الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / التراضي في اتفاق التحكيم / الكتب / قضاء التحكيم / شروط صحة التراضي (نظره أولية)

  • الاسم

    م.د محمد ماهر ابو العنين
  • تاريخ النشر

    2010-01-01
  • اسم دار النشر

    مؤسسة دار الكتب
  • عدد الصفحات

    1156
  • رقم الصفحة

    238

التفاصيل طباعة نسخ

شروط صحة التراضي (نظره أولية)

    فوجود التراضى يحدث بتطابق الإرادتين لإحداث أثر قانوني معين هو إنشاء الإلتزام( الذى هو اللجوء إلى التحكيم لحل المنازعات). ويترتب على ذلك بداهة أن الإرادة لا يمكن أن تصدر عن شخص معدوم الإرادة كالطفل غير المميز ومن فقد الوعى لسكر أو مرض أو من إرادته الذاتية تحت تأثير الإيحاء ونحو ذلك والتعبير عن الإرادة قد يصدر من الأصيل في التعاقد أو من نائب عنه وهـو ما يسمى بالنيابة فى التعاقد. وعليه ففيما يتعلق بالتحكيم، فإن نطاق الإرادة يتركز ان في ضرورة تطابق إرادة أطراف التعاقد على اختيار التحكيم كوسيلة لحل النزاع.

   وبصفة عامة فإن التعبير عن الإرادة قد يكون تعبيرا صريحاً أو تعبيراً ضمنياً، إلا أنه في خصوص التحكيم فإن التعبير عن الإرادة لا يكون إلا صريحا - وذلك على نحو ما سلف وبينا أن الإتفاق على التحكيم لا يكون إلا كتابة ومن ثم فإن التعبير عن الإرادة في خصوص الاتفاق على التحكيم - لا يكون إلا تعبيرا صريحاً.

    أما الوكيل الذى يحمل وكالة عامة من الأصيل فلا يمكنه الاتفاق على التحكيم إذ إن الوكالة الواردة فى ألفاظ عامة (الوكالة العامة) لا تخصيص فيها كم حتى لنوع العمل القانونى الحاصل فيه التوكيل لا تخول الوكيل صفة إلا فى أعمال الإدارة. وعليه فإن التحكيم يتطلب أن يحمل الوكيل وكالة خاصة من الأصيل تخوله الحق في الاتفاق على التحكيم فوفقا للمادة ۷۰۲ من القانون المدنى 1 - لابد من وكالة خاصة في كل عمل ليس من أعمال الإدارة، وبوجه خاص في البيع والرهن والتبرعات والصلح والإقرار والتحكيم وتوجيه اليمين والمرافعة أمام القضاء...

   نری أنه من الملائم في مثل هذه الحالة أن يتم منح الوكيل سلطة إبرام اتفاق تحكيم فيما يتعلق بالعقود التي يبرمها ويكون محلها التـ ف في منقول يسرع إليه التلف من المنقول التى عهد إليه بإدارتها، والسبب في ذلك أنه وإن كان قد منح القانون للوكيل الحق في أن يتصرف في الشئ الذي عهد إليه بإدارته فمن باب أولى أن يعطى للوكيل الحق فى الاتفاق على الوسيلة المناسبة لحل ما عسى أن ينشأ من خلاف قد ينتج عن تنفيذ العقد الذي أبرمه نيابة عن الأصيل.

     ووفقاً لنص المادة ۱۱ من القانون التجارى فإن القاصر المأذون لــه بالتجارة يمكنه أن يبرم اتفاق التحكيم وذلك لأن للقاصر المأذون له في الاتجار الأهلية الكاملة للقيام بجميع التصرفات القانونية التي تقتضيها تجارته. أما القاصر الأجنبى الذى أكمل ثمانية عشر عاماً فلا يمكنه إبرام اتفاق التحكيم مالم تأذن لـــه المحكمة المختصة فى مصر بمزاولة التجارة، أما من لم يبلغ الثمانية عشر عاما مصرياً كان أم أجنبياً فلا يمكنه إبرام اتفاق التحكيم إذ إنه لا يمكنه من البداية مزاولة التجارة فى مصر والسبب في ذلك أن مزاولة التجارة تفترض من البداية أن من يزاول التجارة يجب أن تكون له أهلية التصرف لكي يتمكن من عقد الصفقات التجارية والتي من الممكن أن تتضمن شرط تحكيم. أما الصبي المميز المصرى متى بلغ الثامنة عشرة من عمره وأذن له في تسلم أمواله لإدارتها، أو تسلمها بحكم القانون، كانت أعمال الإدارة الصادرة منه صحيحة في الحدود التي رسمها القانون  ومن ثم فلا يمكنه إبرام اتفاق التحكيم إذ أن هذا الاتفاق – كما سبق . وذكرنا - يتطلب أهلية التصرف ولا يكتفى فيه بأهلية الإدارة.

