مدى صلاحية الإرادة المفترضة للالتزام باتفاق التحكيم
أما الصورة الثالثة من صور الإرادة المفترضة وهي التي يتم تحديدها عن طريق ما كان يمكن أن يقصده المتعاقدان . فالمحكم لا يبحث عن إرادة موجودة فعلا ، بل يفرض على الأطراف إرادة غير موجودة ، يقيمها على قرائن مستمدة من ظروف العقد .
١ - موقف القضاء المصرى :
وفي صدد هذه الصورة هناك حكم المحكمة النقض المصرية ،ذهبت فيه إلى القول بأن «الاتفاق على التحكيم لا يمكن أن يفترض مطلقا . وجوب تعبير الاتفاق على التحكيم على انصراف إرادة الخصوم صراحة إلى اتباع هذا الطريق .
۲ - موقف القضاء الفرنسى :
وهذا واضح من حكم محكمة استئناف باريس في حكمها الصادر فى ۸۹/۲/۱٤ ، وأيضا حكمها في ٩٠/١/١١ ، إلى أنه وفقا لأعراف التجارة الدولية ، فإن شرط التحكيم المدرج داخل العقد الدولى ، يقتضى أن يمتد تطبيقه إلى الأطراف المتصلة بشكل مباشر فى تنفيذ العقد والمنازعات الناشئة عنه ، وذلك بمجرد التحقق من أن مراكزهم التعاقدية ، وأنشطتهم ، والعلاقات التجارية المعتادة ، القائمة بين الأطراف تدفع إلى الافتراض إلى أنهم قبلوا شرط التحكيم ، الذي يعلمون بوجوده ونطاقه ، على الرغم من عدم قيامهم مطلقا بالتوقيع على العقد ، الذي تضمن شرط التحكيم المشار إليه.
٣ - موقف قانون التحكيم المصري من صور الإرادة الثلاث
وفقا لقانون التحكيم المصرى المادة (۱۲) يجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا وإلا كان باطلا . ولا يشترط توقيع الاتفاق من الأطراف ، لذا يمكن أن يكون واردا فيما تبادله الأطراف من رسائل أو برقيات أو غيرها من وسائل الاتصال المكتوبة .
ويتضح من هذا النص ، أنه لا يعتد بالإرادة الضمنية ، أو المفترضة ، بل بالإرادة الصريحة فى صورتها المكتوبة ، دون غيرها من الصور المشار إليها آنفا ، إلا أنه يمكن القول ، بأن النص يسرى أيضا في حالة السكوت ، إذا كانت هناك معاملات جارية بين الأطراف (الإرادة الضمنية) ، وكانت تتضمن عقودها شرطا تحكيميا .
وبعد ذلك يمكن القول ، بأن قانون التحكيم المصرى ، يرفض الإرادة المفترضة لولوج طريق التحكيم . ولا يعتد بالإرادة الضمنية ، إلا في الصورة المشار إليها آنفا فقط .