ولاية المحكم مستمدة من رضا الخصوم المحتكمين اليه ، ولا خلاف اشتراط وجود الرضا صحيحا ، بالتحكيم ابتداء . . حتى تنعقد ولاية الحكم ، وتكون له سلطة نظر النزاع المطروح عليه ، وإنما الخلاف بين الفقهاء في اشتراط دوام الرضا الى حين صدور الحكم وهم ذلك قولين:
الأول : ويرى أنه لا يلزم توافر الرضا الى وقت صدور الحكم ، فيكفي أن يتم الرضا بالتحكيم ابتداء ، حتى اذا ما ترافع الخصوم الى المحكم لم يكن لأحدهما الرجوع عن التحكيم ، اذ أن التحكيم قد انعقد برضا الخصوم واختيارهم ، وقد تم ذلك بقبول المحكم ، وكما أنه لايجوز للموكل الرجوع عن الوكالة بعد شروع الوكيل في العمل الموكول به .
الثاني : ويرى أنه يشترط لصحة حكم الحكم توافر الرضا الى وقت الحكم ، فإذا زال الرضا لأي سبب من أسباب زواله كرجوع أحدهما عن التحكيم أو موته لم يكن للحكم أن يحكم بعد ذلك واذا حكم لا يصح حكمه ، لأن الرضا هو المثبت لولايته ، فاذا زال الرضا زالت ولايته ، ولو لم يشترط الرضا الى حين الحكم ، لما صح فسخ التحكيم بتراضي الخصوم .
وبعض الشافعية قال ان محل اشتراط الرضا اذا لم يكن أحد الخصمين القاضي ، والا فلا يشترط رضا الخصم الآخر لصحة حـكم المحكم ، وهذا مبنى على أن تحكيم القاضي المحكم انما الدعوى فلا يشترط رضا الخصم بذلك .