الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / الرضا / الكتب / مفهوم الكتابة في اتفاق التحكيم /  الرضا في اتفاق التحكيم 

  • الاسم

    د. أحمد صدقي منصور
  • تاريخ النشر

    2004-01-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    93
  • رقم الصفحة

    134

التفاصيل طباعة نسخ

 

 الرضا في اتفاق التحكيم 

طبقا للقواعد العامة في أحكام القانون المدني يكون الرضا ركنا أساسيا لقيام العقد ، ويتحقق هذا الرضا بتلاقي او توافق إرادتين أو أكثر علي إبرام العقد .

واتفاق التحكيم باعتباره عقد قوامه الإرادة ، لابد أن تتوافر لدي الأطراف إرادة إبرام اتفاق التحكيم . بل يجب أن تتجه هذه الإرادة إلى إحداث أثر قانوني معين وهو اختيار التحكيم كوسيلة لحسم منازعاتهم الناشئة عن علاقتهم الأصلية ، سواء أكانت هذه العلاقة عقدية أم غير عقدية وسواء أبرم هذا الاتفاق قبل وقوع النزاع أم بعد وقوعه .

ولا يكفي وجود التراضي وحده لإبرام اتفاق التحكيم . بل يجب فوق ذلك أن يكون هذا الرضا خالية من عيوب الإرادة . ويمكن بحث عنصر الرضا في اتفاق التحكيم من خلال بحث النقاط التالية :

 1- وجود الرضا .

۲- صحة الرضا . 

۳- القانون الواجب التطبيق علي المسائل المتعلقة بركن الرضا.

١- الرضا الصريح :

الغالب في التحكيم ، أن يقع التعبير عن إرادة الطرفين في ولوج طريق التحكيم بالإرادة الصريحة. فيبرم الطرفان اتفاقا خاصة علي التحكيم. أو ينصان في العقد الأصلي علي الالتجاء إليه عند قيام النزاع.

ولا يحتاج شرط التحكيم الذي يدرج في العقد الأصلي إلي رضا خاص به إذ إن المفاوضات التي تدور حول مناقشة بنود العقد وتفاصيله تنسحب إلي شرط التحكيم. بمعني أن الرضا المتبادل بين الطرفين يشمل العقد الأصلي وشرط التحكيم معا.

وذلك بخلاف الاتفاق على التحكيم الذي يتم وفقا لاتفاق خاص بين الطرفين بعيد عن العقد الذي أنشأ العلاقة الخاصة. كما لو اتفق على التحكيم في صورة تعديل لاحق للعقد أو في صورة مشارطة التحكيم بعد وقوع النزاع - فإنه يلزم توافر رضا خاص بقبول مبدأ التحكيم ذاته كموضوع للمشارطة ، وإثبات التراضي علي ذلك كتابة وتوقيع مشارطة التحكيم من الأطراف .

وكما يتحقق الرضا الصريح بين أطراف التحكيم بالتوقيع علي المشارطة أو العقد الذي يتضمن شرط التحكيم. فإنه يتحقق كذلك بما يتبادله أطراف التحكيم من الوثائق المكتوبة كالرسائل والبرقيات أو غيرها من وسائل الاتصال الحديثة التي تظهر بوضوح إبرامهم لاتفاق التحكيم ولو لم تكن موقعة منهم .

 ٢- الرضا الضمنی :

عندما يكون التعبير عن الإرادة والرضا صريحا فإنه لا يثير صعوبة. ولكن الصعوبة تكمن عندما يكون التعبير عن الإرادة في اتخاذ طريق التحكيم تعبيرا ضمنية. فهل يجوز الاعتداد بالرضا الضمني في اتفاق التحكيم ؟.

ذهب جانب من الفقه إلى أن التعبير الضمني عن إرادة إبرام اتفاق التحكيم

وقد يتخذ التعبير الضمني عن إرادة الأطراف في ولوج طريق التحكيم صورة الإحالة إلي وثيقة تتضمن شرط التحكيم. كالإحالة إلي شروط عقد بيع نموذجي تضمن شرط التحكيم. وهنا يثور التساؤل هل تكفي الإحالة العامة لشروط ذلك العقد التوافر الرضا ؟ أم يلزم إحالة خاصة إلى شرط التحكيم الوارد في هذا العقد ؟.

