إن موضوع اتفاق التحكيم البحري هو النزاع الناشئ عن العقد. هذا النزاع هو الذي يحدد اختصاص المحكم والذي لا يمكنه الفصل إلا في النزاع أو المنازعات التي اتفق الأطراف على أن يعهدوا بها إليه،
توثيق هذا الباحث
ولكن كما رأينا، فإن ابرام اتفاق التحكيم البحري في صورة شرط تحکيم هي الصورة الغالبة. وإذا كان من الصعب تحديد النزاع بدقة في شرط التحكيم فمن المقرر عدم جواز الاتفاق على عرض كل المنازعات الناشئة بين الأطراف مستقبلاً بصدد جميع علاقاتهم وبصفة عامة على التحكيم.
وحيث إن موضوع اتفاق التحكيم يوجد بالضرورة عندما يوجد النزاع نفسه، فإنه يقع على عاتق المحكم لحظة تنفيذ اتفاق التحكيم وبدء نظر النزاع عندما يتعلق الأمر بشرط تحکیم بحری مبرم بصيغة عامة أن يحث الأطراف على تحرير مشارطة أو يحررها هو ويحثهم على توقيعها يحدد فيها النزاع وسلطاته بشأنه والقواعد المتعلقة بالإجراءات.
وأخيراً فقد تأتي صيغ أخرى جامعة لأكثر من صيغة من الصيغ السابقة مضفية معنى اكثر اتساعاً على النزاع موضوع اتفاق التحكيم، وموسعة بالتالي من اختصاص المحكمين، مقررة على سبيل المثال : « أي نزاع بين أطراف العقد بخصوص أي موضوع ناتج من أو متعلق بهذا العقد أو بأي شرط فيه أو بشأنه .
وهكذا فإن اختلاف الصيغ التي تبرم بها الاتفاقات التحكيمية ترتب أثرها بالنسبة لضيق أو اتساع كل هذه الاتفاقات التحكيمية من حيث المنازعات المعروضة على التحكيم.
كما قضى في انجلترا بأن شرط التحكيم الوارد في «مشارطة والذي ينص على التحكيم في المنازعات «الناتجة عن العقد يشمل المنازعات الخاصة بالمطالبات المتعلقة بالخسارات البحرية المشتركة وفقا لقواعد يورك.
وهكذا قد تختص المحكمة العادية بالنظر في وجود النزاع من عدمه أو بالنظر فيما إذا كان هذا النزاع داخلا في موضوع اتفاق التحكيم أم لا، وعلى الجانب الآخر تنص لوائح التحكيم الصادرة عن المؤسسات التحكيمية البحرية على ضرورة اشتمال طلب التحكيم المقدم إليها على وثائق وكل ما من شأنه توضيح موضوع النزاع.
توثيق هذا الكاتب
هذا وقد رأينا - سابقاً ونحن بصدد بحث توافر عنصر الرضا في حق حامل سند الشحن. أنه من الممكن أن يتسع شرط التحكيم الوارد بالمشارطة ليشمل منازعات سندات الشحن الصادرة بموجبه. وما هي شروط هذا الامتداد ؟
إن مسألة قابلية النزاع البحري للحل عن طريق التحكيم البحري تثار بأحد سببين:
(الأول) أن يكون أحد أطراف النزاع المتفق على حله تحکيمياً هي الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة، وهنا نكون بصدد عدم قابلية شخصية لحل النزاع بالطريق التحکیمی.
(والثاني) أن يكون النزاع المتفق على حله تحکيمياً من بين الموضوعات التي ثبت أن القانون الوطني أو المبادئ القانونية العامة تقرر بصفة آمرة عدم جواز حلها تحكيمية وهنا نكون بصدد عدم قابلية موضوعية لحل النزاع بالطريق التحکیمی.