيام العقد الذي يولده أن يكون محله ممكنا ، غير مستحيل . وفي ذلك ، تنص المادة ( ١٣٢ ) من القانون المدنى المصرى على أنه :

   " إذا كان محل الإلتزام مستحيلا فى ذاته كان العقد باطلا".

  فإذا التزم المدين بما هو مستحيلا ، بطل التزامه، وبطل العقد الذي أريد له أن ينشؤه.

الشرط الثاني :

   أن يكون محل العقد معينا ، أو قابلا للتعيين :

    يشترط فى محل الالتزام أن يكون معينا ، أو على الأقل قابلا للتعيين . وفي ذلك ، تنص المادة ( ۱۳۳ ) من القانون المدنى المصرى على أنه :

   " 1 - إذا لم يكن محل الإلتزام معينا بذاته وجب أن يكون معينا بنوعه ومقداره وإلا كان العقد باطلا .

   2 - ويكفى أن يكون المحل معينا بنوعه فقط إذا تضمن العقد مايستطاع به تعيين مقداره . وإذا لم يتفق المتعاقدان على درجة الشيء من حيث جودته ، ولم يمكن استخلاص ذلك من العرف ، أو من أى ظرف آخر ، التزم المدين أن يسلم شئ من صنف متوسط " . 

والشرط الثالث : 

    أن يكون محل العقد مشروعا :

   يشترط فى محل الإلتزام أن يكون مشروعا - أي جائزا قانونا - فإذا كان محل الإلتزام غير مشروع ، ماقام الإلتزام ، وبطل العقد الذي كان من شأنه أن يولده ، لعدم مشروعية محله . وفي ذلك ، تنص المادة ( ١٣٥ ) من القانون المدنى المصرى على أنه:

   " إذا كان محل الإلتزام مخالفا للنظام العام والآداب كان العقد باطلا " .

مفهوم المحل في الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة 

يتضمن الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - بالنسبة لمحله معنى مزدوجا :

المعنى الأول :

       موضوعيا :

   وهو النزاع " المحتمل ، وغير المحدد ، أو القائم بالفعل بين الأطراف المحتكمين - أطراف الإتفاق على التحكيم - لحظة إبرام الإتفاق علــى التحكيم " ، والمراد الفصل فيه عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفـــراد عاديين ، أو هيئات غير قضائية - دون المحكمة المختصة أصلا بتحقيقه والفصل في موضوعه .

والمعنى الثاني : 

      شخصيا :

   وهو هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - دون المحكمة المختصة أصلا بتحقيقه والفصل فى موضوعه - باعتبار أن تعيين هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - في الإتفاق على التحكيم يعتبر جزء من محله . ومن ثم، يبطل الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - الذى يأتي خلوا من هذا التعيين ، في بعض الأنظمة القانونية الوضعية التي تجعل من هذا التعيين ركنا أساسيا من أركان وجوده ، وشروط صحته .

المقصود بالنزاع " المحتمل ، وغير المحدد ، أو القائم بالفعل بين الأطراف المحتكمين - أطراف الإتفاق على التحكيم - لحظة إبرام الإتفاق على التحكيم " ، والمراد الفصل فيه عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ، أو هيئات غير قضائية - دون المحكمة المختصة أصلا بتحقيقه والفصل فى موضوعه - ودوره في تحديد طبيعة العمل الذى يصدر من هيئة التحكيم المكلفة بالفصل فى النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم شرطا كان ، أم مشارطة 

   إختلاف فقه القانون الوضعى المقارن حول تحديد مفهوما محددا للمنازعة بصفة عامة ، وفكرتها على الصعيد القانوني بصفة خاصة :

    إختلف فقه القانون الوضعى المقارن حول تحديد مفهوما محددا للمنازعة بصفة عامة ، وفكرتها على الصعيد القانوني بصفة خاصة.

    فهناك من فقه القانون الوضعى المقارن من يصورها - أى المنازعة بصفة عامة ، وفكرتها على الصعيد القانوني بصفة خاصة - تصويرا شكليا والذي يتمثل في نظرهم في إجراءات الخصومة التي تقوم على مبدأ المواجهة بين الأطراف  ، وسواء بعد ذلك أكانت هناك منازعة حقيقة ، أم لا .

