وعند اتفاق الطرفين على التحكيم وصدور التعبير على ذلك بين الطرفين فيكون التعبير عن الإرادة موجوداً وذلك عند صدوره من صاحبه ، فعند صدور التعبير من الطرف الذي أصدره فإنه يصبح التزاماً قائماً بذاته حتى لو مات الذي أصدر هذا التعبير عن إرادته أو زالت عنه أهليته فهذا التعبير ينتج أثره القانوني.
وفي هذا تنص المادة (92) من القانون المدني المصري على أنه :
" إذا مات من صدر منه التعبير عن الإرادة أو فقد أهليته قبل أن ينتج التعبيـر أثره فإن ذلك لا يمنع من ترتيب هذا الأثر عند اتصال التعبير بعلم من وجه إليه هذا ما لم يتبين العكس " ، وإذا كان يلزم لحصول الرضاء – والذي هو أسـاس العقد – أن تتواجد الإرادة في كل طرفيه ، وان يقع التعبير عنها ، فإن هـذين الأمرين لا يكفيان ، بل يلزم فضلاً عنهما أن تتوافق إرادة طرفي العقـد علـى قيامه .
وقرر القانون النموذجي للتحكيم في الفقره 2 من المادة 7 منه أنه يجـب يكون اتفاق التحكيم مكتوباً ، حيث يكون اتفاق التحكيم مكتوباً اذا احتوي علي وثيقة موقعة من قبل الطرفين أو تم بينهم تبادل الخطابات ، التلكس ، التلجرام ، أو أي وسائل اتصالات أخري والتي يتم تبادل الوثيقة من خلالها ليتم الاتفاق ، أو تبادل بيانات الادعاء والدفاع والذي يدل على وجود وشرعية الاتفاق من قبل أحد الأطراف ولا يتم إنكاره من قبل الطرف الآخر ، والإشارة في العقـد إلـى أن الوثيقة التي تحتوي على شرط التحكيم يشكل في ذاته اتفاق تحكيم ويفيد أن العقد في الشكل المكتوب وأن شرط التحكيم هو جزء من العقد .
والذي يدل أيضاً على رضائية التحكيم بين طرفيه أنه من الممكن أن يقوم طرفا التحكيم باختيار المحكم أو هيئة التحكيم التي تتولى الفصل في النزاع وذلك طبقا للمادة 1/4 ، 10 ، 15 ، 17 من قانون التحكيم المصري رقم 27 لـسنة 1994 ، واختيار المحكم قد يتم في اتفاق التحكيم مباشرة سواء في الـشرط أو المشارطة ، ولكن لا يلزم الخصوم باختيار المحكم في اتفاق التحكيم مباشـرة سواء في الشرط أو المشارطة ، وهذا يستفاد من المادتين 10 ، 17 من قـانون التحكيم ، حيث أن المادة 10 تتطلب الاتفاق على التحكيم قبل نشأة النزاع " شرط التحكيم " أو بعده " مشارطه تحكيم " دون الالتزام بتعيين أشخاص المحكمين في هذا الاتفاق ، وفي المادة 17 تنص على أنه " لطرفي التحكيم الاتفاق على اختيار المحكمين وعلى كيفية ووقت اختيارهم ..." وهذا لا يدل على إلزام الخـصوم بتعيين المحكمين في اتفاق التحكيم . وعلى ذلك لم يجعل المشرع المصري فـي القانون الجديد من تعيين أشخاص المحكمين شرطاً لصحة الاتفاق على التحكيم ، فالعبرة هنا بأن التحكيم يقوم على رضاء أطراف النزاع الواحد .
ومن جهة أخري نجد أن المشرع الفرنسي قد أعطي رئيس المحكمـة الحق في تعيين المحكم إذا اتفق الأطراف علي ذلك صراحة في العقد.
