من المعلوم أن القضاء والتحكيم الدولى لا يمكنه أن ينظر قضية ضد دولة ما دون موافقتها، ولا يملك سلطة أمر دولة بالتدخل في الدعوى، إنما الأمر متروك للسلطة التقديرية لكل دولة، ويتوقف ذلك - بداهة - على موافقتها، أو بالنسبة للتحكيم على نصوص اتفاق التحكيم أو الاتفاقيات الدولية السارية بين الدول المعنية. فإذا فعلت أية محكمة دولية عكس ذلك، ونظرت في الدعوى دون موافقة الدولة، فإنها تكون قد ارتكبت عدة أخطاء، هي:
أولا: أنها تكون قد حكمت على الدولة فى غيابها in absentia) وفي غير الأحوال التي يجوز إصدار حكم على الدولة رغم عدم مثولها (أنظر على سبيل المثال المادة ٥٣ من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية).
ثانيا: أنها تكون قد أخلت بمبدأ المساواة بين الخصوم والذي يحتم ضرورة الاستماع إلى كل طرف بالتطبيق لقاعدة معروفة في قانون الإجراءات الدولية والداخلية)، وهي قاعدة: audi alteram partem).
ثالثا: أنها تكون بذلك قد أصدرت حكما على سبيل الافتراض ex hypothesi)، وهو أمر لا يجرؤ أى قضاء دولي ودون نص صريح أن يفعله.
رابعا: أنها تكون - بالحكم الصادر في موضوع النزاع - قد ألزمت الدولة دون موافقتها. ومن المعلوم أن اشتراط موافقة الدولة على المثول أمام القضاء الدولى يرجع إلى أن المحاكم الدولية تصدر أحكاما ملزمة.
خامسا: أنها تكون قد اعتدت على سيادة الدولة، والتي تشكل إحدى الأسس الجوهرية للقانون الدولى المعاصر.
3- فكرة توسيع أو مد الاختصاص لمحكمة التحكيم
لا شك أن فكرة مد اختصاص المحكمة - forum prorogatum) (prorogated jurisdication تتوقف أساسا على نية الطرف أو الأطراف المعنية، تلك النية يجب أن تكون واضحة لا لبس فيها بالنسبة لمد اختصاص المحكمة إلى أمور أخرى .
وعلى ذلك تعد هذه الفكرة وسيلة من وسائل اختصاص المحكمة إلى جانب الاتفاق بين الطرفين والقبول الاختياري للاختصاص الإلزامي للمحكمة وفقا للمادة ٢/٣٦) .
ويمكننا تكييف هذه الفكرة - والتى تتمثل في قبول الاختصاص من جانب أحد الأطراف في الدعوى، عن طريق سلوكه اللاحق لدعوى أو لطلب قدمه منفردا الطرف الآخر - بأنها تشكل قبولا ضمنيا لاختصاص المحكمة بالمقارنة بالقبول الصريح لذلك الاختصاص (عن طريق الاتفاق، أو وفقا للمادة ٢/٣٦)
معنى ذلك أن هذا المفهوم - إذا ثبت – يعطى للمحكمة اختصاصا أوسع بنظر النزاع وذلك عن طريق مده إلى أمور أخرى غير تلك التي يؤسس عليها الاختصاص المحكمة، أي يترتب على ذلك اتساع نطاق الولاية الموضوعية للمحكمة بالمقارنة بما ورد في الطلب الأصلي.