لا ينعقد اتفاق التحكيم إلا بتوافر الرضا لدى كل من الطرفين وهذا يقتضي أن يكون هناك إيجاب صادر من أحد الطرفين يصادف قبولاً من الطرف الآخر فينشأ في هذه الحالة اتفاق التحكيم.
ولا يثير عنصرا الرضا وهما الإيجاب والقبول صعوبة تذكر ما دام انتهى الطرفان إلى وثيقة مكتوبة تسجل ما اتفقا عليه، سواء كانت واردة في صلب العقد أو واردة في وثيقة مستقلة لكن الصعوبة تثور فى حالة إذا ما اقتصر الأمر على المراسلات المتبادلة بين الطرفين كالرسائل والبرقيات، إذ في هذه الحالة يكون ما رضى به كل طرف ثابتا في الوثائق الصادرة عنه هو ، دون أن يكون هناك وثيقة واحدة جامعة لفحوى ما تم التوصل إليه بين الطرفين وحتى ينعقد اتفاق التحكيم فإن العرض الذي قدمه أحد الطرفين لابد أن يصادف قبولا من الطرف الآخر.الإيجاب والقبول الالكتروني يثور في هذا الشأن مسألة التعبير عن الإرادة بالإيجاب أو القبول الإلكتروني، وبمعنى آخر مدى تأثير خصوصية الطابع الإلكتروني لتبادل
التعبير عن إرادتين.
وحتى يقع الإيجاب الإلكتروني صحيحاً فلابد أن يشير صراحة من خلال الوثيقة أو الرسالة المرسلة إلى أن الهدف من اتفاق التحكيم هو تنحية النزاع عن ولاية القضاء، وأن يتم تحديد هذا النزاع بدقة.
والأصل أن يكون صاحب الرسالة غير ملزم بالبقاء على إيجابه فيجوز له الرجوع فيه ما دام لم يقبله الموجه إليه، لكنه يكون ملزماً بالبقاء على إيجابه إذا حدد مدة معينة للقبول فلا يستطيع الرجوع في إيجابه طوال هذه المدة. أما القبول الذى ينعقد به اتفاق التحكيم فهو القبول الصادر ممن وجه
إليه الإيجاب، ويشترط في القبول أن يكون مطابقا للإيجاب مطابقة تامة في كل ما تناوله من مسائل سواء كانت جوهرية أو ثانوية وأن يتم القبول في الميعادالمحدد لذلك.
ويثور التساؤل هل تتحقق هذه الإشتراطات في القبول الذي يجرى عبر أجهزة الحواسب الآلية عن طريق الضغط على المفتاح الذي يسجل الموافقة، وما قيمة استخدام هذه التقنية على صعيد القانون؟ وهل يجوز للقابل بعد استخدام هذه الطريقة أن يسحب قبوله إذا كان هناك ثمة قبول
المقرر في القاعدة العامة أنه ما لم يستلزم القانون طريقة أو إجراء معينا، فإن التعبير عن الإرادة يمكن أن يجرى باى طريقة، ولذلك يستوى أن يكون التعبير عن الإرادة صريحاً أو ضمنياً، فإذا اتخذ الموجه إليه الإيجاب سلوكا لا تدع ظروف الحال شكا في دلالته على القبول، فإنه يعامل على هذا الأساس، وبالتطبيق لذلك فإنه لا يوجد ما يمنع من اعتبار الضغط على مفتاح ويخضع وجود التراضى وسلامته للقانون واجب التطبيق على اتفاق التحكيم ذاته، ليس فقط لأن الأمر يتعلق بأخص المسائل التي تدخل في دائرة تطبيق هذا القانون، بل أيضاً لإتصال الأمر بتأمين المعاملات والأمانة في الإتفاق. أضف إلى ذلك أن قواعد التراضي وحماية الإرادة من العيوب هدفها قیام اتفاق صحيح منذ البداية. محل الاتفاق وقابليته للتحكيم يتعين أن يكون محل النزاع قابلاً للتسوية بطريقة التحكيم، حيث أن التحكيم هو استثناء من أصل عام مؤداه اختصاص فضاء الدولة بالفصل في كافة المنازعات باعتباره صاحب الولاية العامة في تحقيق الحماية للحقوق والمراكز القانونية.لا يجوز التحكيم سواء العادى أو الإلكترونى في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح ومعظمها من المسائل المتعلقة بالنظام العام لكونها ذات صلةالمجالات التي لا يجوز التحكيم الإلكتروني فيها:
بالنظام الاجتماعي وأسسه القانونية والإقتصادية والسياسية والاجتماعية والأسرية والدينية، وعلى ذلك لا يمكن إجراء التحكيم في المسائل الآتية:المسائل الجنائيةفلا يملك الأطراف تقديم شخص للمحاكمة الجنائية أمام محكمين، ولا يملك المحكم أن يحكم بالغرامة على شاهد امتنع عن الحضور للإدلاء بالشهادة فهذه مسائل من اختصاص المحاكم، ولكن من الممكن أن يجرى تحكيم عن الآثار المالية المترتبة على جريمة، مثل إجراء تحكيم لتقدير التعويض الذي يستحقه المجنى عليه.
مسائل الأحوال الشخصية ذات الصلة بالنظام العام: حيث لا يجوز التحكيم في مسائل الحالة الشخصية والعائلية التي لا يجوز المساس بها فالجنسية لا يمكن إجراء تحكيم لإثباتها أو نفيها، وكذا حق الشخص في اسمه وثبوت النسب والأنصبة المقررة في الميراث.
المسائل المتصلة بالحقوق السياسية حيث لا يجوز التحكيم في المسائل المتعلقة بحق الانتخاب وحق الترشيح وحريات الرأى والصحافة. المجالات التي يجوز فيها التحكيم ثانيا: يجوز إجراء التحكيم بين الأفراد وبين الشركات، وبين أفراد مع شركات، وبين أشخاص من أشخاص القانون الخاص أفراد طبيعيين أو أشخاص معنوية.في غير المجالات السابقة يمكن إجراء التحكيم كما يلي: أولاً: يجوز إجراء التحكيم سواء كانت العلاقة بين الطرفين تعاقدية أو غير تعاقدية. فإذا كانت العلاقة تعاقدية وضع شرط التحكيم في العقد أو في اتفاق مستقل عن العقد حسب رغبة الأطراف.
ثالثاً: يجوز التحكيم في المسائل التجارية بصفة أساسية، ويجوز كذلك في المسائل المدنية التي لا يحول النظام العام دون النظر فيها.