اتفاق التحكيم / توافق الإرادتين (الإيجاب - القبول - اقتران الايجاب بالقبول) / الكتب / طرق وأسباب الطعن في حكم التحكيم دراسة قانونية مقارنة / توافق الإرادتين
توافق الإرادتين أو التراضي هو اقتران الإيجاب بقبول مطابق له، ذلك لأنه يلزم لقيام الاتفاق على التحكيم أن يصدر تعبير عن الإرادة هو الإيجاب الذي يتضمن عرضا من أحد الطرفين وان يصدر تعبير يقابله من الطرف الآخر هو القبول الذي يأتي موافقا للإيجاب وان يقترن هذان التعبيران .
توافق الإرادتين في اتفاق التحكيم المكتوب بين طرفيه سواء كان في صورة شرطا أو مشارطة لا يثير إشكالات فالكتابة تعكس ذلك التوافق، وقد تثور بعض الصعوبات في مسألة توافق الإرادتين بشأن اتفاق التحكيم عندما يكون التعبير عن الإرادتين جاء في شكل رسائل أو برقيات متبادلة ففي هذه الحالة يكون ما رضى به كل طرف ثابت بالرسائل الصادرة منه دون أن يكون هناك وثيقة واحد جامعة لتوافق الإرادتين وبالتالي لا بد من فحص الرسائل والبرقيات المتبادلة بين الأطراف لاستخلاص توافق الإرادتين من عدمه.
الإيجاب:
الإيجاب في اتفاق التحكيم يجب أن يكون واضحا وباتا بأن يتضمن العناصر الجوهرية لاتفاق التحكيم وهى حجب نظر النزاع عن ولاية القضاء وإيكال الفصل فيه إلى هيئة تحكيم وتحديد النزاع، أما غير ذلك من العناصر ككيفية تشكيل هيئة التحكيم أو تحديد الإجراءات أو القانون الذي سيطبق على موضوع النزاع أو الزمن الواجب فيه تنفيذ مهمة الفصل النزاع فلا تعد جوهرية لتكوين الإيجاب لأن قانون التحكيم يتكفل بتحديدها، فإذا أرسل شخص رسالة إلى آخر يطلب فيها اشتراط الاتفاق حول كل أو جزء من العناصر التي تكون اتفاق التحكيم فإن تلك الرسالة لا تعد إيجابا وإنما مجرد دعوة للاتفاق على التحكيم.
تحديد النزاع الخاضع للتحكيم في الإيجاب الخاص بشرط التحكيم لا يثير صعوبات لأن مجرد النص في مشروع العقد الأصلي على التحكيم يوضح أن قصد الموجب ينصرف إلى المنازعات التي قد تثور عن العلاقة القانونية التي يطرحها الإيجاب الموجهة للمتعاقد الآخر، وعدم امتدادها غيرها من المنازعات التي قد تنشب بينهما ولا تدخل في تلك العلاقة القانونية .
وفقا لقانون المعاملات المدنية إذا عين ميعاد للقبول التزم الموجب بالبقاء على إيجابه إلى أن ينقضي هذا الميعاد ويجوز استخلاص الحال من ظروف الحال أو طبيعة المعاملة.
بناء على ذلك يجب أن نفرق بين حالتين
الأولى يكون الإيجاب فيها غير ملزم وذلك إذا لم يكن مقترنا بميعاد صريح أو ضمني وهذا يكون متصورا عندما يجمع طرفي العقد مجلسا واحدا، والثانية أن يكون الإيجاب فيها ملزما إذا كان مقترنا بميعاد صريح يحدده الموجب للقبول كأسبوع مثلا أو شهر أو غير ذلك .
القبول
وفقا لقانون المعاملات المدنية لسنة 1984م لا يتم العقد ما لم يتفق الطرفان على جميع المسائل التي تفاوضا فيها بشأن هذا العقد، أما الاتفاق على بعض هذه المسائل فلا يكفي لإلزام الطرفين حتى لو اثبت هذا الاتفاق كتابة، ومع مراعاة ذلك إذا اتفق الطرفان على جميع المسائل الجوهرية في العقد واحتفظا بمسائل تفصيلية يتفقان عليها فيما بعد ولم يشترطا أن العقد لا يتم عند عدم الاتفاق عليها اعتبر العقد قد تم على أساس المسائل التي لم يتم الاتفاق عليها ، ويقضي في تلك المسائل طبقا لطبيعة المعاملة ولأحكام القانون والعرف والعدالة في أي خلاف ينشأ حولها .
