وقد طعنت الحكومة المصرية في حكم هيئة التحكيم خلال الموعد القانونى أمام محكمة استئناف باريس وذلك استناداً على نص المادة (١٥٠٤) مرافعات فرنسی و طالبت ببطلانه لأنه صدر بدون وجود اتفاق تحكيم وقد قبلت المحكمة الطعن وقررت في حكمها الصادر في ١٢ يوليو ١٩٨٤ بإلغاء حكم هيئة التحكيم المطعون فيه لأنه قد صدر بموجب اتفاق تحكيم لم تكن الحكومة المصرية طرفاً فيه إذ لم تكن الحكومة المصرية طرفاً في العقد الثاني المبرم عام ١٩٧٤ ، كما أن عبارة تمت الموافقة والتصديق عليه، ويعتمد» الصادرة عن وزير السياحة المصرى ينبغى تفسيرها على أنها كانت من قبيل ممارسة الوزير لسلطته الوصائية على المؤسسة الخاضعة لرقابته أى بصفته جزءاً من الكيان القانوني للمؤسسة ذاتها .
وفي تفصيل هذا المعنى قررت المحكمة: ((1) مشروع العقد الأول المبرم في سبتمبر ١٩٧٤ كان موقعاً عليه من ثلاثة أطراف هم : وزير السياحة، وشركة (E.G.DO.T.H) ، وشركة (S.P.P) ولكنه لم يصبح نهائياً. (2)في العقد الثاني المبرم في ١٢ ديسمبر ١٩٧٤ محل النزاع لم توقع الحكومة المصرية ضمن أطراف العقد. (3) كان توقيع الوزير المصري في العقد الثاني محل النزاع تحت صفة وزير السياحة»، في حين كان توقيعه في مشروع العقد الأول تحت صفة وزير السياحة الممثل لحكومة جمهورية مصر العربية». (4) توقيعات الأطراف في العقد الثانى محل النزاع كانت مستقلة ومنفصلة عن توقيع الوزير المصرى حيث جاء توقيعه بعيداً عن توقيعهم في ذيل العقد. (5) العقد الثاني محل النزاع لم يلق على عاتق الحكومة المصرية أى التزام.
وقد تأيد حكم محكمة استئناف باريس من محكمة النقض الفرنسية في حكمها الصادر في ٦ يناير ۱۹۸۷
ويتضح من هذا الحكم أن اتساع نطاق شرط التحكيم في منازعات المجموعات العامة يكمن فى إرادة الأطراف فى الالتزام بهذا الشرط، ومن ثم الاتفاق على اللجوء إلى التحكيم التجارى متعدد الأطراف.
وفى نفس العام قامت هذه الهيئة المنشأة بإبرام عقد مع شركة ويستلاند هيلكوبتر Westland Helicopters البريطانية وذلك بغرض إنشاء شركة مشتركة هي الشركة العربية البريطانية لطائرات الهيلكوبتر»، وكان هذا العقد يتضمن شرط تحكيم، ثم بعد ذلك قامت هذه الشركة المشتركة بإبرام العديد من العقود. مع الشركة البريطانية.
بيد أنه على أثر إبرام مصر لاتفاقيات كامب ديفيد مع إسرائيل قامت كل من السعودية وقطر بإنهاء مشاركتها في الهيئة العربية للتصنيع وتصفيتها ، فقامت شركة "Westland" الانجليزية برفع دعوى تحكيم أمــام غرفة التجارة الدولية ضد كل من الهيئة العربية للتصنيع، والدول العربية الأربع، والشركة العربية البريطانية لطائرات الهيلكوبتر للمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي تسبب فيها الانسحاب الذي جعل تنفيذ العقد المبرم بينها وبين الهيئة العربية للتصنيع والذى يشتمل على شرط التحكيم متعذراً. بيد أن الدول العربية الأربع قد دفعت بأنها ليست طرفاً في النزاع، لأنها لم تشارك في العقد الذي كان يشتمل على شرط التحكيم.
غير أن هيئة التحكيم قد فصلت في مسألة اختصاصها بعقد هذا الاختصاص في مواجهة الدول الأربع على أساس أن الهيئة العربية للتصنيع قد أنشئت بمشاركة الدول الأربع، الأمر الذي جعل الشركة الانجليزية تعتقد - بحق فى أن الدول الأربع ضامنة لتنفيذ العقد محل النزاع.
هذا وقد رفضت المحكمة من خلال تحليلها للعقود التي تم بمقتضاها إنشاء الهيئة العربية للتصنيع أن تكون هناك وحدة بين الهيئة والدول الأربع المكونة لها، وقررت المحكمة
(۱) إذا فرض أن الدول الأربع المكونة للهيئة العربية للتصنيع مسئولة عن التزاماتها، فإن هذه المسئولية لاتؤدى إلى الإنابة في غياب شرط تحكيم موقع من الدول الأربع.
(۲) إن رفض اتساع شرط التحكيم لا يؤدى إلى إنكار العدالة، لأن المدعى يمكنه دائماً أن يقاضى الحكومة المصرية أمام القضاء العادي.
وهكذا يتضح من هذه القضية وسابقتيها الاعتداد بإرادة الأطراف في اللجوء للتحكيم كمعيار الاتساع نطاق شرط التحكيم في منازعات المجموعات العامة، ومن ثم إرادة اللجوء للتحكيم التجارى متعدد الأطراف.