يحدث التنازع في الاختصاص بين قضاء الدولة وقضاء التحكيم (Litispendance) في فرضين هامين هما:. الفرض الأول: أن يتعلق النزاع الوارد بشأنه اتفاق تحكيم بمسألة ترتبط بالاختصاص القاصر (Compétence Exclusive) لقضاء الدولة. الفرض الثاني: أن يتضمن العقد التجارى الدولى شرط تحكيم وفي نفس الوقت شرط يمنح الاختصاص القضائي Clause d'attributive de) (jurdiction لدولة ما بالفصل في النزاع، وهو ما يعرف بالعقد ذی الشروط المركبة في الاختصاص. فكيف يمكن حل التنازع في هذين الفرضين، وتحقيق القوة الملزمة الاتفاق التحكيم؟ هذا ما سوف نعرض له الآن بشئ من التفصيل. أولا: التنازع في حالة الاختصاص القاصر لفضاء الدولةكام التحكيم أيضا- فيما يشترطه لتنفيذ الحكم القضائي . من أن تكون محاكم الجمهورية غير مختصة بالمنازعة التي صدر فيها الحكم، قد نسخ جملة وتفصيلا بانضمام مصر (أو أية دولة أخرى قرر نفس القيد) إلى اتفاقية نيويورك، وأصبح بالتالي التنظيم الذي أوردته الاتفاقية هو وحده الذي يسرى المشرع نفسه في المادة ۳۰۱ من قانون المرافعات بأن العمل بالقواعد المنصوص عليها في المواد السابقة لايخل بأحكام المعاهدة المعقودة، كمالم يقرر المشرع مثل هذا القيد في قانون التحكيم المصرى عند بيانه لشروط تنفيذ حكم التحكيم، حيث اكتفي فقط بألا يكون الحكم نفسه مخالفا للنظام العام الوطني يقع عليه التزام بتطبيق القواعد التي تتفق ومصاد التجارة الدولية ولو كانت تصطدم والمصلحة العامة في الدولة، مادام ينتج عن تطبيق هذه القواعد إهدار مصلحة وطنية خطيرة لايجوز التخلى عنها. تطبيق عملى: اختصاص قضاء التحكيم بالفصل في نزاع بنعلق بعقار كائن في مصر وترتيبا على ما سبق، فقد أصدرت محكمة التحكيم بغرفة التجارة الدولية بباريس في الدعوى رقم 4589 لسنة ۱۹۸٤حكما تمهیدیا يقضي باختصاصها بنظر نزاع يتعلق بعقار كائن بمصر ورد بشأنه اتفاق تحكيم. وقد حاول المدعى عليه أن يدفع بعدم اختصاص هيئة التحكيم تأسيسا على أن النزاع يدخل ضمن حالات الاختصاص القاصر للمحاكم المصرية، وهو أمر يتعلق بالنظام العام بها، إلا أن هيئة التحكيم رفضت هذا الدفع، واستندت إلى أن المسألة المطروحة على التحكيم لا تدخل في إطار المسائل التي لا يجوز فيها الصلح وفقا للمادة 551 من القانون المدنی٫
بالاضافة إلى أن انضمام مصر لاتفاقية نيويورك يجعلها
ادوات التحكيم وفقا للمادة الثانية من الاتفاقية، والتي لم تضمن مثل هذا القيد المسمى بالاختصاص القاصر. ثانيا التنازع في حالة الشروط المركبة في الاختصاص إذا تضمن العقد التجارى الدولى شرطا للتحكيم، وفي نفس الوقت شرطا يمنح الاختصاص القضائي لدولة ما بالفصل في النزاع، فلا وأنه ينشأ في هذه الحالة تنازع في الاختصاص بين قضاء الدولة بناء التحكيم. فكيف يكون السبيل لفض هذا التنازع ؟ وعلى أي أساس . يكون ذلك؟ .
الواقع أن علينا التمييز بين ثلاثة فروض مختلفة تأتي فيها هذه الى الشروط المركبة في الاختصاص الفرض الأول: أن يزد شرط التحكيم وشرط الاختصاص القضائي على سبيل التغيير.
