الرضا باتفاق التحكيم في المنازعات البحرية هو توافق إرادتي طرفـي هـذا الاتفاق على اتخاذ التحكيم وسيلة لفض المنازعات التي نشأت بالفعل بينهما، أو التي يمكن أن تنشأ مستقبلاً. وهو ركن اتفاق التحكيم، ولا يقوم بدونه . ذلـك أن توفر الأهلية لدى الشخص الطبيعي أو الاعتباري العام أو الخاص، لا تغني عن الرضا لإبرام اتفاق التحكيم . فالدولة قد تكون مثلا أهلا لإبرام اتفاق التحكيم ، إلا ذلك قد لا ترضى التحكيم وسيلة لتسوية منازعاتها الداخلية والدولية . ولما كـان اتفـاق التحكيم عقداً ، فإنه يجب أن يقوم على إيجاب وقبول تتطابق بموجبهما الإدارتان على حسم النزاع الذي سينشأ بينهما عن طريق التحكيم . ويجب أن يكون التعبير عن الإرادة صحيحاً لا يشوبه أي عيب (من أنها مع عيوب الرضا. فمتى أفصح أحد الأشخاص عن إرادة جدية، متجهة إلى اتخاذ التحكيم سبيلا لتسوية النزاع ، واقترنت بها إرادة أخرى مطابقة ، فقد وجد التراضي على التحكيم. ذلك أنه لما كان قضاء الدولة هو القضاء الطبيعي والأصل العام ، فإن اللجوء لغير هذا الطريق لفض النزاعات، يجب أن يكون واضحاً. فإذا عبر أحد الأطراف عن رغبته في تسوية النزاع بطريق التحكيم ، فيلزم أن يكون قبول الطرف الآخر باتا ومنتجا في إحداث آثاره، وهو نزع الاختصاص من قضاء الدولة، وتخويله قضاء التحكيم، وذلك حتى يمكن القول بوجود مطابقة للحقيقة بين إيجاب وقبول طرفي التحكيم.