ويشترط لصحة التراضي في اتفاق التحكيم التقليدي ما يلي :
وقوع العقد أو اتفاق التحكيم صحيحاً ، فلابد من توافر شروط صـحة الرضا ، وهي الإيجاب والقبول . ولابد من توافق إرادة من صدر عنه الإيجاب والقبول لخروج الاتفاق صحيحاً سواء في أى عقد عادى أو في اتفـاق التحكــم وانعقاد عقده .
جاء في المادة الرابعة في فقرتها الأولى من قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994 حيث جاء فيها " ينصرف لفظ " التحكيم " في حكم هذا القانون إلى التحكيم الذي يتفق عليه طرفا النزاع بإرادتهما الحـرة وسواء كانت الجهة التي تتولى إجراءات التحكيم بمقتضى اتفـاق الطـرفين منظمة أو مركزاً دائماً للتحكيم أو لم يكن كذلك . فلابد أن يتم الاتفـاق بـين طرفي النزاع بإرادتهما الحرة الغير معيبة على الاتجاه إلى التحكيم لحل ما قـد ينشأ من نزاعات قد تحدت بينهما .
مبدأ سيادة سلطان الإرادة في اتفاق التحكيم التقليدي :
إذا لابد عند إبرام العقد ، أو اتفاق التحكيم من تطابق الإيجـاب والقبـول ، إضافة إلى إرادة قوية وحرة لإنفاذ هذا الاتفاق ، مع تـوافر الأهليـة اللازمـة لإبرامه بين طرفيه لكي يقع صحيحاً ، كما نصت على ذلك الفقرة الأولـى مـن المادة الرابعة من قانون التحكيم المصري رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ فنصت علـى الآتى :
" ينصرف لفظ التحكيم في حكم هذا القانون إلى التحكيم الذي يتفق عليـه طـرفـا النزاع بإرادتهما الحرة وسواء كانت الجهة التي تتولى إجراءات التحكيم بمقتضى اتفاق الطرفين ، منظمة أو مركزاً دائماً للتحكيم أو لم يكن كذلك ، وعند ذكـر الإيجاب والقبول فلابد من توضيح معنى الإيجاب والقبول ، وتوضيح وجـوب توافرهما في التحكيم باعتباره عقداً (اتفاقاً) ملزماً لطرفيه .
وإذا كان الاتفاق على التحكيم - شرطا كان أو مشارطة - هـو رضائياً ينعقد بالتراضي عليه فإنه يلزم فضلاً عـن وجـود الرضـا أن يكـون صحيحاً ، بأن يكون صادراً عن أهلية تعتد بها الأنظمة القانونيـة الوضعية – وعلى اختلاف مذاهبها واتجاهاتها – وترتب عليها الآثار القانونيـة اللازمـة - والتي تعترف بها – وأن يكون خالياً من العيوب المفسدة لـه ، أي خاليـا مـن عيوب الإرادة – الغلط – التدليس – الإكراه – وما إلى ذلـك . فيلـزم لوجـود تراضي الأفراد والجماعات بالالتجاء إلى نظام التحكيم ، للفصل في منازعاتهم الحالة والقائمة والمحددة " مشارطة التحكيم " أو المحتملة ، وغير المحددة " شرط التحكيم " لحظة إبرام الاتفاق على التحكيم . عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ، أو هيئات غير قضائية – دون المحاكم المختصة أصلا بتحقيقها ، والفصل في موضوعها ، فالاتفاق على التحكيم شرطاً كان ، أو مشارطة - هـو عقداً رضائياً ، ملزماً لأطرافه المحتكمين " أطراف الاتفاق على التحكيم.
الو
مـن
ونظراً للطبيعة الرضائية الاتفاقية لنشأة التحكيم بين أطرافـه (تطــابق الإيجاب والقبول) فالأصل يتولى أطراف التحكيم تحديد مدة التحكيم طالت المـدة أم قصرت .