ولا يثير هذا الفرض صعوبة كبيرة، حيث يحق للمدعي أن يلجأ عند حدوث النزاع: إما إلى قضاء الدولة أو إلى قضاء التحكيم فهو بالخيار بينهما وعندئذ لايستطيع المدعى عليه أن يعارض أو يتمسك بتطبيق الشرط الآخر. وهكذا، فقد ذهب القضاء الفرنسي في عقد بين شركة فرنسية وأخرى هولندية إلى تأييد حق الأخيرة في اختيارها لشرط التحكيم، ورفض طعن الشركة الفرنسية (المدعى عليها) بتطبيق المادة 41من القانون المدني الفرنسي والتي تعطي الاختصاص لقضاء الدولة في العقود التي تبرم مع اتفاق الطرفين على اللجوء إلى التحكيم أولا، ثم يكون قضاء الدولة على سبيل الاحتياط (a titre subsidiare) . بمعنى أنه إذا لم يتم تسوية النزاع عن طريق التحكيم فيتم اللجوء إلى قضاء الدولة الذي اختاره الأطراف. وبالتطبيق لهذا الفرض، فقد قرر حكم التحكيم الصادر في الدعوى رقم 999 لسنة ۱۹۸۰ أن تضمن عقد الوكالة التجارية شرط تحكيم غرفة التجارة الدولية بباريس ومن بعد شرط الاختصاص القضائي للمحاكم الإيطالية، ينفي وجود أي تنازع في الاختصاص بين القضاعين، فما دام قد تم تشكيل هيئة التحكيم فقد انعقد لها الاختصاص بنظر النزاع وينأى القضاء الإيطالي الذي تكون له ويلاحظ أنه إذا ورد شرط الاختصاص القضائي بهدف إعماله دانة في التقاضي أي للانتقال بحكم التحكيم إلى مرحلة الاستئناف مباشرة حتى ولو لم تتوافر إحدى الحالات التي تجيز الطعن مثل هذا الشرط يقع باطلا ؛ ذلك أن استئناف حكم التحكيم أمام بناء الدولة إنما يكون وفقا لشروط معينة نصت عليها قوانين التحكيم مما - لايجوز للأطراف الاتفاق على مخالفتها. ونجد ذلك واضحا في الحكم الذي أصدرته محكمة استئناف باريس في ۲۷ أكتوبر 1994 ، حيث قررت في الدعوى المطروحة عليها أن حكم التحكيم قد أصبح نهائيا ولايجوز استئنافه وإن اتفق الطرفان على ذلك، العدم توافر الحالات المنصوص عليها في القانون الفرنسي والواردة على سبيل الحصر بشأن الطعن في أحكام التحكيم. الفرض الثالث: أن يرد شرط التحكيم وشرط الاختصاص القضائي على سبيل التعارض.
من نوفمبر ۱۹۹۱، حيث ورد هذا الحكم في تن يتعلق بمجموعة عقدية ورد في أحد عقودها وهو العقد الأساسی شرط تحكيم غرفة التجارة الدولية بباريس، وفي العقد الأخر وهو العقد التنفيذي شرط الاختصاص القضائي لمحكمة باريس التجارية. وقد أدى ذلك عند حدوث النزاع لأن يعلن كل قضاء اختصاصه بالفصل فيه، فأصدرت أولا محكمة باريس التجارية حكما في ۲۹ من سبتمبر ۱۹۸۹ يقضي باختصاصها بالفصل في النزاع قاضية بالتعويض لصالح طعن كل طرف في الحكم الصادر من القضاء الأخر، فقد تجمع لدى المحكمة الاستئنافية طعنان يرمي أحدهما إلى بطلان حكم التحكيم، والأخر إلى بطلان حكم المحكمة التجارية، تأسيسا على نفس السبب وهو عدم الاختصاص. وكان على محكمة استئناف باريس أن تحسم هذه المسألة، وتعطى لنا الحكم الذي يجب اتخاذه في هذه الحالة، فقررت إعطاء الأولية لقضاء التحكيم للفصل في النزاع، وألغت الحكم الصادر من محكمة باريس التجارية. ونجتزئ هنا بعض ما ورد في حيثيات هذا الحكم: إنه لما كان العقدان المؤرخان في يشكلان مجموعة عقدية واحدة، وأن العقد الثاني قد جاء تنفيذا للعقد الأول الذي اتجهت فيه إرادة الأطراف إلى تسوية المنازعات التي تنشأ بينهم عن طريق التحكيم ولما كان لشرط التحكيم مجال أكثر اتساعا من شرط الاختصاص القضائي، فإن هيئة التحكيم ينعقد لهل الاختصاص وحدها بنظر النزاع، أما شرط الاختصاص القضائي الذي يعين محاکم باريس، فلا يمكن | تفسيره إلا على أنه شرط اختصاص احتیاطی لاتفاق التحكيم، يعمل به في
