الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / نطاق إتفاق التحكيم / الكتب / التحكيم في المعاملات المالية الداخلية والدولية / نطاق القوة الملزمة لاتفاق التحكيم

  • الاسم

    د. أحمد عبدالكريم سلامة
  • تاريخ النشر

    2006-01-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    601
  • رقم الصفحة

    250

التفاصيل طباعة نسخ

 نطاق القوة الملزمة لاتفاق التحكيم:
- انتقال اتفاق التحكيم (النطاق الشخصي له): إذا كان القانون واجب التطبيق على اتفاق التحكيم هو المختص بتحديد مفهوم مبدأ القوة الملزمة للاتفاق، فإنه يختص كذلك ببيان النطاق الشخصي لذلك المبدأ، أو ما يسمى بالأثر النسبي effet relatif لاتفاق التحكيم.
ومن حيث إن المبادئ العامة في نظرية العقد تفيد أن العقد لا يقيد غير أطرافه، ولا ينتج التزامات أو حقوق إلا في مواجهتهم، دون أن ينتقل إلى غيرهم، فإن اتفاق التحكيم لا يخرج على ذلك.
فاتفاق التحكيم لا يرتب آثاره في غير مواجهة أطرافه، الذين تفاوضوا بشأنه ووقعوه، سواء بأنفسهم أو عن طريق ممثليهم.
وهم فقط الذين يكون لهم التمسك بآثاره، أو يمكن الاحتجاج به عليهم.
بيد أنه إذا كان اتفاق التحكيم لا يطال أثره بوجه عام إلا أطرافه، إلا أنه من المقبول انتقال هذا الأثر إلى غير هؤلاء. فهو ينتقل إلى الخلف العام، كالورثة. كما قد ينتقل إلى الخلف الخاص.
ويختص القانون واجب التطبيق على اتفاق التحكيم بتحديد من هو الخلف العام، والخلف الخاص، لطرفي اتفاق التحكيم، وكذلك من هو الغير le tiers، والذي يمكن أن يحتج بالاتفاق عليه، أو يحتج هو به.
ذلك لا يستطيع الغير التمسك باتفاق تحكيم لم يكن طرفًا فيه، كما لا يستطيع أطراف ذلك الاتفاق إلزامه به. كما لا يسوغ لذلك الغير الاعتراض على تنفيذ اتفاق التحكيم.
غير أن الواقع العملي في معاملات التجارة الدولية أثبت أن هناك أشخاصًا من الغير يمكن أن يمتد إليهم أثر اتفاق التحكيم المبرم بين طرفيه.
ويطرح السؤال، دومًا، حول أثر وجود شرط التحكيم بسند الشحن، بالنسبة لحامله. فالشاحن الذي لم يوقع سند الشحن يعتبر قد قبل السند بكل شروطه وبنوده منذ لحظة نقله بالتظهير. وحامل السند ليس خلفًا خاصًا، ولكن له حق مرتبط بالسند الذي يحمله، ومن ثم فهو يتقيد بشرط التحكيم الوارد بذلك السند. كما أن له التمسك به.
وإذا ورد شرط التحكيم في عقد إيجار السفينة، دون سند الشحن، فقد اتجه رأى إلى أن حامل السند لا يلتزم بذلك الشرط، إلا إذا كانت هناك إحالة صريحة إليه في سند الشحن. ولا تكفي الإحالة العامة، حيث لا تؤدى تلك الإحالة العامة إلى جعل شرط التحكيم الوارد بعقد الإيجار مندمجا في سند الشحن.
وفي شأن الاشتراط لمصلحة الغير (م ١٥٤ وما بعدها من القانون المدني المصري)، يمكن القول إن شرط التحكيم لا يحمل المنتفع بالتزامات، إنما يرتب له حقوقًا فقط. ولما كان شرط التحكيم يرمى، دومًا، إلى تحقيق حماية الحقوق، فإنه ليس هناك ثمة ما يمنع من أن يتمسك المنتفع بشرط التحكيم الذي أبرمه المشترط.
وبشأن الخلف الخاص، الذي يخلف سلفه في حق معين، وهو في شأن اتفاق التحكيم، الحق الشخصي الناتج عن ذلك الاتفاق، حيث يلتزم به، نقول إنه بالنسبة لحوالة الحق، أو حوالة العقود، فإن أثر اتفاق التحكيم الذي يبرمه الدائن المحيل والمدين المحال عليه ينتقل إلى المحال له الحق، فالمدين المحال عليه يستطيع أن يحتج، في مواجهة المحال إليه، بكل الدفوع التي له في مواجهة الدائن، ومنها الدفع بوجود اتفاق التحكيم أمام قضاء الدولة، كي يتخلى عن نظر النزاع الذي يوجد بشأنه اتفاق التحكيم ذلك أن حوالة العقود، أو حوالة الحق، تنقل كل عناصر الالتزام أو الحق الشخصي إلى المحال إليه، وتجعله طرفًا أصيلًا في اتفاق التحكيم.
وفي حوالة الدين، لا يجوز للمدين الجديد التمسك باتفاق التحكيم المبرم بين المدين القديم والدائن، فالمدين الجديد يتفق بنفسه مع الدائن على الكيفية التي يحل فيها المدين القديم، كما يتفق معه على كيفية فض المنازعات بشأن الدين. 
