الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / توافق الإرادتين (الإيجاب - القبول - اقتران الايجاب بالقبول) / الكتب / النظام القانوني لإتفاق التحكيم / توافق الإرادتين ( الإيجاب - القبول - اقتران الإيجاب بالقبول)

  • الاسم

    د. عبد الباسط محمد الضراسي
  • تاريخ النشر

    2008-01-01
  • اسم دار النشر

    المكتب الجامعي الحديث
  • عدد الصفحات

    227
  • رقم الصفحة

    103

التفاصيل طباعة نسخ

توافق الإرادتين

لا يكفي لانعقاد اتفاق التحكيم وجود الإرادة والتعبير عنها، بل يجب فوق ذلك أن يعلن كل طرف تعبيره إلى الطرف الأخر لكي يعلم به ويدركه.

وتوافـق الإرادتين يقصد به : اقتران الإيجاب بقبول مطابق له. فيلزم لإبـرام اتفـاق التحكيم أن يصدر تعبير عن الإرادة ويتمثل في الإيجاب والذي يتضمن تصريحاً من أحد الأطراف بعرض النزاع على التحكيم، ويلزم أيضاً أن يصـدر تعـبير يقابلـه مـن المتعاقد الآخر هو القبول ويجب أن يكون مطابقاً للإيجاب وأن تكون هاتان الإرادتان أو هذان التعبيران مقترنان، ولتناول ما سبق سـيتم البحث في مكون هاتين الإرادتين والمتمثل في الإيجاب والقبول ثم تلاقي الإرادتين ا- الإيجاب :  الإيجاب هو : التعبير البات عن إرادة شخص يعرض على آخر أن يتعاقد معه، وتنص المادة رقم ( ١٤٩ ) مدني يمني على أن : " ما يصدر عن أحد العاقدين للتعبير عن إرادته أولا إيجاب منه ... " . وبصدد بحث الإيجاب في اتفاق التحكيم فيشترط لصحته ما يلي :

  1. أن يكـون الإيجـاب نهائيا وباتاً وجازماً، ويدل على اتجاه إرادة المتعاقد لاختيار نظام التحكيم كوسيلة لحل النزاع، وأن تتوفر لدى صاحبه نية التعاقد بمجرد قبول الطرف الآخر

  2. أن يكـون الإيجـاب كـاملا فلا يعد إيجاباً إلا إذا تضمن جميع العناصر الأساسية للعقد وهي في اتفاق التحكيم

أ- تنحية النزاع عن ولاية القضاء وإسناد الفصل فيه إلى هيئة التحكيم.

ب- تعيين النزاع ( بالنسبة للمشارطة فقط ).  أمـا غيـر ذلـك من العناصر كتشكيل هيئة التحكيم أو الإجراءات أو القواعد الموضوعية التي تطبق فلا تعد جوهرية لتكوين الإيجاب . وبالنسبة لتعيين النزاع فلا يشترط تعيينه في حالة شرط التحكيم الوارد كبند من بنود العقد كون المنازعة أو المنازعات مستقبلية، حيث أن الشرط ينصرف إلى كافة المنازعات الناتجة عن تنفيذ أو تفسير العقد وعدم انصرافه إلى المنازعات الـتي تكون خارجة عن العقد، أما في مشارطة التحكيم فيشترط في الإيجاب أن يتم تعيين النزاع المعروض للتحكيم فيه، فإذا خلا من هذا التحديد فلا يعد إيجاباً ، وبالتالي لا تكون إرادة الأطراف قد اتجهت إلى التحكيم ، مما يترتب عليه بطلان الاتفاق لانتفاء الرضا.

القبول هو : التعبير البات عن إرادة الطرف الذي وجه إليه الإيجاب. والرضـا فـي اتفاق التحكيم كما أنه يستلزم إيجاباً صريحا باللجوء إلى التحكيم فإنه يستوجب أيضا قبولاً صريحا بالموافقة على اختيار التحكيم كوسيلة لفض المنازعات، وذلك لأن الاتفاق على التحكيم يشكل خروجاً عن الأصل العام فـي التقاضـي فـكـان لابد من التعبير عنه صراحة وعدم افتراضه، ونصت المادة ( ١٤٩ ) مدني يمني على أنه : " ... وما يصدر عن العاقد الآخر للتعبير ارادتـه قبول منه ... " ، ونصت المادة ( 4 ) تحكيم يمني على أنه : " ينعقد التحكيم بـاي لفظ يدل عليه وقبول من المحكم ... " ، فاشترطت المادة القبول من المحكم بيـنما من المسلم به وفقا للقواعد العامة في القانون المدني أن القبول يكون من العـاقد الآخر الذي وجه إليه الإيجاب والذي يعد في اتفاق التحكيم أحد أطراف لـنزاع، أما القول باشتراط القبول من المحكم فمعناه وجود عقدين، الأول بين أطراف التحكيم والمحكمين، والثاني بين الأطراف أنفسهم. ويشترط لصحة القبول في اتفاق التحكيم ما يلي :