يجب أن تتم صياغة اتفاق التحكيم شرطا كان أم مشارطة بكل دقة ووضوح يراعى فيها تجنب المشكلات العملية التي يثيرها التفسير الغامض التي من شأنها أن تقحم الشركة أو الشخص المعني في منازعات قد تؤثر على فاعلية نشاطها التجاري وتهز مركزها أن لم تسبب في انهياره .
فالغموض واختلاط ألفاظ اتفاق التحكيم من شأنه أن يعتم على إرادة الأطراف ويسدل عليها ستارا مظلما من شأنه أن يبطل الاتفاق التحكيمي أو يفقده فاعليته ونمثل لذلك بعقد أعمال صيانة إحدى طائرات الركاب المملوكة لشركة طيران خاصة مصرية تم إبرامه في عام (1996م) بين تلك الشركة وورشة مركزية تتبع لإحدى دول الإتحاد السوفيتي حيث جاء به في حالة حدوث أي نزاع قد ينشأ أثناء تنفيذ هذا العقد سيحاول الطرفان المفاوضة بشأن تسويته وإن لم يحل هذا النزاع عندئذ سيطلب التحكيم والموضوع سيتم رفعه إلى غرفة التجارة بدولة.. وقانون.... هو الذي سيتبع أو تحكيم المحكمة المصرية طبقا للقوانين المصرية.
جاء حكم محكمة استئناف القاهرة بأن نص البند (5) من العقد المحرر بتاريخ (1996/9/5م) تشير إلى انه يتكلم عن محكمة مصرية للتحكيم وهيئات التحكيم في مصر ليس لها صفة المحاكم فتكون إرادة الأطراف المفترضة قد انصرفت إلى المحاكم في مصر وليست هيئات التحكيم، وفي ردها على دفاع الورشة بعدم اختصاص القضاء المصري على نظر النزاع، أجابت بأن هذا الدفع ليس في محله لأن شرط التحكيم يجب فيما تراه هذه المحكمة أن يكون على درجة كافية من الوضوح بشكل يستحيل معه على أية محكمة أن تقول بانصراف الإرادة فيه إلى التحكيم أو القضاء فإذا كان البند المذكور يشير إلى اللجوء إلى التحكيم إلا أنه يشير إلى رفع الأمر إلى محكمة تحكيم مصرية ومصر ليس فيها محكمة تحكيم ولا تعرف هذا المصطلح وعندما تغم الإرادة فإنه يمكن الأخذ بتأويل الطرف الأضعف وهو الشركة المصرية قد يأتي الاتفاق على التحكيم متعارضا مع شرط آخر بالعقد كأن يرد ضمن بند من بنود العقد أن تتم تسوية المنازعات التي تثور عن تفسير أو تنفيذ هذا العقد بطريق التحكيم كما تختص المحاكم السودانية بنظر النزاع.
كأن يرد في ذات العقد البندين التاليين:
بند 14 جميع المنازعات المرتبطة بتفسير أو تطبيق هذا العقد أو بأي مسألة تتصل به ستحال إلى محكم منفرد فإذا لم يتم الاتفاق عليه خلال عشرة أيام من تاريخ إرسال أحد الطرفين لإخطار التحكيم للآخر تعينه المحكمة المختصة.
بند 15 يتم تفسير هذا العقد ويحكمه من جميع الوجوه قوانين جمهورية السودان واتفق الطرفان على إخضاعه لقضاء محكمة الخرطوم الجزئية.
إذا عرض الموجب على الآخر تسوية النزاع عن طريق التحكيم فوافق الطرف الآخر إلا أنه زاد نزاعا آخر أو استثنى من ذلك العرض نزاعا فإن هذه الموافقة لا تعتبر قبولا وإنما إيجابا جديدا معدلا للإيجاب الأول ويلزم قبوله من الطرف الأول لانعقاد الاتفاق على التحكيم والحال يكون كذلك أيضا إذا عرض الموجب التحكيم وطلب الاتفاق على التفاصيل الأخرى لاحقا فجاءت موافقة الطرف الآخر متضمنة تحديدا لتلك التفاصيل على نحو معين
من المتصور أن يرد اتفاق التحكيم ملحقا بعقد من عقود الإذعان ففي هذه الحالة من الجائز اعتبار شرط التحكيم شرطا تعسفيا وهذا ما سار عليه المشرع الأردني في قانون التحكيم لسنة 2018م) فقد نص على انه: بالرغم مما ورد في أي تشريع آخر ومع عدم المس بالأوضاع القانونية السابقة لسريان هذا القانون المعدل يقع باطلا أي اتفاق سابق على التحكيم في الحالتين التاليتين: