الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / صحة الرضا / الكتب / طرق وأسباب الطعن في حكم التحكيم دراسة قانونية مقارنة / عيوب الإرادة ومشارطة التحكيم 

  • الاسم

    محمد علي فرح
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    213

التفاصيل طباعة نسخ

عيوب الإرادة ومشارطة التحكيم 

1- الغلط:

وفقا للمادة (63) من قانون المعاملات المدنية لسنة (1984م):

1- يكون الغلط جوهريا بفوات الوصف المرغوب فيه إذا بلغ حدا من الجسامة بحيث يمتنع معه المتعاقدين عن إبرام العقد لو لم يقعا في هذا الغلط.

2 - يكون العقد قابل للإبطال:

أ- إذا وقع الغلط في صفة للشيء تكون جوهرية في اعتبار المتعاقدين أو يجب اعتبارها كذلك لما يلابس العقد من ظروف ولما يجب فيه التعامل بحسن نية.

ب- إذا وقع الغلط في ذات المتعاقد أو في صفة من صفاته وكانت تلك الذات أو الصفة السبب الرئيسي في التعاقد.

ج- إذا وقع الغلط في أمور تبيح نزاهة المعاملات للمتعاقد الذي يتمسك بالغلط أن يعتبرها ضرورية للتعاقد.

  الغلط المعيب للرضا هو الذي يقع في أمر جوهري مرغوب فيه في محل العقد (فوات الوصف المرغوب) في الشيء محل العقد ويسميه القانون المدني الفرنسي (الصفة الجوهرية في الشيء) أو في ذات المتعاقد أو صفة من صفاته، والفرق بينها هو أن الغلط في الصفة المرغوبة في المحل يمكن أن يقوم في كل العقود في حين الغلط في ذات المتعاقد أو في صفة من صفاته لا يقوم إلا إذا كانت شخصية المتعاقد محل اعتبار ، وهناك نوع ثالث للغلط الذي يعيب الإرادة إذا توافرت فيه شروط الغلط الواقع في النوعين أعلاه وكان القانون لا يقضي بغيره وهو الغلط في القانون ويقصد به الغلط في معرفة حكم القانون وهذا الغلط على الرغم من أن هناك بعض التشريعات أخذت به إلا أنه لا وجود له في قانون المعاملات المدنية السوداني. 

  بالنظر إلى اتفاق التحكيم إذا كانت صورته مشارطة تحكيم نجد أن محل الاتفاق هو إخراج النزاع من ولاية القضاء وعرضها على هيئة خاصة للفصل فيها، وهذا المحل واحد في كل اتفاقات التحكيم وبالتالي لا مجال للحديث عن الغلط في محل العقد في صورة المشارطة وكذلك الغلط في القيمة غير متصور لأن المحل في اتفاق التحكيم ليس له قيمة مالية تقبل الزيادة أو النقصان، وقد يتصور الغلط في صورة اتفاق التحكيم الذي يبرم قبل وقوع النزاع في محل التحكيم في أحوال نادرة جدا وهي في الحالة التي لا يفرق فيها المتعاقد بين التحكيم وقضاء الدولة فيعتبر التحكيم هو القضاء إلا انه يشترط أن يكون المتعاقد الآخر واقع في نفس الغلط وإلا كانت المسألة هنا تدليسا وليس غلط مع ملاحظة أن الغلط هنا ليس لفوات وصف في محل العقد بل للغلط في محل العقد ذاته مما يعدم الرضا من أساسه.

  الغلط في شخص المتعاقد الآخر أو صفة من صفاته متصور الحدوث في اتفاق التحكيم وذلك فيمن يدعي حقا ويبرم مشارطة تحكيم مع شخص يعتقد ايلولة هذا الحق إليه عن طريق الميراث أو الهبة عن شخص معين إذا تبين له بعد ذلك أن مدعي الحق ليس وراثة أو موهوب له، إلا انه يشترط أن يكون المتعاقد الآخر واقع في نفس الغلط وإلا كانت المسألة هنا تدليسا وليس غلط .

