اتفاق التحكيم / تعيين المحل في مشارطة التحكيم / الكتب / عقد المحكم بين تشريعات التحكيم وتطويع القواعد العامة في القانون المدني / مدي جواز تعيين المرأه محكم
مدی جواز تحكيم المرأة: وفيما يتعلق بمدى جواز أن يكون المحكم امرأة، فإن جمهور الفقهاء فقد ذهب إلى أنه لا يجوز تحكيم المرأة كما لا يجوز توليتها
القضاء ، وقد استندوا في ذلك إلى قول الرسول - صلى الله عليه وسلم- " لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة" ، كما أن القضاء يحتاج إلى كمال الرأي، ورأي المرأة ناقص وخاصة في محافل الرجال ، كما أن القاضي والمحكم ينبغي عليه مجالسة الرجال من الفقهاء والشهود والخصوم، والمرأة لا يمكنها فعل ذلك .
ولكن في اتجاه آخر، ذهب الحنيفية * الى جواز تحكيم المراة في غير الحدود أوالقصاص، فالمرأة من أجل الشهادة، ومن ثم تصح ولايتها، عدا التحكيم في مسائل الحدود والقصاص، كما أن أبن حزم وبعض المالكية قد ذهبوا إلى جواز تولي المرأة القضاء أو التحكيم، واستدلوا على ذلك بأن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومن جانبي أعتقد أن ما ذهب إليه المشرع اليمني هو الأصوب ، وكان حريا بالمشرع المصري أن ينهج نفس نهجه، وينص على اشتراط أن يكون المحكم عدلا صالحا للحكم في النزاع المعروض عليه، فكيفيتسنى لجاهل بالقانون أن يحكم في قضية تحكيم معروضة عليه، - خاصة إذا كان محكمة وحيدة حسب اختيار الخصوم واتجاهي نحو اشتراط صلاحية المحكم للحكم فيما هو معروض عليه، أستد لإقراره، وضرورة قيام المشرع المصري بالتدخل وتعديل نص المادة (11) والنص على ذلك، إلى ما ذهب اليه جمهور الفقه الإسلامي عندما قرروا ضرورة أن يكون المحكم مسلمة، وكانت علتهم في ذلك هي إلمامه بأحكام الشريعة الإسلامية، وهنا يجب أن نقف عند هذه العلة، فقد يوجد من المسلمين من لا يعرفون بأحكام الشريعة الإسلامية، ومن ثم فإن اشتراط جمهور الفقه الإسلامي لهذا الشرط يرتبط بالعلم باحكام الشريعة أكثر من كون الحكم مسلما. ولذلك إذا وجد عالما بأحكام الشريعة الإسلامية وكان غير سلما، وسينزل حكم الله تعالى على النزاع المعروض عليه، فإن ذلك جائز من وجبة نظري. .
وعلى ذلك يجب أن يكون المحكم عالمية بالقانون حتى ولو لم يكن حاصلا على ليسانس الحقوق، طالما أنه يتمتع بالقدرة على تطبيق أحكام القانون الواجب التطبيق على النزاع المعروض عليه ".
وتفنيده لحجج بعض الحنفية والشافعية التي ذهبت إلى جواز تحكيم الجاهل، طالما أنه يستشير العلماء، فإن ذلك يكون محل نظر - إذا جاز لي قول ذلك – وذلك لأن الآية الكريمة التي استندوا إليها، وهي قوله تعالى: "فأسالوا أهل الذكر أن كنتم لا تعلمون" ، أعتقد أن ليس المقصود منها أن تكون حكما بين الناس رغم جهلك، وتعتمد على استشارة العلماء، ولكن المقصود من هذه الآية الكريمة، أن استشير
العلماء في مسألة لا أعرفها تخص نفسي أو غيري في حدود معينة، فحتى بافتراض الحصول على المعلومة من أهل الذكر، فكيف يتسنى لي أن أطبقها على الواقعة المعروضة للفصل فيها، وأنا لا أعلم بها؟ فكيف لمن لا يعلم أن يجيد تطبيق ما لا يعلمه على نزاع معين.
رابعا: مدى اشتراط عدم كون المحكم من القضاة:
نص المادة (11) من القانون اليمني على أنه: "لا يجوز للقاضي أن يكون محكم في قضية منظورة أمامه حتى ولو طلب منه الخصوم أنفسهم ذلك، ولا يحق للقضاة أن يتفقوا على إحالة القضايا إلى بعضهم البعض للتحكيم فيها سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة".
ويتضح من هذا النص، أنه يمكن أن يكون القاضي محكما، ولا يوجد ما يمنع ذلك، بشرط ألا يكون ذلك بصدد نزاع معروض على هذا القاضي، أما عدا ذلك من منازعات، فيجوز التحكيم فيها.
وفي مقابل ذلك، نجد موقف القانون المصري، حيث يمتع على القاضي أن يكون محكما، إلا إذا حصل على موافقة المجلس الأعلى للقضاء، وبصدد نزاع غير معروض عليه، وإذا تم خلاف ذلك، فإن الحكم يكون باطلا، وهذا هو ما أكده قانون السلطة القضائية المصري في المادة (13) منه.
أمام قانون التحكيم رقم ۲۷ لسنة 1994، فقد التزم الصمت تجاه لهذا الأمر، أما قانون السلطة القضائية فهو يمنع ذلك ، وإن كان بعض الفقه قد ذهب إلى جواز قيام القضاة بالتحكيم بعد تقاعدهم.