الإرادة مسـألة نفسية، فوجود الإرادة على النحو السابق لا يكفي لتوافر التراضـي في اتفاق التحكيم، إذ أنه لابد أن تخرج من نفس صاحبها إلى العالم الخـارجي، أما إذا وجدت الإرادة وبقيت كامنة في نفس صاحبها ولم يعبر عنها فلا يعتد بها، أي أن الإرادة الباطنة يجب أن تظهر إلى العالم الخارجي بصورة مؤكدة وجدية ويحصل هذا بطريق التعبير عن الإرادة، وتنص المادة ( ١٤٧ ) مدني يمني على أن التراضي : " هو تعبير كل من طرفي العقد عن إرادته ... " . فتوضح المادة السابقة أن التراضي هو تعبير، والتعبير عن الإرادة وفقاً للقواعد العامـة إما تعبير صريح ح أو تعبير ضمني، ويكون التعبير صريحاً إما باللفظ أو بالإشـارة المفهومـة والمتداولة عرفاً، كما يكون باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحـال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود م ( ١٤٨ ) مدني / يمني؛ بينما يكون ضمنياً إذا كان المظهر الذي اتخذه ليس في ذاته موضوعاً للكشف عن الإرادة ولكنه مع ذلك لا يمكن تفسيره دون أن يفترض وجود هذه الإرادة، ولا يمكـن بـأي حال من الأحوال الاعتداد بالتعبير الضمني عن الإرادة فيما يتعلق باتفـاق الـتحكيم، فالتحكيم من المسائل المهمة التي يجدر بالمتعاقدين التنبه لها وإدراك مغـزاها فالتعبير الصريح عن الإرادة مطلوب بهذا الخصوص من أجل تنـبيه المتعاقدين لأهمية ما هم مقبلون عليه وبالتالي لا يتخذون قرارهم إلا بعد تـرو وتفكير عميقين صادرين من إرادة واضحة وصريحة.