الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / التراضي في اتفاق التحكيم / الكتب / مبدأ الرضائية في التحكيم في منازعات الاستثمار والتجارة الدولية / موقف قانون التحكيم المصري من رضائية التحكيم

  • الاسم

    عصام عامر
  • تاريخ النشر

    2014-01-01
  • عدد الصفحات

    332
  • رقم الصفحة

    41

التفاصيل طباعة نسخ

ما هو المقصود من مصطلح رضائية التحكيم؟ هل المقصود هو حرية الأفراد في الاتفاق على اللجوء إلى نظام التحكيم بديلاً عن اللجوء إلى القضاء الوطني؟ هل المقصود هو حرية الأطراف في تنظيم خصومة التحكيم علـى نحو رضائي يخالف التنظيم القانوني الوارد في قانون المرافعات ؟ وإذا كانت خصومة التحكيم تخضع لقانون التحكيم، فهل تعني رضائية التحكيم، إمكانيـة الأحكام مخالفة جميع القانونية التي ورد النص عليها في قانون التحكيم رقـم ٢٧ لسنة ١٩٩٤م ؟

السؤال الأول أجابت عنه الأحكام المتواترة التـي صـدرت مـن المحكمة الدستورية العليا والتي قضت بعدم دستورية التحكيم الإجباري حيث أن نظام التحكيم الإجباري يحرم أصحاب الشأن من الحريـة المتاحـة لـهـم بموجب أحكام الدستور في اللجوء إلى القاضي الطبيعي، ويفرض عليهم فرضاً ضرورة اللجوء إلى نظام التحكيم ولذلك تعني رضائية التحكيم – بدون أدنى شك – حرية الأفراد في الاتفاق على اللجوء إلى نظام التحكيم.

لكن هذه الإجابة لا تفصح بوضوح عن مدى حرية الأفراد في مخالفة التنظيم القانوني للخصومة ؟

من المستقر عليه أن الخصومة القضائية تخضع لقانون المرافعات وخصومة التحكيم تخضع لقانون التحكيم، وهذه هي الحكمة التي من أجلهـا صدر قانون التحكيم لمراعاة الذاتية والإستقلالية لخصومة التحكــم عـن الخصومة القضائية.

لكن لابد أن يراعى أن قانون المرافعات يعد بمثابة الشريعة العامـة التي يتعين الرجوع إليها بشأن الأحكام التي أغفل المشرع التحكيمي التعرض لها، أو أحال بشأنها إلى قانون المرافعات وعلى سبيل المثال نجد أن المـادة (۳۸) تحكيم تنص على انه :

ينقطع سير الخصومة أمام هيئة التحكيم في الأحوال .

ويمكن القول بخصوص التساؤل الثاني أنه يمكن للافراد - في إطار الاستقلالية بين قانون المرافعات وقانون التحكيم- مخالفة الأحكـام القانونيـة الواردة في قانون المرافعات عند الاتفاق على اللجوء إلى التحكــم وتنظـيم خصومة التحكيم، فالأصل أن الأحكام الواردة في قانون المرافعات قاصـرة على الدعوى القضائية، وهنا يبرز التساؤل الأخير: هل تعنى رضائية التحكيم إمكانية مخالفة جميع الأحكام التي ورد النص عليها في قانون التحكيم؟

الوم في الواقع أن الباحث عندما يمعن النظر في قانون التحكيم يتبدى لـه بوضوح أن المشرع يعلي من شأن الإرادة الفردية في مجال التحكيم ويظهـر ذلك في المادة 1/4 من الأحكام العامة لقانون التحكيم المصري والتي تنص على أنه:

ينصرف "لفظ التحكيم" في حكم هذا القانون إلى التحكيم الـذي يتفـق عليه طرفا النزاع بإرادتهما الحرة سواء كانت الجهة التي تتـولى إجـراءات التحكيم بمقتضى اتفاق التحكيم منظمة أو مركز دائم للتحكيم أو لم يكن كذلك " وهذه الصياغة تعبر عن حرية الأفراد في اللجوء إلى التحكيم ولا يجـوز أن يفرض عليهم اللجوء إليه ولكن لا تعبر عن مدى الحرية التـي يتمتـع بـهـا الأفراد.