  1. أن يـأتي القبول مطابقاً للإيجاب بمعنى أن لا يزيد عن الإيجاب أو ينقص مـنه أو يعـدل فيه  فإذا عرض الموجب تسوية النزاع على هيئة التحكيم وإخـراجه مـن ولاية القضاء، وحدد هذا النزاع ورد القابل بالموافقة، فإن اتفـاق الـتحكيم يكون قد انعقد، أما إذا عدل القابل أو أخرج من موضوع التحكيم مسألة معينة أو زاد فيه فلا يعد قبولاً وإنما يعد إيجاباً جديداً يحتاج إلى قبول من الطرف الآخر .

  2.  أن يصـدر القبول قبل سقوط الإيجاب فإذا كانت هناك مدة محددة للإيجاب سـواء كـانت صريحة أو ضمنية فيجب أن يصدر القبول خلال هذه المدة وقـبل فواتهـا، فإذا صدر القبول متأخرا فلا يفضي إلى انعقاد العقد وإنما يمكـن اعتـباره إيجابـاً جديـدأ يحتاج بدوره إلى قبول يصدر في الوقت المناسب وأما السكوت فقد يعد قبولاً إذا كانت هناك معاملات جارية بين الأطراف وكان التحكيم شرطاً فيها.

  3. اقتران الإيجاب بالقبول ( تلاقي الإرادتين ) : لانعقـاد اتفـاق التحكيم لا يكفي أن يصدر إيجاباً وقبولاً متطابقين، بل يجـب علاوة على ذلك أن يقترنا، وذلك بأن يصل القبول إلى علم الموجب، فلا يكفي تبادل التعبيرين لكي يوجد التراضي ( وبالتالي العقد ) بل يجب فوق ذلك أن التعبيران لتتكون منهما إرادة عليا هي إرادة كل من الطرفين وتسمى هذه الإرادة ( الإرادة المشـتركة ) أو ( الـنية المشتركة )، وجدير بالإشارة أن اتفاق الـتحكيم يتميز عن العقود الأخرى بوحدة الإرادة المشتركة لدى أطراف العقد والمتمثلة باختيار نظام التحكيم وسيلة لحل النزاع بدلاً عن القضاء العادي.

ولا تثير مسألة تلاقي الإرادتين أو اقترانهما أي صعوبة في حال التعاقد بين حاضرین، سواء حضر العاقدان أصالة أو وكالة، حيث أن الطرفين يبرمان وثيقـة مكتوبة تتضمن ما اتفقا عليه، سواء تعلق الأمر بشرط تحكيم مدرج في عقـد أصلي محرر بين الطرفين، أو باتفاق مستقل دون في وثيقة خاصة أو في محضـر حـرره المحكم. إذ أنه في هذه الحالة يكون تلاقي الإرادتين متحققاً بالضـرورة كونه قد انتهى إلى تحرير اتفاق تحكيم، ويكون زمان ومكان اتفاق الـتحكيم هـو الزمان والمكان اللذين تم فيهما تلاقي الإيجاب بالقبول سواء كان شـرطاً أو مشارطة ما لم يوجد اتفاق بين الطرفين يقضي بغير ذلك لكن هناك صعوبة تمكن في اقتران الإيجاب بالقبول في حالة التعاقد بين غائبين، سواء کاں بالمراسلة أو بإحدى وسائل الاتصال الحديثة والتي تقرها التشريعات الوطنية، والتي تجيز إبرام اتفاق التحكيم بشكل برقيات أو خطابات أو غيرها من وسائل الاتصـال الحديثة ذات الطابع التوثيقي، وفي هذه الحالة يكون ما رضي به كل طرف ثابـتاً في المراسلات الصادرة عنه، دون أن يكون هناك اتفاقاً واحـداً جامعـاً لمـا تـم التوصل إليه بين الطرفين، ويؤدي ذلك إلى استخلاص زمان ومكـان تلاقـي الإيجاب بالقبول والذي يعد هو نفسه زمان ومكان انعقاد اتفاق التحكيم، حيث أن الإيجاب عن طريق المراسلات بأنواعها يعد إيجاباً ملزماً في جميع الأحوال.