   المجنون والمعتوه وذو الغفلة والسفيه تحجر عليهم المحكمة، ومن ثم يقع باطلا تصرف المجنون والمعتوه - ومن ذلك إبرامه لاتفاق التحكيم - إذا صدر التصرف بعد تسجيل قرار الحجر.

    أما إذا صدر تصرف المجنون أو المعتوه - ومن ذلك إبرام اتفاق التحكيم - قبل تسجيل قرار الحجر فلا يكون باطلاً إلا إذا كانت حالة الجنون العته شائعة وقت التعاقد أو كان الطرف الآخر على بينة منها. صدر تصرف من ذى الغفلة من السفيه بعد تسجيل قرار الحجر سرى على هذا التصرف ما يسرى على تصرفات الصبي المميز من أحكام ومن ثم فلا يمكن للسفيه أو ذى الغفلة إبرام اتفاق التحكيم بعد تسجيل قرار الحجر. أما اتفاق التحكيم الصادر قبل تسجيل قرار الحجر فلا يكون باطلا أو قابلا للإبطال، إلا إذا كان نتيجة استغلال أو تواطؤ سواء كان هذا التواطؤ من ذى الغفلة ذاته أو با لاتفاق بينه وبين الطرف الأخر .

هل يجوز للمساعد القضائى إبرام اتفاق التحكيم نيابة عن من يساعده ؟

    لقد نص القانون المدنى فى المادة ۱۱۷ منه على أن إذا كان الشخص أصم أبكم أو أعمى أصم أو أعمى أبكم، وتعذر عليه بسبب ذلك التعبير عن إرادته، جاز للمحكمة أن تعين له مساعداً قضائياً يعاونه في التصرفات التي تقتضى مصلحته فيها ذلك. ويكون قابلا للإبطال كل تصرف من التصرفات التــ تقررت المساعدة القضائية فيها، متى صدر من الشخص الدعوى تقررت مساعدته قضائيا بغير معاونة المساعد، إذا صدر التصرف بعد تسجيل قرار المساعدة.

    أما قانون الولاية على المال فقد نص في المادة ٧٠ منه على أن "إذا كان الشخص أصم أبكم أو أعمى أصم أو أعمى أبكم وتعذر عليه بسبب ذلك التعبير عن إرادته جاز للمحكمة أن تعين مساعداً قضائيا يعاونه في التصرفات المنصوص عليها في المادة .۳۹ ويجوز للمحكمة ذلك إذا كان يخشى من انفراد الشخص بمباشرة التصرف في ماله بسبب عجز جسمانی.

   يبقى التساؤل قائماً حول مدى سريان شرط التحكيم – الذي أبرمه المفلس خلال فترة الريبة - فى مواجهة جماعة الدائنين ؟

     الأصل أن تصرفات المفلس التي تسبق صدور الحكم بشهر إفلاسه تكون صحيحة منتجة لآثارها إلا أنه ولما كان المفلس إذا أحس بانهيار مركزه المالي فإنه قد يتخبط بإبرام بعض العقود أو القيام ببعض التصرفات التي قد تضر دائنيه لذلك فتح قرر المشرع وضع تصرفات المفلس - ومن ضمنها الاتفاق علــى التحكيم - والتي تسبق الحكم بشهر إفلاسه تحت الفحص باعتبار أن تلك الفترة هي فترة يوجد ما يبرر الإرتياب فيها.

