النطاق الشخصي لاتفاق التحكيم سبقت الإشارة في الفصل الأول، عند استعراض المعطيـات الـتـي يقـوم عليهـا منهجا التنازع والقواعد الماديـة فـي تحديـد القـانون الحاكم لاتفاق التحكيم، أن كليهما يحتفل بإرادة أطراف الاتفاق، واعتبارها إحدى ضوابط أو عوامل الإسناد أو عاملاً من عوامل تحديد نطاق إعمال بعض القواعد المادية ورغم أن تحديد اتجـاه إرادة أطراف منازعة التحكيم يلعـب دورا أساسياً فـي حـسم العديـد مـن المسائل المرتبطة باتفـاق التحكيم، إلا أن هـذا التحديـد يخضع بـدوره لأساليب التفسير المختلفة، ومن المحتمل أن تختلف نتائج التفسير باختلاف مناهجـه، وبالتالي فمـن المتصور أن تصدر أحكام متضاربة سواء من هيئات التحكيم أو من المحاكم الداخليـة للدول بصدد نفس المسألة المطروحة ومؤدى ذلك أن إرادة أطـراف اتفـاق التحكيم الدولي وإن كان يمكن أن تكون عاملاً من عوامل توحيد النظام القانوني للاتفاق إلا أن اختلاف تفسيرها يقف حجر عثرة أمام هذا التوحيد.
وقد دلنا اطلاعنـا علـى العديـد مـن أحكـام المحاكم والتحكيم على إمكانيـة اختلافها في تحديد النطاق الشخصي لاتفاق التحكيم ( حالة المنازعـة فـي وجـود اتفاق تحكيم بالنسبة لأحد أطراف النزاع ) وهو ما يؤثر بالتأكيد ليس فقط على منطوق حكم التحكيم ولكن– أيضا – على اتجاه محاكم الدول المطروح عليها دعوى بطلان حكم التحكيم و – أيضا – طلب تنفيذه .
وتقدم لنا قضية دالة ضد حكومة باكستان مثالاً فذاً على ما نحن بصدد إثباته.
فقد أدى اختلاف المحاكم الإنجليزية والفرنسية في تحصيل مؤدي عناصر النزاع إلى اختلافها في تحديد اتجاه إرادة أطرافه بشأن الارتباط بشرط التحكيم.