الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / تعيين محل النزاع الذي يخضع للتحكيم / الكتب / شروط اتفاق التحكيم وأثاره / مفهوم النزاع والخلاف الفقهي حول تحديد مفهوم عام ومحدد للمنازعة

  • الاسم

    د. باسمة لطفي دباس
  • تاريخ النشر

    2005-01-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    602
  • رقم الصفحة

    278

التفاصيل طباعة نسخ

مفهوم النزاع والخلاف الفقهي حول تحديد مفهوم عام ومحدد للمنازعة

   اختلف فقهاء القانون الوضعي حول تحديد مفهوم محدد للمنازعة.

أولاً: الاتجاه الشكلي:

   فالمنازعة وفقاً لهذا الاتجاه هي التواجهية أمام القضاء التي تتم بنـــاء علـــى إجراءات الخصومة القضائية. وعليه فإن وجود المنازعة يعتمد على توافر هذا الشكل وبغض النظر بعد ذلك إذا كانت هناك منازعة حقيقية أم لا. 

ثانياً: الاتجاه الموضوعي: وبناءً على ذلك تتمثل المنازعة وفقاً لهذا الاتجاه في تنازع بين إرادات، نسبت هذه الإرادات إبتداء إلى أصحاب الحقوق والمراكز القانونية الذاتية. أي تتمثل في تنازع الخصوم حول حقوق شخصية متعارضة.

  وعليه لا يمكن اعتبار النيابة العامة في الدعوى الجنائية خصماً في منازعة، لأنها لا تدافع عن حق شخصي، أو مركز قانوني ذاتي.

  ركز جانب آخر من الفقه على مضمون المنازعة، باعتباره العنصر الأساسي في تعريفها. وعليه تتحقق المنازعة بمجرد وجود ادعاءين متعارضين، أي اعتداء على مصلحة أحد الخصوم، من قبل الخصم الآخر بموقف اتخذه سواء أكان إيجابيا أم سلبيا، ولا يلزم بعد ذلك توافر أي شروط خاصة في شخص من تصدر عنه، ه، أو في طبيعة المصلحة التي يدافع عنها ، وإنما تلزم هذه الشروط فقط لتحديد الجهة القضائية المختصة بالفصل في النزاع، وتحديد الإجراءات الواجب إتباعها عند نظره والفصل فيه. 

ثالثاً: ويحاول جانب آخر من الفقه تصوير المنازعة من خلال الجمع بين الاتجاهين الشكلي والموضوعي. فالمنازعة وفقاً لهذا الاتجاه تتحلل إلى ثلاثة عناصر:

1- العنصر الأول : تعارض بين ادعاءات خصمين.

2- العنصر الثاني: عرض المنازعة على القضاء العام في الدولة. 

3- العنصر الثالث: قاض ينتمي إلى السلطة العامة في الدولة، مهمته الفصل في النزاع المطروح عليه.

   وهذه العناصر الثلاثة ينتظمها ضابطان أحدهما شكلي والآخر موضوعي. يتمثل الضابط الموضوعي في الادعاءات المتعارضة.

   في حين أن الضابط الشكلي يتمثل في عرض المنازعة على القضاء، وحلها عن طريق القاضي العام الذي ينتمي إلى السلطة العامة في الدولة.

وحتى تتحقق المنازعة لابدَّ من عرض المنازعة على القضاء العام في الدولة. 

رابعاً ويذهب اتجاه آخر من الفقه إلى أنه: حتى تندرج المنازعة في النشاط القضائي وتصبح محلا ،له لابد أن تجد لها مكانا داخل هذا الدور القانوني، ولن يتحقق ذلك إلا إذا كان من شأنها ترتيب آثار سلبية على النظام القانوني في الدولة، من خلال الحيلولة دون التطبيق التلقائي للقانون، وعندها يتعيَّن تدخل القضاء من أجل تحقيق التطبيق التلقائي للقانون. 

   فالقضاء لا يتدخل بصدد أيّ منازعة ، وإنما فقط بشأن المنازعة التي ترتب هذا الأثر السلبي.

   ويذهب هذا الاتجاه إلى أن في نصوص القانون ما يرجح هذا التحديد، حيث لا يتدخل القضاء إلا عندما يكون هناك منازعة من شأنها إعاقة التطبيق التلقائي للقانون. 

  ولما كان التحكيم قضاءً خاصاً لفصل الخصومات، بديل عن القضاء العام في الدولة، لذلك فمعيار المنازعة أمام هذا القضاء الخاص، هو أن يكون من شأنها عرقلة التطبيق التلقائي للقانون، أي إحداث تأثير سلبي على النظام القانوني الوضعي. فالمحك الرئيس للتعرف على نظام التحكيم وطبيعته هو بإتباع المعايير الموضوعية، أي بالنظر للمهمة التي يعهد بها إلى هيئة التحكيم بالفصل في النزاع المتفق بشأنه على التحكيم.

 

أهمية تحديد موضوع النزاع

   الرغبة في ألا ينزل الخصوم عن اللجوء إلى القضاء العام في الدولة، إلا بالنسبة للنزاع المحدد في اتفاق التحكيم.

  إن تحديد موضوع النزاع يُمكّن جميع أطراف الخصومة من معرفـــة موضوع النزاع المراد حله بالتحكيم، ومن ثم لا يستطيع أي منهم الادعاء بوجود محل آخر للتحكيم غير المحدد في اتفاق التحكيم ، أو إثارة نزاعات فرعية بهدف عرقلة عملية التحكيم .

  بتحديد موضوع النزاع قد يجد الأطراف أن من مصلحتهم عرض هذا النزاع على التحكيم على أن يستفيدوا من ضمانات القضاء العادي بالنسبة للنزاعات الأخرى .

  تقييد المحكم بموضوع النزاع وعدم الخروج عليه . فالمحكم يستمد سلطاته من اتفاق التحكيم، حيث لا يستطيع الخروج على هذا الاتفاق. وعليه إذا فصل المحكم في غير النزاع المحدد، أو بأكثر مما طلبه الخصوم، أو بغير ما طلبوه فإن حكمه يكون باطلا لخروجه عن نطاق التحكيم .

   إن تحديد موضوع النزاع يسهل مهمة القاضي – الذي يطلب إليه التنفيذ - في مراقبة حكم المحكم ، حيث يمكنه من التأكد من أن المحكم لم يفصل في مسائل لم يشملها اتفاق التحكيم، وإلا كان حكمه باطلا .