2- التدليس

   وفقا لقانون المعاملات المدنية لسنة (1984م) يكون العقد قابلا للإبطال للتدليس سواء أكان قوليا أم فعليا، إذا كان التدليس الذي لجأ إليه احد المتعاقدين أو وكيله من الجسامة بحيث لولاه لما ابرم الطرف الآخر العقد ، ويعتبر تدليسا السكوت عمدا عن واقعة أو ملابسة إذا ثبت أن المدلس عليه ما كان يبرم العقد لم علم بتلك الواقعة أو هذه الملابسة". وفقا لذات القانون فإن الغرر هو أن يخدع أحد المتعاقدين الآخر بوسائل احتيالية قوليه أو فعليه تحمله على الرضا بما لم يكن ليرضى به لولا تلك الوسائل، وكذلك يعتبر السكوت عمدا عن واقعة أو ملابسة تغرير إذا ثبت أن المغرر ما كان لا يبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو الملابسة .

فالتدليس هو استعمال طرق احتيالية يكون القصد منها إيقاع المتعاقد في غلط يدفعه في التعاقد، ويشترط فيه الآتي

1- استعمال طرق احتيالية وهذه الشرط يتضمن عنصرين، الأول الحيل المستعملة والثاني عنصر معنوي وهو نية تضليل المتعاقد للوصول إلى غرض غير مشروع، والأصل في الحيل أن لا تقتصر على مجرد الكذب وإنما تكون مصحوبة بأعمال مادية تصور للمتعاقد الأمر على غير حقيقته فتوقعه في غلط يدفعه للتعاقد، إلا أنه إذا تعلق الكذب بواقعة لها أهميتها في العقد فإن الكذب في هذه الحالة يعد من الطرق الاحتيالية مثال المعلومات المتعلقة بالخطر المراد التامين عليه.

2- أن يكون دافعا للتعاقد، إذ لولاه لما أقدم المتعاقد على إبرام العقد.

3- أن يكون المتعاقد الآخر على صلة بالتدليس.

   يراعى في إثبات التدليس توافر الشروط أعلاه ويأخذ فيه بالمعيار الذاتي أو الشخصي للمتعاقد المدلس عليه من حيث سنه ودرجة تعليمه وظروفه الاجتماعية وغير ذلك من ظروف الشخصية. الصلة بين التدليس والتغرير هي أن التغرير عبارة عن تدليس غاية الأمر أن التدليس هو اصطلاح القانون الوضعي، في حين أن التغرير هو اصطلاح الفقه الإسلامي ومادام المشرع قد اعتبر التدليس عيبا من عيوب الإرادة فلم يكن بحاجة إذن للنص على التغرير وان كان من الأفضل أن يكتفي بالنص على التغرير بدلا من التدليس طالما انه استمد أحكام قانون المعاملات المدنية من الفقه الإسلامي.

   الصلة بين التدليس والغلط هي أن التدليس يؤدي إلى ايهام المتعاقد بغير الحقيقة أما في الغلط فإن المتعاقد يقع من تلقاء نفسه في وهم مخالف للحقيقة، ولا يختلف في أثره على المتعاقد المدلس عليه وهو وقوعه في الغلط إلا أن الغلط في حالة التدليس هو غلط مستثار ومن ثم فان المجال الذي يمكن أن يتواجد فيه هو المكان ذاته الذي يمكن أن يتواجد فيه الغلط المعيب للإرادة في اتفاق التحكيم.

3- الإكراه :

  وفقا لقانون المعاملات المدنية يكون العقد قابلا للابطال للإكراه إذا تعاقد شخص تحت تأثير رهبة قائمة على أساس معقول بعثها المتعاقد الآخر في نفسه دون حق .

   تكون الرهبة قائمة على أساس معقول إذا كانت ظروف الحال وقت التعاقد تصور للطرف الذي يدعيها أن المكره قادر على إيقاع ما يهدد به وأن خطر جسيما يهدده في النفس أو الجسم أو الشرف أو السمعة أو المال ، ويعتبر إكراها تهديد المتعاقد بإيقاع ضرر بوالده أو ولده أو زوجه أو أي شخص تربطه به صلة القربى أو المودة القريبة.

    الإكراه هو تهديد (فعل أو امتناع) بأمر غير مشروع من شأنه أن يحدث رهبة في نفس المتعاقد الآخر تدفعه إلى التعاقد، والإكراه يجعل العقد قابلا للإبطال وهو متصور أن يقع من أحد المحتكمين على الآخر، وذلك بإيقاع الأذى على الجسم أو التهديد به أو بالحبس أو التهديد به، وبالتهديد بإتلاف المال وبإيقاع الأذى الجسماني بالوالدين أو الولد أو الزوج أو الأخوة أو حبسهم التهديد بأي من ذلك. 

