اتفاق التحكيم / النطاق الشخصي لإتفاق التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / نسبة أثر اتفاق التحكيم في القانون المصري والمقارن / مفهوم الطرف في التحكيم
إن أهم وجه لامتداد شرط التحكيم هو امتداده إلى منازعات ناشئة عن العقد الأصلى أحد طرفيها لم يترك في إبرامه من قبل، وهذا ما يفتح المجال إلى التوسع في مفهوم الطرف عن شرط العقد لأشخاص يعتبرون أجانب عن العقد ثم يمتد شرط التحكيم إلى من يتلقى آثار العقد الأصلى.
وبذلك ينقسم مفهوم لطرف إلى قسمين هما:
(۱) المفهوم القانوني للطرفية.
ومن تطبيقاته أن قضت محكمة النقض الفرنسية في قضية الأهرام على أن ( توقيع وزير السياحة في نهاية العقد بين مستثمر وإحدى هيئات القطاع العام بعد عبارة نظر ويعتمد لاتجعل من الحكومة المصرية طرفاً في العقد وإن ذلك الاعتماد لايفيد نية الحكومة المصرية في أن تكون طرفاً في العقد وإنما نوع من الرقابة التي تمارسها على الأنشطة التي تتم في المناطق الأثرية والتاريخية.
كما قضت هيئة تحكيم دولية أن مجرد إرسال أحد أطراف العقد المتضمن شرط التحكيم إلى الغير المتعاقد لاستطلاع رأيه في النواحي الفنية لا يعني أنه أصبح مرتبطاً بشرط التحكيم فإن المفهوم القانوني للطرفية يستند لفكرة الشخصية واستقلال كل شخص بإرادته سواء كان شخصاً طبيعياً أو معنوياً.
(۲) المفهوم الاقتصادي للطرفية
مع اتساع النشاط الاقتصادى وتشابك العلاقات تعدد الأشخاص المعنويين الذين يمارسون الأنشطة الاقتصادية، فعلى سبيل المثال مجموعة الشركات التي تقيمها الشركة الأم لتحقيق أهداف اقتصادية.
وقد أثار ذلك عدة تساؤلات في تحديد معنى الطرفية في شرط التحكيم هل يمكن التجاوز عن تعدد الأشخاص والاعتداد بوحدة الهدف الاقتصادي.
كما أثار قضاء التحكيم الدولى هذا التساؤل في فرضين هما:
الأول: يتعلق بالدولة والأشخاص المعنوية التابعة لها، وذلك حينما توقع الدولة على شرط التحكيم ويراد الاحتجاج به على أحد هذه الأشخاص والعكس.
وقد أثير ذلك في قضية هضبة الأهرام الذى يرجع النزاع فيها إلى تاریخ ۱۹۷۹/۹/۲۳ حين قام وزير السياحة المصري ممثلا لحكومته وكذلك الهيئة العامة للسياحة والفنادق (إيجوث) بتوقيع بروتوكول نوايا مع شركة ممتلكات جنوب الباسيفيك .S.P.P وشركة جنوب الباسيفيك للشرق الأوسط S.P.P.M.E بهونج كونج بهدف إنشاء مركزين سياحيين أحدهما يجاور مقر الأهرام والأخر بمدينة رأس الحكمة بمرسى مطروح والتزمت الحكومة المصرية بنقل ملكية الأراضي الازمة لتنفيذ المشروع وتم تأسيس شركة مصرية بين إيجوث وشركة جنوب الباسيفيك تمتلك الشركة المصرية نسبة ٤٠% من أسهمها والباقي للشركة الأجنبية وتلتزم الشركة الثانية بالعمليات الهندسية والدراسات المعمارية والتمويل والتسويق مقابل احتكار شركة جنوب الباسيفيك لهذا المشروع مع عدم التصريح بإقامة مشروعات صناعية مجاورة وتسهيل الإجراءات الإدارية وعلى أن تقدم وزارة السياحة عبر المرافق الرئيسية إلى مقر المشروع وفي ۱۹۷٤/١٢/١٢ تم إبرام اتفاق اصلي وقعته شركة إيجوث وشركة جنوب الباسيفيك تم الإشارة فيه إلى بروتوكول النوايا المبرم في ١٩٧٤/٩/٢٣ وتضمنت بنود العقد إنشاء شركة مساهمة بين إيجوث وشركة جنوب الباسيفيك باسم " الشركة المصرية للتنمية السياحية " وتمكين شركة جنوب الباسيفيك من تصدير كل نصيبها منت الأرباح للخارج ومنحها إعفاءا ضريبيا لمدة 8 سنوات وتقديم مختلف المساعدات الفنية .
أرفق بالعقد ملحقان ورد فيهما أن الالتزامات التي تقع على شركة إيجوث متوقفة على إقرارها من جانب السلطات المختصة وتضمن شرط التحكيم بغرفة التجارة الدولية "ICC" وتم توقيع العقد بين طرفيه مع توقيع وزير السياحة المصري مسبوقا بعبارة " واوفق عليه ومؤكد ومصدق "Approved ,Agreed and ratified" ، وقد برزت معارضة شعبية مصرية كبيرة للمشروع مما دفع الحكومة المصرية إلى وقف أعمال المشروع وإلغائه وتعيين إدارة قضائية على الشركة المشتركة " شركة التنمية السياحية " .
