الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / المسائل المتعلقة بأجراءات التقاضي / الكتب / التحكيم بالقضاء وبالصلح / لا يعتد بالتحكيم إذ اتصل فقط بإجراءات التقاضي أمام محكمة ما، ولا تلزم المحكمة بحكم المحكم في هذه الحالة:

  • الاسم

    د. أحمد ابو الوفاء
  • تاريخ النشر

    2017-01-01
  • اسم دار النشر

    مكتبة الوفاء القانونية
  • عدد الصفحات

    387
  • رقم الصفحة

    62

التفاصيل طباعة نسخ

لا يعتد بالتحكيم إذ اتصل فقط بإجراءات التقاضي أمام محكمة ما، ولا تلزم المحكمة بحكم المحكم في هذه الحالة:

   لما كانت القاعدة الأساسية فى المرافعات أن المحكمة التي تنظر الدعوى لها وحدها تقرير ما إذا كانت مختصة بنظرها أو غير مختصة بها - مع التسليم برقابة محكمة الدرجة الثانية – كما أنها لها وحدها تقرير صحة الإجراءات المتخذة أمامها أو بطلانها مع التسليم أيضا بإشراف محكمة الدرجة الثانية عليها ، هذا ولو لم تتصل القاعدة بالنظام العام، فإنه لا يجوز بأي حال من الأحوال الاتفاق على التحكيم بصدد نزاع إجرائي بحت وإلزام المحكمة بتنفيذ حكم المحكم. فمثلا إذ أثير دفع يتصل باختصاص المحكمة بنظر الدعوى أو عدم اختصاصها فلا تجوز إحالته وحده على التحكيم ولو كان الدفع لا يتصل بالنظام العام لأنه متى أثير من الخصم صاحب المصلحة وطرح على المحكمة طرحا صحيحا وجب عليها وحدها الفصل فيه وإن كان يجوز النزول عن التمسك بالدفع إذا لم يتعلق بالنظام العام. وهذا بطبيعة الحال لا ينفى جواز إحالة النزاع برمته على التحكيم فتنقضى مهمة المحكمة بصدده. 

   وثمة رأى غريب يستنكر ما قدمناه (وما قلناه في كتاب الدفوع) ، ولم يدرك للقوانين الإجرائية من طبيعة خاصة تقتضي حتما عدم الاعتداد باتفاق الخصوم على مخالفة قواعده – فيما عدا النص الصريح - وإلا تمكن الدائن من حرمان مدينه من التمسك بجميع الدفوع المتعلقة بشكل الإجراءات إذا ما اشترط عليه مقدما وقبل التعاقد أن ينزل عن التمسك بها والقول بغير هذا مؤداه انهيار نواهی القانون وأوامره الأساسية فيستحيل على النظام الإجرائي أن يسير ويعمل وينتج على الوجه المطلوب.

    وإذن، وإذا سلمنا بما تقدم وبما للقوانين الإجرائية من قدسية خاصة قصد المشرع إحاطتها بها حتى يطمئن المتقاضون متى اتخذوا الشكل المقرر فى التشريع وحتى لا يترك الأمر لمطلق تقدير القضاة - وهم كأى أنسان قد تختلف طريقتهم فى التقدير والحكم والإدراك (ولكل ما تقدم قيل بحق أن الشكل توأم الحرية) - نقول إذا سلمنا بأن المشرع لا يجيز أن يفرض على المحاكم إجراءات شكلية لم يتطلبها القانون ولو كان هذا باتفاق الخصوم ولا يجيز للمحكمة تطلب إجراءات غير المقررة في التشريع كل هذا فضلا عن عدم جواز النزول عن حق لم ينشأ بعد – إذا سلمنا بكل ما تقدم فلا يعتد بالنزول مقدما عن التمسك بالجزاء في قانون المرافعات.

    أما إذا نشأ الحق فى التمسك بالجزاء ولم يكن متعلقاً بالنظام العام فإن المحكمة لا تملك الحكم بالجزاء من تلقاء نفسها، ويجوز لصاحب المصلحة أن ينزل عن التمسك به صراحة أو ضمنا بالسير في الإجراءات والرد عليها مما يفيد اعتبارها صحيحة عملا بالمادة 26 من قانون المرافعات .

    وهكذا لا يبدو عجبا أن يكون القبول الضمني للإجراء الباطل بعد اتخاذه أقوى من القبول الصريح له لأن الأول يعتد به ولا يؤمن معه الاعتساف بينما الثانى لا يعتد به لأنه تم قبل أن ينشأ الحق. 

    ولقد قام المشرع بتطبيق القاعدة المتقدمة سواء بالنسبة إلى. القوانين ذات الطبيعة الشكلية أو تلك ذات الطبيعة الموضوعية، فالمادة 1052 من القانون المدنى تنص على أنه يقع باطلا كل اتفاق يجعل للدائن الحق عند عدم استيفاء الدين وقت حلول أجله أن يتملك العقار المرهون فى نظير ثمن معلوم أيا كان أو في بيعه دون مراعاة للإجراءات التي فرضها القانون ولو كان هذا الاتفاق قد أبرم بعد العقد. ولكن يجوز بعد حلول الدين أو قسط منه الاتفاق على أن ينزل المدين لدائنه عن العقار المرهون وفاء لدينه وتراجع أيضا المادة 388 من القانون المدني في شأن جواز النزول عن التقادم قبل أن ينشأ الحق فيه وجوازه ولو ضمنا بعدئذ.

    هذا ويلاحظ أنه عندما يجيز المشرع النزول عن الحق قبل أن ينشأ ينص صراحة على ذلك، مثال ذلك المادة 948 من القانون المدنى فهى تقول " يسقط الحق في الأخذ بالشفعة إذا نزل الشفيع عن حقه في الأخذ بالشفعة ولو قبل البيع والمادة 847 مرافعات، وهي تنص على عدم جواز استئناف حكم المحكم إذا كان الخصوم قد تنازلوا صراحة عن حق الاستئناف وراجع أيضا المادة 850 / 2 ).

   وإذن، ذلك الرأى الذى يستنكر ما للقبول الضمني من قوة تفوق القبول الصريح الذى يتم قبل أن ينشأ الحق - ذلك الرأى لم يدرك واقع الأمور ولم يعقل ما نص عليه المشرع.

    من كل ما تقدم يبين أنه يقع باطلا الاتفاق على التحكيم في شأن الخصومة الفرعية، المتعلقة بإسقاط الخصومة الأصلية أو اعتبارها كأن لم تكن أو تركها أو سقوطها بالتقادم أو بطلان صحيفتها... إلخ. كما يقع باطلا الاتفاق على التحكيم في الأمر المتصل باعتبار الخصوم حاضرين أم متخلفين عن نظر الدعوى أو فيما إذا كان الطعن في الحكم يقبل أو لا يقبل .. إلخ.

    وهذا الذي قلناه في شأن الاتفاق على التحكيم بصدد ما اتصل بإجراءات الخصومة لا ينطبق على ما اتصل بالدفوع الموضوعية فمن الجائز الاتفاق على التحكيم في شأن أن الحق سقط بالتقادم أم لم يسقط بعد أو أن الوفاء به المدعى حصوله يعتد به أم لا يعتد . وإذا كان الأمر يتصل بالنظام العام وجب على المحكم مراعاته على نحو ما قررناه في الفقرة رقم 27.

   ولما كانت الدفوع بعدم القبول لا تتصل بشكل الإجراءات فإنها تأخذ حكم الدفوع الموضوعية في هذا الصدد.