قد يكون تحديد النزاع المراد الفصل فيه عن طريق نظام التحكيم واردا في شرط للتحكيم ، يكون قد سبق إدراجه في عقد من العقود - سواء كان عقدا مدنيا ، أم عقدا تجاريا ، أم عقدا إداريا ، أو في طلب التحكيم .
على أنه - وبالنسبة لشرط التحكيم - يمكن القول بأن المنازعات موضوعه تحدد بأنها الناشئة عن تفسير ، أو تنفيذ عقد معين . ولهذا ، فإنه يعتبر باطلا ، العقد المبرم بين شخصين ، والذي يتفق فيه على عرض أية نزاع ينشأ بينهما في المستقبل على هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ، أو هيئات غير قضائية للفصل فيه .
ولا يشترط أن يرد تحديد النزاع المراد الفصل فيه عن طريق نظام التحكيم في ذات العقد المتضمن شرط التحكيم ، وإنما يمكن أن يشير هذا العقد إلى عقد ، أو عمل قانونی آخر ، بل من الممكن تحديد محل النزاع بعد ذلك ، أثناء المرافعة أمام هيئة التحكيم المكلفة بالفصل فيه .
بيد أن شرط التحكيم يجب أن يتضمن بالضرورة الإلتزام الأساسي لأطرافه المحتكمين ، ألا وهو التزامهم بحل المنازعات المستقبلية ، والتي يمكن أن تنشأ عن تفسير ، أو تنفيذ العقد الأصلى مصدر الرابطة القانونية .
وإن كان يجوز للأطراف المحتكمين " أطراف الإتفاق على التحكيم " إضافة بيانات أخرى إختيارية ، يتحدد بها مضمون شرط التحكيم .
فيجوز مثلا أن يتضمن شرط التحكيم الإتفاق على قصره على بعض المنازعات المحتملة - دون غيرها – أو الإتفاق على الحدود التي تتقيد بها هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم ، عند نشأة النزاع موضوع شرط التحكيم .
وكما يجوز أن يتضمن شرط التحكيم نصا بالفصل في جميع المنازعات التي يمكن أن تنشأ في المستقبل عن تفسير عقد من العقود ، أو تنفيذه بطريق التحكيم ، بدون تحديد مواطن النزاع ، فإنه يجوز كذلك أن يقتصر شرط التحكيم على النص على الفصل في بعض المنازعات المحتملة، وغير المحددة ، والتي يمكن أن تنشأ بين الأطراف المحتكمين.
وفي الممارسة العملية ، يجرى تحديد صيغة النزاع المحتمل، وغير المحدد في شرط التحكيم بعدة طرق . فقد يطلق عليها اصطلاح نزاع ، أو خلاف . وتجري صياغة شرط التحكيم بطرق مختلفة . فقد ينص - مثلا - على أن التحكيم سوف يشمل كل المنازعات التي يمكن أن تنشأ عن تفسير عقد من العقود ، أو تنفيذه . أو ۔ فقط - تحديد بعض المنازعات المحتملة.
كما أن اختلاف مضمون الإلتزام الخاص بتحديد المنازعات المراد الفصل فيها عن طريق نظام التحكيم في شرط التحكيم عن مشارطته يكون أمرا طبيعا ، لأن مشارطة التحكيم تقتضى أن تكون المنازعة معلومة ، بخلاف شرط التحكيم ، والذي يتقرر بين أطراف عقد من العقود.
فمشارطة التحكيم تختلف عن شرطه ، في تبيانها بوضوح لموضوع النزاع المراد الفصل فيه عن طريق نظام التحكيم . أما شرط التحكيم ، فإنه يرد على نزاع محتمل ، وغير محدد ، وفيه ينزل الأطراف المحتكمون " أطراف الإتفاق على التحكيم " بالفعل عن الإلتجاء إلى القضاء العام في الدولة ، فيما لو نشأ نزاعا عن تفسير العقد الأصلى مصدر الرابطة القانونية، والذي يتضمن شرط التحكيم ، أو تنفيذه .
ولقد اكتفت أحكام القضاء المقارن بتحديد الأطراف المحتكمون " أطراف الإتفاق على التحكيم " الموضوع النزاع محل الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - تحديدا عاما ، دون تفصيل أوجه النزاع.
وتطبيقا لذلك ، فقد قضى بأنه : " عقد التحكيم الذي تكلف فيه هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم بالفصل في النزاع القائم بين الأطراف المحتكمين " أطراف الإتفاق على التحكيم " بموجب الدعاوى القضائية القائمة بينهم أمام المحاكم ، يعتبر صحيحا. إذ أن الإشارة إلى تلك الدعاوى القضائية يعتبر تحديدا للنزاع موضوع الإتفاق على التحكيم ".
على أنه يجب - وفي كل حالة - تحديد النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - بشكل كاف ، ليسمح للقاضي العام في الدولة المرفوع إليه الطعن باستئناف حكم التحكيم الصادر في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - أو الدعوى القضائية الأصلية المبتدأة ، المرفوعة بطلب بطلان حكم التحكيم الصادر.