تمسكت شركة جنوب الباسيفيك بشرط التحكيم لدى غرفة التجارة الدولية بباريس مطالبة بالتعويضات وبدأت إجراءات التحكيم وفقا لنظام غرفة التجارة الدولية وتم تشكيل هيئة تحكيم ثلاثية ، واعتبرت باريس مقر التحكيم إلا أن مصر أبدت تحفظها على اختصاص محكمة تحكيم غرفة التجارة الدولية ولم تشارك مصر في إختيار محكم عنها لذلك طلبت محكمة التحكيم بالغرفة من غرفة التجارة المصرية ترشيح محكم مصري وهذا ما تم .
وأصدرت هيئة التحكيم حكمها في ۱۹۸۳/۲/۱٦ بإدانة مصر وإلزامها بدفع مبلغ ۱۲.۵ مليون دولار أمريكي لشركة جنوب الباسيفيك وفوائد بنسبة 5% تحتسب من أول ديسمبر ۱۹۷۸ و مبلغ ٧٣٠٧٠٤ دولار أمريكي مصروفات قضائية .
طعنت مصر على الحكم لدى محكمة استئناف باريس لإبطال الحكم وتمسكت مصر بحصانتها القضائية وأن حكم التحكيم خالف مبدأ سيادة الدولة والنظام العام الدولي وردت شركة جنوب الباسيفيك بأن توقيع مصر على محضر مهمة المحكم يعتبر قبولا منها بالتحكيم وأن مصر تنازلت عن حصانتها القانونية وقبلت التحكيم بتوقيع وزير السياحة المصري على العقد.
وقضت محكمة استئناف باريس في ١٩٨٤/٧/١٢ بإبطال حكم التحكيم الصادر في ۱۹۸۳/۲/۱٦ لعدم وجود شرط تحكيم من جانب الدولة المصرية وأن توقيع الهيئة العامة للسياحة والفنادق (إيجوث) على العقد المشتمل على شرط التحكيم لا يعني إلزام الدولة المصرية بهذا الشرط .
طعنت شركة جنوب الباسيفيك وشركة جنوب الباسيفيك الشرق الأوسط في حكم محكمة استئناف باريس أمام محكمة النقض الفرنسية وقد رفضت في حكمها الصادر بتاريخ ۱۹۸۷/۱/۲۸ وألزمت المدعي بالمصاريف ورسوم الدعوى .
لم ترتضى الشركتان هذا الحكم فلجأت إلى المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار بواشنطن ، مطالبتان بإلزام الحكومة المصرية بالتعويض لقيامها بفسخ العقد من جانب واحد .
دفعت مصر بعدم اختصاص مركز تسوية منازعات الاستثمار بحل هذا النزاع لعدم اتفاقها مع الطرف الأجنبي على اختيار هذا المركز للتحكيم بشأن المنازعات التي تثور بشأن العقد المبرم معه وأن المادة ٢٥ من اتفاقية واشنطن تشترط لاختصاص المركز موافقة طرفي النزاع كتابة على تقديم خلافاتهم للمركز وهذا ما لم يحدث ، واستندت مصر أيضا في الدفع بعدم الاختصاص إلى قيامها بسحب الترخيص من المشروع وهذا الترخيص شرط لازم لتطبيق قانون الاستثمار المصري رقم ٤٣ لسنة ١٩٧٤ الذي يشير إلى المركز .
ونخلص من ذلك أن هيئة التحكيم رفضت دفع الحكومة المصرية بعدم جواز اختصامها لأنها ليست طرفاً، إلا أن القضاء الفرنسي ألغى هذا الحكم.
فهنا يتبين أن القضاء يقاوم اتجاه هيئات التحكيم وقد تجاوز المعيار القانوني واستبدله بالمعيار الاقتصادي.
الثاني: يتعلق بالحالة التي يبرم فيها العقد بين إحدى الشركات الداخلة في مجموعة معينة مع مجموعات الشركات وبين طرف آخر إذا مادخلت شركة ثالثة في المجموعة ذاتها وقامت بدور في المفاوضات السابقة على إبرام العقد أو تنفيذه فهل يكفى اعتبارها طرفاً في اتفاق التحكيم الملحق بهذا العقد على الرغم من عدم توقيعها عليه؟.
فقد قضت هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية أن مجرد تدخل شركة فى المفاوضات السابقة على إبرام العقد لا يجعل منها طرفاً وقضت في ذات الوقت أنه إذا كان مسلك الشركة في مرحلة التفاوض يوجد نوعاً من الثقة بالتزام جميع أفراد المجموعة بالعقد المتضمن شرط التحكيم ، فإن هذا الشرط يكون ملزماً لهم على الرغم من عدم توقيعهم عليه.
وقد استند قضاء التحكيم فى هذا الشأن على أحكام محكمة استئناف باريس في حكمها الصادر في ۱۹۸۳/۱۰/۲۱ بأن شرط التحكيم الموقع من شركة فرد فى مجموعة شركات يمكن أن يمتد إلى شركة أخرى في المجموعة لم تكن قد وقعته مادامت تلك الشركة لها يد في إبرام العقد محل النزاع أو في تنفيذه، وقد أوضحت أن الأساس الحقيقي الذي ينبني علیه امتداد شرط التحكيم على بقية أفراد المجموعة رغم عدم التوقيع عليه يتمثل في ثلاثة أحكام بتاريخ ،۲۸ ، ۱۹۸۸/۱۰/۳۰، ١٩٨٩/٢/١٤ أن شرط التحكيم المدرج في عقد دولى يتمتع بطبيعة خاصة تقتضى امتداده إلى الأطراف المعنية بتنفيذ العقد متى تبين مركزهم التعاقدى ومداه.