     فبالرجوع إلى أحكام القانون التجارى نجد أنه فـرق بـيـن نـوعيـن مــن التصرفات التي يبرمها المفلس خلال فترة الريبة فجعل هناك طائفة من التصرفات لا تنفذ وجوبياً في مواجهة جماعة الدائنين، هذه التصرفات حصرتها المادة ٥٩٨ من القانون التجاري في التصرفات الآتية:

أ- منح التبرعات أياً كان نوعها ماعدا الهدايا الصغيرة التي يجرى عليها العرف.

ب وفاء الديون قبل حلول الأجل أياً كانت كيفية الوفاء. ويعتبر إنشاء مقابل وفاء ورقة تجارية لم يحل ميعاد استحقاقها في حكم الوفاء قبل حلول الأجل.

   ج- وفاء الديون الحالة بغير الشئ المتفق عليه. ويعتبر الوفاء بطريق الأوراق التجارية أو النقل المصرفي في حكم الوفاء بالنقود.

د- كل رهن أو تأمين اتفاقى آخر وكذلك كل اختصاص يتقرر على أموال المدين ضماناً لدين سابق على التأمين. أما ما عدا ذلك من تصرفات فيجوز الحكم بعدم نفاذه في مواجهة جماعة الدائنين وذلك بشرط أن يكون هذا التصرف ضاراً بجماعة الدائنين وكان المتصرف إليه يعلم وقت وقوع التصرف بتوقف المفلس عن الدفع.

     وعلى هذا فإن اتفاق التحكيم الذى يبرمه المفلس خلال فترة الريبة يكون كقاعدة عامة صحيحاً ونافذاً في مواجهة جماعة الدائنين ما لم يكن هذا الاتفاق ضاراً بمصلحة جماعة الدائنين ويكون الطرف الآخر في اتفاق التحكيم عالماً بأن الشخص الذي يتعاقد معه متوقفاً عن دفع ديونه. هذا ويتحقق الشرطين سالفي الذكر يكون اتفاق التحكيم غير نافذ في مواجهة جماعة الدائنين، إلا أن عدم النفاذ في هذه الحالة يجب أن تقرره المحكمة المختصة وهي المحكمة الإبتدائية التي يقع في دائرتها موطن تجارى للمفلس والتي أشهرت إفلاسه.

    وتجدر الإشارة إلى أن الأجانب يسرى عليهم قانون الدولة التي ينتمون إليها بجنسيتهم فيما يتعلق بحالتهم المدنية وأهليتهم. ومع ذلك ففى التصرفات المالية التي تعقد فى مصر وتترتب آثارها فيها ومن ضمنها الاتفاق على التحكيم إذا كان أحد الطرفين أجنبياً ناقص الأهلية وكان نقص الأهلية يرجع إلى سبب فيه خفاء لا يسهل على الطرف الآخر تبينه، فإن هذا السبب لا يؤثر في أهليته إذ يعد أهلا لإبرام اتفاق التحكيم ويكون الاتفاق نافذا في مواجهته.

  أيضاً يطرح التساؤل عن أثر اتفاق التحكيم الذى يبرمه أحد المتضامنين بالنسبة للباقين ؟.

   القاعدة فى القانون المدنى أن المتضامن سواء فى حالة التضامن الإيجابي (تضامن الدائنين) أو في حالة التضامن السلبي (تضامن المدينين)، يعتبر ممثلاً لغيره من المتضامنين معه فيما ينفعهم دون ما يضرهم. أما فيما يتعلق بالتصرفات التي لا يتبين بوضوح مدى نفعها من ضررها يكون المتضامن بالخيار بين عدم التمسك بها. ومن ثم إذا أبرم أحد المتضامنين اتفاق تحكيم فإن المتضامنين الآخرين لهم الخيار إما فى التمسك باتفاق التحكيم أو عدم التمسك به, أى لهم الخيار بما يحقق مصلحتهم.

    وعليه إذا أبرم أحد المدينين المتضامنين اتفاق تحكيم مع الدائن، فإن هذا الاتفاق لا يلزم المتضامنين الآخرين ولا يمنعهم من اللجوء إلى قضاء الدولة. وبنفس الوقت لهم التمسك بهذا الاتفاق إذا قدروا أن ذلك في مصلحتهم.