ويلاحظ أن المشرع في قانون التحكيم قد راعي القصور الذي قد تقع فيه الإرادة الفردية عند قبول اللجوء إلى التحكيم إذ أن الإرادة الفردية قد لا تكون على علم كاف بالتفاصيل التي يتعين الاتفاق عليها حتى يمكن إنجـاح سير خصومة التحكيم ولذلك فإن المشرع وضع تنظيماً لخصومة التحكيم يقوم على فكرتين وهما:

الفكرة الأولى: ترك الحرية للأفراد في وضع تنظيم اتفاقي للتحكيم.

حالة الفكرة الثانية: وضع تنظيم قانوني للتحكيم في حالة عدم الاتفاق.

ومثال ذلك م 1/7 من قانون التحكيم تنص على أنه:

ما لم يوجد إتفاق خاص بين طرفي التحكيم يتم تسليم أي رسـالة أو إعلان إلى المرسل إليه شخصياً... "

من المعلوم أن التحكيم في جوهره عمـل قـضـائي إذ أن تسوية المنازعات وتحقيق العدالة وظيفة أساسية للدولة، والدولة لا يمكن أن تقبل أن تترك للأفراد وظيفة أساسية مثل تسوية المنازعات بـدون رقابـة صـارمة للتحقق من مراعاة التحكيم للضمانات الأساسية في أداء العدالة.

م٢/١٥ تنص على أنه:

"إذا تعدد المحكمون وجب أن يكون عددهم وتراً وإلا كان التحكيم باطلاً. .

هذا النص يعالج موضوعاً هاماً ومن الممكن أن يكون عقبة عمليـة تواجه هيئة التحكيم عند إصدار الحكم، إذ قد يحدث أن يختلف المحكمين عند المداولة فكيف يصدر الحكم في هذه الحالة؟

هنا نجد أن المشرع قد راعي أمكانية حدوث هذه المشكلة، ولـذلك فرض ضرورة أن يكون العدد فردياً كما يمكن الترجيح، وأن تكـون هنـاك أغلبية، ولذلك نصت المادة 40 تحكيم على أنه:

يصدر حكم هيئة التحكيم المشكلة من أكثر من محكم واحد بأغلبيـة الآراء.... "

ولو لم يكن العدد فردياً لتعذر الوصول إلى أغلبية لوجود احتمال إذا كان العدد زوجياً أن تتساوى الآراء، ولذلك فإن الحكم الذي ورد النص عليه في المـادة٢/١٥ يعد حكماً جوهرياً لحسن سير خصومة التحكيم ونجاحها، ويتعذر على الأفراد الاتفاق على مخالفة هذا الحكم وإلا كان التحكيم باطلاً.

نجد أن المادة ٢/٥٨ تنص صراحة على أنه:

لا يجوز الأمر بتنفيذ حكم التحكيم وفقاً لهذا القانون إلا بعد التحقق مما يأتي:

1. أنه لا يتعارض مع حكم سبق صدوره من المحاكم المصرية في موضوع النزاع.

2. أنه لا يتضمن ما يخالف النظام العام في جمهورية مصر العربية.

3. أنه قد تم إعلانه للمحكوم عليه إعلاناً صحيحاً.

وعلى ذلك نخلص أنه من المتعذر أن تكون إرادة الأفراد في مجـال التحكيم مطلقة تحت شعار رضائية التحكيم، فالتحكيم رضائي من حيث المبدأ أي أنه يعني حرية اختيار طريق التحكيم بديلاً عن القضاء، وعنـدمـا يـتم الاتفاق على اللجوء إلى التحكيم يتمتع الأفراد بحريـة واسـعـة فـي تنظـيم خصومة التحكيم من أجل مراعاة المصالح الخاصة لهم إلى أقصى درجـة ممكنة، ولكن هناك حدود قررها المشرع لحسن أداء عدالة التحكيم يجـب أن تحترم من قبل الأفراد ومن قبل القضاء ، وإلا ترتب علـى ذلـك بطـلان التحكيم.