حالة عدم إمكانية انعقاد محكمة التحكيم». كذلك قررت محكمة النقض الفرنسية في حكم حديث صادر بتاريخ ۲۹ من نوفمبر ۱۹۹۷ ترجیح شرط التحكيم اعتمادا على نفس المبدأ، وهو أن هذا الشرط هو تعبير عن إرادة الأطراف بإعطاء المحكمين سلطة الفصل
واجه حكم التحكيم الدولى (Ad hoc) الصادر في الدعوى رقم ۱۰۹ لسنة ۱۹۹۸ بتاریخ ۱۱ من مارس ۱۹۹۹ تحت إشراف المركز . الإقليمي للتحكيم التجارى الدولى بالقاهرة مسألة التعارض بين شرط التحكيم وشرط الاختصاص القضائي. فقد تضمن العقد محل النزاع وهو عقد وكالة تجارية بندين متتالين
يمثلان هذا التعارض على النحو التالي:
«جميع المنازعات المرتبطة بتفسير أو تطبيق هذا العقد أو بأية مسالة أخرى تتصل بهذا العقد ستحال إلى محكم منفرد يتفق عليه الطرفان، وإذا لم يتم هذا الاتفاق خلال خمسة عشر يوما من تاريخ إرسال أحد الطرفين لإخطار التحكيم إلى الآخر ، فسيقوم كل طرف بتعيين محكم عنه خلال خمسة عشر يوما، ويقوم المحكمان المعينان
باختيار المحكم الثالث، د من تاريخ تعيين أخر محک على طلب أي من الطرفين و کرم الثالث، فإذا لم يتم هذا التعيين خلال خمسة عشر يوما من آخر محكم للطرفين، فيتم تعيين المحكم الثالث بناء
من الطرفين من المحكمة المصرية المختصة طبقا القانون المرافعات المدنية».
تفسير هذا العقد، ويحكمه من جميع الوجوه قوانین
مصر، واتفق الطرفان على إخضاعه لقضاء محاكم القاهرة». ان هذا الاختلاف في تحديد جهة القضاء التي تتولى الفصل في النزاع، رفعت الشركتان المحتكم ضدهما بعدم صحة شرط التحكيم للتعارض بين ,البندین ۲۱، ۲۲ من عقد الوكالة.
ورغم أن هيئة التحكيم قد رفضت هذا الدفع وانتهت إلى صحة الشرط التحكيم، إلا أن الأساس الذي استندت إليه في تفضيل شرط التحكيم غير كاف من وجهة نظرنا، حيث ذهبت إلى اعتبار شرط الاختصاص القضائي بمثابة تعيين للمحكمة المختصة محليا لمباشرة الأمور المتصلة بالتحكيم. وكنا نود أن يقرر الحكم صراحة وجود هذا التعارض بين شرط التحكيم وشرط الاختصاص القضائي لمحاكم القاد الينتهى من ذلك إلى إعطاء الأولوية لشرط التحكيم وفقا للمبدأ الذي است عليه القضاء الفرنسي في هذا الخصوص، وهو أن شرط التحكيم له مجال أوسع في التطبيق من شرط الاختصاص القضائي عند تسوية الن: الناشئ عن عقد من عقود التجارة الدولية، وتصديقا لما قرره الفقه من أن شرط التحكيم يعد من الشروط الخاصة التي تقيد الشروط العامة مانجة الاختصاص لقضاء دولة ما بالفصل في النزاع. الحكم بأولوية اتفاق التحكيم الدولى يحقق القوة الملزمة له والواقع أننا نؤيد الاتجاه الرامي إلى إعطاء الأولوية لاتفاق التحكيم الدولي باعتباره هو الذي يحقق القوة الملزمة له ومن ثم فاعليته.٫ فحين يتعلق النزاع بالتجارة الدولية يجب أن يرجح (prevaloir) شرط التحكيم على شرط الاختصاص القضائي، لأن التحكيم هو القضاء | الطبيعي لمنازعات عقود التجارة الدولية.
الاختصاص لمحاكم القاهرة من أجل تفسير العقد وتنفيذه وليس لتحديد المحكمة المختصة محليا بتعيين المحكم أو غير ذلك من مسائل تتعلق بالتحكيم؛ لأنها مسائل ينظمها قانون التحكيم ذاته ولو لم يحلدها أو يتفق عليها الأطراف، كما أنه من البديهي أن يتعلق الاختصاص فيها للقضاء المصري باعتبار أن التحكيم يجري على أراضيه. فإن البند ۲۱ من العقد الذي تضمن شرط التحكيم كان واضحا في للمحكمة المصرية المختصة وفقا لقانون المرافعات فيما يتعلق بمسالة ته مما يعني أن حكم البند ۲۲ قد جاء خصيصا وكما هو واضح من المحاكم القاهرة فيما يتعلق بحكم العقد وتفسيره. تعترض تطبيق شرط الاخذ الأطراف على اختصاص قضاء دولة معينة بنظر النزاع .