وبخصوص الكفالة، نلاحظ أن الكفيل ليس من الغير في العلاقة ما بين الدائن والمدين الأصلي. وبتلك المثابة، يستطيع أن يتمسك، في مواجهة دائن مدينه.
- امتداد اتفاق التحكيم (النطاق الموضوعي):
وعلى ذلك، إذا ورد اتفاق التحكيم على المنازعات الخاصة بتفسير عقد معين، فلا يمتد سلطات هيئة التحكيم إلى المنازعات المتصلة بتنفيذه، إذا لا يفترض امتداد اتفاق التحكيم إلى مسائل لم يقصدها المحتكمون.
غير أنه في مجال التحكيم التجاري الدولي، يبدو الأمر على خلاف ذلك. فالحرص على زيادة فعالية اتفاق التحكيم قد دعا إلى الخروج على تلك المبادئ. فقد أضحى مقبولًا اعتماد تفسير، لا نقول موسع، منطقي وفعال لاتفاق التحكيم.
وفي هذا المعنى قضت المحاكم بأنه "إذا كان العقد محل النزاع لم يتضمن شرط التحكيم، فإن العقد الآخر المبرم بين نفس الأطراف من ذات طبيعة الصفقة قد احتوى على مثل هذا الشرط، فضلًا عن وجود ثمانية عشر معاملة سابقة بينهم على استيراد وتصدير اللحوم المجمدة كانت تتضمن شروط تحكيم مماثلة باختصاص جمعية التحكيم الأمريكية".
الفعال الثاني، مجموعة العقود les groupes de contrats، حيث يكون الارتباط موضوعيًا، لا شخصيًا، أي يتعلق بالطبيعة الواحدة لموضوع تلك العقود. وهنا يبرم عقد إطاري contrat- cadre بين متعاقد رئيسي وطرف آخر، تتحدد فيه الالتزامات والحقوق الأساسية للأطراف، دون الدخول في الالتزامات والحقوق الفرعية التي تتصل، أساسًا، بتنفيذ العقد الإطاري.
 لا يمتد إلى العقد الأصلي، إلا أن العكس يكون صحيحًا وبتلك المثابة، فإن شرط التحكيم الوارد في العقد الإطاري أو الأصلي ينسحب إلى العقود التنفيذية، عملا بمبدأ الفرع يتبع الأصل، واستنادا إلى الإرادة الضمنية للأطراف. وكما قضت بعض أحكام القضاء المقارن، فإنه من حيث "إن هذه العقود اللاحقة كانت قد نشأت في إطار العلاقات التعاقدية المبرمة بين الأطراف باتفاق ١٦ نوفمبر ۱۹۸۲ و ۲۱ ديسمبر ١٩٨٣، فإنه نتيجة لذلك، تخضع هذه العقود التبعية للقواعد التي قررتها الاتفاقات الأساسية، ومن ثم فإنها تخضع كذلك لشرط التحكيم".
غير أنه يجب، هنا، التحفظ بخصوص الحالة التي يكون فيها العقد التبعي أو اللاحق قد احتوى شرط الاختصاص القضائي لصالح قضاء الدولة، حيث لا يجوز مد اتفاق التحكيم الوارد بالعقد الأصلي أو الإطاري إلى ذلك العقد التبعي أو التنفيذي، باعتبار أن إرادة الأطراف هنا صريحة في استبعاد قضاء التحكيم، فإن تداعت إجراءات التحكيم رغم ذلك، أمكن الطعن على الحكم الصادر، في نهاية التحكيم، بالبطلان لصدوره من غير اتفاق تحكيم.
بشأن هذا النوع من المجموعة الشركات كدت هيئة التحكيم بغرفة التجارة الدولية بباريس امتداد شرط التحكيم، المدرج في أحد العقود التي أبرمتها بعض الشركات المجموعة إلى غيرها من الشركات رغم عدم توقيعها علي ذلك العقد.
ردت هيئة التحكيم علي هذا الدفع مقررة أن شرط التحكيم الذي قبلته صراحة بعض الشركات المجموعة يجب أن يقيد الشركات الأخرى التي ظهرت عن طريق الدور لعبته في إبرام وتنفيذ وفسخ العقود المتضمنة لذلك الشرط وطبقًا لإدارة المشتركة لمل الأطراف في الإجراءات وكأنها أطراف حقيقية في هذه العقود أو معنية بها في المقام الأول وبالمنازعات والتي يمكن أن تنشأ عنها.
تعقيب: غير أننا لا نستحسن، مع ذلك، التوسع في فكرة امتداد اتفاق التحكيم في مجموعة الشركات، لا سيما في الفروض التي يظهر فيها أن الشركة التي وقعت الاتفاق كانت تقصد قصر أثره عليها دون غيرها من شركات المجموعة، حتى ما كان منها قد تفاوض، أو تدخل بأي شكل، في إبرام العقد أو تنفيذه، ولم تدل قرائن الحال أو سلوك تلك الشركات على قبولها اتفاق التحكيم، أو على اتجاه نيتها إلى أن تكون طرفا فيه.
إن فكرة الحقيقة الاقتصادية الواحدة la réalité économique propre لمجموعة الشركات وفكرة صحة وفعالية اتفاق التحكيم الذاتية la validité et efficacité propre لا تبرران الامتداد التلقائي لاتفاق التحكيم، إنما يجب أن يستند ذلك الامتداد إلى إرادة حقيقية وصريحة لأطراف مجموعة الشركات، للارتباط باتفاق التحكيم الذي أبرمه أو وقعه أحد أولئك الأطراف.
(111).