موقف قانون التحكيم الكويتي من رضائية التحكيم

أقر قانون المرافعات المدنية والتجارية الكويتي رقم 38 لسنة ١٩٨٠ الباب الثاني عشر مبدأ رضائية التحكيم في المادة 173 حيث تنص على في أنه:

"يجوز الاتفاق على التحكيم في نزاع معين كما يجوز الاتفاق علـى التحكيم في جميع المنازعات التي تنشأ عن تنفيذ حق معين ".

كما أن قانون المرافعات المدنية والتجارية اتبـع مـسلك المشرع المصري في قانون التحكيم من تقييد حرية الأفراد بقواعد آمرة الهدف منهـا المحافظة على حسن أداء عدالة التحكيم، ومثال ذلك ما ورد النص عليه فـي المادة ١٧٣ من أنه لا يثبت التحكيم إلا بالكتابة"، وما ورد النص عليه فـي المادة ١٨٢ من أنه:

يكون حكم المحكم على مقتضى قواعد القانون إلا إذا كان مفوضـاً بالصلح فلا يتقيد بهذه القواعد عدا ما تعلق منها بالنظام العام".

وما ورد النص عليه في المادة 185 من أنه:

لا يكون حكم المحكم قابلاً للتنفيذ إلا بأمر يصدره رئيس المحكمـة التي أودع الحكم إدارة كتابها بناء على طلب أحد ذوي الشأن....

 وكذلك تنص المادة ١٨٧ والتي تحدد ميعاد رفع دعوى بطلان وتقرر أنه:

ترفع دعوى البطلان إلى المحكمة المختصة أصـلا بنظـر النـزاع بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى وذلك خلال ثلاثين يوماً من إعلان الحكم.... ويجب أن تشتمل الصحيفة على أسباب البطلان وإلا كانت باطلة .

أن المشرع المصري ترك لطرفي التحكيم حرية الاتفاق علـى اختيار المحكمين وعلى كيفية ووقت اختيار هم م ۰۱/۱۷

ويؤكد هذا المفهوم أن هيئات التحكيم التي تشكل وفقاً لأحكام قـانون التحكيم القضائي في الكويت يمكن أن تختص بنظر منازعات معينـة دون وجود إتفاق تحكيم:

ومن الأمور التي تستحق التأمل في قانون التحكيم القضائي الكويتي ما قرره المشرع في المادة السابقة والتي تنص على أنه :

"..... يصدر حكم هيئة التحكيم بأغلبية الآراء وينطق به في جلسة علنية...... ولا يجوز نشر حكم هيئة التحكيم أو أجزاء منه إلا بموافقة الطرفين ".

فالمشرع قد راعي إرادة أصحاب الشأن، وقرر ضـرورة احترامهـا بشأن نشر حكم التحكيم من عدمه، فغالباً ما يتم اللجوء إلى التحكيم لما يتميز به من سرية وخصوصية بعيدة عن العلانية التي قد تضر بمصالح الخصوم، ولذلك يتمتع الخصوم بالحرية في الاتفاق على هذه المسألة، ولا يجوز نشر حكم التحكيم أو أية أجزاء منه إلا بموافقة الطرفين، وهي لاشك تعد موافقـة رضانية ولكن الأمر الغريب أن المشرع يقرر في صدر هذه المادة أنه النطق بالحكم في جلسة علنية.

وهنا نجد أن المشرع قد غلب الطابع القضائي في العمل وما يحـدث في المحاكم على الخصوصية التي تميز نظام التحكيم، حيـث أن خـصومة التحكيم بالكامل يخيم عليها طابع السرية ولا يسمح لأحد بحضور جلسات خصومة التحكيم إلا بموافقة الطرفين، ولا شك أن إعلان حكم التحكيم يفـشي سرية الخصومة وقد يضر بمصالح الأطراف.

ولذلك يعتقد الباحث أن موقف المشرع الكويتي في هذا الخصوص محل نظر، بل قد يتعارض مع مصالح الأطراف، ويهـدر فكـرة رضـانية التحكيم التي تفرض ضرورة ترك مساحة كبيرة من الحرية لطرفي الخصومة في تنظيم التحكيم والتدخل في إطار ضيق بهدف المحافظة على حسن أداء عدالة التحكيم فقط.