لقد حظيت الإجابة عن هذه التساؤلات ببحث واسع ومستفيض من جانب القضاء والفقه المقارن كما نصت عليها بعض القوانين والمعاهدات الدولية. ولكننا سنرجئ الاستفاضة في بحث هذه النقطة إلي موضع آخر). ويمكن أن نخلص منها إلى أن بعضهم ذهب إلى توافر ركن الرضا بشرط أن تكون الإحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءا من العقد - وهذا ما نص عليه المشرع المصري في قانون التحكيم المصري رقم ۲۷ لسنة 1994 بالمادة

۳/۱۰  في حين أن بعضهم الآخر ذهب إلي وجوب الإحالة الخاصة إلى شرط التحكيم الوارد في العقد حتى يمكن القول بتوافر الرضا.

 ٣- السكوت ومدي صلاحيته للالتزام باتفاق التحكيم :

غني عن البيان أن هناك فارقة بين التعبير الضمني والسكوت. فالتعبير الضمني يفترض سلوكا إيجابية من الشخص ، يمكن أن يقطع في الدلالة علي إرادته. أما السكوت ، فهو أمر سلبي لا يقترن بأي مسلك أو موقف أو لفظ أو كتابة أو إشارة . ويترتب على ذلك أن السكوت - كقاعدة عامة - لا يصلح للتعبير عن القول ) . ولكنه في مجال التحكيم قد ينتج أثره في الالتزام باتفاق التحكيم إذا أحاطت بالقبول ظروف ملابسة من شأنها أن تجعله يدل على الرضا وأبرز مثال على السكوت. إن يرسل شخص إلى آخر رسالة يعرض عليه فيها فض منازعاتهما عن طريق التحكيم. ويضرب له ميعادا للرد ، فإن فات الميعاد دون الرد. في هذه الحالة يعد السكوت قبولا للتحكيم. ولا يجوز التنصل من القبول هنا.

4- الإرادة المفترضة ومدي صلاحيتها للالتزام باتفاق التحكيم :

الإرادة المفترضة هي الإرادة الباطنة التي يتعرفها المحكم أو القاضي عن طريق الاقتراض من خلال قرائن مستمدة من ظروف العقد. فالمحكم هنا لا يبحث عن إرادة موجودة فعلا - صريحة أو ضمنية - وانما يفترض وجودها من خلال القرائن التي تقبل إثبات العكس. فهل تصلح الإرادة المفترضة للالتزام باتفاق التحكيم ؟.

ذهب القضاء الفرنسي في بعض أحكامه إلى الاعتداد بالإرادة المفترضة في التحكيم الدولي حيث يمكن مد نطاق شرط التحكيم إلي بعض الأطراف بالرغم من أنها لم توقع عليه. إذ قضت محكمة استئناف باريس في حكمين صادرين عنها في ۸۹/۲/14

، ۹۰/۱/۱۱ بأنه "وفقا لأعراف التجارة الدولية فإن شرط التحكيم المدرج داخل العقد الدولي يقتضي أن يمتد تطبيقه إلي الأطراف المتصلة بشكل مباشر في تنفيذ العقد والمنازعات الناشئة عنه ، وذلك بمجرد التحقق من أن مراكزهم التعاقدية وأنشطتهم والعلاقات التجارية المعتادة ، القائمة بين الأطراف تدفع إلي الافتراض بأنهم قبلوا شرط التحكيم ، الذي يعلمون بوجوده ونطاقه ، علي الرغم من عدم قيامهم مطلقة بالتوقيع على العقد ، الذي تضمن شرط التحكيم المشار إليه".

وفي هذا الاتجاه أقر المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار بواشنطن مبدأ الإرادة المفترضة عند نظر قضية هضبة الأهرام. وقضت بتاریخ ۲۰ مايو ۱۹۹۲ بإلزام مصر بالتعويض بمبلغ سبعة وعشرين مليون وستمائة ألف دولار أمريكي تأسيسا علي أن المادة 8 من قانون استثمار رأس المال العربي والأجنبي رقم 43 لسنة ۱۹۷4 تنص على إمكانية حل منازعات الاستثمار في إطار اتفاقية واشنطن لعام 1965 المنشئة للمركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار ، الأمر الذي يعد إيجابية مفتوحة من جانب الحكومة المصرية يصلح لأن يقترن بقبول الطرف الآخر - شركة جنوب الباسفيك - ويسمع بإمكانية اللجوء إلي تحكيم المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار.

وقد تعرض هذا الحكم للنقد من جانب الفقه لأنه افترض رضا الحكومة المصرية بالتحكيم دون وجود موافقة صريحة على اللجوء إليه.