اشتراط الإدارة الصريحة فى الاتفاق على التحكيم بالصلح
فقد اشترطت المادة (٤/٣٩) من قانون التحكيم المصرى رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ في شأن التحكيم فى المواد المدنية والتجارية أن يكون اتفاق الأطراف في التحكيم بالصلح صريحاً، وكذلك المادة (١٧٦) من قانون المرافعات الكويتى ، والمادة (١٦) من قانون التحكيم السعودي ، والمــادة (۱۷۰۰) من القانون القضائي البلجيكي .
ومن ذلك اتفاق الأطراف على إعفاء المحكم من الالتزام بالقوانين الوطنية فيما يتعلق بالإجراءات لا يعتبر دالاً بشكل قاطع على أنه تحكيم بالصلح ، فإعفاء المحكم جائز فى التحكيم بالقانون والتحكيم بالصلح .
ولا يشترط لتوافر الصراحة فى التعبير عن إرادة الأطراف المحتكمين فى التحكيم بالصلح استخدام عبارات محددة بذاتها، ولكن العبرة هنا بالمعنى والمضمون لا بالألفاظ المستخدمة.
فالتحكيم بالصلح لا يشترط قالباً معيناً، ولا صياغة تسميته بعبارة معينة ، فقد يسمى العقد التحكيمى التحكيم صلحاً ولا يعفى المحكم من تطبيق القانون ، وقد لا يسمى العقد التحكيمى التحكيم صلحاً ويعفى المحكــم مــن تطبيق القانون ، فالأمر متوقف على الإرادة الحقيقية للطرفين وما إذا كانت قد اتجهت إلى تحكيم يطبق العدل ويعفى فيه المحكم من تطبيق القانون أم لا .
ويكون التعبير عن الإرادة الصريحة في التحكيم بالصلح ، إما النص الصريح على أن التحكيم في النزاع هو تحكيم بالصلح ، أو النص الصريح على قواعد العدالة والإنصاف هى القواعد واجبة التطبيق على النزاع ، وإما النص على لوازم التحكيم بالصلح التي لا تفصل عنه مثل الاتفاق على عدم جواز إبطال الحكم على أساس مخالفة القانون أو تطبيقه أو تفسيره ، أو الاتفاق على تحرر المحكم من التقيد بالأحكام الموضوعية للقوانين الوطنية ذات الصلة، وذلك بشرط عدم مخالفة هذه الإرادة في أي نص آخــر فــي
العقد.
فالإحالة في حد ذاتها لا تتعارض مع اشتراط الصراحة في الاتفاق على التحكيم بالصلح، طالما كانت هذه الإحالة واضحة وقاطعة اليقين فى اتجاه إرادة الأطراف إلى النص المحال إليه بكل شروطه بما في ذلك تطبيق قواعد العدالة والإنصاف.
فإذا نص المتعاقدون في عقدهم على المنازعات التي تنشأ بينهم بمناسبة هذا العقد عن طريق التحكيم وبالشكل المتفق عليه بينهم في عقد آخر، وكان هذا العقد الآخر ينظم التحكيم بينهم وفق قواعد العدالة والإنصاف ، فإن هذا النص يعنى اتفاق المتعاقدين على حسم المنازعات التي تنشأ بينهم بمناسبة هذا العقد عن طريق التحكيم بالصلح.
ومما يؤكد عدم تعارض الإحالة مع الإرادة الصريحة في التحكيم بالصلح هو عدم وجود نصوص تشريعية تحظر على المتعاقدين الإحالة في شأن اختيار القواعد الواجبة التطبيق والأصل في التصرفات هو الإباحة ، وقد نص قانون التحكيم المصرى رقم ۲۷ لسنة ۱۹۹٤ - في المادة ( ٦ ) على أنه:
" إذا اتفق طرفا التحكيم على إخضاع العلاقة القانونية بينهما لأحكــام عقد نموذجى أو اتفاقية أو أية وثيقة أخرى وجب العمل بأحكام هذه الوثيقة بما تشمله من أحكام خاصة بالتحكيم".
وكذلك بعقد المقارنة مع فكرة الإحالة في شأن الاتفاق على التحكيم ذاته حيث نص في ذات القانون في مادته العاشرة.