والخلاصة التي يتوصل إليها الباحث هي أن المشرع الكويتي أقر مبدأ رضائية التحكيم، ولكن من حيث مدى هذه الرضائية والبحث فـي الحريـة المتروكة لطرفي خصومة التحكيم، نجد أن المشرع قد فرض قيوداً على هذه  للحرية تفوق القيود التي فرضها المشرع المصري.

فالمشرع المصري لا يعرف نظام التحكيم القضائي الكويتي .

قانون المرافعات المدنية الفرنسي الجديد

وتنص المادة 1445 على أنه:

يحال النزاع إلى المحكمة التحكيمية من قبل الأطراف جميعاً أو من قبل الطرف الأكثر عجلة ".

ويلاحظ أن القانون الفرنسي يقرر بوضوح رضـائية التحكيم، ولا يعرف التحكيم الإجباري الذي يفرض علي أصحاب الشأن كما أنه لا يعـرف نظام التحكيم القضائي الذي قرره المشرع الكويتي .

القانون الانجليزي للتحكيم رقم 16 لعام 1996

ررد في مقدمة هذا القانون أنه يستحسن ألا تتدخل المحـكم فـي المسائل التي يرعاها هذا الفصل إلا في الحالات التي ينص عليها هذا الأخير صراحة كما ورد في تعريفه للعقد التحكيمي:

" لأغراض هذا الفصل أن عبارة العقد التحكيمي تعني أي إتفاق يحيل إلى التحكيم النزاعات الناشئة أو التي ستنشأ سواء كانت النزاعات عقديـة أو غير عقدية".

كما ورد النص على أنه:

لأغراض هذا الفصل.... للأطراف الحرية بالإتفاق على الوقت الذي تعتبر فيه الدعوى التحكيمية مقامة .

وبالنسبة لإجراءات التحكيم:

للأطراف حرية الاتفاق على إجـراءات تعيين المحكـم الفـرد أو المحكمين بما فيها إجراءات تعيين رئيس المحكمـة التحكيميـة أو المحكـم المرجح .

وإذا كانت المحكمة التحكيمية مؤلفة من محكم فرد، فإنه يتم تعيينـه بصورة مشتركة من الأطراف في خلال ٢٨ يوماً التي تلي الطلـب الخطي بذلك من قبل احد الأطراف .

القانون السويسري لعام ١٩٨٧

وفقاً للقانون الفيدرالي السويسري المتعلق بالقانون الدولي الخـاص الصادر في ۱۹۸۷/۱۲/۱۸، يمكن لأصحاب الشأن اللجوء إلـى التحكيم ويعتمد التحكيم على إتفاق رضائي.

حيث تنص المادة السابعة من القانون سالف الذكر :

إذا كان الأطراف قد وقعوا عقدا تحكيميا يشمل نزاعاً يمكن أحالتـه للتحكيم، فعلى المحكمة السويسرية التي يطلب منها النظر في هذا النزاع أن تعلن عدم إختصاصها....

كما تنص المادة 1/178 على أنه:

" يعتبر العقد التحكيمي صحيحاً من حيث الشكل إذا كـان مكتوبـاً أو وارداً في تبادل برقيات تلكسات أو فاكس أو غيرها من وسائل الاتصال التي تمكن من إثباته بواسطة نص....... ".

وتنص المادة ١٧٩ على تشكيل محكمة التحكيم

يتم تعيين المحكمين وعزلهم واستبدالهم وفقاً لأحكام أتفاق الأطراف في هذا الصدد .

وتنص المادة ١٨٢ على تنظيم إجراءات التحكيم:

"يمكن للأطراف مباشرة أو بالإشارة إلي نظام تحكيمي وضـع قواعـد الإجراءات التحكيمية ويمكنهم أيضاً أن يحيلوا إلي قانون إجراءات معين".

" وتنص المادة ١٨٧ على حرية الأطراف في اختيار القانون الذي يحكم النزاع.

تفصل محكمة التحكيم في النزاع وفقاً لقواعد القانون الذي يختـاره الأطراف...."