المحل:
محل اتفاق التحكيم هو موضوع النزاع المتفق على التحكيم فيه وهذا الاتفاق إما أن يتمثل في شرط تحكيم اتفق عليه قبل نشوب النزاع وأدرج لي العقد أو في وثيقة أخرى تتضمن شرط التحكيم - أحال إليها العقد، أو فى اتفاق مستقل وقد يتمثل الاتفاق في مشارطة تحكيم تبرم بعد قيام النزاع ويتفق فيها على النزاع إلى التحكيم للفصل فيه ولأن التحكيم وسيلة لحسم النزاع فإن محل التحكيم يجب أن يكون نزاعاً بين أطراف التحكيم سواء كان نزاعاً قائماً (في حالة المشارطة) أو نزاعاً محتملا (في حالة الشرط) وهذا النزاع يجب أن يكون بصدد علاقة قانونية محددة.
ولان التحكيم طريق استثنائي للتقاضي، فإنه يكون مقصوراً على ما تنصرف إرادة الطرفين إلى عرضه على التحكيم ويجب تفسير إرادة الطرفين تفسيراً ضيقاً. ويؤدي تعيين محل النزاع إلى إمكان تحديد ولاية المحكمين التكون لهم ولاية التحكيم في هذه المسألة المحددة دون غيرها، كما يتمنى بهذا التحديد رقابة مدى التزام المحكمين حدود ولايتهم، فإن خرجوا عليها كان حكمهم باطلاً.
وفي جميع الأحوال سواء أكان اتفاق التحكيم قد تم بموجب شرط في العقد. أم بموجب مشارطة التحكيم، هناك مسألة مهمة يجب أخذها بنظر الاعتبار وهي أن يكون موضوع النزاع من الأمور التي يجوز فيها التحكيم وهذا ما نصت عليه القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية، ويشترط في محل الاتفاق وفقاً للقواعد العامة الا يكون مخالفاً للنظام العام أو الآداب العامة فضلاً عما اشترطته المادة 11 من قانون التحكيم المصري والمادة 9 من قانون التحكيم الأردني والمادة 254 من قانون المرافعات العراقي والتي تنص على عدم جواز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح ولا يصح إلا ممن له أهلية التصرف في حقوقه.
يتضح مما تقدم أن موضوع النزاع يجب أن يكون من الأمور التي يجوز فيها التحكيم وفي نطاق التحكيم المدني والتجاري أن تكون المنازعة متعلقة بمعاملة تجارية دولية، وألا يكون موضوع النزاع من المواضيع التي تخالف النظام العام ومسألة تحديد قواعد النظام العام، تختلف من تشريع إلى آخر ولكن فكرة النظام العام تنبع من وجود قواعد قانونية أمرة لا يمكن مخالفتها من قبل الأشخاص وعليهم قبولها ذلك لأنها وضعت للصالح العام، ونجد أن بعض الأحكام القانونية تعتبر من النظام العام وقسم آخر يكتفي بإيراد عبارة عامة تشير إلى طبيعة الأحكام المذكورة.
فلا يصح الاتفاق على التحكيم على دستورية قانون أو على تنازع بين حكمين متناقضين، أو على صحة قرار إداري أو على عدم صلاحية قاضي لنظر الدعوى أوعلى استحقاق ضريبة أو عدم استحقاقها.
وجاء في قرار محكمة التمييز رقم 1993/127( هيئة خماسية) تاريخ 12/4/1993 المنشور على الصفحة 2253 من مجلة نقابة المحامين لسنة 1994 على أنه: إن اتفاق فريقي التحكيم على إحالة النزاع على محكم فرد وفوضاه أن يحكم بالنزاع دون التقيد بالأصول والقانون غير ممنوع بقانون أو نظام وغير مخالف للنظام العام أو الآداب وانه ملزم لهما عملا بقاعدة العقد شريعة المتعاقدين.
ويستوي أن يكون النزاع مدنياً أو تجارياً، كما يستوي ان تكون المنازعة عقدية أو غير عقدية، وإنما يجب أن يكون محل النزاع مشروعا حتى يتوافر شرط المحل في اتفاق التحكيم.