وإذا حدث تعارض بین بنود اتفاق التحكيم مع نصوص مركز التحكيم فيما يتعلـق بتعيـين المحكمين ( بإرادة أطراف التعاقد الواحد ) كانت الأرجحية لما ورد فـي اتفـاق التحكيم إعمالا لمبدأ سلطان الإرادة في مجال التحكيم ، وقد تأكد هذا المفهوم من قضية تتلخص وقائعها في أن شركة أرجنتينية قد أبرمت مـع شــركة فرنسية وشركة أرجنتينية عقد توريد عام 1978 ، وأدرج ضمن بنود هذا العقد شـرطاً بمقتضاه يتم حسم أي نزاع بواسطة ثلاثة محكمين يعين كل طرف محكماً ويـتم تعيين الثالث بمعرفة الأطراف جميعاً ، فإذا اختلفوا على تعيينه فإن الذي يقـوم بذلك هو رئيس محكمة العدل الدولية بلاهاي ، وأدرج الخصوم في نفس الشرط بنداً يقضى بأن تشكيل هيئة التحكيم والإجراءات المنطبقة على النـزاع يحكمهـا نصوص لائحة غرفة التجارة الدولية ، كما تم الاتفاق على أن يكون مقر التحكيم في بيونس ايرسى وأن المحاكم الفيدرالية الأرجنتينية تختص بطلب هيئة التحكيم وتنفيذ أحكام المحكمين التي يمكن أن تصدر ، ويلاحظ وجود تعـارض واضـح فيما يتعلق بإمكانية إعمال هذه الشروط في نفس الوقت وحيث أن الاتفاق تضمن المحكمين بثلاثة طرق :
1 - تعيين اتفاقي للمحكمين.
2- تعيين المحكمين بموجب لائحة غرفة التجارة الدولية .
3 - تعيين المحكمين بموجب القانون الأرجنتيني ، وعندما حدث نـزاع قامـت الشركة الفرنسية بالتوجه إلى غرفة التجارة الدولية التي قامـت بتعيين ثلاثـة محكمين تشكلت منهم هيئة التحكيم وأصدرت حكمها في موضوع النزاع وصدر لهذا الحكم أمر تنفيذ في فرنسا فقامت الشركة الأرجنتينية بالطعن أمـام محكمـة الاستئناف استناداً إلى صدور الحكم من هيئة تحكيم لم تشكل وفقاً لما تم الاتفـاق عليه . وقبلت محكمة الاستئناف الطعن على أساس أن نية الخصوم قد اتجهـت منذ البداية إلى أنهم هم الذين سيختارون المحكمين وأنه يتعين إعمـال شـروط الاتفاق على التحكيم حتى ولو تعارضت مع نصوص لائحة غرفة التحكيم ذاتها ، وعندما طعنت الشركة الفرنسية في الحكم الصادر بإلغاء أمر التنفيذ أمام محكمة النقض الفرنسية ، أيدت محكمة النقض الحكم المطعون فيه ، علـى أسـاس أن محكمة الاستئناف قد فسرت بسلطتها التـي لا معقـب عليهـا شـرط التحكــم واستخلصت أن الخصوم قصدوا تشكيل هيئة التحكيم بأنفسهم وطالما أن غرفـة التجارة الدولية قد قامت بتعيين المحكمين ، وأنها تكون قد خالفت إرادة الخصوم كما تم التعبير عنها في شرط التحكيم وبالتالي يكون حكم المحكمين قد صدر من هيئة محكمين لم تتشكل طبقاً للقانون ، وإذا تلاقت إرادات أطراف الاتفاق على التحكيم بتبادل الإيجاب والقبول ، فإن تراضي الأطراف المحتكمـين " أطـراف الاتفاق على التحكيم " بالالتجاء إلى نظام التحكيم ، للفصل في منازعاتهم الحالـة القائمة والمحددة ( مشارطة التحكيم ) أو المحتملة وغير المحددة " شرط التحكيم لحظة إبرام الاتفاق على التحكيم عن طريق هيئة تحكيم ، تتـشـكل مـن أفـراد عاديين ، أو هيئات غير قضائية – دون المحاكم المختصة أصـلا بتحقيقهـا ، والفصل في موضوعها يكون قد تم ويكون الاتفاق على التحكيم قد انعقد .