ومناط اتفاق التحكيم ، هو وجود الإرادة الحرة الصريحة الأطراف التحكيم ، كما يجب أن تنصب هذه الإرادة علي محل ممكن ومشروع، وأن تستند إلى سبب مشروع، وهو ذاته ما نصت عليه الفقرة الأولي من المادة الرابعة من قانون التحكيم إذ تقول " ينصرف لفظ (التحكيم) في حكم هذا القانون إلي التحكيم الذي يتفق عليه طرفا النزاع بإرادتهما الحرة .... ..." ، ومن مقومات هذه الإرادة الحرة الصريحة التي يبتغيها المشرع هو توافر شرط التراضي الصحيح لأطراف الاتفاق عن طريق اختيارهم التحكيم كوسيلة لحسم المنازعات التي تثور بشأن علاقتهم الأصلية ، سواء أكانت عقدية أو غير عقدية (و مثالها التعويض عن تقليد العلامة التجارية )، و سواء أكان هذا الاتفاق قبل نشوء النزاع وهو ما يعرف بشرط التحكيم ، أو كان تالياً له وهو ما يعرف بمشارطة التحكيم .
ويتحقق شرط التراضي الصحيح المنتج لأثاره عند تطابق الإرادتين على الاتفاق علي التحكيم ، ممثلة في إيجاب وقبول صحيحين علي اللجوء إلي التحكيم لفض المنازعات التي قد تنشأ أو التي نشأت بالفعل ، على أن يكون هذا الإيجاب أو القبول غير مشوبين بعيب من عيوب الإرادة التي نص عليها القانون المدني وهي الغلط والتدليس و الإكراه و الاستغلال أو الغبن .
كما يشترط المشرع أن يكون الاتفاق على التحكيم مثبتا بالكتابة و إلا كان باطلا ، وغير منتج لأثاره، وهو ما نصت عليه المادة الثانية عشر من قانون التحكيم إذ تقول " يجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا و إلا كان باطلا ، ويكون اتفاق التحكيم مكتوبا إذا تضمنه محرر وقعه الطرفان أو إذا تضمنه ما تبادله الطرفان من رسائل أو برقيات أو غيرها من وسائل الاتصال المكتوبة "
والتعبير عن هذه الإرادة التي تم إفراغها كتابيا بما يفيد قبول التحكيم كوسيلة لحل المنازعات يجب أن تصدر بالضرورة من أشخاص معينين ، تتوافر فيهم الأهلية اللازمة لإبرام اتفاق التحكيم ، وهذه الأهلية تعد من الشروط الموضوعية الهامة الواجب توافرها في اتفاق التحكيم ، وقد تكون سبب لعدم صحته وصحة الحكم فيه إذا لم تكن مستوفية للشروط التي يتطلبها القانون في الأهلية .