اتفاق التحكيم / نطاق إتفاق التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / دور التحكيم في فض المنازعات الإدارية ( دراسة مقارنة ) / نطاق التحكيم في المنازعة الإدارية غير العقدية
كما سبق وقد بينا "أن أي منازعة إدارية يتوافر فيها المعيار العام للتحكيم، وهو: "وجود حقوق مالية قابلة للصلح والتصرف"، يجوز فيها التحكيم. حيث يقتصر التحكيم فيها على الجانب المالي من المنازعة، وهو الجانب الذي يقبل الصلح والتنازل، ولا يمتد إلى أي جانب آخر من هذه المنازعة؛ فمثلاً فيما يتعلق بالعقود الإدارية، يقتصر التحكيم على الحقوق المالية وحدها، ولا يشمل أية مسألة أخرى، مثل: سلطات الإدارة والامتيازات التي تتمتع بها والشروط اللائحية التي توجد في بعض العقود، كعقد التزام المرافق العامة، وكذلك يشترط أن تنصرف إرادة المحتكمين إلى عرض هذا التحكيم على هيئة التحكيم، فلا يمتد نطاق التحكيم إلى عقد لم تنصرف إرادة الطرفين إلى فض النزاع بشأنه عن طريق التحكيم، أو إلى إتفاق لاحق ما لم يكن بينهما رباط لا ينفصم بحيث لا يستكمل – دون الجمع بينهما - اتفاق، أو يفض مع الفصل بينهما خلاف.
أما بالنسبة للمنازعات الإدارية الأخرى التي لا يتوافر فيها هذا المعيار فلا يجوز التحكيم فيها، مثل: المنازعات المتعلقة بالمشروعية، كدعوى إلغاء القرارات الإدارية غير المشروعة، ودعوى فحص مشروعيتها، والطعن في نتائج الانتخابات المحلية مثلا. حيث لا تتعلق بحقوق مالية بل ترتبط بحماية مبدأ المشروعية، وتقوم على مراكز قانونية موضوعية أو عامة تهدف إلى منع الاعتداء عليها، كما أن الطبيعة القانونية لها تتنافى مع أحكام اللجوء إلى التحكيم لإنهاء هذه المنازعات والتي تتمثل في الطبيعة الاتفاقية للتحكيم مع طبيعة تلك الدعوى.
كما أن المشرع المصري لم يطلق العنان في الاتفاق على التحكيم في منازعاتهم كافة أيا كان موضوعها، بل حصر نطاق التحكيم في منازعات معينة، وحظر على الأفراد اللجوء إلى التحكيم في منازعات أخرى، حيث لم يسمح المشرع المصري للأفراد بالالتجاء إلى التحكيم إلا في نطاق ضيق ونسبي، وحتى في ظل هذا النطاق الضيق؛ فقد أوجب على الأطراف المحتكمين عقب صدور حكم التحكيم أن يلجئوا للقضاء العام في الدولة، لكي يستصدروا منه أمراً بتنفيذه ومن ثم تبسط المحاكم رقابتها على أحكام التحكيم.