   وهناك من فقه القانون الوضعى المقارن من صورها - أى المنازعة بصفة عامة ، وفكرتها على الصعيد القانوني بصفة خاصة - تصويرا موضوعيا حيث يستخلصون من عناصرها ما يقدرون أنه العنصر الراجح في تعريفها . 

  فاعتمد البعض على أشخاصها " العنصر الشخصى " . بينما استند البعض الآخر إلى مضمونها ، أو موضوعها " العنصر الموضوعي " . 

وهناك من فقه القانون الوضعي المقارن من جمع بين التصوير الشكلي والتصوير الموضوعي في تعريف المنازعة بصفة عامة ، وفكرتها على الصعيد القانوني بصفة خاصة .

وأخيرا ، هناك من فقه القانون الوضعى المقارن من اعتبر أن المنازعة بصفة عامة ، وفكرتها على الصعيد القانونى بصفة خاصة تشكل عائقا يثير اضطرابا في النظام القانوني الوضعى . أو أن المنازعة تولد مركزا نزاعيا يشكل عارضا في الحياة القانونية ، ويجب إزالته .

وسوف أعرض بإيجاز لكل تصور من هذه التصورات التي قيل بها للتعريف بالمنازعة بصفة عامة ، وقكرتها على الصعيد القانونى بصفة خاصة ، على النحو التالي : 

الإتجاه الأول :

   التصوير الشكلي لفكرة المنازعة بصفة عامة ، وفكرتها على الصعيد القانوني بصفة خاصة :

   حاول جانب من فقه القانون الوضعي المقارن تقديم تعريفا شكليا للمنازعة بصفة عامة ، وفكرتها على الصعيد القانوني بصفة خاصة ، يعتمد على عناصر خارجية ، لاتعد من مفترضاتها .

فالمنازعة بصفة عامة ، وفكرتها على الصعيد القانوني بصفة خاصة هـي التواجهية أمام القضاء Debat contradictoire ، التي تتم بناء علــى إجراءات الخصومة القضائية.

فوجود المنازعة بصفة عامة ، وفكرتها على الصعيد القانوني بصفة خاصة يعتمد على توافر هذا الشكل ، بغض النظر عن وجودها الفعلى ، أو الحقيقي . وإذا كان توافر هذا الشكل يعتمد على إرادة المشرع الوضعى ، بل وحتى على إرادة المتقاضين أنفسهم . فإنه يترتب على ذلك ، أن وجود المنازعة بصفة عامة ، وفكرتها على الصعيد القانونى بصفة خاصة ذاته يتوقف على هذه الإرادات .

فالتصوير الشكلى للمنازعة بصفة عامة ، وفكرتها على الصعيد القانوني بصفة خاصة ، يتمثل في نظرهم في إجراءات الخصومة القضائية ، والتي تقوم على مبدأ المواجهة بين الأطراف ، وسواء بعد ذلك أكانت هناك منازعة حقيقية contestation ، أم لا .

الإتجاه الثاني : 

التصوير الموضوعى لفكرة المنازعة بصفة عامة ، وفكرتها على الصعيد القانوني بصفة خاصة :

   إتجه جانب آخر من فقه القانون الوضعى المقارن نحو المنازعة ذاتها يستخلصون من عناصرها ما يقدرون أنه العنصر الراجح في تعريفها . فاعتمد البعض على أشخاصها " العنصر الشخصى " .

   بينما استند البعض الآخر إلى مضمونها ، أو موضوعها " العنصر الموضوعي " .

    فالمنازعة بصفة عامة ، وفكرتها على الصعيد القانوني بصفة خاصة تشكل إدعاءات متعارضة، تمثل نزاعا حقيقيا بين الإرادات ، الأمر الذي يعكر السلام الإجتماعي .

   ويكفى أن تكون مصلحة المدعى قد تعرضت للأذى ، أو المساس بهــا بسبب موقف معين من خصمه -سواء كان هذا الموقف إيجابيا ، أم سلبيا - مما يعطل ممارسة الحق ، أو المركز القانوني ، أو أن مجرد وجود الشك يؤدى إلى شبهة المنازعة ، فيتدخل القضاء العام في الدولة لإزالة هذا الشك .