عيوب الإرادة وشرط التحكيم

   إذا كان عيب الإرادة منصبا على العقد الأصلي فإن إبطال العقد الأصلي لهذا السبب لا يكون له أثر على شرط التحكيم إذا كان هذا الشرط صحيحا في ذاته عملا بنص المادة (2/6) التي تنص على أن يعد شرط التحكيم اتفاقا مستقلا عن شروط العقد ولا يترتب على بطلان العقد أو فسخه أو إنهائه أي أثر على شرط التحكيم الذي يتضمنه. يصدق العكس إذا كان العيب قد انصب على شرط التحكيم دون أن يمتد إلى العقد الأصلي الملحق به شرط التحكيم ومن ثم فان إبطال الشرط التحكيمي لعيب في إرادة احد الطرفين لا يمتد إلى العقد الأصلي.

   قد يقع الغلط في العقد الأصلي على شخص المتعاقد أو على صفه من صفاته وهذا النوع من الغلط يمتد بالضرورة إلى شرط التحكيم، لأن المتعاقد في العقد الأصلي المتضمن الشرط التحكيم الذي وقع الغلط في شخصه أو صفته هو بالضرورة ذات المتعاقد في شرط التحكيم ففي حالة هذا النوع من الغلط نلاحظ أن مبدأ استقلالية شرط التحكيم يفقد فعاليته وقابلية العقد الأصلي للبطلان تطال الشرط التحكيمي.

   يقع الإكراه في العقد الأصلي على شخص المتعاقد الآخر ويستهدف إرهابه والتأثير على إرادته وهو نفسه ذات المتعاقد في شرط التحكيم المضمن في العقد الأصلي وبالتالي فان الإكراه الذي يبطل العقد الأصلي يؤدي بالضرورة إلى إبطال شرط التحكيم ما لم يكن شرط التحكيم تم الاتفاق عليه بعد العقد الأصلي وزوال الإكراه.

4- الغبن:

  هو عدم التعادل في القيمة بين ما يعطيه المتعاقد وما يأخذه وقت التعاقد في عقود المعاوضة والغبن الذي يعتد به القانون هو الذي يتجاوز حدا معينا، ذلك لأن أي عقد من العقود لا يخلو من غبن يتحمله أحد المتعاقدين ولو بدرجة يسيرة والمشرع السوداني ربط الغبن بالتغرير (التدليس) وأجاز فسخ العقد إذا غرر أحد المتعاقدين بالآخر وتحقق أن العقد تم بغين فاحش.

5- الاستغلال:

  عبارة عن ضعف نفسي لدى أحد المتعاقدين أنتهزه المتعاقد الآخر فدفع هذا المتعاقد إلى إبرام العقد والاستغلال هو نتاج بعض الشرائع التي لم تكتفي بالنظرة المادية للغبن وإنما اهتمت بصفة أساسية بإرادة المغبون حيث لا يعتد بالغبن إلا إذا كان نتيجة ضعف نفسي لدى المتعاقد المغبون استغله المتعاقد الآخر ويسمى الغبن هنا ( بالاستغلال) فالاستغلال يتطلب لقيامه شرطان أحدهما عدم التعادل في الالتزامات ثانيهما أن يكون عدم التعادل عائد عن استغلال أحد الطرفين لضعف معين في الطرف الأول، فمن المتصور أن يصدق تحقق الشرط الثاني الذي هو استغلال ضعف المتعاقد الآخر بالنسبة لشرط التحكيم إلا أن الشرط الأول وهو عدم التعادل في الالتزامات لا يتصور تحققه فيه لأن له محل متميز عن مضمون العقد الأصلي ولأنه - أي شرط التحكيم - ينشئ التزامات متعادلة في مواجهة كل من الطرفين إذ أن كل منهما لا يلتزم بأكثر من عدم الالتجاء إلى القضاء عند قيام النزاع والالتجاء بدلا منه إلى التحكيم. 

   يقوم الغبن على عنصر واحد وهو عدم التعادل في الالتزامات وهو لا يختلف عن الاستغلال وعلى ذلك فان فعالية مبدأ استقلال شرط التحكيم عن العقد تعمل في مجال الاستغلال والغبن فيظل شرط التحكيم صحيحا رغما من إبطال العقد الأصلي للاستغلال أو الغبن

107