  وفقه القانون الوضعى المقارن الحديث نسبيا قد اكتفى بمجرد وجود نزاع Litige حول مصلحة معينة ، ولو لم تصل إلى حد المنازعة حول مركزا قانونيا معينا

   فالنزاع بصفة عامة ، وفكرته على الصعيد القانوني بصفة خاصة هو :

   عبارة عن تنازع في المصالح ، يتخذ شكل تنازع بين إرادتين ، إدعاء من جانب ، يقابله مقاومة من الجانب الآخر ، وتتخذ هذه المقاومة صور الإعتداء على المصلحة المطلوب حمايتها ، وتظهر هذه المقاومة في مجرد معارضة .

الإتجاه الثالث:

   المزج بين الإتجاه الشكلى ، والإتجاه الموضوعي في تعريف المنازعة بصفة عامة ، وفكرتها على الصعيد القانوني بصفة خاصة :

    حاول جانب من فقه القانون الوضعى المقارن أن يجمع في تعريف المنازعة بصفة عامة ، وفكرتها على الصعيد القانوني بصفة خاصة بين المذهبين الشكلي ، الموضوعي . فالمنازعة في تصورهم تتحلل إلى عناصر ثلاثة :

العنصر الأول :

   تعارض بين ادعاءات خصمين .

العنصر الثاني :

    قبول أطراف المنازعة الحل السلمى ، عن طريق عرضها على القضاء

العام في الدولة .

والعنصر الثالث :

   قاضيا عاما ، ينتمى إلى السلطة العامة ، وتنحصر مهمته في التوصل إلى حل سلمي لها.

والعناصر الثلاث المتقدمة ينتظمها ضابطان :

الضابط الأول :

    شكلى.

والضابط الثاني :

   موضوعی .

ويتمثل الضابط الشكلي :

   في قبول أطراف المنازعة عرضها على القضاء العام في الدولة ، وفي وجود القاضي العام ، لكي يفصل فيها .

أما الضابط الموضوعي فيتمثل في : 

تعارض ادعاءات الخصوم :

الإتجاه الرابع :

  المنازعة بصفة عامة ، وفكرتها على الصعيد القانوني بصفة خاصة تشكل عائقا يثير اضطرابا فى النظام القانوني الوضعي :

   المدار في الإعتداد بالمنازعة بصفة عامة ، وفكرتها على الصعيد القانوني بصفة خاصة ، هو فى أثرها بالنسبة للنظام القانوني الوضـعى ومايترتب عليه من إعاقة التطبيق التلقائي للقانون الوضعي ، مما يؤدى إلى تحقيق شرط التدخل القضائي ، وتثار الحاجة إليه ، لفرض هذا التطبيق جبرا فالمنازعة بصفة عامة ، وفكرتها على الصعيد القانوني بصفة خاصة تولد مركزا نزاعيا ، يشكل عارضا في الحياة القانونية ، يجب إزالته . 

   ذلك أن نشأة المنازعة حول حق ، أو مركز قانونى ، أو حول أمر يتصل أو يتعلق بذلك ، يعنى فشل الإرادات الفردية فى التطبيق التلقائي للقانون الوضعي .

   فالأصل أن القانون الوضعي يعتمد في نفاذه على التطبيق الإرادى للأفراد والجماعات الخاضعين لأحكامه، ويعتمد هذا التطبيق على الرأى الذاتي لهؤلاء الأشخاص ، والذين يستخلصونه بمناسبة وقائع تعرض عليهم في مجرى حياتهم - سواء بأنفسهم ، أو بمعاونة المتخصصين في المعارف القانونية - فإذا اصطدم هذا الرأى الذاتى برأى ، أو سلوك صــادر عـن طرف آخر ، كان ذلك إعلانا عن فشل التطبيق التلقائي للقانون الوضـــعـي لأن القانون الوضعى لا يغلب - وبطريقة تلقائية – إرادة على إرادة . وعندئذ ، تثور الحاجة إلى التدخل القضائي ، ويتوافر شرط الإلتجاء إليه حيث تتحول الإرادة الذاتية إلى مجرد ادعاءات متبادلة ، ومتعارضة ، تطرح أمام القضاء العام في الدولة ، لترجيح بعضها على البعض الآخر .

  ووجود هذه الإدعاءات المتعارضة ، يفضي إلى تجهيل الحقوق والمراكز القانونية محلها ، بل ويرتب تجهيلا لإرادة القانون الوضعي ذاته باعتباره في النهاية مصدرا لهذه الحقوق ، والمراكز القانونية. 

   ووجود التجهيل فى الحياة القانونية يهدد الإستقرار ، والذي يسعى إلى فرضه كل قانون وضعى .

فالإستقرار يعتمد في تحقيقه على اليقين ، يقين كل المخاطبين بالقواعد القانونية بالمراكز ، والحقوق التي ترتبها هذه القواعد ، وفي وجود التجهيل يضطرب اليقين ، فلا يتحقق الإستقرار .

   ويشكل التجهيل القانوني المتولد عن المنازعة عارضا من عوارض النظام ، القانوني الوضعى ، يقتضى مباشرة النشاط القضائي ، لإزالته ، تحقيقا لوظيفته في حماية النظام القانوني الوضعي .

  فيمكن تحليل المنازعة بصفة عامة ، وفكرتها على الصعيد القانوني بصفة خاصة إلى عناصر أساسية ثلاثة :

العنصر الأول : 

     يتعلق بأطرافها .

والعنصر الثاني :

    يتعلق بمضمونها.

والعنصر الثالث :

     يتعلق بأثرها .

   فالعناصر الثلاث المتقدمة تشير إلى وجود تعارض فـي الـرأى الذاتي لشخصين ، أو أكثر من أشخاص القانون الوضعي ، يدور حول حقوق ومراكز قانونية ، ويؤثر سلبا في النظام القانونى الوضعى ، عن طريق تجهيل هذه الحقوق ، والمراكز القانونية .

   وإذا كان عنصر الأثر يمثل شرطا مبدئيا لقبول الطلب القضائي ، وقيـــام التزام القضاء العام فى الدولة بنظره ، فإن العنصرين الآخرين يمثلان- كقاعدة - شروطا تنظيمية ، لتنظيم منح الحماية القضائية .

الحل المختار :

  بعد استعراض اتجاهات فقه القانون الوضعى المقارن بشأن تحديد المنازعة بصفة عامة ، وفكرتها على الصعيد القانوني بصفة خاصة ، فإننا نعتقد أن اتجاه فقه القانون الوضعى المقارن القائل بأن المنازعة بصفة عامة وفكرتها على الصعيد القانوني بصفة خاصة تشكل عائقا يثير اضطرابا في النظام القانونى الوضعى المقارن ، بما تشكله من تجهيل بالحقوق ، والمراكز القانونية للأفراد ، والجماعات ، هو الإتجاه الجدير بالتأييد ، لسلامة الأساس القانوى الذى يستند إليه ، ومنطقية حججه ، وأسانيده من جانب ، وصعوبة التسليم بأى من اتجاهات فقه القانون الوضعي المقارن الأخرى على إطلاقها دون توجيه الإنتقادات التي توجه إلى الأفكار التي طرحتها ، ودافعت عنها .

فكل من اتجاهات فقه القانون الوضعى المقارن الأخرى قد اعتمدت على أساس معين ، والذي انطلقت منه ، وبنت عليه رأيها . وكل أساس من هذه الأسس يدور حوله العديد من الإنتقادات .

   ولا نعتقد أن المجال يكون مناسبا لاستعراض هذه الإنتقادات ، لأننا لسنا في هذا المجال فى مقام تقييم اتجاهات فقه القانون الوضعى المقارن في تعريف المنازعة بصفة عامة ، وفكرتها على الصعيد القانوني بصفة خاصة في الأسس التي انطلقت منها ، وانبنت عليها.

فبعضا من هذه الإتجاهات فى تحليلها لفكرة المنازعة بصفة عامة ، وفكرتها على الصعيد القانوني بصفة خاصة قد انتهت إلى عدة نتائج ، مستخلصة من تحليلها لفكرة المنازعة بصفة عامة، وفكرتها على الصعيد القانوني بصفة خاصة ، لا تتفق مع الأساس الذي انطلقت منه ، وبنيت عليه ، واعتمدت عليه بشكل رئيسى فى معالجة فكرة المنازعة ، وتحليل عناصرها ، ومقومات وجودها .

فمثلا عند استعراض اتجاه فقه القانون الوضعى المقارن الذي مزج بين الإتجاه الشكلي ، والإتجاه الموضوعي في تعريف المنازعة بصفة عامة وفكرتها على الصعيد القانوني بصفة خاصة ، والنظر إلى التحليل الذي قدمه للمنازعة بصفة عامة ، وفكرتها على الصعيد القانوني بصفة خاصة ، وعند العنصر الذي يمثل الركن ، أو الوجه الموضوعى لها - والذي يتمثل في وجود ادعاءات متقابلة ، ومتعارضة ، يتعلق بمحلها ، سواء بحقوق شخصية ، أو بمراكز قانونية موضوعية - نجد أن اتجاه فقه القانون الوضعي المقارن الذى مزج بين الإتجاه الشكلى ، والإتجاه الموضوعي في تعريف المنازعة بصفة عامة ، وفكرتها على الصعيد القانوني بصفة خاصة لم يكتف بهذا التحديد ، وإنما تطلب - للإعتداد بالتعارض القائم بين الإدعاءات - أن يتخذ شكلا إجرائيا محددا ، وهو شكل المواجهة بين الخصوم ، والذى يتم وفقا لإجراءات الخصومة القضائية ، مما يعد ذلك نفيا للصفة الموضوعية عن هذا العنصر المنسوب إليه بواسطتهم إبتداء . فوجود المنازعة بصفة عامة ، وفكرتها على الصعيد القانوني بصفة خاصة وترتيبها لآثارها ، أصبح مرهونا بتوافر هذه العناصر ، والتي تنتمى إلـــى الضابط الشكلى ، دون أن تكون لها صفة موضوعية مستقلة .

ونتيجة لاختلاف النتائج المستخلصة من تحليل بعض اتجاهات فقه القانون الوضعى المقارن لفكرة المنازعة بصفة عامة ، وفكرتها على الصعيد القانوني بصفة خاصة ، وعدم اتساقها مع الأساس الذي انطلقت منه ، وبنيت عليه ، فإننا نميل إلى ترجيح اتجاه فقه القانون الوضعى المقارن القائل بأن المنازعة بصفة عامة ، وفكرتها على الصعيد القانوني بصفة خاصة تشكل عائقا يثير اضطرابا في النظام القانونى الوضعى المقارن ، لما يترتب عليها من إعاقة التطبيق التلقائي للقانون الوضعى ، مما يؤدى إلى تحقق شرط التدخل القضائي ، وتثار الحاجة إليه ، لفرض هذا التطبيق جبرا ، حيث أن نصوص القانون الوضعى المقارن ذاتها - سواء فى مجموعة المرافعات الفرنسية ، أم في قانون المرافعات المصرى - تساعد على ترجيح هذا الإتجاه في تعريف المنازعة بصفة عامة ، وفكرتها على الصعيد القانوني بصفة خاصة ، حيث يمكن أن يستخلص من نص المادتين ( ۳۱ ) من مجموعة المرافعات الفرنسية ، (۳) من قانون المرافعات المصرى أن قبول الطلب القضائي ، أو الدعوى القضائية هو أمرا مرهونا بأن يكون لصاحبه فيه مصلحة يقرها القانون الوضعى ، وهذا يقتضي في الحالات التي يقترن فيها الطلب القضائي بالمنازعة ، أن تدور المنازعة حول الحقوق والمراكز القانونية للأفراد ، والجماعات ، وهو ما يحول دون التطبيق التلقائي للقانون الوضعي بشأنها ، فيتولد لأطرافها المصلحة في الإلتجاء إلى القضاء العام في الدولة .

فالأساس فى الإعتداد بالمنازعة بصفة عامة ، وفكرتها على الصعيد القانوني بصفة خاصة هو في أثرها بالنسبة للنظام القانونى الوضعي ، وهذا العنصر وحده هو الذي يسمح بالتمييز بين طوائف المنازعات بين الأفراد والجماعات ، ويحدد من بينها تلك التي تصلح لأن تحمل إلى القضاء العـام في الدولة ، وتلك التى يجب أن تجد لها حلولا خارج مجاله .